إلى سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)
علــى ضفَّتَي جرحٍ مدادُكَ يــــعبرُ *** يُسَطِّرُ ما عــــنهُ المَجازاتُ تقْصُرُ
يميــطُ عن الدُنيا اللِثامَ، يهــــــزُّها *** فتسقطُ أوهــــــــــامٌ ويظهَرُ جوهَرُ
يُكــحّلُ في أقصى البصيـرةِ أعْيـناً *** ترى غامضَ الأشياءِ، مذ فيكَ تُبصِرُ
مِــدادُكَ قالَ اللهُ؛ قيثارُك الصـدى *** تنـــــــاثرَ، سـدَّ الأُفْقَ، أورقَ منحَرُ
طرقْنا غبارَ الغيبِ.. نطلبُ فُرصةً *** سَمـــــــــــاويةَ الأبعادِ.. قد تتفسّرُ
فَرَشْنا عيونَ السُـهْدِ قلــــــنا لعلّهُ *** سيأتي خيالاً.. يمسحُ الروحَ.. تُزهِرُ
بَصُرنا بغيمِ الدمعِ رمــــلَ مفازةٍ *** من الناسِ في دربِ السرابِ تحيّروا
وجوهاً من السَوءاتِ.. فاحَ ظلامُها *** بأفواههـــــــم نارُ الجحيمِ تُزمجرُ
فعُدنا إلى أحلامِنا نـــزدري بها *** سؤالاً.. وبتنـــــــــــــا حسرةً تتكسّرُ
أردنا حسيـناً سالـماً دونَ طعنةٍ *** وكفَّ كــــــــــــريمٍ لم تفارقه خنصرُ
أردنا لعبدِ اللهِ عـــــمراً مُورَّداً *** وقلباً كمـــــــــــا الأطفالِ بالحُبِّ يكبُرُ
أردْنا.. أردْنا.. غيرَ أنَّ خطيئةً *** نواصلها ســـــــــــرّاً، وباللعنِ نجهرُ
أذابت كحبّـــاتِ الـجليدِ صفاءَنا *** وأفنتْ جناحَ الروحِ .. إذْ شَبَّ مجمَرُ
فلا تلعنوا العودَ الخبيثَ بل العنوا *** نفوساً تعــــاطى خمْرَهُ وهْوَ يسكَرُ
عن السبطِ أقصانا الزمانُ، فهل إذا *** تدانى شِـراعانا على النهجِ نبحرُ ؟
فليتَ ضجيجَ الحجِّ أرهَفَ سمعَه *** لآلائهِ لمّــــــــــــا تلا خلفيَ اعبروا
سأضربُ هذا البحرَ فالدربُ سجدتي *** تعالَوا طــــــريقُ الحقِّ حيثُ أجَزَّرُ
فإنَّ حِمامَ الموتِ ما اختارهُ الفتى *** أنا اختـــــــرتُ ياقوتَ الدِما يتحدّرُ
وسارَ.. يريدُ اللهَ... ودّعَ بيتَــــــهُ *** وطـــــــــــــافَ يدلّيهِ الهيامُ المُنوَّرُ
يُصدِّقُ رؤيا الذبحِ.. ما ارتدَّ طرفُهُ *** يَتلُّ جبيــــنَ القلبِ.. ينصاعُ أكبرُ
ويُشرعُ أحضـــــانَ اللقاءِ... حنينُهُ *** كـــــــواكبُ أسرارِ الوجودِ تكوَّرُ
فيا رَعشـةَ المذبوحِ من فرطِ عشقِهِ *** لأجلِكِ كـــانَ الكونُ.. أو يُتَصوّرُ
وأختٌ لهُ.. قصّـت خطاهُ.. فكلّما *** أفـــــــــــــــــاءَ لنهرٍ روحُها تتبعثَرُ
تُربّي يدَيــــــــها بالتهجُّدِ والبُكا *** تبوحـــــــــهما سرَّ الدمِ اللَيسَ يقطُرُ
تقولُ: أيا كفَّيَّ .. هلاّ علـــمتما *** بأنْ قد خُلقْتــــــــــا للذي منه أحذرُ
تدلّى على الأرضِ السمـاءُ.. وتنـحني *** تكـــــــــــادُ ولولا أنتما تتفطّرُ
وتختارُ أنْ تهوي إليـــــــــهِ .. تضمُّهُ *** إلى كُلِّها المــوتورِ فيهِ وتزفُرُ
فأُسنِدُها بـالسبطِ شِلْواً.. فتستوي *** وفي صدرها من حزنِ عينيهِ خِنجَرُ
أسرار العكراوي
اترك تعليق