عامر جواد الحمداني (ولد 1386 هـ / 1966 م)
قال من قصيدة (سليل المرتضى) وتبلغ (30) بيتاً:
تُـسـبـى بـنـاتُ رسـولِ اللهِ وا أسـفاً رأسُ الحسينِ على العيدانِ يسبقهمْ
لولا الدماءُ التي في (كربلا) نزفتْ مـا كـانَ لـلـديـنِ والإسـلامِ هيبتهمْ
يا متعةَ الروحِ في أركانِ مـشهدكمْ وا حرَّ قلبي إلى تـقـبـيـلِ عـتـبـتكمْ (1)
الشاعر
عامر بن جواد بن كاظم المغير الحمداني، شاعر وقاص، ولد في قضاء المسيب / الحلة، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس والماجستير في العلوم العسكرية.
صدرت له مجموعتان شعريتان هما:
القصائد الدرية في العترة المحمدية ــ 2012
تراتيل في معبد الحسن ــ 2014 (2)
كتب الناقد الأستاذ كمال كاظم خليل العبيدي قراءة نقدية عن مجموعته: (القصائد الدرية في العترة المحمدية) قال فيها:
(حينما تقرأ قصائد ديوانه (القصائد الدرية في العترة المحمدية) بإشاراته المتواترة عبر نصه التاريخي من كافة الجوانب وعلى امتداد الزمن الذي استمد شاعرنا أحداث تلك الملاحم بمختلف الاتجاهات فنصه الإبداعي أخذ فضاءً واسعاً لأحداث درامية فاعلة على المستوى الزمني الذي تعايش معه أهل بيت الرسول الكريم (ص) وأنت تقرأ هذه القصائد تجد إن المناخ العام للمادة الإبداعية يكسر السياق التقليدي للنص الشعري المتعارف عليه عبر بوابات الصفة التي يتجلى بها المعنى داخل الحدث أو المسار الذي يشير إليه بكل ملكته الساحرة ليحرر عمله الشعري من الطروحات التي نقرؤها جميعا فهو يبني نصه بكل جرأة وعفوية واضحة لتقنية النص الشعري لخفايا الأحداث المؤلمة وعلاقته الحميمة مع الآلام والانكسارات في ثنائية الموت والحياة واكبابه على ذاته في عمق التواصل مع الشخصيات الطاهرة لديوانه .....
انه عامر جواد كاظم المغير الحمداني الذي ولد سنة 1966 في قضاء المسيب وترعرع في بيت كريم كان أبوه رجلاً فاضلاً وكريماً ومحافظاً يتفاعل مع الخير في كل اتجاهاته وجوانبه وكان بيته مضيفاً للقريب والبعيد ناهيك عن تذليل مشاكل الآخرين حين يكون الخلاف سيد الموقف فيذلل خلافاتهم ويطيّب نفوسهم كما كان عونا للمظلومين بشهادة الجميع كونه شيخاً لعشيرة البو حمدان التي تمتد جذورها إلى الدولة الحمدانية التي عُرفت بأصالة طابعها العربي الملتزم بكل التقاليد والعادات التي تنسجم مع الدين إضافة إلى ما أنتجته من شعراء معروفين وهكذا استطاعت هذه القيم أن تؤثر في عقل وروح شاعرنا عامر الحمداني بعد أن نهل من تاريخ أهل البيت (عليهم السلام) في كل شاردة وواردة في سيرتهم العبقة من خلال مطالعاته المستمدة لتاريخهم وما لحقت بهم من مصائب وتبلورت لديه رؤى الوقائع وما كان يتصفون به من الإباء والجرأة والشجاعة والعلم والكرم والكرامة فأخذ الشاعر الورع الذي يقتفي الأثر ما جعله يكتب ....... من هذا الواقع المرير إصرار يؤمه برؤية شفافة في منهجه لتتناحر في دواخله طروحات يمسك أغوارها لتخرج وعياً متكاملاً للفكر والإباء وعبوديته للواحد الأحد في مطلع ديوانه (أدعوك يا رب) في نسقٍ من المناجاة الرائعة:
الشكرُ للهِ موصولٌ مع النَفَسِ ودائم الحمدِ إقــــــرارٌ وإذعانُ
واُشهدُ اللهَ في التوحيدِ أشهدهُ ترنيمة القلبِ في الدقّاتِ الحانُ
ثم يعرّج شاعرنا على شخصية الرسول الأكرم (ص) بقصيدة (سيد الكونين) يتناول فيها الملحمة الرسالية لنبي الأمة والظروف التي رافقتها ليقول منها:
فتـــــــــــحَ اللهُ له خيرَ الفتوح وعتاةُ القـــومِ كانوا صاغرين
ســــــجّلَ التاريخُ فيها (اذهبوا انتم الطلقاء) فيـــــــــها امنين
سيدي ردّوا لك الصفحَ الجميل ذبحوا الأطفالَ مِن آلِ الحسين
وفي عالم شاعرنا رؤيته وارتماءاته على شخصية الإمام علي (ع) فيقول:
عمرو ابن ودٍ ينادي مَن ينازلني ومَن سواكَ بذاكَ الأمر يردعهُ
لما نزلتَ رســـــــــولُ الله مثّلكم الديـــــنُ أنتَ وذاكَ الكفرُ مثّلهُ
لله درّك يا صنديد قــــــد عـدلتْ عبادةَ الخلقِ والثقلين ضــربتهُ
ليشمخ شاعرنا ليطرح الثنائيات بصورتها البسيطة المتكاملة حينما يضع الظالم مقابل المظلوم ليقطع بذلك جذور الفكر القلق بين الصفتين وبعمق علاقة المتلقي بطرحه الشعري الرائع لوصفه السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) بقوله:
فأنتِ نســـــــــاءُ القومِ يومَ تباهلوا فأيـــــنَ اللواتي تدّعي بالمواهبِ
ويا كـــــــــوثرَ الرحمنِ منه هديةً ورداً مـن الباري لذاكَ المشاغبِ
ويا بضعة الهادي ويا خير بضعةٍ سموتِ بذاكَ القولِ أعلى المراتبِ
وتتعدد طروحاته ليمزج بين حالة الصلابة بالمواقف والهموم المتعبة في آن واحد عاداً ذلك لاحتمالين لا ثالث لهما (الموت من أجل المبدأ أو الحياة في ظل الشريعة التي طرحها الرسول الأكرم (ص)
من هنا نلمس ومن خلال قراءتنا لنصوص ديوان شاعرنا مناهج متعددة الجوانب بأحداثها السامية والدموية بالوقت نفسه في قصائد آل البيت (ع) ليجمع في فيء فكره مناقب وآثار يحتوي بذلك ما استطاع أن يحتويه في ذاته ليقص علينا شعراً رائعاً بهمومه وتفاؤله ومستساغاً ومتبايناً في الوزن والقافية ليبني قصائده بناءً يأخذك إلى عالم الألم الممض الذي تحسه في عمق الكلمة لتشعر بأصالة الشاعر الإنسانية ونبلها فهو شخصية شعرية متكاملة وقد أجاد السيد الشاعر المعروف (توفيق حنون المعموري) في تقديمه لهذا الديوان وأنا بدوري أدرج قبساً من أبيات ديوانه الممتزجة بالحب والحزن في آن واحد
صنديدةُ الطفِّ للإخـــــوانِ فاقدةً كفيلةُ الركــــبِ والأطفالِ معظمهم
تُسبى بناتُ رســــولِ الله وا أسفاً رأسُ الحسينِ على العيدانِ يسبقهم
لولا الدماءُ التي في كربلا نزفتْ ما كانَ للدينِ والإســــــلامِ هيبتهم
وفي قصيدته التي خصّ بها الإمام زين العابدين (ع) يستذكر الموقف الذي جمع الإمام زين العابدين مع الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك أثناء أداء مراسم الحج وقصيدة الشاعر الكبير الفرزدق بعد إنكار الخليفة للإمام بعد أن شعر بإعجاب الشاميين به لهيبته وجلالة قدره دون معرفتهم إياه ليضمّن شاعرنا الحمداني قصيدته بمقطعٍ رائع على غرار قصيدة الفرزدق ولكن بلغته ومفرداته ليقول:
شقّت لمقدمهِ الحجيجُ تواضـــعاً فتـــــرى هشاماً منكراً يتقصّدُ
حتى انبرى ذاك الفرزدقُ قائـلاً دُرراً يسطّر بالإمـــــامِ وينشدُ
هــــذا الذي قدماهُ يعشقها الثرى والبيتُ بعده بالصـــــلاةِ يردّدُ
هذا ابنُ خيرِ الناسِ دون منافسٍ أصــلُ التقى والعلمِ فيه ممرَّدُ
ما قال (لا) ما كان يعرفها عدا أن كان فــــــــي أذكارهِ يتشهدُ
لله درّك يا فرزدق قــــــــــولةً أصبحتَ فيها في القصيدِ مخلّدُ
وأنا أقــــولُ بمدحِهم مستشفعاً فهمُ الســـــفينةُ والمنارُ المنجدُ) (3)
شعره
قال من قصيدة (سليل المرتضى):
سبط الرســولِ سليلُ المرتضى أنـــفاً أصلُ الإمامةِ والإيمانُ مـرضـعَـهـم
خـيـرُ الــخـلائـقِ أخـلاقـــاً وتــــربيةً وكـيـفَ لا ورســولُ الله ألـقــمـهـــمْ
ومَـن تــربَّـى على فخذِ النـــبيِّ ومَـن مِن ريقِهِ الطاهرِ المعسولِ مشربهمْ
في مهبطِ الوحي والتنزيلِ مضجـعهمْ وفـي الـصـلاةِ رسـولُ اللهِ مركـبهمْ
هـيـاكـلُ الـحـقِّ والـتـوحـيـدِ أعـمــدةٌ ومَن أرادَ طـريـقَ اللهِ يــقــصـــدهـمْ
..................................................
1 ــ الحسين في الشعر الحلي ج 2 ص 369 ــ 370
2 ــ نفس المصدر ص 368
3 ــ موقع النور بتاريخ 22 / 9 / 2013
اترك تعليق