مسجد أردستان الكبير هو أحد المعالم السياحية والمعالم التاريخية في مدينة أردستان التابعة لمحافظة أصفهان في ايران ، و بني من الآجر على أنقاض مبانٍ ضخمة- كانت عبارة عن معبد وثني تعبد فيه النار- تم تحويلها إلى مسجد مكون من أربع شرفات تعلوها قبة كبيرة من الاجر الاصفر على طراز مسجد أصفهان الكبير، وتشير الدراسات الى انه تم بناء جامع أردستان الكبير في الفترة المحصورة بين نهاية القرن الثاني الهجري والنصف الأول من القرن الرابع الهجري ، ويبدو انه بني في بادئ الامر بستة مداخل وممرات وهي متصلة بالفناء المركزي عبر ممرات ، لكن يبدو أنه تم إغلاق مدخلين في وقت لاحق اذ يوجد الان اربعة مداخل شاخصة فقط.
يقع المدخل الرئيسي للمسجد في الركن الجنوبي الغربي ، وتبلغ أبعاد ساحات المسجد الداخلية ( 20.84 * 20.10 م )مع أروقة وأجنحة مختلفة وممن طابقين، ويتكون الرواق الجنوبي للفناء من قوس زاخر بأنواع الزخارف المصاغة من مادة الجبس ومبنية من الاجر وبنقوش رائعة تنطق بهويتها التاريخية المتصلة بالعصر السلجوقي ، وهو من أهم اروقة للمسجد، وبحسب ما محفور على هذه النقوش فان بناء الرواق الجنوبي والرواق الغربي المتصل به على اليمين والشرفتين المتصلين إلى اليسار كان عام 555 هـ، على يد أبو طاهر بن غالي.
ويحتوي المسجد على محراب يقع على الجانب الجنوبي بارتفاع تقريبي 7 وعرض 4.40 أمتار ، ويتكون من هامشين للنقش وقوسين متداخلين بعقود حادة ، كل منهما موضوعة على عمودين من الجبس، يحتوي كل جزء من المحراب على إطار منفصل من الطوب، كما تضمن المحراب على مجموعة من التكوينات الزخرفية المختلفة، مكونة من أزهار وسيقان نباتات مختلفة وخطوط إسلامية ونقوشها بالخط الكوفي والنسخ ، مع لحاظ وجود مجموعة من الطبقات الجبسية لأسطح بلاطات المسجد تعود إلى فترات تاريخية مختلفة، أقدمها يعود تاريخه إلى عام 792 هـ.
ومن الملاحظ حين الاطلاع على النقوش الموجودة في الرواق الشمالي فأنها تعود الى الفترة الصفوية المبكرة، كما تم صنع الرواق الشرقي المعروف باسم جملة أمير صفا في العصر الصفوي ايضاً، ويبدو أن المبنى الرئيسي للمئذنة المميزة بشكلها وحجمها وقياس قطرها يعود إلى العصر السلجوقي وما بعده.
ومن جانب اخر هذا الطراز الفني السلجوقي هو طراز يعود بانتمائه الى إحدى قبائل الغزّ التركية الذين انحدروا من سهول تركستان وسكنوا بلاد ما وراء النهر، ومن ثم اعتنقوا الإسلام في منتصف القرن الرابع الهجري، وتعود تسميتهم بالسلاجقة نسبة الى احد امراء التركمان (سلجوق بن دقماق) ، وقد تميز السلاجقة باهتمامهم بتطوير فنون العمارة وعناصر الزخرفة والتصوير، حيث زاد اتساع العمائر وضخامة مداخلها واستخدام الزخارف البارزة كالنحت والحفر في تزيينها، اضافة الى التوسع في استخدام رسوم الكائنات الحية المحورة عن الطبيعة وعلى النحو الذي عرفته الفنون الإسلامية عامة، وكان من اهم منجزات هذه الفترة من الناحية المعمارية الابنية التي شيدت في تركيا و إيران واهمها مرقد الأمير سنجر في مرو ومسجد اصفهان الكبير ومسجد اردستان ومسجد زوارة الكبير، اضافة الى تشييد كثير من المراقد والمدارس في العراق كمرقد نبي الله ذي الكفل في بابل ومرقد زمردة خاتون في بغداد والمشهورين بقبابهما المخروطية الشكل، ومشهد يحيى بن القاسم شمال الموصل تم بناؤه في المدرسة البدرية، فضلاً عن تشييد مدرسة الجامع النوري الكبير وغيرها.
وقد كثر في هذه المرحلة بناء الأضرحة والمدارس واتسع توظيف انواع الزخارف والخطوط لتزيينها، وقد كان لأضرحة السلاجقة صورتان جاء بهما الفنان آنذاك فأما ان يكون الضريح عبارة عن قبر يعلوه شكل برج او يكون قبر على شكل قبة، ومما تجدر الاشارة اليه ان معظم عمائر السلاجقة قد امتازت بواجهاتها الجميلة وأبوابها الضخمة الغنية بأنواع النقوش التي تعلوها عادة صفوف من المقرنصات والنقوش النباتية المختلفة التي تحف بها النوافذ وأشرطة الزخرفة الهندسية والكتابات التاريخية، وقد برع المصمم والفنان السلجوقي في تقنية تطعيم النحاس برقائق من الفضة وشرائط من الذهب التي لا يشعر المرء حين التعرض اليها بأثر التجسيم .
اترك تعليق