يوم "دحو الأرض".. من أين جاء وماذا يعني؟

"كانت الأرض مغمورة بالماء، ومن ثم برزت مكة كأول قطعة من الأرض أخرجت من تحت الماء".. هذه الفكرة واحدة من تأويلات ما يعرف بـ "دحو الأرض" الكثيرة.

يحتفي نسبة كبيرة من المسلمين على وجه هذه الأرض "المدحية" في الخامس والعشرين من ذي القعدة بهذا اليوم. إنهم يقومون بمجموعة من الطقوس الدينية اكتشفوها عبر نصوص وردت عن النبي وأهل بيته، عليهم السلام.. الصيام كان أكثرها شهرةً.

ربما يكون لانبساط الأرض وصلاحها للسكن والمسير في هذا اليوم علاقة بهذا الاهتمام والتقديس، لأن من طبيعة الإنسان أن ينجذب إلى الأرض لأنها تعني له الحضارة، والوطن، والمثوى الأخير.

لقد قال لنا الله إنه أنبتنا منها { وَاللَّهُ أَنْبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا}.

وقال لنا أيضا عن دحو الأرض { وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}.

ويحدثنا اللغويون في توضيح مفردة (دحاها) بـ  "بسَطَها ومدَّها ووسَّعَها على هيئة بيضة للسُّكنى والإعمار"

في حين يقول الإمام الرضا، عليه السلام، وهو ثامن الأئمة الاثنا عشر، فيه: " هُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ أُنْزِلَ فِيهِ الرَّحْمَةُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى آدَمَ، عليه السلام".

وكان، عليه السلام، قد أمر أصحابه بالصيام في هذا اليوم لأنه  "يَوْمٌ نُشِرَتْ فِيهِ‏ الرَّحْمَةُ ، وَ دُحِيَتْ فِيهِ الْأَرْضُ ، وَ نُصِبَتْ فِيهِ الْكَعْبَةُ وَ هَبَطَ فِيهِ آدَمُ عليه السَّلام" طبقاً للرواية.

"لقد هطلت أمطار غزيرة، فغطى الماء الكرة الأرضية برمتها، ثم غاض الماء شيئاً فشيئاً واستقر في المنخفضات، وظهرت اليابسة من تحت الماء، مكة أول نقطة يابسة ظهرت من تحت الماء" كما يقول صاحب تفسير الأمثل.

إذاً، مؤدى أحداث هذا اليوم واحد، وهو الحياة.. الحياة على الأرض بانتشار الرحمة وانبساطها للإنسان وصلاحها للسكن والعيش، وبتنصيب أول خليفة بشري لله فيها وهو آدم عليه السلام، وكل ذلك من أجل حياة هانئة، وهو كما يبدو محور تفسيرات "يوم دحو الأرض".

حسين الخشيمي

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات