865 ــ باقر العطار البغدادي (1177 ــ 1218 هـ / 1764 ــ 1804 م)

باقر العطار البغدادي (1177 ــ 1218 هـ / 1764 ــ 1804 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (47) بيتاً:

لمْ أنسه في عراصِ (الطفِّ) مُنفرداً    يقولُ يا قوم هل راعيتمُ ذممي؟

هلْ منكمُ ناصــرٌ يرجو الشفاعةَ في    يومِ المعادِ غداً مِن شافعِ الأممِ؟

لم أنسه وهوَ يســــــطو شبهَ قسورةٍ    والــــقومُ مُنهزمٌ في إثرِ منهزمِ (1)

وقال في الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة أخرى تبلغ (45) بيتاً

ويضحى جسمُه بـ(الطفِّ) ملقىً    تكفِّنُه الصــــبا نسجَ الرمولِ

ويــــــــقرعُ ثـغرَه الطاغي يزيدٌ    ولا يخشى مِن الملكِ الجليلِ

وزينُ العـــــــــــابدينَ يٌقادُ فيهمْ    برغمٍ منه في قـــــــــيدٍ ثقيلِ (2)

الشاعر

السيد باقر بن إبراهيم بن محمد الحسني البغدادي (3) الملقب بـ (العطار)، عالم وأديب وشاعر، ولد في الكاظمية، في أسرة علوية علمية ــ أدبية، ينتهي نسبها إلى الإمام الحسن (عليه السلام) فهو:

السيد باقر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن سيف الدين بن رضاء الدين بن سيف الدين (4) بن رميثة بن رضاء الدين بن محمد علي بن عطيفة بن رضاء الدين بن علاء الدين بن مرتضى بن محمد بن حميضة بن أبي نمي محمد نجم الدين الشريف – من أمراء مكة – بن حسن بن علي بن قتادة بن إدريس عز الدين ــ أمير مكة ــ بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن الحسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى الثاني بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين على بن أبى طالب (عليه السلام) (5)

ولد العطار في أسرة كل رجالاتها من العلماء والفقهاء والأدباء، فجده السيد محمد كان من أعلام العلماء وكبار الأدباء، وأبوه السيد إبراهيم كان من كبار الفقهاء قال عنه الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلا فقيها مشاركا، وتقيا زاهدا صالحا، وله شعر إلى أدب ومعرفة باللغة، ومحاضرات لأدباء وقته)، (6)

وأخوه السيد حيدر كان فقيها وشاعرا وعالما من كبار العلماء المجتهدين، وهو جد الأسرة العلمية المعروفة بـ (الحيدرية) في الكاظمية، وابن أخيه السيد إبراهيم بن السيد حيدر كان من العلماء الأعلام، ويقول السيد محسن الأمين عن هذه الأسرة: (وكلهم من أجلاء السادة ونجبائهم معروفون بحسن الأخلاق وسعة الصدر والتقوى وفيهم العلماء والفضلاء..). (7)

نشأ السيد باقر العطار في الأجواء العلمية والأدبية ودرس على يد أبيه وأعلام أسرته ثم سافر إلى النجف لإكمال تعليمه، حتى أصبح من العلماء الأعلام والفقهاء الكبار

قال عنه الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً أديباً مشاركاً وكان ناثراً شاعراً، قدم النجف لطلب العلم وبقي بها مدة...) (8)

وقال عنه الشيخ جعفر النقدي: (كان من أهل العلم والفضل والتقوى..) (9)

وقال عنه الأستاذ علي الخاقاني: (أديب معروف وشاعر مجيد) (10)

وقد اختلف في تاريخ وفاته ومكان دفنه فقد قال السماوي إنها سنة ١٢٣٥ هـ، ودفن في النجف الأشرف، (11) وقال الشيخ النقدي إنها سنة 1240 هـ ودفن في النجف الأشرف (12) ونقل قوليهما الخاقاني (13) غير أن الأستاذ عبد الكريم الدباغ يقول: (أما الصحيح في تاريخ وفاته فهو ما ذكره ولد الشاعر السيد حسن من أنه توفي سنة ١٢١٨ هـ وهذا ما أثبته والده السيد إبراهيم في قصيدته في رثاء ولده والناس أعرف بآبائهم وأولادهم من غيرهم). (14)

ومما يؤكد ذلك أن وفاة والده السيد إبراهيم العطار الكبير كانت عام (1230 هـ / 1814 م) وقد رثاه.

أما مكان دفنه فيقول الدباغ: (نصت جميع المصادر على دفنه في النجف الأشرف ويستفاد من إشارة والده في رثائه أنه دفن في الكاظمية إذ قال:

فله الهنا حيثُ استجارَ بجدِّهِ    موسى بن جعفرٍ الإمامِ الطاهرِ

فهو من دفناء الكاظمية...) (15)

أما مرثيه والده له فتبلغ (31) بيتاً قال منها:

ويلاهُ من هذا الــــــزمانِ الغادرِ    كمْ ساءنا بذوي علاً ومفاخرِ

عظمتْ رزايـاهُ وجَلّتْ في الملا    وأجــــــــلّها وقعاً رزيةُ باقرِ

الـــــــــيومَ جُدِّدَ حزنُ آلِ محمدٍ    وأعيدَ رزؤهـــمُ بموتِ الباقرِ

كسرَ القلوبَ غداةَ قُوِّضَ راحلاً    عنها فليسَ لكسرِها من جابرِ

ما للزمانِ وللأماثلِ لـــــــم يزلْ    يغتالُ منها كلَّ لـــــيثٍ خادرِ

شعره وشاعريته

جمع ابن الشاعر السيد حسن المعروف بالأصم ــ وهو شاعر أيضاً ــ ديوان والده وخطه بيده وقال في مقدمته: (إني جامع في هذه الأوراق ما رق من شعر الوالد المرحوم وراق، ليضوع ولا يضيع وينشر طيب رياه ويشيع، وأرجو من الله التوفيق فهو حسبي ونعم الرفيق). (16) وهو موجود في مكتبة السيد عبد العزيز الحيدري. (17)

ويقول الأستاذ الدباغ: (اطلعت على نسخة الديوان، وقد كُتب على صفحتها الأولى: في الديوان ألف وخمسة وعشرين بيتاً في سبع وعشرين قصيدة، وخمسة عشر مقطوعة، وفيه ثلاثة بنود، وإحدى قصائده مشجرة وأخرى مخمسة). (18)

وقال عبد العزيز البابطين عن شاعريته: (شعره محكوم بالمعجم الديني والأخلاقي، ومن الناحية الفنية فإنه يؤرخ بالنظم، ويُضمِّن من أشعار القدماء، ويرتب القول على نسق الموروث من قصائد طبقته، معانيه واضحة، ولفظه سهل، وقصائده موحدة الموضوع، متوسطة الطول). (19)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) ذكر منها عبد الكريم الدباغ (42) بيتا وقال عنها: وهي طويلة:

إلى اللهِ أشكو وقـــــعَ دهياءَ معضلٍ    يشبُّ لظى نيرانِها بالضــمائرِ

يعزُّ عـــــــــــلى الإسلامِ أنَّ حماتَه    تئنُّ لهمْ حزناً قلوبُ المـــــنابرِ

يـــعزُّ على الدينِ الحنيفيِّ أن غدتْ    معارفُه مطموسةٌ بــــــالمنـاكرِ

يعزُّ على الأشرافِ أنَّ عــــــميدَها    يغيبُ بعينِ اللهِ عـــن كلِّ ناظرِ

يعزُّ على المـــــــــــــختارِ أنَّ أميةً    رمتْ ولدَه ظلماً بأدهى الفواقرِ

يعزُّ على الكـــــــــــرارِ أن رجالَه    أبيدوا بــــأطرافِ القنا والبواترِ

عجبتُ لشمسٍ كُوِّرتْ مِن بروجِها    وبدرِ عُلا قد غـابَ بينَ الحفائرِ

عجبتُ لذي الأفلاكِ لم لا تــعطّلتْ    وغُـــــيِّبَ مِـن آفاقِها كلُّ زاهرِ

ومن عجبٍ أن يُمنعُ الســبطُ وردَه    وفيضُ يديهِ كــالبحورِ الزواخرِ (20)

وقال في الإمام المهدي (عليه ‌السلام) من قصيدة تبلغ (47) بيتاً:

هوَ الخلفُ المنصورُ والـحجَّةُ التي    بها يهتدي مَن ضلَّ سُبْلَ البصائرِ

حسامٌ إذا ما اهتزَّ يــــــــومَ كريهةٍ    تــــــــدينُ له طوعاً رقابُ الجبابرِ

إمامٌ إليهِ الدهــــــــــرُ فوَّضَ أمرَه    بأمرِ إلهٍ خـــــــــــــــصَّه بالأوامرِ

همامٌ إذا ما جالَ في حومةِ الوغى    فلمْ تلقَ إلّا ضامراً فـــــوقَ ضامرِ

جــــــــــوادٌ إذا ما انهلَّ وابلُ كفِّهِ    به غنيَ العافونَ عَن كــــــلِّ ماطرِ

وجوهرُ قــــــــدسٍ لا يُقاسُ بمثلهِ    وشتَّانَ ما بينَ الحصى والــجواهرِ (21)

قال من قصيدته في الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (47) بيتاً وقد قدمناها:

يا عينُ لا لادكارِ الـــــــــــبانِ والعلمِ    ولا عــــلى ذكرِ جيرانٍ بذي سلمِ

وقلَّ مِن دمعِ عيني أن يفيضَ أســـىً    أجل ولا كانَ ممزوجاً بصوبِ دمِ

على أجلِّ قتيلٍ مِن بني مــــــــــضرٍ    زاكي الأرومــةِ والأخلاقِ والشيمِ

كيفَ السلوُّ وروحُ الـــــطهرِ فاطمةٍ    مُلقىً ثلاثةَ أيامٍ عــــــــــــلى الأكمِ

واحسرتا أيــــــموتُ السبطُ من ظمأ    وجدُّه خيرُ رسلِ اللهِ كلّـــــــــــــهمِ

وأمُّـــــــــــه البضعةُ الزهرا ووالدُه    خيرُ الـــقبائلِ مِن عربٍ ومِن عجمِ

لمْ أنسه في عراصِ (الطفِّ) مُنفرداً    يقولُ يا قـــــوم هل راعيتمُ ذممي؟

هلْ منكمُ ناصــرٌ يرجو الشفاعةَ في    يومِ المعادِ غــــداً مِن شـافعِ الأممِ؟

لم أنسه وهوَ يســــــطو شبهَ قسورةٍ    والــــقومُ مُنهزمٌ فـــــي إثرِ منهزمِ

وقال من حسينية اللامية وقد قدمناها:

أطيلي النوحَ معـــــــــولةً اطيلي    علـــى رزءِ القتيلِ ابنِ القتيلِ

وسحِّي الــــــــــــدمعَ باكيةً عليه    ولا تصغي إلى عذلِ العذولِ

ونـــــــــادي يا رسولَ اللهِ يا مَن    حبــــــاهُ اللهُ بالفضلِ الجزيلِ

أتعلمُ أنَّ رأسَ الســـــــبطِ يُهدى    إلى الأوغــادِ في رمحٍ طويلِ

ويضحى جسمُه بـ(الطفِّ) ملقىً    تكفِّنُه الصـــــبا نسجَ الرمولِ

ويــــــــقرعُ ثـغرَه الطاغي يزيدٌ    ولا يخشى مِـن الملكِ الجليلِ

وزينُ العـــــــــــابدينَ يٌقادُ فيهمْ    برغمٍ منه فـي قـــــــــيدٍ ثقيلِ

لـــــــــعمري لا يـحقُّ النوحُ إلّا    لمقتولِ الأسنــــــةِ والنصولِ

بنفسي ظــــــــــامياً والماءُ طامٍ    وليسَ له إليهِ مِن ســـــــــبيلِ

وقال متوسلاً إلى الله بالنبي والأئمة الطاهرين:

يا ربِّ بالهادي النبيِّ المصطفى    ووصــيِّه المولى عليِّ المرتضى

وبـــفاطمٍ ستِّ النساءِ ونجلِها الـ    ـحسنِ الزكيِّ وبالحسينِ المُجتبى

وسليــــــــــلِه زينِ العبادِ وباقرٍ    وبجعفرٍ والطهرِ موسى والرضا

ومحمدٍ وعلـــــــــيِّ نجلِ محمدٍ    والعــــسكريِّ وبالإمامِ المُرتجى

ألطفْ بعبدِكَ وابــنِ عبدِكَ باقرٍ    وأنــله في يومِ الجزا خيرَ الجزا (22)

وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام):

الـحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ على    نعمائه حيث قد ولّى عليَّ عليْ

صنوُ النبيِّ رسولِ اللهِ سيدِنا    خـــيرِ البريةِ مِن حافٍ ومُنتعلِ (23)

............................................

1 ــ أدب الطف ج 6 ص 249 ــ 251 / موسوعة الشعراء الكاظميين ج 1 ص 217 ــ 220

2 ــ أدب الطف ج 6 ص 251 ــ 253 / موسوعة الشعراء الكاظميين ج 1 ص 216 ــ 218

3 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص ٥٢٨

4 ــ معجم الشعراء الناظمين في الحسين – 1 ص 288 في ترجمة أبيه السيد إبراهيم العطار

5 ــ تحفة الأزهار و زلال الأنهار في نسب أبناء الأئمة الأطهار للسيد ضامن بن شدقم ج 1 ص 55

6 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 14

7 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 137 ترجمة السيد إبراهيم بن حيدر بن إبراهيم بن محمد البغدادي الكاظمي.

8 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 66

9 ــ الروض النضير ص 342

10 ــ شعراء الغري ج 1 ص 351       

11 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 66

12 ــ الروض النضير ص 342

13 ــ شعراء الغري ج 1 ص 351       

14 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 1 ص 205 ــ 206

15 ــ نفس المصدر ص 206

16 ــ أدب الطف ج 6 ص 247

17 ــ نفس المصدر ص 249 / الهامش

18 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 1 ص 208

19 ــ معجم البابطين في شعراء القرن التاسع عشر

20 ــ نفس المصدر ج 1 ص 212 ــ 214

21 ــ نفس المصدر ص 214 ــ 216

22 ــ نفس المصدر ص 210

23 ــ نفس المصدر ص 216

كما ترجم له:

السيد محسن الأمين / أعيان الشيعة ج ٣ ص ٥٢٨

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 1 ص 247

الشيخ أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة ج 1 ص 167

كامل سلمان جاسم الجبوري / معجم الشعراء ج 1 ص 331

معجم الشعراء العرب ج 1 ص 975

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار