هو الإمام علي بن الحسين(عليهما السلام) الملقب بــــ(زين العابدين ، و السجاد) ، و هو رابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ،وأمه هي السيدة (شاه زنان) أو (شهر بانو) بنت (يزدجرد) آخر ملوك الفرس جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وجدته الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام). ولد (سلام الله عليه) في السنة الثامنة و الثلاثين للهجرة في المدينة المنورة في الخامس من شهر شعبان المعظم ، و كان عمره سبعة و خمسين سنة تقريباً ، و كانت كناه هي( أبو الحسن، أبو محمّد، أبو الحسين، أبو عبد الله) و كانت ألقابه (عليه السلام) هي :(زين العابدين، و ذو الثفنات، و سيّد العابدين ، و قدوة الزاهدين، و سيّد المتّقين، و إمام المؤمنين، و الأمين، و السجّاد ، و الزكي، و زين الصالحين، و منار القانتين، و العدل، و إمام الأمة ، و البكّاء) ، وقد اشتهر بلقبي (السجاد، و زين العابدين) أكثر من غيرهما.
الأخلاق التي اتصف بها (عليه السلام ) :
أجمع المؤرخون على أنه (عليه السلام) اتصف بأسمى الأخلاق الرفيعة حيث كان لا يتكلم إلا و أفاد المتلقي بعلم أو صفة حسنة أو خلق رفيع ، و كان (عليه السلام) أكرم الناس كفاً و لا يُرجِع السائل إذا طلب ، و إذا أعطا أغنى ، و كان (عليه السلام) يُشارُ له بالبنان في الحكمة و الحلم و العلم و الكرم و في الرقة مع تعامله مع الفقراء و كان إذا سار بين الناس يمشي على هوان و تواضع حيث لو نظر الناظر نظرة عابرة لا يفرقه بين عامة الناس.
من أبرز المآثر العلمية للإمام زين العابدين(عليه السلام):
نرى أن جميع أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تشابهت سيرتهم في بعض النواحي و بالذات النواحي التي تسهم في نهضة المجتمع و رقي العقول ، فقد سعوا (سلام الله عليهم) إلى تطبيق الرسالة المحمدية في تمام حذافيرها التي تسري في مصلحة الرعية ، وكان للإمام علي السجاد (عليه السلام) نصيب كبير في ذلك حيث صدرت عنه مآثر كثيرة و منها:
أولاً : الصحيفة السجّادية:
وهي من ذخائر التراث الإسلامي ومن مناجم كتب البلاغة والتربية والأخلاق والأدب في الإسلام، ومن هنا سمّيت بـــ (إنجيل أهل البيت)و (زبور آل محمد).
مميزات الصحيفة السجّاديّة :
١ ـ إنّها تمثّل التجرّد التام من عالم المادّة والانقطاع الكامل إلى الله تعالى والاعتصام به، والذي هو أثمن ما في الحياة.
٢ ـ إنّها تكشف عن كمال معرفة الإمام(عليه السلام) بالله تعالى وعميق إيمانه به .
3 ـ فتحت الصحيفة للإنسان المسلم أبواب الأمل والرجاء برحمة الله الواسعة.
4 ـ تضمّنت الصحيفة برامج أخلاقية روحية وسلوكية مهمّة لتربية الإنسان، ورسمت له أُصول الفضائل النفسية والكمالات المعنويّة.
5 - كما تصدّت الصحيفة لمواجهة الفساد الفردي والاجتماعي والسياسي في عصر أشاعت فيه السياسة الأموية الفساد الأخلاقي بين المسلمين، فكانت الصحيفة خير وسيلة للإصلاح في أحلك الظروف التي اتّبع فيها الأمويون سياسة القمع والإرهاب.
6 ـ والصحيفة بعد هذا هي منجم من مناجم البلاغة والفصاحة وينبوع ثرّ للأدب الإسلامي الهادف، فهي لا تفترق عن (نهج البلاغة) في هذا المضمار.
ثانياً :رسالة الحقوق:
تكفّلت رسالة الحقوق بتنظيم أنواع العلاقات الفردية والاجتماعية للإنسان في هذه الحياة بنحو يحقّق للفرد والمجتمع سلامة العلاقات، ويجمع لهما عوامل الاستقرار والرقيّ والازدهار.
(لقد نظر الإمام الحكيم-عليه السلام- بعمق وشمول للإنسان، ودرس جميع أبعاد حياته وعلاقاته مع خالقه ونفسه وأسرته ومجتمعه وحكومته ومعلّمه) وكلّ من يرتبط به أدنى ارتباط.
وتناولت رسالة الإمام زين العابدين(عليه السلام) جميع الحقوق المطلوبة من العبد ابتداء من حقوق الله تعالى و انتهاء إلى أبسط الحقوق الدنيوية و الأخروية.
فكان الإمام السجاد (عليه السلام) نعمة من الله منّ بها على جميع عباده و نور يستضيء به السالك لطريق الله تعالى ، فسلام عليه و على آبائه المنتجبين يوم ولدوا و يوم يبعثون أحياء.
إعداد / قيس العامري
اترك تعليق