هاشم كمال الدين: (1268 ــ 1341 هـ / 1852 ــ 1923 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (29) بيتاً:
فـكـأنّـه الـيـومَ الـذي فـي (كربلا) يـومٌ بـه طـاها النبيُّ حزينُ
يـومٌ بـه الـسـبـعُ الـطـباقُ لـعظمِه قد دكّها بعد الحراكِ سكونُ
وتجلببتْ شمسُ الـضحى بملابسٍ سودٍ تجلببَ مـثـلـهـنَّ الدينُ (1)
ومنها:
تركوا الحياة بـ (كربلاءَ) وأرخصوا تلكَ النفوسَ وسومهنَّ ثمينُ
وحـمـوا خـدوراً بـالـسـيـوفِ وبـالقنا فـيـهـا ودائـعُ أحـمدٍ والدينِ
لمْ أنـسـهـنَّ إذ الـعـدا هـتـكتْ ضحىً منها الخبا وكـفـيلهنَّ طعينُ
الشاعر
السيد هاشم بن حمد بن محمد حسن بن عيسى بن كامل بن منصور بن كمال الدين الحسيني الحلّي (2)، بن منصور بن زوبع بن منصور بن كمال بن محمد بن منصور بن أحمد بن نجم بن منصور بن شكر بن الحسن الأسمر ابن النقيب شمس الدين أحمد بن علي بن محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (3)
عالم وشاعر كبير وهو الأخ الأكبر للشاعر الكبير السيد جعفر الحلي، ، ولد في قرية السادة بالحلة من أسرة علوية شريفة عُرفت بآل كمال الدين بن منصور وهو جد الأسرة الكمالية المنتشرة في الحلة وضواحيها والنجف والكوفة والهندية وبغداد والعزيزية وهو الجد السادس للسيد هاشم الحلي (4)
كان أبوه السيد حمد من تلامذة السيد مهدي القزويني (5) وكان معروفاً بالفضل والعلم والتقوى فنشأ ولده محباً للعلم والأدب، فدرس في الحلة على يد السيد محمد صالح القزويني، ثم هاجر مع أخيه السيد جعفر إلى مدينة العلم النجف الأشرف ودرس فيها الفقه والأصول على يد أعلامها، ثم انتقل إلى الكوفة بعد وفاة أخيه، فكان من علمائها الأعلام وفضلائها الكرام الذين يرجع الناس إليهم في المسائل الشرعية وأحد أئمة الجماعة فيها وبقي في الكوفة حتى وفاته ودفن في النجف الأشرف (6)
قال السيد محسن الأمين: (كان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً له منظومات في الفقه والكلام رأيناها بخطه عند ولده الفاضل السيد محمد في الكوفة سنة 1352 منها المنظومة المسماة بمخلاة الزاد وذخيرة المعاد ومختصرها المسمى ببغية المرتاد في رياض ذخيرة المعاد..) (7)
وجاء في موسوعة طبقات الفقهاء: (وقد وضع عدة مؤلفات، منها: منظومة في أحكام الأموات، منظومة في الفقه سمّاها مخلاة الزاد وذخيرة المعاد تقع في أكثر من ثلاثة آلاف بيت، منظومة بغية المرتاد في رياض ذخيرة المعاد في اختصار المنظومة السابقة، رسالة في أحكام الطهارة، منظومة الشهاب الثاقب والشواظ اللاهب في الإمامة) (8)
وقال السيد جواد شبر: (جاء مع أخيه إلى النجف لاستكمال الفضيلة ، فدرس على جماعة من علماء عصره علمي الفقه والأصول، ولما توفي أخوه السيد جعفر سنة 1315 هـ . انتقل بعده بسنتين إلى الكوفة حوالي سنة 1318 هـ . فكان أحد أفاضلها الذين يرجع اليهم في المسائل الشرعية وأحد أئمة الجماعة بها في مسجد قريب من داره يعرف بمسجد النجارين، وكان وقوراً حسن الطلعة بهي المنظر مهيباً في مجلسه وحديثه... له أراجيز ومنظومات عديدة في الفقه كالطهارة وأحكام الأموات وغير ذلك ذكرها الشيخ آغا بزرك في (الذريعة) وقد جمع ديوان أخيه السيد جعفر المطبوع في صيدا ـ لبنان سنة ١٣٣١ ه. ورثاه بقصيدتين....) (9)
شعره
قال الخاقاني: (وقد اقتصر في نظمه للشعر على رثاء الأئمة عليهم السلام، ومدائحهم وفي المناسبات التي تحصل لأحد أرحامه ــ آل كمال الدين ــ وقد كثرت مراسلاته مع إخوانه وخاصة السيد جعفر وله فيه مدائح كفلها ديوانه وقد أجابه عليها غير أنه كان لا يعنى بجمعها وحفظها) (10)
أما أدبه فقد كان من الطراز العالي. (11)
قال من قصيدته الحسينية:
الـمـرءُ يـحـسـبُ أنــه مـــأمــــونُ والـمـوتُ حـقٌّ والـفـــنـاءُ يقينُ
لا تـأمـنِ الـدنـيـا فــإنَّ غـــرورَها خدعَ الأوائلَ والزمــانُ خؤونُ
ما مـرَّ آنٌ مـن زمـــانِــكَ لـحـظـةٌ إلّا وعـمـرُكَ بـالـفـنــا مرهونُ
وإذا غُــمـرتَ بـنـعـمـةٍ وبـــلــــذّةٍ لا تـنـسَ أنَـكَ حـادثـــاً ستكونُ
وإذا بـكـيـتَ عـلـى فـراقِ أحــبــةٍ فـلـتـبـكِ نـفـسَكَ أيُّـهـا المسكينُ
لا بـدَّ مِـن يـومٍ تـفـارقُ مـعـشــراً كـنـتَ الـوجـيـهُ لـديهـمُ وتهونُ
والـنـاسُ مـنـهـم شامتٌ لم يكترثْ فـيـمـا دهـاكَ ومـنـهـمُ محزونُ
وتـرى مـن الـهـولِ الـذي لأقــلّـه تذري الدموعَ محاجـرٌ وعيونُ
فـكـأنّـه الـيـومَ الـذي فـي (كربلا) يـومٌ بـه طـاها الـنــبــيُّ حزينُ
يـومٌ بـه الـسـبـعُ الـطـباقُ لـعظمِه قد دكّـهـا بـعـد الـحراكِ سكونُ
وتـجلببتْ شمسُ الضحى بملابسٍ سودٍ تجلببَ مـثـلـهــنَّ الـــديـنُ
يـومٌ بـه فـردُ الــزمـانِ قد اغتدى فـرداً ولـيـسَ لـه هــــناكَ مُعينُ
ما بـيـن أعــداءٍ عــلـيــه تجمَّعتْ مـنها الجوانحُ ملـؤهـنَّ ضغونُ
طـمـعَ الـعـدوُّ بــأن يـسالمَ مُذعناً فـأبـى الـوفاءُ وسـيفُه الـمسنونُ
وسـطـا يـفـرِّقُ جـمـعَـهـم بـمـهندٍ فيه الرؤوسُ عـن الجسومِ تبينُ
ظـمـآنَ يُـمـنـعُ جـرعةً من مائها والـماءُ لـلوحشِ السروبِ معينُ
حفَّتْ به أسْدُ الـعـرينِ وما سوى سمرِ العواسلِ والسيوفِ عرينُ
ضـعـفـوا عديداً والعدا أضعافهم وبدوا جسوماً والقلوبُ حصونُ
تركوا الحياة بكربلاءَ وأرخصوا تـلـكَ الـنـفـوسَ وسومـهنَّ ثمينُ
وحموا خدوراً بالـسيوفِ وبـالقنا فـيـهـا ودائـعُ أحـمـــدٍ والــديـنُ
لمْ أنسهـنَّ إذ العدا هتكتْ ضحىً مــنـهـا الـخـبا وكـفـيلهنَّ طعينُ
حـسـرى تـجـاذبُها الطغاةُ مقانعاً مِـن تـحتِها سرُّ العفافِ مصونُ
وتـعـجُّ تـنـدبُ نـدبَـهـا وحـمــيَّها والـجسمُ منه في الصعيدِ رهينُ
من لـلـنـسـاءِ الـحـائـراتِ بمهمهٍ لـم تـدرِ مـوئـلـهـا وأيـنَ تـكـونُ
مـاذا تـقـولُ ذا سُــبـيـنـا حُـسَّـراً ويـسـيـرُ فـيـنـا شـامتٌ وخؤونُ
وأجـلُّ شــيءٍ حـلَّ بـعــد سبائِها مِـن أجـلِـه سـيـرُ الـجبالِ يهونُ
شتمُ الوصيِّ على المنابرِ جهرةً وخـطـيـبُـهـا بـيـن الأنــامِ لـعينُ
وابـن الــحـسـيـنِ مـكـبَّلٌ بقيودِهِ ويـزيـدُ فـي سـلـطـانِـهِ مـفـتـونُ
يـرنـو إلـيـه ولـلـنـسـا مُـتـرنِّـماً قُـضـيـتْ حـقـوقٌ بـيـنـنا وديونُ
..............................................................
1 ــ شعراء الغري ج 12 ص 421 ــ 422 / أدب الطف ج 9 ص 57 ــ 58
2 ــ شعراء الغري ج 12 ص 413
3 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 180 في ترجمة أخيه السيد جعفر الحلي / مقدمة ديوان السيد جعفر الحلي سحر بابل وسجع البلابل ــ مطبعة العرفان / صيدا تقديم السيد هاشم الحلي 1331 هـ ص 19
4 ــ شعراء الغري ج 12 ص 413
5 ــ أدب الطف ج 8 ص 102
6 ــ شعراء الغري ج 12 ص 414 ــ 416
7 ــ أعيان الشيعة ج ١٠ ص ٢٤٨
8 ــ اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق (ع) ج 14 ص 890
9 ــ أدب الطف ج 9 ص 58
10 ــ شعراء الغري ج 12 ص 414
11 ــ موسوعة طبقات الفقهاء ج 14 ص 890
كما ترجم له
الشيخ محمد علي اليعقوبي / البابليات ج 3 ص 66 ــ 67
الشيخ محمد حرز الدين / معارف الرجال ج 3 ص 272
الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب في النجف ص 379
الدكتور سعد الحداد / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 321
كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 3 ص 434
اترك تعليق