من الإعجاز العلمي تعليم بعض الحيوان والطير وتعلمها

لفت انتباهي وأنا أعرض لصقر جنكيز خان، طائر الغراب وهو يعلِّم قابيل كيف يدفن أخاه هابيل، وقد حمله فترة على ظهره لا يدري ما يفعل به، ولم يعرف كيف يدفنه، إلى أن بعث الله تعالى له غرابًا قتل أخاه ثم دفنه فتعلَّم القاتل كيف يدفن أخاه في الأرض، وما تزال هذه عادة الغربان إذ تدفن موتاها أولًا، أما تعليم الحيوان الصيد فيكون على يد ابن آدم وهو قوله تعالى: (مُكَلِّبِينَ) وكلتا الآيتين في سورة المائدة أما تعلُّم الإنسان من الحيوان فبيانه قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأقتلنَّك قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ الله رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأ بإثمي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِن الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)، سورة المائدة: آية 27- 31.

 أما تعليم الإنسان لبعض الحيوانات فتعليمه للجوارح من الحيوان كالكلب والجوارح من الطير كالصقر كما في قوله تعالى :(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ الله فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ)، سورة المائدة: آية 4. فالإنسان في حياته بين معلِّم ومتعلِّم، مجازًا؛ لأن الله تعالى هو المعلِّم لكل مخلوقاته بدليل قوله تعالى: (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ الله)، المائدة: آية 4. و(مِمَّا) للتبعيض؛ لأن للحيوان طاقة محددة يعلّم من خلالها بالإشارة التي أوحى الله تعالى لغراب أن يقتل أخاه الغراب ويطفق في دفنه، أما قابيل فاتعظ بإشارته وتحسر أنه لم يكن يعرف كيف يدفن أخاه هابيل، والحيوان والطير لا يتعلمان كلَّ شيء كالإنسان، ومن النصوص يفهم أن تخصيص تعليم بعض الحيوان ككلب الصيد لا يمنع من تعليم غيره من الحيوان، ولفت انتباهي عبر محطات الإنترنت وبعض الكتب وفاء الحيوان للإنسان وهي: 

1- في كتاب الحيوان للجاحظ كلب ينقذ صاحبه من حفرة أُهيل التراب عليه من قبل زمرة باغية، فيستعين بنباحه بصوت حزين مستغيثًا بالمارة، ويصعد إلى أعلى تلّ ثم يعود إلى أن أدرك مجموعة من المسافرين عواء الكلب فدلهم على الحفرة وأنقذوه وبه رمق من الحياة. 

2- زقزقة طائر فوق المسلمين فيأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله سلم) بإعادة أفراخها إليها، فلما أعادوها حلّقت فوق جيش المسلمين تشكرهم لردهم أفراخها إليها.

3- جمل يجثو أمام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يرغو فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لصاحبه: (اتقوا الله بهذه البهيمة، ولا تحمّلوها فوق طاقتها).

4- أسد يقطع يديه ويموت ندمًا على صاحبه بعد أن ضربه ضربة قاتلة، في سيرك مصري.

5- أسد تحنو عليه امرأة ثم تغيب عنه فترة من الزمن وبعد أن تعود إليه يقف على رجليه ويضع يديه على عاتقها ويشمّها من دون أنْ يؤذيها وكأنها تحية وفاء منه إليها. 

6- كلب روسي يحرس زوجته الميتة لمدة أسبوع، ظنًا منه بأنها ستصحو من نومتها. 

7- ببغاء تعلمت كلمات منها: (لص لص) إذا رأت غريبًا حاول سرقتها أو سرقة منزل صاحبها، فما إن دنا منها لص حتى صاحت به: (لص لص) فانهزم اللص مذعورًا إلى شارع فدهسته سيارة .

8- رجلٌ في سقف بيته عش حية وعنده (عكة سمن) فأراد أن يرصد حركات حية كيف تفعل إذا أخذ بيضها، فلما جاءت ولم تجده، انسابت إلى (عكة السمن) فشربت منها ثم بخت ما بها في السمن، فما كان من صاحب البيت إلّا أن أعاد البيض إلى عشه، فلما رأته الحية، سعت إلى (عكة السمن) ولفت ذيلها على أذن العكة ثم سحبتها بسرعة فاندلق السمن مكبوبًا وكأنها بلغة الإشارة واحدة بواحدة.

أ.د. حسن الربابعة 

: دار القرآن الكريم