ا
عبد المجيد الحر (1350 ــ 1430هـ / 1932 ــ 2010 م)
قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (26) بيتاً:
إليكَ حسينيْ جئتُ مِن أرضِ عاملٍ وقــــافلةُ الأبطالِ عرشٌ مُشنّفُ
وفــي سهلِها مِن يومِ (طفِّـ)كَ وقعةٌ إلى الجبلِ العالي تسيرُ وتزحفُ
وتصـــــــــرخُ هيا يا حسينُ أمامُنا نفوزُ مِـــــن الدنيا بنصرٍ يُشرِّفُ (1)
الشاعر
الدكتور عبد المجيد بن عبد الكريم بن عبد الله الحر العاملي، شاعر وأديب وكاتب، ولد في النجف الأشرف، من أسرة علمية ــ أدبية أصلها من جبل عامل، وكانت ولادته أثناء إقامة والده في النجف للدراسة، ولما بلغ الخامسة من عمره عاد به أبوه إلى موطن آبائه وأجداده لبنان وأقام في بلدة جباع.
نشأ الحر في ظل أسرته العلمية ونهل تعليمه الأول على يدي أبيه وجده العالم الكبير عبد الله الحر الذي شجعه على العلم والأدب وخصه برعايته.
أما دراسته الرسمية فقد درس المرحلة الإبتدائية في مدرسة جباع الرسمية في بلدته، ثم انتقل مع والده إلى بيروت فأكمل المتوسطة والثانوية في مدرسة المقاصد الإسلامية، وواصل دراسته فحصل على:
الليسانس في الأدب العربي من الجامعة اللبنانية ــ 1973
الماجستير من الجامعة اللبنانية ــ 1977
الدكتوراه من الجامعة اليسوعية وكانت رسالته بعنوان (معالم الأدب العاملي)
الدكتوراه ثانية في الأدب العربي عن بحثه (التيار الفكري في الشعر العاملي)
نال رتبة أستاذ جامعي في الجامعة اللبنانية
عمل مدرّساً للغة العربية في مدارس وثانويات لبنان، ودرَّس الأدب العربي في الجامعة اللبنانية لأكثر من عشرين سنة 1976 ــ 1996 حتى إحالته على التقاعد.
عمل رئيساً للتحرير في مجلة العرفان في الثمانينيات وكتب العديد من المقالات فيها
له أكثر من ثلاثين مؤلفاً في الشعر واللغة والأدب ففي الشعر أصدر من الدواوين:
منهل الروح
ترنيمة الأحرار
أرجوحة العمر
وله من الدواوين المخطوطة:
نداء الأعماق
الدر المنثور
وفي مجال البحوث الأدبية وعلوم اللغة له:
التيار الفكري في الشعر العاملي
جباع وأثرها في الشعر العاملي
معالم الأدب العاملي
موسوعة الإملاء
المعجمات والمجامع العربية
شارك في تأليف سلسلة (أعلام الفكر العربي) الصادرة عن دار الفكر العربي في بيروت وكتب عن: الفرزدق، جرير، الأخطل، ابن المقفّع، أبو فراس الحمداني، ابن زيدون، صريع الغواني، ابن الرومي، أبو القاسم الشابي، خليل حاوي، إيليا أبو ماضي، أحمد رامي، أحمد شوقي، الأخطل الصغير. (2)
قال عنه الأستاذ وسام الأمين: (عاش عبد المجيد مكرّساً حياته للبيان هائماً يقطفُ من معانيه أرشقها لفظاً وأعمقها بياناًإلى جانب ذلك كان عبد المجيد الحر باحثاً ومؤرّخاً في كبره كاشفاً عن ثلّة عظيمة من شعراء جباع بخاصة والجنوب بعامّة، ساعده في ذلك ما كان يوثقه وهو طفل بإشراف جدّه الشيخ الجليل لتلك المجالس الأدبية العاملية التي كانت تعقد مع أساطيل ومبدعين) (3)
وقال عنه نسيبه الأديب عصام الحر في تأبينه: (إنه الدكتور عبد المجيد الحر. خطيبُ المنابر ونجم جلسات العلم والأدب. حين الحديث عن راحل في حجم الدكتور عبد المجيد الحرّ، يحار المرء من أين يبدأ. أيبدأ من كونه الشاعر الذي قرض الشعر وطوّع الأوزان وداعب القوافي وابتدع الصُّوَر، فكانت الحصيلة ثلاثة دواوين ضمّت فنوناً وألواناً من عيون الشعر وزيّنت مكتبات من عرفه وأحبّه من الأصدقاء والأحباء. هو الأديب الذي رشف الأدب وعبّ من منهله وغاص في خفاياه فكان الناقد الحاذق والمتذوّق الفاهم والمحدّثَ اللبق الذي سعدت بأحاديثه المجالس وعمَرت بمسامراته السهرات. بدأ حياته المهنيّة مدرّساً في التعليم الابتدائي ثمّ أستاذاً في التعليم الثانوي فمحاضراً في الجامعة اللبنانية وفي سواها من الجامعات، فكان المرجع الذي يقصده الأكاديميون لأخذ رأيه في ما يواجههم من قضايا لغوية ونحويّة شائكة؟ ونال الماجستير ثم الدكتوراه وعمل أستاذاً محاضراً في الجامعة اللبنانية، وله مخطوطات عدة. أخشى إن تكلّمت عليه كشاعر أن أبخسه حقّه كأديب، وأخاف إن تحدّثت عنه كأديب أن لا أفيه حقه كشاعر. وإذا كان خلال عمله في الجامعة قد انصرف إلى التأليف وإعداد الدراسات التي اغتنت بها المكتبة العربية، فإنه في الوقت عينه لم يُهمل ملكته الشعرية) (4)
توفي الحر في بلدته جباع ودفن فيها
شعره
قال من قصيدته الحسينية:
عليكَ حسينُ السبطِ ذا الـــــدمعُ أذرِفُ وحـــــــــــزنٌ فجيعٌ في مصابِكَ آلفُ
وقــلبي المعنَّى بـــــاتَ ينبضُ بالأسى كنبضِ مريـضِ القهرِ يَقوى ويَضعفُ
وتغـــلي عـــــروقُ النارِ بينَ جوانحي وينشقُّ صـــدري بالمصابِ ويُقصَفُ
ويندكُّ فــــــــــــوقَ الضيمِ جسمُ بليَّتي وأمسي كنــــــــــزعٍ بالنوائبِ ينـزفُ
ويـــــلوي عليَّ الـــــــــغمُّ كلَّ مجرَّحٍ فألمحُ غدرَ الدهرِ فــــــــوقي يرفـرفُ
وإن قـلتُ يا دهرُ اتَّئــــــدْ بمصـــــابِنا يعربدُ تيهاً في الضلالِ ويـــــــــــأنفُ
فأسدلُ جفني فوقَ سرِّ مــــــــــدامعي وهيهاتَ أن يُخفى على الناسِ مُــدنفُ
وأنتَ أميرُ الناذرينَ دمــــــــــــــاءهمْ لـــــــــــــــــيومِ فـداءٍ بالشهادةِ يُعرفُ
تدوِّي بكَ الــــــبيـــــداءُ فوقَ مُهفهفٍ أصيلٍ ورمــــــــــحٌ فوقَ جفنيهِ أهيفُ
ومِن حولِكَ الـــــــغرَّانُ مِن آلِ هاشمٍ على أوطفٍ مِن مقــــلةِ الفخرِ أوطفُ
يلوحونُ في وهـــــجِ الوغى ككواكبٍ تحفُّ بأكنافِ الخلودِ وتُــــــــــــشرفُ
فينزاحُ من دنيا الغرورِ مُعــــــــــربدٌ وينهارُ في قــــــــــــهرِ اللئامِ مُرجِّفُ
وتهوي بأهلِ الشركِ رجفـــــــةُ نكبةٍ بها يهلكُ العاصي ويــــــنأى المُعسِّفُ
أنلنا حسيناً مـــــــــــــــــــا أنلتَ محمداً إعادةَ دينٍ كادَ بالجورِ يُحــــــــــــرفُ
هتفتَ بنـــــــي الشمطاءِ هاكمْ منيَّتي ويبقى لأهلِ الحقِّ شرعٌ ومُصـــــحفُ
وســـــــلَّمتَ للأوغادِ جسماً مُضمَّخاً بــــمسكٍ وما يُخفى مِن المسكِ يُعرفُ
وأكبرتَ مِن دنياكَ كلَّ فـــــــــضيلةٍ يُحـــــــــــاطُ بها الدينُ الحنيفُ ويُكنفُ
فصرتَ إمامَ الــــــــــــــهاتفينَ بعزَّةٍ نديـــــــــــــنُ بما دانَ الحسينُ ونحلفُ
وأصبحـــــــــتَ مولى كلِّ نفسٍ أبيَّةٍ لطلَّتِها دارُ الـــــــــــــــــنعيمِ تُزخرفُ
تــــــــــباركَ مَن أعطاكَ تاجَ شهادةٍ بها العرشُ مَزهوٌّ يعزُّ ويُـــــــــــشنِفُ
لها فـــــي رياضِ الخلدِ أعلى مكانةٍ وعندَ نبيِّ اللهِ مــــــــــــــــهنى ومأنفُ
وعندَ جنودِ الوحي مِن أرضِ عاملٍ شـــــــــــــيوخٌ وشبَّانٌ بها الكلُّ يهتفُ
يــــــصيحونَ يا ربِّ الشهادةُ فوزُنا نريدُ ولكنْ دهـــــــــــرُنا ليسَ ينصفُ
إليكَ حسينيْ جئتُ مِن أرضِ عاملٍ وقــــافلةُ الأبطالِ عــــــــــرشٌ مُشنّفُ
وفــي سهلِها مِن يومِ (طفِّـ)كَ وقعةٌ إلى الجبلِ العالي تسيرُ وتـــــــــزحفُ
وتصـــــــــرخُ هيا يا حسينُ أمامُنا نفوزُ مِـــــن الدنيا بــــــــنصرٍ يُشرِّفُ
وقال من حسينية أخرى:
لا تذرفوا دمــــــــــــعاً على الأديارِ بــــل هللوا لحسينِنا المغـوارِ
أعـــــــــــــــلى العقيدةَ بالفؤادِ تيمُّناً بأبيهِ يـفدي المصطفى بـقرارِ
ربَّاهُ صاحَ حسينُ في حربِ الوغى خلّوا عن الأعوانِ والأنـصارِ
(إن كانَ دينُ محمدٍ لـــــــــمْ يستقمْ) إلّا بـــــــــــحدِّ القاطـعِ البتّارِ
فبِمُهجتي أفــــــــــديهِ والجسدِ الذي أضحتْ تُقبِّلـــــــه شـفاهُ شِفارِ
وبكلِّ نحرٍ مِن كواكــــــــــبِ هاشمٍ وبكلِّ بدرٍ مِن ليــــــوثِ نزارِ
نحرٌ تلثّمُه النبيُّ مُـــــــــــــــــــقبِّلاً واليومَ تنــــــــــحرُهُ يـدُ الكفّارِ
أواهُ كيفَ أحلَّ قــــــــــــتلَكَ سيدي مَن يدَّعي حفظَ الــــذمامِ لجارِ
ما بالهُ هدمَ الخيامَ بهجــــــــــــــمةٍ كالريحِ كالأنواءِ كـالإعــصارِ
وأباحَ سترَ عقيلةٍ حـــــــــفظوا بها كنزَ العلومِ وصـادقَ الأخــبارِ
وأحلَّ هتكَ بني الــــــــــــنبيِّ وآلهِ بالــحرقِ والـتعذيبِ فوقَ النارِ
حتـــــــــــى تفطّرتِ السماءُ تأوُّهاً ممـــــــــا ألمَّ بهمْ مِن الأشرارِ
وأذاعَ جبــــــــرائيلُ صرخةَ أحمدٍ لعظيمِ رزءٍ فيه سخطُ الباري
اللهُ يمهلُ مَن ســـــــــــــــعى لنبيِّهِ بأذيَّةٍ يا مـــــــــــــعشرَ الكفارِ
فــــــــيصبُّ في الدنيا عظيمَ بلائِهِ بعذابِهِ في نقمةِ الــــــــــــجبَّارِ (5)
.....................................................
1 ــ عاشوراء في الأدب العاملي المعاصر ــ السيد حسن نور الدين ــ الدار الإسلامية ــ لبنان 1408 هـ / 1988 م ص 153 ــ 155
2 ــ عاشوراء في الأدب العاملي المعاصر ص 152 / كربلاء في الشعر اللبناني ص 211
3 ــ مجلة شؤون جنوبية ــ عبد المجيد الحر: شاعر ومؤلّف طَوَّع الأوزان، بتاريخ 23 / 7 / 2015
4 ــ نفس المصدر
5 ــ عاشوراء في الأدب العاملي المعاصر ص 154 ــ 155
اترك تعليق