فقه التربة الحسينية القسم الثاني (حرمة تنجيسها ووجوب إزالة النجاسة عنها)
مقدّمة
إنّ الشرائع السماويّة على تنوّعها ترتكز في كثير من اعتقاداتها وما تؤمن به على التقديس والاحترام، سواء بالنسبة إلى الكتب التي تؤمن بها، أو على مستوى الأنبياء وأوصيائهم، وما يتّصل بذلك، كالكتب المتضمّنة لأقوالهم وأفعالهم، أو الأشياء المادّية التي كانوا يستعملونها، أو أضرحتهم والأبنية التي دُفنوا فيها، أو المساجد والمعابد التي بُنيت لكي يُتقرّب بها إلى الله تعالى.
ولعلّ التعبير المتعارف لبعض هذه الأشياء هو مصطلح: المحترمات، والتي منها القرآن الكريم، والمساجد، وأضرحة الأولياء، حتى كُتبت قاعدة باسم: قاعدة حرمة إهانة المحترمات، وحكمت كلّ الشرائع بوجوب احترامها بما للكلمة من معنى، وبكافّة أشكال الاحترام. وهذه القداسة استُمدّت من مبدأ أعلى، اتّصلت به هذه الأشياء، وهو الحقّ تعالى.
ولا شكّ في أنّه يحرم فعل كلّ ما استلزم الهتك والتوهين لشيءٍ من المقدسات، لو وقع بذلك العنوان، فالمساجد التي من الأرضين لمّا طرأ عليها عنوان المسجديّة أضفى عليها لوناً من القداسة؛ أوجب لها مزيداً من الفضل على غيرها، فجعلت لها أحكاماً خاصّة أوجبها الشارع المقدّس.
وكذلك المصحف الشريف، فأوراقه وجلده قبل أن يُكتب عليها، ويُحفظ بين دفّتيه، لم يكن لها من القداسة، كما هو الحال بعدها، من حرمة التنجيس والتلويث بما يستلزم هتك الحرمة.
وتربة سيد الشهداء عليه السلام من القبر الشريف أو ما لامسه كذلك؛ لأنّها من تلك المقدّسات التي أصبح لها من الحرمة بعد مقتل الحسين عليه السلام ما لم يكن لها قبل ذلك.
وقد ورد عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام في تقديسها ما أوجب لها مزيداً من الفضل، فحرُم تنجيسها، ووجب تطهيرها لو تنجّست، بل وتجنيبها كلّ ما يستوجب الاستخفاف بها؛ لأنّه مستلزم للاستخفاف بصاحبها عليه السلام، فشأنها شأن سائر المقدسات المحترمة، الإسلامية والإيمانية[1].
وتتّضح مسائل هذا المقال من خلال مبحثين:
الأول: في حرمة تنجيس التربة الحسينية.
والثاني: في وجوب إزالة النجاسة عن التربة الحسينية، ولكن بعد ذكر المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ النجاسة أو التنجيس.
معنى النجاسة
لغةً
«نجس: النون والجيم والسين أصلٌ صحيح، يدلّ على خلاف الطهارة، وشيء نجِسٌ ونجَس: قذر... وليس ببعيد أن يكون منه قولهم: الناجس: الداء لا دواء له...
وأمّا التنجيس، فشيء كانت العرب تفعله، كانوا يعلّقون على الصبي شيئاً يعوّذونه من الجن، ولعلّ ذلك عظمٌ أو ما أشبه؛ فلذلك سُمّي تنجيساً»[2].
«والنّجِس: الشيء القذر حتى من الناس، وكلّ شيءٍ قذّرته فهو نجس»[3].
وقال الصغاني: «النجس ضدّ الطهارة... شيء كانت العرب تفعله على الذي يخاف عليه ولوغ الجن، وهو القذر، نحو خرقة الحائض، وعظام الموتى... ويُقال: تنجّس الثوب: إذا أصابته نجاسة. والتركيب ـ نجس ـ يدل على خلاف الطهارة»[4].
اصطلاحاً
قال الهمداني: «إنّ القذارة في عُرف المتشرّعة هي: قذارة خاصّة مجهولة الكُنه لدينا، اقتضت وجوب هجرها في أُمور مخصوصة، فكلّ جسم خلا عن تلك القذارة فهو نظيف شرعاً»[5]. وكذا عرّفها الأنصاري[6].
والمتحصّل من المعنى اللغوي والاصطلاحي: أنّ النجاسة هي القذارة، وفي عُرف الشرع: هي قذارة مخصوصة معدودة بعدد معيّن، حسب الاستقراء ـ كما سيأتي ذكرها ـ وإنّ التنجيس يعني: ملاقاة تلك القذارة لجسمٍ ما، وقد يكون هذا الجسم طاهراً.
النجاسات في الفقه الإمامي
حكم الشارع المقدّس على بعض الأشياء بأنّها من النجاسات التي يجب الاجتناب عنها في بعض الموارد، كالأكل والشرب والصلاة، أو تنجيس القرآن والمسجد وغيرهما بها، وهذه النجاسات معدودة ومحددة في الشريعة. نعم، قد يُختلف في سعتها وضيقها، أو قُل: بعددها؛ لعدم ثبوت هذا الفرد منها أو ذاك.
وحاصل ما ذكروه في باب النجاسات ما يأتي:
1ـ البول.
2ـ الغائط: وهما نجسان من الحيوان الذي لا يُؤكل لحمه وله نفس سائلة.
والنفس السائلة: الدم الشاخب من الحيوان عند الذبح، كما في الشاة مثلاً.
نعم، وقع الكلام في نجاسة بول الرضيع قبل أن يأكل اللحم، وفي بول وخرء الطير من غير المأكول وله نفس سائلة، وفي بول ورجيع ما ليس له نفس سائلة[7].
3ـ المنيّ: وهو نجس إذا كان من حيوان ذي نفس سائلة حلّ أكله أو حرم.
نعم، وقع الكلام في نجاسة مني ما ليس له نفس سائلة.
4ـ الميتة: وهي نجسة إذا كانت من حيوان ذي نفس سائلة، وأمّا ميتة ما ليس له نفس سائلة من الحيوانات فليست نجسة.
5ـ الدم الدماء: وهي نجسة من ذي النفس السائلة من الحيوانات.
6ـ الكلب البرّي.
7ـ الخنزير البرّي.
8ـ المُسكرات: وقع خلاف في نجاسة بعض مصاديقها.
9ـ الفقاع.
10ـ الكافر[8].
المبحث الأوّل: حرمة تنجيس التربة الحسينية
تعرّض الفقهاء لهذه المسألة تحت عنوان كلّي وهو: الأُمور التي يجب إزالة النجاسة عنها، أو حرمة تنجيسها، وعدّوا منها المساجد والمشاهد المشرّفة، والتربة الحسينية، وغيرها.
