600 ــ شاكر القزويني (ولد 1380 هـ / 1961 م)

شاكر القزويني (ولد 1381 هـ / 1961 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (28) بيتاً:

فحبُّ الــحـسينينَ في (كربلاء)      كــمــالُ الــنــعــيـــمِ وقرُّ العيونِ

تــفــتَّــحَ نــزفٌ بــــرحمِ الحياةِ      فمِن صخرةِ الموتِ فَضُّ المعينِ

طريقٌ كأنَّ الخطى نازعاتُ الـ     ـقــيــودِ تِــبــاعـاً شــروقَ اليقينِ (1)

الشاعر

السيد شاكر بن حيدر بن شاكر بن أحمد القزويني، شاعر وصحفي، ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية، تخرج من كلية الإدارة والاقتصاد / جامعة بغداد عام 1985، شارك في العديد من المهرجانات الشعرية داخل العراق وخارجه، عمل في الصحافة بعدة مناصب، وصدرت له من المجاميع الشعرية:

أوجاع تزدهر ــ 1989

ونبص الحريق ــ 2005

آراسي ــ 2020

والقزويني عضو في عدد من المراكز والمؤسسات الثقافية منها: نقابة الصحفيين العراقيين، المركز العراقي لشعراء أهل البيت عليهم السلام، المنتدى العالمي لشعراء الحسين، بيت الشعر النجفي، بيت الصحافة العراقي، مركز المرايا للدراسات والبحوث الإعلامية، ومحرر في صحيفة البلاغ النجفية، ورئيس تحرير مجلة أوراق حسينية، ومستشار ومدير تحرير مجلة لواء الطف. (2)

قال عنه الدكتور مصعب مكي زبيبة: (كانت قصائد (آراسي) للشاعر السيد شاكر القزويني تحثّ على الرفض والمقاومة والتصعيد في آفاق الثورة، وكانت تعبّر تعبيرا صادقا عن الموقف الثابت الصلد الذي يستمد عطاءه من قوة الروح وصرخة التحرر، فكانت صوتا ثوري النبرة، يفجر الماضي من أجل بهاء الحاضر والمستقبل، ويستحضر المواقف البطولية من أجل إبعاد العجز والوهن، فقصائده ترفض الاستسلام والمهادنة، فكانت على وتيرة متصاعدة متصلبة، لم تخف تطلعاتها، ولم تتراجع مساراتها، فكانت قصائد تحمل كبرياء الحرف وإباء الأبجدية) (3)

وقالت الأستاذة فاكية صباحي (كأني بالشاعر ــ شاكر القزويني ــ يرسم بسهم حاد على أرض هشة دون أن يتكبد أي عناء لتستقيم رسوماته عفوية كلآلىء ثمينة تنزلق من صدر محارة حبلى قد أخطأها الغواص،

النص غني جداً وزاخر بمحطات وتفاصيل أكبر من أن أرصدها وأنا أحاول أن أوجز قدر المستطاع، وأظن أن القارئ قد يشركني الرأي إذا قلت بأن ما يجلب الانتباه بين هذه الأبيات هو ملكة الشاعر الفنية العالية التي تجلت في صور خصبة، كتصاوير فتية زادت النص متانة وسبكاً .. مع قوة التقنيع حيث تماهى الشاعر مع شخصيتيه المختارتين بإحكام ثم ما لبث أن انفلت من بين أيديهما ليفصح عن شخصه موقعا جرحه الذاتي الذي حاول أن يختزل فيه جراحات أمته متوازياً مع القناع منفلتاً من سياق التماهي باقتدار وفنية مميزة) (4)

شعره

قال من قصيدته التي قدمناها:

على قبَّةِ الفجرِ وضَّأتُ عـيني      فــأمَّ بــهـا خــافـــقٌ بالـيــقيـنِ

سـنـا قـبَّةِ أرضُها في الـسـماءِ      سجدنَ الدهورُ لها كلَّ حـــيـنِ

تعانقُ والفجرَ لــمـا اســتـطالَ      بزوغُ النعيمِ برحــمِ الــسـنيـنِ

إلى قبَّةِ الفجرِ أطلقتُ روحـي      فحطّت جروحي كطيرٍ رهـينِ

وسلّمتُ بالدمعِ علَّ الــحـسينَ      وتلكَ الأكفُّ الألى تــبـتــغـيني

أتتْ عبرةٌ مرَّ كــلُّ الــزمــانِ      بها هالعاً مِن حصيبِ الشجونِ

فأنبتَ باللوحِ كــلَّ ضــلـوعي      مــســــاميرَ في مركبِ الثقلينِ

وترنـو لـهـا الروحُ بالمثقلاتِ      فــتـمـطـــرُ شوقاً بما يحتويني

طفأنَ الجوى من سعيرِ الهيامِ      فـتـثـمـلُ بــرداً وشـرَّاً تـقــيني

وبـثـتْ لـواعجُها المضرماتُ      فـأزهــرَ جـمري ندىً وحنيني

تشدّ بغيثِ الـرجــاءِ الــنـذورُ      فـطـابـتْ جـواباً بما يرتضيني

تهدهدُ صدري سلاماً سـلاماً      فـروضٌ شـمـالـي ونورُ يميني

فطفٌّ تــشــقَّـــقَ منه الفراتُ      أزاحَ احتضارَ الصراطِ المتينِ

وقال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (30) بيتاً:

من كلِّ حدبٍ تراني جئــتُ يا وطني      هــذا حــسـيــنٌ بـــــلادَ اللهِ يختصرُ

أغــافــلُ الــمـــوتَ حيــناً أو يغافلني      وفي الحسينِ يطيبُ الموتُ والجزرُ

مــسـلـولـــةٌ لبلادي كـــــلُّ نــــازلــةٍ      يحضّها العهرُ لا تــبــقـــي ولا تذرُ

فرعونُ قـــامَ وفــي أيــلــــولَ دمنتِها      يعشّشُ الغلُّ والــشــيــطانُ يختصرُ

فــفــصَّـموا بسهامِ البيـنِ كـلَّ عــرىً      وأوغلوا وعـــــهودُ اللهِ تــنــتــظــرُ

مهطّــعـيـنَ رؤوسَ الــناسِ مِـن فَرَقٍ      كؤوسُها من حــمــيـمِ الهولِ تنجمرُ

جاءتْ إلــيــكَ ظــمـاءٌ تبتغي عـطشاً      فترشفُ الظمأ الــقاني وتــنــهــمــرُ

يا سيدي إنَّ صبري في سـجونِ يدي      مقابرٌ وكظومٌ غــيــضُــهــا هــــدرُ

يا سيدي وملاذي كفُّ أوردتـــــــــي      ما زالَ طفُّكَ يــسـبـيـهــــا وتنصهرُ (5)

وقال من أخرى تبلغ (28) بيتاً:     

أنا مُذ قتلتَ أيا حــســيــنُ قــتــيـــــلُ      ما مُتَّ أنتَ وهدَّني الــتـقــتــيـلُ

أنا في جراحِكَ أســتـشيط من اللـظى      وينوءُ نزفُكَ والــطــريقُ طويلُ

ووقــفـتَ تــأتـــزرُ الــســيوفَ كأنَّها      ثوبَ الزفافِ وحدُّها تــقــبــيـــلُ

وأخذتَ تستهدي الحتوفَ إلى الرضا      فــمـعـانـقٌ ومـــؤانــــسٌ وخليلُ

أوقدتَ صدرَ الأرضِ جـــذوةَ عاشقٍ      فيفوحُ عطرٌ في الحصى وهديلُ

أنا يا غريبُ العشقِ فيكَ مُــتــيَّـــــــمٌ      مِــن غــيــرِ وصلِكَ هائمٌ وعليلُ

قــلـبـي كــحــلـمِ رقــيَّــةٍ وكــشوقِــها      صُرمتْ حبالٌ وانقضى تــبـتـيلُ

وبحثتُ عن عطشِ الـحسينِ وأرضِهِ      تــاهَ الــطــريــقُ وســامـه تبديلُ

أنــا فــي سـراجِ الليلِ أشـعلُ لوعتي      فيضيءُ من جوفِ الدخانِ عويلُ

شـيـئـاً فـشـيـئـــــاً أســتـحـيـلُ لدمعةٍ      وبـبـحـرِ نـحـــرِكَ أرتمي فأسيلُ

يا ســـيِّــدَ الــحـبِّ الــنــبـــيِّ وسفرَه      قرآنُه النحرُ الــتــريــبُ ســبــيلُ

وقرأتُ نحرَكَ وانــتـحـلــــــتُ كتابَه      فصُرعتُ حبَّاً والــنـــزيفُ خليلُ

أنّى أقــلِّــبُ فــي طــريــــقٍ وجهتي      أبقى غريباً والــحـسـيــنُ قــبـيـلُ

وبرغمِ أنَّ خُــطـــاهُ بينَ ضــلــوعِنا      ما زلتُ أبحثُ والــقـفـارُ تــهيــلُ

ورفعتَ رأسَكَ والــقــنــا مــشـدوهةٌ      وتــحـفُّــكَ الــمـشـكـاةُ والتنزيــلُ (6)

........................................................

1 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 3 ص 231 ــ 232

2 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 149 / مجلة آفاق نجفية العدد 5 / النجف الأشرف أدباؤها كتّابها مؤرخوها لعبد الرضا فرهود ج 1 ص 483 ــ 487 /

3 ــ نفخة الرفض والمقاومة في قصائد الشاعر (شاكر القزويني) في مجموعته الشعرية (أراسي)، مجلة الزوراء بتاريخ 26 / 1 / 2022

4 ــ قراءة نقدية في قصيدة "عنترة يعيد الشرعية" للشاعر شاكر القزويني، منتديات نبع العواطف الأدبية بتاريخ 4 / 8 / 2017

5 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 18 ــ 19

6 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 364 ــ 365

كاتب : محمد طاهر الصفار