يقال ان جوهر الفكر الفلسفي هو محاولة لتحديد العلاقة بين الإنسان والوجود ، وان من واجب علم الجمال الذي يعد فرعاً من فروع الفكر الفلسفي أن يدرس العلاقة بين الإنسان والوجود المحيط به، حيث يتسم عالم الإنسان بالرمزية التي تتجلى مظاهرها في اشكال اللغة والعلم والفن وحتى الأساطير، فضلاً عن عالم الموجودات الطبيعية الذي قد يتحول في لحظة تأمل ما إلى مجرد رموز داخل العقل الإنساني بالإمكان التعبير عنها أو محاولة تصورها على أي نحو يراه، فالإنسان تميز عن سائر الكائنات بالقدرة العجيبة على إيجاد هذه الرموز في حياته.
ومن المؤكد ان الرمز والمجتمع يرتبطان ارتباطاً وثيقاً، فالمجتمع هو الذي يحدد معنى الرمز و يضفي على العناصر المادية المعنى التي هي عليه، فتتجسد بكيان رمزي يتوافق وذوق الافراد وعرفهم الاجتماعي ويتلاءم مع تطلعاتهم إلى حياة رغدة هنيئة، ويتوالد من ذلك علاقة جوهرية بين الرمز والعاطفة الدينية للأفراد، فعادة ما نجد الرموز الدينية مرتبطة بالجماعات بحيث يُدرك من خلالها البناء الاجتماعي للمجتمع.
فما ان تعرضنا لمعرفة مجتمع ما، لوجدنا ان النظم الدينية لها تأثيراً فعالاً في حياة ذلك المجتمع ونشاطاته الفنية، فقد كان وما زال تأثير الدين على الفنون واضحاً وعلى مر العصور، فالدين والالتزام بمبادئه ومدى تأثيره على ممارسة الفنان لفنونه واضح ، على الرغم من تصنيفه كواحد من مجموعة العوامل والنظم الاجتماعية غير الجمالية التي تؤثر في نتاج الفنان ولها تأثيراً واضحاً وفعالاً في مدى ابداعه وتطور اساليبه الفنية، فهو إنما يعبر عن ذاته أو عن مجتمعه عبر استلهامه من مفردات المحيط الذي يعيش فيه زماناً ومكاناً.
وان اردنا ان نفهم عملاً فنيا أو نتوغل في اسلوب فنان ما أو حتى مدرسة فنية، يتوجب علينا معرفة شيء عن بيئة ومجتمع الفنان والولوج الى تفاصيلها، اذ يجب الالمام بالحالة العامة للتفكير عند ذلك المجتمع، وما هي عادات العصر الذي ينتمون إليه لأنهم يرتبطون ارتباطاً وثيقاً بهذه الحيثيات، ففنون كل عصر ترتبط بعضها بالبعض الأخر ، وتجمعها مشتركات ناتجة عن الصلات التي تجمع الفنانين بمجتمعاتهم من الناحية الفكرية والبيئية، مع الاخذ بنظر الاعتبار الى انه وعلى الرغم ان تنوع الفن على أيدي فنانين مختلفين ، إلا انه يغدو وحدة فنية متكاملة يشترك فيها الزمان والمكان والفكر، وتكون ذات هوية معينة تنطق باسم ذلك المجتمع دون غيره، فالرمز يكتسب دلالته الاصطلاحية من الجماعة أو المجتمع الذي ينتمي إليه هذا الرمز ، بينما قد لا يكتسب الرمز نفس الدلالة في مجتمعات أو حضارات أخرى .
. المصورة اعلاه للتاج الذهبي الذي ارتفع فوق القبة الذهبية لضريح الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ، وهي تمثل رمزاً من الرموز المهمة عند موالي اهل بيت النبوة الاطهار سلام الله عليهم ، اذ يجسد هذا الرمز معجزة مرد الشمس لأمير المؤمنين والمتمثلة بشكل الشمس المشرقة، وتبزغ منها اشعة ذهبية تبدو للناظر كشعاع منقسم الى جهة اليمين سبعاً تقابلها سبعة اخرى الى جهة اليسار وهي ترمز للاربعة عشر معصوم عليهم السلام والكف في اعلى الشعار هي كف امير المؤمنين عليه السلام عندما رفعه لرد الشمس بأذن الله، وترمز للخمسة اصحاب الكساء عليهم السلام ومكتوب عليها الاية الكريمة يد الله فوق ايدهم.
اترك تعليق