وبعد تتبّع مضنٍ في الكتب الفقهية ـ الاستدلالية منها، أو الفتوائية ـ لم أجد مَن خالف في حرمة تنجيس التربة المقدّسة، نعم إذا كان هناك خلاف فهو في سعة انطباق التربة على بعض مصاديقها أو عدم انطباقها، أو في الشروط التي يجب توافرها في التربة؛ كي تُنسب إلى صاحبها عليه وعلى آبائه آلاف التحية والسلام.
فالفتوى السائدة بين القدماء والمعاصرين هي حرمة التنجيس المستلزم منه إهانة التربة والاستخفاف بها، بل الظاهر من السيد الحكيم عدم الخلاف ظاهراً؛ إذ عطف سائر ما يتعلّق بالأضرحة من حرمة التنجيس على الأضرحة والمشاهد المشرّفة.
وتسهيلاً على القارئ الكريم نوضّح المُراد من خلال عدّة نقاط:
النقطة الأُولى: كلمات الفقهاء في المسألة.
النقطة الثانية: أدلّة حرمة تنجيس التربة الحسينية.
النقطة الثالثة: توقف تحقق الإهانة بالتنجيس على القصد.
النقطة الرابعة: تحديد المصاديق التي يحرم تنجيسها، والضابطة في ذلك.
النقطة الخامسة: كيف نثبت التربة الحسينية.
النقطة الأُولى: كلمات الفقهاء في المسألة
يظهر أنّ هذه المسألة لم تُطرح بهذا الشكل، وبهذا التفصيل في بعض فروعها ـ وخصوصاً تحديد مكان التربة ـ قبل ابن فهد الحلي في: المهذّب البارع[9]، والشهيد الثاني في: الروضة البهية[10]، وهو ما صرح به السيد العاملي في: مفتاح الكرامة[11]، نعم هذان الكتابان وما قارب عصرهما فيهما نوعٌ من الاختصار؛ إذ اكتفيا بذكر الفتوى وبعض الفروع من دون التطرّق بشكل واضح إلى منشأ ودليل الفتوى، ولا إلى التفاصيل الأُخرى التي تتعلّق بالتربة.
وإليك بعض الكلمات:
قال ابن فهد الحلي: «الاحترام للتربة الموجب لتجنبها عن النجاسات، ما أُخذ من الضريح المقدس، وكذا لو أُخذ من خارج ووُضع عليه ثبت الحرمة، لا ما أُخذ من باقي الحرم، اللهم إلّا أن يأخذ بالدعاء وتختم». وقال أيضاً: «إنّ التربة محترمة لا يجوز تقريبها من النجاسة، وليس كذلك الأرمني[12]»[13].
وقال الشهيد الثاني: «والمُراد بطين القبر الشريف تربة ما جاوره من الأرض عُرفاً... وليس كذلك التربة المحترمة منها؛ فإنّها مشروطة بأخذها من الضريح المقدّس... ولو وُجد تربة منسوبة إليه عليه السلام حُكِم باحترامها حملاً على المعهود»[14].
وكذلك فرّق الصيمري بين الطين الأرمني والتربة الحسينية في الاحترام وعدمه، والمحترم من التربة ما أُخذ من الضريح، وحكم بعدم جواز تقريبها من النجاسة[15].
وبعد أن أشار إلى الأفراد التي يحرم الاستنجاء بها، ذكر البحراني أن تحريم الاستنجاء بتلك الأشياء المحترمة إنما جاء من حيث إهانتها بالإيقاع بالنجاسة، فيحرم تنجيسها مطلقاً[16].
وذكر الشيخ كاشف الغطاء جملة من أحكام النجاسات الأصلية، ومنها حرمة تلويث المحترمات بها، ووجوب إخراجها منها لو وقعت فيها مع عدم استحالتها، وإزالتها عنها ـ عيناً وحكماً ـ لو وقعت عليها. وتجري هذه الأحكام على ما انفصل من هذه المحترمات مع ملاحظة أصله لشفاء أو مدخليّة في عبادة، كتربة سيد الشهداء عليه السلام[17].
وأدخل صاحب الجواهر التربة الحسينية والسبحة، وما أُخذ من طين القبر للاستشفاء والتبرّك به، ككتابة الكفن ونحوها تحت عنوان: ما عُلم من الشريعة وجوب تعظيمه وحرمة إهانته وتحقيره، فيجب إزالة النجاسة عنها، كما يحرم تلويثها[18].
وقال اليزدي في العروة الوثقى ـ وقد وافقه كلّ مَن علّق على متنه، مستدلاً أيضاً على حرمة التنجيس ـ: «يجب إزالة النجاسة عن التربة الحسينية، بل عن تربة الرسول وسائر الأئمّة عليهم السلام المأخوذة من قبورهم، ويحرم تنجيسها، ولا فرق في التربة الحسينية بين المأخوذة من القبر الشريف، أو من الخارج، إذا وضعت عليه بقصد التبرّك والاستشفاء، وكذا السبحة، والتربة المأخوذة بقصد التبرّك لأجل الصلاة»[19].
النقطة الثانية: أدلّة حرمة تنجيس التربة الحسينية
تنحصر الأدلّة على حرمة التنجيس بدليل أو دليلين، بإضافة سيرة المتشرّعة، وأهمّها الاعتماد على قاعدة: حرمة إهانة المحترمات في الدين. وقاعدة: وجوب تعظيم شعائر الدين. ويُستفاد من كلام صاحب الجواهر: أنّهما عمدة الدليل على حرمة تنجيس المحترمات، بل صرّح بأنه لا دليل لذلك غيرهما[20].
ودمج بعض الفقهاء بين القاعدتين ـ والظاهر لتقاربهما أو لرجوعهما إلى شيء واحد ـ وعبّر عنهما بـحرمة هتك ما هو من حرمات الله وشعائر الدين. ونحن نقتفي أثره؛ لاتّحاد الأدلّة وتقاربها.
الدليل الأول: قاعدة حرمة هتك ما هو من حرمات الله وشعائر الدين
لأهمية هذا الدليل وما يترتب عليه من فوائد لا بد من بحثه ولو بشكل مختصر؛ إذ يُعدّ أساساً لكثير من المسائل الفقهية التي هي مورد النظر، مثل: مسألة حرمة الاستنجاء بالتربة وحرمة تنجيسها، ووجوب إزالة النجاسة عنها، ووجوب تقديسها وغيرها. ونستوعب البحث من خلال مقدمات:
المقدمة الأُولى: مفاد القاعدة
إنّ المقصود من المحترمات في الدين هو كلّ ما هي من مقدسات الشريعة ومعالم الدين، وما كان من مجعولات الشرع، وما ورد أمر الشارع باحترامه وتعظيم شأنه، كالكعبة، والمساجد الأربعة، وسائر المساجد، وقبر النبي صلى الله عليه وآله، وقبور الأئمّة عليهم السلام، وسائر المشاهد المشرّفة والقرآن، والكتب الروائية، والتربة الحسينية، وفقهاء أهل البيت عليهم السلام، وقبورهم، بل المؤمنين كلّهم، حيِّهم وميِّتهم، ونحو ذلك ممّا هو متعلّق بالدين، ومنتسبٌ إلى الشريعة بنحوٍ، ويُعبّر عنها بشعائر الله وشعائر الدين.
والنسبة بين المحترمات والشعائر هي أنّ الشعائر كلّها من المحترمات، ولكن ليس كلّ ما هو محترم في الدين من شعائر الله، كالمتّخذ بقصد الشفاء، وقبور المؤمنين، وفقراء المؤمنين وأمواتهم.
والمُراد بشعائر الدين: معالم الدين، وعلائم الشريعة وآثارها، ومتعبّدات الله، وكلّ ما يُعبد الله فيه من الأماكن المقدّسة والمشاهد المشرّفة، أو يُعبد الله بتعاليمه وهديه، كالأنبياء، والأئمّة، والكتب السماوية، وكتب الأحاديث؛ حيث يُطاع الله ويُعبد بطاعة الأوامر والنواهي الصادرة عن الأنبياء والأولياء، وامتثال ما ورد من أحكام القرآن وكتب الأحاديث[21].
المقدمة الثانية: أدلّة القاعدة
صرّح البعض بأنّ حرمة تنجيس المساجد والمشاهد المشرفة الأُخرى وغيرها داخلة في كُبرى كلّية مسلّمة لدى الجميع، بل لا يبعد أن تعدّ من ضروريات المذهب، بل من ضروريات الدين الإسلامي؛ لتضافر الآيات وتواتر الأخبار عليها، وهي لزوم احترام الثقلين: الكتاب المقدس، والعترة الطاهرة، وحرمة توهينهما، والحطّ من كرامتهما، وهو أمر واضحٌ عند الفريقين[22]. والأدلّة المذكورة على ذلك ما يأتي:
أولاً: حكم العقل بقبح إهانة ما هو محترم عند المولى
يقبح بحكم العقل إهانة كل محترم عند الله عز وجل واحتقار ما هو معظّم عنده، ويرجع ذلك إلى الاستخفاف بالمولى سبحانه؛ وبه يستحق الذم والعقاب، وهو من اللوازم التي لا تنفكّ عن فعل الحرام، أو ترك الواجب الذي هو حرام أيضاً.
فكلّ فعل كان موجباً لاستحقاق العقاب، فلا محالة يُستكشف منه أنّه حرام؛ وذلك ببرهان الإن، أي: اكتشاف العلّة من وجود المعلول والملزوم من اللازم[23].
ثانياً: الضرورة والإجماع
فيما يتعلّق بالضرورة فإنّ حرمة ذلك من المسلّمات عند الفريقين، وقد أشرنا إلى ذلك في أول البحث.
وأمّا الإجماع، فلاتفاق جميع العلماء على حرمة إهانة مقدسات الشريعة، ولم يستدلوا لإثبات القاعدة بنصّ من الكتاب والسنّة في كلماتهم ليكون مدركياً، ولا يُحتمل استنادهم إلى نصّ خاصّ في ذلك، وإلّا لأُشير إلى ذلك في كلام واحدٍ منهم[24].
ثالثاً: ارتكاز المتشرعة
هناك ارتكاز عند المتشرعة قاطبةً على عدم جواز هتك حرمة هذه الأُمور وإهانتها واحتقارها، ويعترضون على مَن يُهينها ويحتقرها، وينكرون عليه أشدّ الإنكار ـ وإن كان بعض منهم قد يُفرطون في هذا الأمر ـ ولا شكّ في أنّ أحداً لو قام بالتدخين في حرم أحد الأئمّة عليهم السلام، أو دخل إلى أحد الأضرحة بحذائه، أو نجّس بعض التربة المنسوبة إليهم، وغيرها من الأُمور، لأنكروا عليه أشدّ الإنكار.
ولا يمكن أن يُنكر ثبوت مثل هذا الارتكاز في أذهان المتشرّعة، ولا يمكن أيضاً إنكار أنّ هذا الارتكاز كاشف عن ثبوت هذا الحكم في الشريعة، فـ«أصل الإنكار ثابتٌ بالنسبة إلى إهانة المحترمات في الدين، وإن كانت مراتبه مختلفة بالنسبة إلى مراتب المحترمات»[25].
رابعاً: الكتاب الكريم
دلّت على حرمة إهانة المحترمات في الشريعة عدّة آيات، كقوله تعالى:﴿ لِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّـهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾[26].
وقوله تعالى: ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾[27]. وهاتان الآيتان نازلتان في تعظيم شعائر الله تعالى.
تقريب الاستدلال
إنّ الذي يظهر من الآيات المتقدّمة ـ وأشباهها من سائر الآيات والروايات ـ أنّ تعظيم الشعائر والحرمات واجبة طبعاً، ما لم تُعارضها جهة أقوى منها ظاهراً، ولا ريب في أنّه إذا وجب تعظيمها، فتحرم أيضاً إهانتها، بل إهانتها أسوأ من عدم تعظيمها؛ ولذا تُستفاد حرمتها من وجوبه بالأولوية القطعية.
إشكال
أفاد البجنوردي في قواعده بأنّ المراد بالشعائر في هذه الآية هي شعائر الحج ومناسكه لا مطلق المحترمات في الدين، فلا دلالة في هذه الآية على حرمة إهانة مطلق ما هو محترم في الدين[28].
ويمكن دفع إشكاله رحمه الله بما يلي:
أولاً: إنّ الشعائر جمع محلّى باللام، وهو يفيد العموم، ومن الواضح عند جميع الأُصوليين أنّ المورد لا يكون مخصّصاً للعموم.
ثانياً: جعلت الآية في سورة الحج: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ﴾[29]. والبدن مصداق وفرد لكلّي شعائر الله تعالى، ولا دليل أصلاً على أنّ شعائر الله تختصّ بالحج، بل مقتضى مفهومها أنّها تشمل غيره، كالصلاة، والقرآن والمسجد، والنبي صلى الله عليه وآله، بل حتى الأذان وشبهه ممّا تكون له خصوصية في الدين وللدين، كما أُشير إليها وإلى نظائرها في الروايات.
خامساً: السُّنة الشريفة
لقد وردت نصوص كثيرة متعرّضة لكُبرى هذه القاعدة بألسنة وتعابير مختلفة، نقتصر على إيراد ثلاث طوائف منها، ذاكرين لكلّ طائفة مثالاً أو مثالين:
الطائفة الأُولى: وهي التي علّل فيها تحريم بعض الكبائر بكُبرى: إهانة المحرمات، كما في رواية الصدوق بإسناده عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: «حرّم الله الفرار من الزحف؛ لما فيه من الوهن في الدين، والاستخفاف بالرسل والأئمّة العادلة»[30].
استدلّ الفقهاء على تحريم الفرار من الزحف بما فيه من الوهن في الدين، والاستخفاف بالرسل، بعد الفراغ عن كبرى حرمة كلّ موجب للوهن في الدين، والاستخفاف بالرسل، وهذه الكبرى هي مفاد هذه القاعدة.
الطائفة الثانية: وهي التي علّلت حرمة بعض الأفعال لأجل ثبوت الحرمة للشخص، أو الشيء الذي يقع ذلك الفعل عليه أو فيه، كما في الرواية التي علّل فيها حرمة قطع العضو من الميت، أو كسر عظمه، بأنّ حرمة الميت كحرمة الحي، بل إنّ حرمته ميّتاً أعظم من حرمته وهو حيّ، ففي صحيح مسمع كردين أنّه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كسر عظم ميت؟ فقال: «حرمته ميتاً أعظم من حرمته وهو حيّ»[31].
الطائفة الثالثة: وهي التي دلّت على المنع والنهي عن كل ما يُستخف بموجبه في دين الله تعالى، كما في الرواية التي رواها الصدوق بإسناده عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول: إنّي أخاف عليكم استخفافاً بالدين»[32].
فقد دلّ الحديث على حرمة كلّ قولٍ وفعلٍ موجب للاستهانة والاستخفاف بدين الله تعالى، وإلّا لم يكن محلّ خوف، ومن أبرز مصاديقه الهتك والإهانة لما هو محترم في الدين.
ومن لطيف الروايات التي دلّت على حرمة إهانة الشعائر والمحرمات، هي رواية أبي الصباح الكناني، قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول فيمَن أحدث في المسجد الحرام متعمّداً؟ قال: قلت: يُضرب ضرباً شديداً؟ قال: أصبت، فما تقول فيمَن أحدث في الكعبة متعمّداً؟ قلت: يُقتل؟ قال: أصبت»[33].
وفي رواية هشام عن الصادق عليه السلام، قال: «إنّ علياً عليه السلام رأى قاصّاً في المسجد، فضربه بالدرّة وطرده»[34].
المقدمة الثالثة: إثبات أنّ التربة الحسينية من المحترمات
للتربة الحسينية عند الرسول صلى الله عليه وآله، وأهل البيت عليهم السلام، وشيعتهم حرمة عظيمة، ومنزلة رفيعة، وقداسة خاصّة؛ لما بذله الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه في سبيل الله تعالى من كلّ غالٍ ونفيس، وعلى تلك التربة أُريقت دماؤهم الطاهرة، حتى دم الطفل الرضيع، الذي لم يتجاوز عمره الستة أشهر؛ ولأجل هذه التضحية العظيمة اتّسمت هذه التربة بالعظمة والاحترام، الذي لم تنَله سائر التُرَب، حتى تُرَب بقية الأئمّة عليهم السلام[35].
وتُشير بعض الروايات إلى أنّ الله تعالى عوّض الحسين الشهيد من قتلِه بأربع خصال: جعل الله الشفاء في تربته، وإجابة الدعاء تحت قبّته، والأئمّة من ذرّيته، وأنّ لا يعدّ أيام زائريه من أعمارهم[36].
وأشار إلى هذه الحقيقة عدّة من علماء الإمامية، كالسيوري في قوله: «إنّه ورد متواتراً أنّ الشفاء في تربته، وكثرة الثواب بالتسبيح بها، والسجود عليها، ووجوب تعظيمها، وكونها دافعة للعذاب عن الميت، وأماناً من المخاوف، وأنّ الاستنجاء بها حرام»[37]. وهو عين ما قاله السيد الحكيم قدس سره[38].
وقال صاحب مفتاح الكرامة بعد أن أورد كلام السيوري معلِّقاً عليه: «فقد نَقَل التواتر على وجوب تعظيمها ـ أي: تربة الحسين عليه السلام ـ من دون تخصيص بأحد الثلاثة، ومن تقييد بقصد التعظيم، يقضي باحترام آجُرها وأباريقها وغيرها، ولعلّه إلى ذلك كان ينظر الأُستاذ رحمه الله [أراد به كاشف الغطاء الكبير] ـ حيث كان ينهى عن إخراج تلك الأواني إلى غير كربلاء كراهة أو تحريماً»[39].
وذهب البحراني رحمه الله إلى أن المحترم كالتربة المشرّفة، لا ريب في وجوب إكرامها، وتحريم إهانتها من جهة أنها تربته عليه السلام، بل لم يستبعد الحكم بكفر المستعمل لها من تلك الحيثية، وأسند هذا الحكم إلى بعض علمائنا أيضاً[40].
وعلّق السيد السبزواري على حكم صاحب العروة بوجوب إزالة النجاسة عن التربة الحسينية بأن هذه كلّها من المقدسات المذهبية، بل الدينية في الجملة؛ فيحرم هتكها وإهانتها؛ لقداستها[41].
وأمّا الروايات فهي كثيرة، بل متواترة، كما أشار إليها السيوري آنفاً، فعن إسحاق ابن عمار، قال: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنّ لموضع قبر الحسين عليه السلام حرمة معروفة، مَن عرفها واستجار بها أُجير...»[42].
وعن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: «أنّ الله سبحانه اتّخذ كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يتّخذ مكة حرماً»[43].
وبهذا يثبت على نحو الجزم والقطع بأنّ تربة الإمام الحسين من حُرمات الشريعة التي يجب احترامها؛ تبعاً لاحترام مَن انتسبت إليه، وهو سيد الشهداء عليه السلام، فلا خلاف في وجوب تعظيمها في الجملة [44].
المقدمة الرابعة: أن تنجيس التربة الحسينية إهانة لها
أثبتنا في النقاط الثلاثة السابقة وجوب احترام هذه التربة الشريفة، وبقي علينا أن نُثبت صغرى هذه الكبرى، وهي كون التنجيس للتربة يُعدُّ إهانة لها، وعدم احترامٍ وتقديس لها، وهذا لا إشكال فيه بالنسبة إلى القذارة الظاهرية، كتنجيسها بفضلات الإنسان وأمثالها؛ لأنّ العُرف يرى أنّ هذا من المصاديق والأفراد البارزة للإهانة، بل قد يُعدّ الفرد الأول لها؛ ولذا يُستنكر أشدّ الاستنكار على مَن أهان شخصاً ـ ولو من الأشخاص العاديين ـ بأمثال هذه النجاسات.
وأمّا القذارة المعنوية كصبّ الخمر المعطّر عليها، فذلك أيضاً توهين لها بحكم الشرع، والعرف بعد اطّلاعه على حكم الشارع، فإنّه لا محالة يعترف بقذارة الخمر في الإسلام، غاية الأمر أنّ المسلم يُصَدِّق بذلك، والكافر لا يصدّق، فالمسلم يرى بأنّ صبّه عليها كصبّ البول في كونه موجباً للإهانة، فإذا تمّ فيجب التطهير فوراً؛ إذ كما أنّ التنجيس إهانة فبقاء النجاسة أيضاً إهانة، كما سوف يأتي شرحه مفصّلاً[45].
خلاصة الدليل الأول
يستخلص من الدليل الأول النقاط التالية:
أ إنّ المحترمات والمقدّسات والشعائر يحرم إهانتها، ويجب احترامها وتقديسها.
ب إنّ التربة الحسينية تعدُّ أحد أفراد المحترمات والمقدّسات؛ وبالتالي يجب احترامها ويحرم إهانتها.
ج إنّ تنجيس هذه التربة يُعدُّ إهانة لها ويخالف احترامها.
د النتيجة المأخوذة هي ثبوت الحرمة والقدسية لهذه التربة الشريفة، وعدم جواز تنجيسها ووجوب حفظها عن كلّ ما يُهينها، شأنها شأن كلّ ما عُلم من الشريعة وجوب تعظيمه، وحرمة إهانته.
الدليل الثاني: سيرة المتشرّعة
لعلّ هذا الدليل لم يُذكر إلّا في كلمات السيد السبزواري قدس سره، والشيخ عبد النبي النجفي؛ إذ قرّرا: بأنّ مقتضى سيرة المتدينين خلفاً عن سلف حرمة تنجيس التربة الشريفة، ووجوب التطهير حتى مع عدم الهتك والإهانة، وقد ذُكرت لها آداب خاصّة ـ هذا إذا أُخذت لأجل التبرّك والصلاة ـ.
وهذه السيرة على الظاهر من السير الثابتة ـ خصوصاً مع ملاحظة كلمات الفقهاء، والتي تقدّم قسم منها ـ جيلاً بعد جيل، وفي أبواب مختلفة، والبارز منها هو باب حرمة الاستنجاء والذي يرجع بوجه من الوجوه إلى حرمة تنجيسها[46].
وهذه السيرة على الظاهر ممتدّة إلى زمن المعصوم عليه السلام.
النقطة الثالثة: توقف الإهانة بالتنجيس على القصد
إنّ الإهانة للمحترمات في الشريعة لها حالتان:
أ إنّ الإهانة قد تتحقّق بالفعل الصادر من المكلف بقصد الإهانة منه لهذا الشيء المحترم، ولو لم يكن الفعل بنفسه مصداقاً للإهانة، كتخريب المسجد بقصد الإهانة لا بقصد التعمير، وكقطع عضو الميت لا بقصد إنجاء نفس محترمة بترقيع العضو المقطوع من الميت، وكوضع النجاسة على التربة المباركة بقصد إهانتها، ففي جميع هذه الأمثلة وغيرها يصدق عليها عنوان الإهانة وتكون محرّمة بالنسبة إلى المكلف.
ب إنّ الإهانة قد تتحقّق بالفعل نفسه، وإن لم يقصد به الإهانة، وذلك في الأفعال التي تُعدّ بنفسها من مصاديق الإهانة والهتك، إلّا مع قيام القرينة القطعية على كون صدورها من غير جهة الهتك، كتخريب المسجد للتعمير، أو مسح الظهر بالضرائح المقدسة لأجل الاستشفاء، أو كسر التربة الحسينية لأجل إعادة صناعتها، وهكذا.
ومن الواضح أنّ تنجيس التربة الحسينية بالنجاسات المتعارفة ـ وخصوصاً المستقذرة منها، كالعذرة وأمثالها ـ يصدق على الفاعل أنّه أهان واستخفّ بالتربة المنسوبة إلى سيد الشهداء عليه السلام، وإن لم يقصد الإهانة لها؛ كلّ ذلك لأنّ العرف يرى بذوقه العرفي أنّ هذه إهانة لها.
وأمّا كون الإهانة والهتك من العناوين القصدية لا ينافي كون بعض الأفعال بذاته من مصاديق الهتك عرفاً؛ إذ من الواضح أنّه لا دخل لقصد الهتك في صدق الإهانة والهتك على الأفعال المتمحّضة في الهتك في نظر أهل العرف، فإنّهم يحكمون بصدق الإهانة بمجرّد صدور هذه الأفعال من أيّ فاعل، من غير انتظارهم لإحراز قصد الهتك من فاعلها.
وهذا بخلاف الأفعال غير المتمحّضة في الهتك؛ حيث لا يحكمون بصدق الإهانة، ما لم يحرزوا صدورها بقصد الإهانة والهتك[47].
والمتحصّل من جميع ما تقدّم: أن تنجيس التربة سواء بقصد الهتك والإهانة، أو بدون القصد ـ وإنّما صدر من الفاعل الفعلُ نفسه فقط، وهو تنجيسها ـ يصدق عليه إهانة، ويندرج الفاعل في سلك مَن فعل المحرّم.
بل ذهب البعض إلى حرمة التنجيس، حتى ولو لم تستلزم الإهانة بنظر العرف؛ لأنّ العرف كثيراً مّا يجهل موارد التعظيم ولا يدركها، إلّا بعد أمر الشريعة بها، كما في حرمة المكث في المسجد للمحدث بالأكبر، وحرمة مسّ كتابة القرآن للمحدث بالأصغر، فإنّهما محرّمان رغم عدم درك العرف بأنّ ترك المكث تعظيم للمسجد، وترك المسّ تعظيم للقرآن[48].
هذا، ولكن ذهب البعض من فقهائنا إلى اختصاص حرمة تنجيس التربة بصورة صدق الإهانة فقط، فمع عدم صدقها لا تثبت الحرمة، كما لو كانت النجاسة يسيرة؛ إذ لا دليل على وجوب تعظيمها مطلقاً، وإنّما دلّ ارتكاز المتشرّعة على حرمة إهانتها، وهي بحسب الفرض غير صادقة[49].
فالمتحصّل من كلماتهم: أنّه لا إشكال في حرمة تنجيسها إذا استلزم الهتك أو كان بقصد الإهانة، وأمّا مع عدم الهتك وقصد الإهانة، فالظاهر عند البعض حرمة التنجيس؛ لمنافاتها مع تعظيمها، لكن وجوب تعظيمها بجميع مراتب التعظيم مشكل؛ لعدم الدليل عليه، والقدر المتيقّن المُستفاد من الأخبار حرمة هتكها وإهانتها[50].
النقطة الرابعة: في تحديد التربة التي يحرم تنجيسها
قبل البدء بذكر حدود التربة الحسينية التي يحرم تنجيسها، لا بدّ من الإشارة إلى ما وقع به بعض المحقّقين والكتّاب من عدم التمييز في موضوع الأحكام التي تخصّ التربة المباركة.
فالظاهر من كلامه أنّه لا فرق بين حدود التربة بالنسبة لتلك الأحكام، فلا فرق عنده بين حدود التربة التي يترتّب عليها الاستشفاء، وبين حدود التربة التي يحرم تنجيسها، وبين الحدود التي يتخيّر فيها المصلي بين القصر والتمام، مع أنّ تصريح جماعة من الفقهاء وظاهر آخرين أنّ هناك فرقاً بين موضوعات تلك الأحكام من حيث الضيق والسعة، وبهذا صرّح الشهيد الثاني رحمه الله بقوله ـ عند الكلام عن أكل الطين أيضاً ـ: «والمراد بطين القبر الشريف تربة ما جاوره من الأرض عرفاً، وروي إلى أربعة فراسخ، وروي ثمانية، وكلّما قرب منه كان أفضل، وليس كذلك التربة المحترمة منها، فإنّها مشروطة بأخذها من الضريح المقدّس، أو خارجه.. مع وضعها عليه، أو أخذها بالدعاء»[51].
وأمّا حدود التربة التي يحرم تنجيسها، ففيه أقوال عديدة:
الأول: المراد بالتربة هي طين مكان الجسد الشريف، على القول: بأنّ جسد المعصوم يبلى بعد مدّة، حاله حال سائر الأجساد، وهو أحد الأقوال الثلاثة في بقاء جسد المعصوم في القبر وعدم بقائه.
الثاني: المراد بالتربة هي ما يلازم الجسد وينضمّ به، والمحيط به من جميع جوانبه، وهو يبتني على القول بأنّ جسد المعصوم عليه السلام يبقى طريّاً في لحده إلى يوم البعث المعلوم.
ونصّ الفقهاء على أنّه لا يراد بالتربة هذين القولين.
الثالث: المراد من التربة هي المأخوذة من قبره الشريف بما هو قبر عند العرف، فما يُطلق عليه عرفاً قبر يثبت له حكم، يُقال له: حرمة التنجيس.
الرابع: إنّ المراد من التربة هي التربة المأخوذة ممّا يُقال عنه: حَرَم له عليه السلام عرفاً. فكلّ ما يُقال عنه: أنّه حرم الحسين عليه السلام عرفاً، يحرم تنجيس تربته.
الخامس: إنّ المراد من التربة هي التربة المأخوذة ممّا يُقال له: حَرَم له عليه السلام شرعاً. فكلّ ما يُقال عنه: إنّه حَرَم الحسين عليه السلام بنظر الشرع. يحرم تنجيس تربته، والذي هو موضوع الحكم في صلاة المسافر، الذي هو التخيير بين القصر والتمام.
السادس: إنّ المراد من التربة هي المأخوذ من القبر الشريف أو من الخارج إذا وُضعت عليه ـ أي القبر ـ بقصد التبرّك والاستشفاء، وكذا السبحة والتربة المأخوذة بقصد التبرّك لأجل الصلاة؛ إذ إنّ تنجيسها خلاف الغرض المأخوذة له.
ولا بدّ من العلم بأنّ هذا القول هو القول المختار لأكثر المعاصرين، خصوصاً مَن علّق على العروة الوثقى أو شرحها، ولعلّه لم أجد مَن خالف فيه بهذا المقدار.
نعم، التربة المأخوذة من بلد الإمام عليه السلام لا من قبره ولا لذلك الغرض ـ وهو قصد التبرّك والاستشفاء ـ بل أُخذت للبناء بها أو طم الحفر، أو لصناعة الآجر والخزف وما شابه ذلك من الأعمال، فلا دليل على عدم جواز تنجيسها، والاحتياط بتعظيم الجميع لا بأس به.
وخالف في ذلك الشيخ كاشف الغطاء الكبير؛ حيث نقل عنه تلميذه السيد محمد جواد الحسيني العاملي صاحب مفتاح الكرامة، أنّه كان ينهى عن إخراج تلك الأواني ـ من الفخار والآجر وغيرها ـ إلى غير كربلاء، والنهي الوارد عنه إمّا نهي كراهتي، أو نهي تحريمي، واحتمل السيد المذكور أنّ دليل الشيخ رحمه الله هو ما نُقل متواتراً على وجوب تعظيمها من دون تخصيص هذه الروايات بأيّ قيد، ومنه قصد التعظيم عند أخذها[52].
السابع: إنّ المُراد من التربة التي يجب احترامها هي ثلاثة أشياء لا غير، وهي:
1ـ ما أُخذ من الضريح المقدّس.
2ـ ما وُضع على الضريح من التراب؛ إمّا مطلق التراب ولو من غير الحرم، وإمّا التراب المأخوذ من الحرم.
3ـ ما أُخذ من باقي الحرم بالدعاء والختم عليه، ـ ولم يُقيّد البعض من الفقهاء القائلين بهذا القول بالختم عليه ـ وصرّح هؤلاء أو هو مقتضى كلامهم بأنّ ما أُخذ للاستشفاء من غير الضريح بدون دعاء وختم لا يجب احترامه.
الثامن: وهو ما ذكره صاحب مفتاح الكرامة، ولعلّه أقرب الأقوال في المسألة، وهو: أنّ كلّ ما أُخذ للاستشفاء، أو للحفظ، أو للتسبيح بها والصلاة عليها، أو لكتابة الكفن بها، أو جعلها مع الميت كان محترماً، سواء أُخذت من الضريح أو من خارجه، بالدعاء وبدونه؛ لأنّ كلّ واحدٍ منها لا ينفكّ عن قصد التعظيم، ويصحّ الاستشفاء بجميعها[53].
خلاصة الأقوال ونتيجتها
اتّضح من عرض الأقوال أنّ للتربة الشريفة حكم مَن انتسبت إليه من جهة الاحترام والإهانة، فما دامت منسوبة إلى الحسين عليه السلام؛ فيجب إزالة النجاسة عنها ويحرم تنجيسها، ويكفي ترتيب الأحكام عليها صدق اسم التربة عليها؛ إذ الانتساب يدور مدار التسمية، سواء كانت واقعية أو صورية؛ لأنّ الجعل الاعتباري كان لتحقق النسبة، فلو أُتي بها ـ أي التربة ـ من أبعد البلدان وسمّيت تربة الحسين عليه السلام، والناس يعاملونها معاملة تربة الحسين عليه السلام، فإنّه يترتّب عليها أحكام التربة، سواء كانت من كربلاء أم من بلدٍ آخر.
والسرّ في ذلك صدق العنوان، وكونه رمزاً للشيعة وشعاراً لهم في إظهار المحبّة بالنسبة إلى أهل البيت عليهم السلام، فيتمسّكون بتربتهم؛ استشفاءً وإخلاصاً وإبرازاً لما في قلوبهم من حبّهم لآل الرسول صلى الله عليه وآله، كما أمر الله تعالى.
فالشيء الذي يكون منسوباً إليهم عليهم السلام وشعاراً لشيعتهم، يجب على متابعيهم تعظيمه ويحرم إهانته.
وأمّا الوضع على القبر الشريف، فإنّما يكون لأجل تحقّق التبرّك والاستشفاء الموجبين لتحقّق النسبة الحسينية، التي هي علّة وجوب الاحترام وحرمة الإهانة[54].
النقطة الخامسة: كيف نثبت التربة الحسينية
إنّ الحكم بحرمة تنجيس المحترمات ومنها التربة الشريفة إنّما يترتب على كون هذه التربة المعيّنة هي تربة الحسين عليه السلام، وذكر كاشف الغطاء الكبير بأنّ ذلك لا بدّ أن يثبت بطريقٍ علمي ـ بأن حصل للمكلف اليقين بذلك، وذلك من خلال إخبار مجموعة من الناس، أو أن يكون المكلَّف هو الآخذ لها من القبر، وأمثال ذلك ـ أو ما يقوم مقامه من الظنّ الشرعيّ، كشهادة العدلين، وإخبار صاحب اليد، وفي قبول خبر العدل احتمال قويّ[55].
فهذه هي الطريقة التي تثبت بها تربة الإمام الحسين عليه السلام.
المبحث الثاني: وجوب إزالة النجاسة عن التربة الحسينية
ذكر الفقهاء في كتبهم الفقهية الاستدلالية منها أو كتب الرسائل العملية مسألتين تخصّان التربة المباركة:
إحداهما: حرمة تنجيسها.
والثانية: وجوب إزالة النجاسة عنها.
وبما أنّ دليل المسألتين واحد ـ بل أشار بعض الفقهاء إلى وجود ملازمة بين حرمة التنجيس ووجوب الإزالة، فكلّ تربة يحرم تنجيسها يجب إزالة النجاسة عنها ـ نكتفي بما تقدّم من الأدلة على وجوب إزالة النجاسة عن كلّ محترم في الشريعة، ومنها التربة الشريفة.
ولا بدّ أن يُعلم بأنّ موضوع وجوب إزالة النجاسة هو بعينه موضوع حرمة التنجيس، وقد ذكرنا الاختلاف في ذلك مفصّلاً، وأشرنا إلى ما يحرم تنجيسه من تلك التربة، فلا حاجة للإعادة.
ولكن يبقى هنا أمران لا بدّ من الإشارة إليهما سريعاً:
الأمر الأول: الظاهر أنّه لا خلاف بين الفقهاء الذين ذكروا هذه المسألة ـ خصوصاً المعاصرين، أو ما قارب عصرنا ـ في وجوب إزالة النجاسة عن التربة الحسينية المباركة، ونخصّ بالذكر منهم كلّ مَن علّق على هذه المسألة وهو بصدد عرض مسائل كتاب العروة الوثقى للسيد اليزدي.
الأمر الثاني: إنّ وجوب إزالة النجاسة عن التربة إنّما يُؤمر به المكلف إذا استلزم بقاؤها وترك الإزالة هتكاً لها وإهانة.
فترك الإزالة من المكلف إذا استلزم منه هتك التربة وإهانتها؛ يترتب عليه وجوب تطهيرها. وهذا لا خلاف فيه من قِبل كلّ مَن تعرّض للمسألة.
ولكن وقع الاختلاف بينهم فيما إذا لم يكن ترك الإزالة للنجاسة موجباً لهتك حرمة التربة المباركة، على قولين:
القول الأول: وجوب الإزالة في جميع الحالات.
اختار بعض الفقهاء التعميم لجميع الحالات، سواء استلزم الإهانة والهتك، أم لم يستلزم[56].
وحاصل ما يمكن الاستدلال به:
الدليل الأول: ما ورد من لزوم تعظيم التربة وعدم الاستخفاف بها، كما في رواية أبي حمزة الثمالي عن الإمام الصادق عليه السلام: «...ولقد بلغني أنّ بعض مَن يأخذ من التربة شيئاً يستخفّ به، حتى أنّ بعضهم يضعها في مخلاة البغل والحمار، وفي وعاء الطعام والخرج، فكيف يَستشفي به مَن هذا حاله عنده؟!»[57].
وفي هذا الحديث دلالة على وجوب إزالة النجاسة؛ لاستلزام بقائها الاستخفاف وعدم التعظيم[58].
مناقشة الدليل الأول
لقد أُورد على الدليل المتقدّم بأنّ المستفاد ـ بقرينة السياق والمقام ـ أنّ عدم الاستخفاف بالتربة إنّما يكون مطلوباً لأجل تحصيل الآثار المترتّبة على التربة ـ كالاستشفاء بها مثلاً ـ لا أنّه المطلوب على كلّ حال[59].
هذا، ولكنّ المستدلّ لا يريد الاستدلال بروايةٍ خاصّة حتى يُورَد عليه بما تقدّم، بل هو ناظر إلى ما ورد متواتراً من لزوم تعظيم التربة، وعدم الاستخفاف بها، وترك إزالة النجاسة ـ على الظاهر ـ يؤدّي إلى تحقّق هذين العنوانين؛ لأنّه خلاف الاحترام المأُمور به.
الدليل الثاني: وهو المذكور على لسان السيد الشهيد محمد باقر الصدر رحمه الله، ويمكن تقريبه بما يأتي:
إنّ وجوب إزالة النجاسة لمّا كان حكماً احترامياً، وإن المفهوم من أدلة فضيلة التربة الحسينية وكون السجود عليها أفضل من السجود على نفس أرض المسجد، فسوف يشملها حكم المسجد، وهو وجوب إزالة النجاسة عنها، وذلك بتنقيح المناط، فإن مناط وجوب الإزالة واحد وهو الاحترام. وبذلك يثبت وجوب الإزالة للنجاسة عن التربة المباركة[60].
القول الثاني: عدم وجوب الإزالة
إنّ المختار لدى بعض الفقهاء عدم وجوب الإزالة إذا لم يستلزم الإهانة والهتك للتربة الحسينية، نعم هو المناسب للاحتياط.
وحاصل ما يستدل به هو: أنّ النصوص التي يمكن العثور عليها، ممّا يضمن الأمر بتعظيمها والنهي عن الاستخفاف بها، ظاهر ـ بقرينة السياق والمقام ـ في اعتبار ذلك الانتفاع بها، للاستشفاء وغيره، من فوائدها الجليلة، وليس فيها دلالة على أنّ ذلك من أحكامها مطلقاً، بحيث يحرم تنجيسها وإن لم يستلزم الهتك والإهانة[61].
وقد تقدّمت المناقشة في هذا الدليل في مناقشة الدليل الأول من القول الأول[62].
فروع المسألة
ويتفرّع على أصل المسألة بعض الفروع، نُشير إليها إجمالاً:
أ الحكم بكفر مَن هتك التربة الحسينية
قال كاشف الغطاء رحمه الله: «مَن استعمل شيئاً من المحترمات الإسلامية هاتكاً للحرمة خرج عن الإسلام، والمستعمل لشيءٍ من المحترمات الإيمانية بذلك القصد ـ وهو قصد الإهانة والهتك ـ خارج عن الإيمان»[63].
ب وجوب إزالة النجاسة عن التربة فوري
لا خلاف في أنّ وجوب إزالة النجاسة عن المحترمات ـ ومنها التربة المباركة ـ يكون فورياً، فلا يجوز تأخير الإزالة مع عدم العذر[64].
ج وجوب الإزالة كفائي لا عيني
لا خلاف بينهم في أنّ وجوب إزالة النجاسة عن التربة وجوب كفائي لا عيني، فإذا قام أحد المكلَّفين بإزالة النجاسة عن التربة المتنجّسة، سقط عن الآخرين.
الكاتب: الشيخ أحمد العلي
مجلة الإصلاح الحسيني – العدد السابع
مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية
________________________________________
[1] اُنظر: كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج2، ص397. المازندراني، علي أكبر، مباني الفقه الفعّال: ج1، ص147، وما بعدها.
[2] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج5، ص393 ـ 394، مادة نجس.
[3] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج6، ص55، مادة نجس.
[4] الصّغاني، الحسن بن محمد، العباب الزاخر: ج1، ص202.
[5] الهمداني، رضا بن محمد، مصباح الفقيه: ج7، ص7.
[6] الأنصاري، مرتضـى، كتاب الطهارة: ج5، ص19ـ 20. واُنظر: المشكيني، علي أكبر، مصطلحات الفقه: ص530.
[7] اُنظر: فتح الله، أحمد، معجم ألفاظ الفقه الجعفري: ص427، باب النون.
[8] اُنظر: الجواهري، محمد حسن، جواهر الكلام: ج5، ص273 ـ 274.
[9] اُنظر: ابن فهد الحلي، أحمد بن محمد، المهذّب البارع: ج4، ص219ـ 221.
[10] اُنظر: الشهيد الثاني، محمد بن جمال الدين، الروضة البهية: ج7، ص326 ـ 327.
[11] اُنظر: العاملي، محمد جواد، مفتاح الكرامة: ج2، ص100.
[12] ومراده من الأرمني: الطين الأرمني المخصوص المأخوذ من قبر ذي القرنين عليه السلام. اُنظر: الطوسي، محمد ابن الحسن، مصباح المتهجد: ص732.
[13] ابن فهد الحلي، أحمد بن محمد، المهذّب البارع: ج4، ص220 ـ 221.
[14] الشهيد الثاني، محمد بن جمال الدين، الروضة البهية: ج7، ص327.
[15] اُنظر: الصيمري، مفلح بن الحسن، غاية المرام: ج4، ص65.
[16] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج2، ص48.
[17] اُنظر: كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج2، ص362.
[18] اُنظر: الجواهري، محمد حسن، جواهر الكلام: ج6، ص98.
[19] اليزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى: ج1، ص189. اُنظر: الحكيم، محسن، مستمسك العروة الوثقى: ج1، ص518. الصدر، محمد باقر، بحوث في شرح العروة الوثقى: ج4، ص320 ـ 321. الغروي، علي، التنقيح في شرح العروة الوثقى: ج3، ص395. السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج1، ص480. زين الدين، محمد أمين، كلمة التقوى: ج1، ص54. السيستاني، علي، منهاج الصالحين: ج1، ص147.
[20] اُنظر: الجواهري، محمد حسن، جواهر الكلام: ج4، ص224.
[21] اُنظر: ابن فهد الحلي، أحمد بن محمد، المهذّب البارع: ج4، ص220. البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج2، ص48. الجواهري، محمد حسن، جواهر الكلام: ج2، ص51 ـ 52. وج4، ص222 ـ 223. حسن سعيد، دليل العروة الوثقىتقريرات بحث الشيخ حسين الحلي قدس سره: ج2، ص156ـ 159. السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج1، ص480. المازندراني، علي أكبر، مباني الفقه الفعال: ج1، ص148، وص154ـ 155. البجنوردي، محمد حسن، القواعد الفقهية:ج5 ص293 ـ 294، ص303.
[22] اُنظر: حسن سعيد، دليل العروة الوثقىتقريرات بحث الشيخ حسين الحلي قدس سره: ج2، ص156.
[23] اُنظر: البجنوردي، محمد حسن، القواعد الفقهية: ج5، ص296. واُنظر: حسن سعيد، دليل العروة الوثقىتقريرات بحث الشيخ حسين الحلي قدس سره: ج2، ص157. المازندراني، علي أكبر، مباني الفقه الفعّال: ج1، ص152.
[24] اُنظر: حسن سعيد، دليل العروة الوثقىتقريرات بحث الشيخ حسين الحلي قدس سره: ج2، ص157 ـ 158. النراقي، أحمد بن محمد مهدي، عوائد الأيّام: ص31.
[25] البجنوردي، محمد حسن، القواعد الفقهية: ج5، ص295 ـ 296.
[26] الحج: آية30.
[27] الحج: آية32.
[28] اُنظر: البجنوردي، محمد حسن، القواعد الفقهية: ج5، ص299.
[29] الحج: آية36.
[30] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج5، ص87.
[31] المصدر السابق: ج29، ص329.
[32] المصدر السابق: ج17، ص 308.
[33] المصدر السابق: ج13، ص290.
[34] المصدر السابق: ج28، ص367 ـ 368، واُنظر ـ لوجه الاستدلال ـ: المازندراني، علي أكبر، مباني الفقه الفعّال: ج1، ص155 ـ 159. البجنوردي، محمد حسن، القواعد الفقهية: ج5، ص299 ـ 300.
[35] اُنظر: الأنطاكي، محمد مرعي، لماذا اخترت مذهب أهل البيت عليهم السلام: ص470. الأنصاري، محمد علي، الموسوعة الفقهية الميسّرة: ج8، ص353.
[36] اُنظر: ابن فهد الحلي، أحمد بن محمد، عدة الداعي: ص48. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص537.
[37] السيوري، مقداد بن عبد الله، التنقيح الرائع: ج4، ص51.
[38] الحكيم، محسن، مستمسك العروة الوثقى: ج1، ص518.
[39] العاملي، محمد جواد، مفتاح الكرامة: ج2، ص101.
[40] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج2، ص44. واُنظر: النجفي العراقي، عبد النبي، المعالم الزلفى: ص473.
[41] اُنظر: السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج1، ص480.
[42] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص511.
[43] المصدر السابق: ج14، ص513 ـ 514.
[44] اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى: ج2، ص43. واُنظر: النجفي، عبد النبي، المعالم الزلفى: ج1، ص743.
[45] اُنظر: الجواهري، محمد حسن، جواهر الكلام: ج6، ص98. حسن سعيد، دليل العروة الوثقى تقريرات بحث الشيخ حسين الحلي قدس سره: ج2، ص157.
[46] اُنظر: السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج1، ص480. الحكيم محسن، مستمسك العروة الوثقى: ج1، ص519.
[47] اُنظر: الجواهري، محمد حسن، جواهر الكلام: ج4، ص223 ـ 224. البجنوردي، محمد حسن، القواعد الفقهية: ج5، ص296 ـ 297. المازندراني، علي أكبر، مباني الفقه الفعّال: ج1، ص150 ـ 151.
[48] اُنظر: الجواهري، محمد حسن، جواهر الكلام: ج 6، ص98. السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج1، ص480.
[49] اُنظر: الحكيم، محسن، مستمسك العروة الوثقى: ج1، ص515 ـ 518.
[50] اُنظر: الآملي، محمد تقي، مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى: ج2، ص46.
[51] الشهيد الثاني، محمد بن جمال الدين، الروضة البهية: ج7، ص327.
[52] اُنظر: العاملي، محمد جواد، مفتاح الكرامة: ج2، ص101.
[53] اُنظر: ابن فهد الحلي، أحمد بن محمد، المهذّب البارع: ج4، ص220.السيوري، مقداد بن عبد الله، التنقيح الرائع: ص4، ص51. الشهي
اترك تعليق