ما هي الوسائل الإعلامية التي اعتمدها الإمام الحسين -عليه السلام- في نهضته؟

السؤال: كان الإعلام أحد مقوّمات النهضة الحسينيّة، وعليه فما هي الوسائل الإعلامية التي اعتمدها الإمام (عليه السلام) في نهضته؟

 

الجواب: لم تكن الوسائل آنذاك متيسّرة جداً، ولكنّه مع ذلك قدَّم ما تمكَّن منه، وبذل جهوداً عظيمة؛ فمضافاً لخطبه في مكّة في موسم الحج وفي الطريق في كثير من التجمّعات، بل وبعثه كتباً إلى كبار الشخصيات في البصرة يدعوهم إلى نصرته، وقد خطب أيضاً في كربلاء خُطباً كثيرة رغم قصر المدّة، ولم يكن لينشغل عن التعبير الإعلامي حتّى وهو في أشدّ الظروف؛ ففي اللحظة الصعبة التي أخرج وَلَده الرضيع فيها إلى أعدائه ـ بعد أن أشرف على الموت عطشاً ـ ليُعلِن عن ظلامته وعطشه حتّى ذُبِحَ ولده بين صدره ونحره في فاجعة من أقسى ما واجهه الحسين (عليه السلام) في كربلاء.. لم يشغله مصابه بولده عن أن يرمي بدمه إلى السماء فيراه أكثرُ مَن كانوا في معسكر أعدائه.. فهذه الحادثة بأيّ قصد كان ـ سواء بقصد التعبير الإعلامي أو التضرّع إلى الله أو إقامة الحجّة على أعدائه ـ جعلت من دم وَلَده جزءاً من الإعلام عن مظلمته وعدالة قضيته وبشاعة عدوه، بل نجد أنّ الحسين (عليه السلام) أخرج عياله معه، مع أنّهنّ تعرّضن إلى السبي ـ وهو من أعظم الفجائع ـ ولكن كان السبي أبرز الجهود الإعلامية للقضية الحسينيّة التي تمكّنت من أن تقلب معادلات الرأي العام، وتُحدِث فيه هزّة عنيفة رغم المرارة الكبيرة، والجرح العميق الذي أحدثه السبي في بيت الرسالة، بل حتّى في الساعة التي خرّ فيها صريعاً من على ظهر جواده لينتظر من عدوّه أن يذبحه كأشدّ ممّا انتظر إسماعيل الذبح وسلّم له، فقد روي عنه أنّه وهو يجود بنفسه «طلب منهم ماءً، فقال له رجل: والله، لا تذوقه حتّى ترد الحامية، فتشرب من حميمها. فقال: بل أرِد على جدّي رسول الله وأسكن معه في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر، وأشرب من ماء غير آسن، وأشكو إليه ما ارتكبتم منّي وفعلتم بي....»1

1-ابن نما الحلّي، محمّد بن جعفر، مثير الأحزان: ص57.

___________________________

*مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية