محمد حسن أبو المحاسن: (1293 ــ 1344 هـ / 1876 ــ 1926 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (21) بيتاً:
تبكيهمُ مقلتي العبرى ولو سعدتْ بكتْ مصابَ الاولى في (كربلا) فقدوا
مصالتٌ كـسـيـوفِ الـهندِ مرهفةٌ فـرنـدُهــا كــرمُ الأحــسـابِ والــصِّــيدُ
الــمـرتـقـيـنَ مـن الــعلياءِ منزلةً شـمَّــاءَ لا يــرتـقـيـهـا بــالــمُــنــى أحدُ (1)
وقال من قصيدة تبلغ (30) بيتاً:
يا مـدركـاً شأوَ علاً وسـؤددِ يـفـوتُ سـبـقَ الطالبينَ أمدَه
طوبى لأهلِ (كربلا) فـإنّـهمْ فازوا بجحجاحٍ كريمٍ محتدَه
جلوتَ إذ جريتَ ماءَ نهرِهم همومَهم فليـشكرنْ من يَرِدَه (2)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (68) بيتاً:
وقد نازلوا الكربَ الشديدَ بـ (كربلا) وكلٌّ بحدِّ السيفِ للكربِ كاشفُ
فــدارتْ بــأبــنــاءِ الــنــبــيِّ مــحمدٍ عـصائبُ أبناءِ الطليقِ الزعانفُ
وما اجــتــمـعـتْ إلا لــتـطــفِئ عنوةً مـصابيحَ نورِ اللهِ تلكَ الطوائفُ (3)
وقال:
وقــائــلٌ مـــا بـــالُ آلِ الــهـدى في (كربلا) قتلى لآلِ الطليقْ
من الــذي أسَّــسَ فــي ظــلمِـهم وقــتـلـهـم هـذا الـبـناءَ الوثيقْ
ومن ترى قد غصبَ المرتضى حـقـاً بـه كـان جـديـراً حـقـيقْ
قـلـتُ لـه هــذا حــديـــث مضى لكن مـــضاءَ المشرفيَّ الذليقْ
فـخُــذ جــديــداً مــن رزايــاهــمُ إن الـذي تــــسـألُ عنه عتيقْ (4)
قال من قصيدة في رثاء أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (91) بيتاً:
سومـوها كتائباً ولحربِ الـ ـمصطفى كـانَ ذلـكَ التسويمُ
وانتضوها صوارماً بشباها قد أصيبَ الحسينُ وهو فطيمُ
أقصدته بـ (كربلاءَ) سـهـامٌ راشـهـا بـالحجازِ رامٍ غشومُ (5)
الشاعر
الشيخ محمد حسن بن حمادي بن محسن بن سلطان آل قاطع الجناجي الحائري، شاعر وأديب وسياسي وزعيم وطني من رجال ثورة العشرين وشعرائها، ولد في كربلاء من أسرة عربية تعرف بآل محسن المتفرعة من آل علي التي كانت تسكن قرية جناجيا شرق كربلاء ويعود نسبها إلى مالك الأشتر (رضوان الله عليه) ثم استوطنت كربلاء في أواخر القرن الثالث عشر الهجري وصاهرت السادة آل نصر الله.
درس أبو المحاسن الفقه والأصول والأدب والتفسير عند علماء وأدباء كربلاء منهم السيد محمد حسين المرعشي الشهرستاني، والشيخ كاظم الهر، ولمّا اندلعت الثورة العراقية الكبرى (العشرين) كان أحد أقطاب الجهاد والنضال فيها وكان موضع ثقة عند قائدها الميرزا محمد تقي الشيرازي فعُيِّنَ نائباً عن كربلاء من قبل مجلس الثورة، وبعد قمع الثورة كان أحد السبعة عشر شخصاً المطلوبين للمحاكمة من قبل الاحتلال البريطاني فسُجِن وعُذّب لأسابيع في الحلة، وبعد تأسيس الحكم الوطني في العراق عيّن أبو المحاسن وزيراً للمعارف في وزارة جعفر العسكري.
توفي في قضاء الهندية (طويريج) وحمل نعشه إلى النجف الأشرف ودفن في الصحن الحيدري الشريف قرب مقبرة العلامة السيد محمد سعيد الحبوبي. (6)
قال عنه السيد جواد شبر: (يمتاز بالذكاء المفرط وسرعة البديهة كما كان بهي الطلعة جميل المحيَّا نقي المظهر متَّسماً بالوقار جميل المعاشرة غير متصنع في بشاشته وهو أحد أبطال الثورة العراقية الكبرى ...) (7)
وقال عنه الشيخ محمد السماوي: (أديب شاعر، وكاتب ناثر، له شعر يروق ويروع، ونثر يضيء ويضيع، اجتمعت به وحاضرته، فرأيت منه أديباً حلو المفاكهة، لطيف المحاضرة، وشاعراً حسن البديهة، سيال القريحة، وشعره رقيق اللفظ، حلو الإنسجام، بديع التركيب ...) (8)
وقال عنه روفائيل بطي: (شريف النفس، سامي الهمة، يحلي أخلاقه الاتضاع وتزينها الدماثة، مع الشمم والإباء، واشتُهر بالصدق والوفاء والثبات على المبادئ القديمة مهما كلفه الأمر، فقد خاطر بنفسه غير مرة، فلم يَحْنِ هامته، وله في الثورة التي حدثت سنة ١٩٢٠م يد محمودة، وكان المرحوم آية الله الشيخ محمد تقي الشيرازي طاب ثراه، يثني عليه ويثق به، وقد تعين في تلك الثورة مندوبًا عن كربلاء المشرفة، ثم عينه الميرزا قدس سره رئيساً للمجلس الملي والحكومة المؤقتة في كربلاء يومذاك فدبّر أحسن تدبير وظهرت مقدرته) (9)
وقال عنه السيد سليمان هادي آل طعمة: (كان قمة شامخة في سماء الشعر العربي...) (10)
غلب على شعر أبي المحاسن الطابع الديني والوطني ودافع فيه عن مفاهيم الإسلام الحقة وقضايا الأمة فوثق فيه حقبة مهمة من تاريخ العراق السياسي والاجتماعي والفكري
شعره
قال من قصيدته الدالية التي قدمناها وتبلغ (21) بيتاً:
سادوا قريشاً ولولاهمْ لما افترعتْ طودُ الفخارِ ولولا الروحُ ما الجسدُ
تـخـالُ تحتَ عجاجِ الخيلِ أوجههمْ كـواكـبـاً فـي دجـى الـظـلـمـاءِ تتّقدُ
يـمـشـونَ خـطراً ولا يثنيهمُ خطرٌ عـن قـصـدِهـم وأنـابـيـبُ القنا قصدُ
وافى بها الأسـدُ الـغـضبانُ يقدمها أسْـداً فـرائـسـهـا يـومَ الـوغـى أسُـدُ
كأنّ مرهفَه والــضــربُ يـــوقــدُه شـمسُ الـهجيرِ وأرواحُ العِدى بردُ
كـأنّـمـا رقـمـتْ آيُ الـســجـودِ بـه فـكـلّـمـا اسـتـلّـه مـن غـمـدِه سجدوا
فحـاولتْ عبدُ شـمـسٍ أن يدينَ لها قـومٌ لـهـا ابـنُ رسـولِ اللهِ مــنــتـقـدُ
حتى إذا جالتِ الخيلانِ صاحَ بهمْ ضـربٌ يـطـيـشُ بـه الـمقدامةُ النجدُ
فأحـجموا حيث لا وردٌ ولا صدرٌ والـسـمـهـريـةُ فـي أحـشـائِـهـمْ تـردُ
يـا عـيـنُ لا تـعـطـشي خدّي فأنهمُ قـضـوا عـطاشـا وماءُ النهرِ مطّرِدُ
وقال من قصيدته الفائية التي قدمناها وتبلغ (68) بيتاً:
وقـفـتُ بـه والـدمـعُ يـجـري كـأنــنـي وإن جلَّ رزءُ الطـفِّ بالـطـفِّ واقفُ
عـلـى مـربـعٍ روَّتْ دمـاءُ بني الـهدى ثـراهُ ولـم تـروِ الـقـلــوبَ الـلـواهـفُ
فـكـمْ غُـيِّـبـتْ فـيـه نـجـومـاً وحُـجِّبتْ بـدورُ عُـلاً فـيـهـا المنـايا الخـواسـفُ
إلى الطفِّ مِن أرضِ الحجازِ تطلّعتْ ثـنـايـا الـمـنـايـا مـا ثـنتـها الـمـخاوفُ
تـرحّـلَ أمـنُ الـخـائـفـيـن عن الـحمى مـخـافـــةً أن لا يـأمـنَ الـبـيتَ خائفُ
وقـد كـان شـمـسـاً والـحـجـازُ بـنورِهِ مـضـــيءٌ فـأمـسى بعدَه وهـوَ كاسفُ
وصـوّحَ بـعـد الـغـيـثِ نـبـتُ رياضِهِ وقـلّــــصَ ظـلٌّ بـالـــمـــكــارمِ وارفُ
قد اسـتـصـرخـتـه بـالـعـراقِ عصابةٌ تـحـكّـمَ فـيـهـا جـائـرُ الحكمِ عـــاسـفُ
فـأنـجـدهـمْ غـوثُ الـلهيفِ وشيمةٌ الـ ـكـريـمِ إذا داعٍ دعـــاهُ يــســـاعــــــفُ
سرى والـمـنـايـا تـسـتـحـثُّ ركــابَــه إلــى مـوقـفٍ تُـنـسـى لديهِ الـــمـواقفُ
تـحـفُّ بـهِ الـخـيـلُ الـكـرامُ وفــوقُـها مـن الـهـاشـمـيـينَ الكرامِ الـغـــطارفُ
بـنـو مـطـعـمـي طيرَ السماءِ سيوفُهم لـهـنَّ مـقاري في الــوغى ومضــائفُ
إذا اعتقلوا سـمـرَ الـرمـاحِ تـضـيّفتْ يـعـاسـيـبُـهـا الـعـقــبـانُ فهيَ عـواكفُ
بهمْ عُرفَ المعروفُ والبأسُ والندى وفاضتْ على الـمـسـترفدينَ العـوارفُ
وقـد نـازلـوا الـكـربَ الـشديدَ بكربلا وكـلٌّ بـحـدِّ الـسـيـفِ للكربِ كـاشـــفُ
فـدارتْ بــأبــنــاءِ الــنــبـــيِّ مـحـمدٍ عـصـائـبُ أبـنـاءِ الـطـليقِ الزعــــانفُ
وما اجـتـمـعـتْ إلّا لـتـطـفـئَ عـنــوةً مـصـابـيـحَ نـورِ اللهِ تـلـكَ الـــطـوائفُ
ومـا كـانَ كـتـبُ الــقــومِ إلّا كـتـائـباً تـمـجُّ دمـاً فـيـهـا الـقـنـيُّ الـــــرواعفُ
وقـد أخـذَ الـمـيـثـاقَ مـنـهـمْ فما وفى أخــــو مـوثـقٍ مـنـهـمْ ولا بـرَّ حـالـفُ
أبى اللهُ والـنـفـسُ الأبـيَّـةُ ضــيـمَــــه فـمـاتَ كـريـمـاً وهـو للضيـمِ عــائـفُ
ونـفـسُ عـلـيٍّ بـيـنَ جــنــبـي سـلـيلِهِ فللّهِ هــاتــيــكَ الــنـفـوسُ الـشــرائــفُ
ورامـوا عـلـى حـكـمِ الـدّعـيِّ نـزولَه فـقـالَ عـلـى حـكمِ الــنـزالِ التنـاصفُ
نـفـوسٌ أبــتْ إلا نــفــائـــسَ مــفـخرٍ إلـيـهـا انـتـهـى مـجـدٌ تـليدٌ وطـــارفُ
بـنـفـسـيَ مـن أحــيــا شــريــعةَ جدِّهِ على حينِ قد كادتْ تمـوتُ العــواطـفُ
أبـوهُ الـذي قـد شـيَّـدَ الـديـنَ ســيــفُـه وهـذا ابـنُـه والـشـبـلُ لـلــيـثِ واصفُ
أمـيـرُ الـمـنـايـا ذو الــفــقــارِ بـكـفِّـه إذا ما قضى أمراً فـلـيـسـتْ تـخـــالـفُ
ويـجـري بـه بـحرٌ وفي الكفِّ جدولٌ تـمـرُّ عـلـى مـن ذاقَ منه الـمــراشـفُ
طوى بصـفـيـحِ الـهندِ نشرَ جموعِهم كما طُويتْ بالراحـتـيـنِ الـصـحــائــفُ
وفـلَّ الـبـغـاةَ الــمـــارديــــنَ كـــأنّـه ســلـيـمـانُ لـــكـــنَّ الــمـهـنّـدَ آصـــفُ
يـكـرُّ عـلـى جـمـعِ العدى وهوَ بينهمْ فــريــدٌ فـتـرفضَّ الجموعُ الــزواحـفُ
جـنـاحـهـمُ مـن خـيـفـةِ الصقرِ خافقٌ وقـلـبـهـمُ مـن سـطـوةِ الـلـيـثِ راجـفُ
يـفـلُّ قـراع الـــدارعــيـــنَ حــسـامُه فـيـحـمـلُ فـيـهـمْ وهـوَ بالعزمِ ســائـفُ
وقائمُه ما بـارحَ الــكــفَّ في الوغى إلـى أن خبا برقٌ من الـسيفِ خــاطـفُ
صريـعـاً يـفـدّى بـالـنـفـوسِ وسـيـفُه كـسـيـرٌ تـفـدِّيـهِ الـسيــوفُ الـرهــائـفُ
قضى عطشاً دونَ الفراتِ فلا جرى بـوردٍ ولا بــلَّ الـجـوى مـنـه راشـــفُ
وظـمـأنَ لـكــنْ مــن نــجـيـعِ فـؤادِهِ تُـروّى الـمـواضـي والرمــاحُ الـدوالفُ
ومـرتـضـعٌ بـالـسـهمِ أضحى فطامُه فـذاقَ حِـمـامَ الـمـوتِ والـقلبُ لاهــــفُ
اتى ابـنُ رسـولِ اللهِ مـسـتـسـقـيـاً له فـمـا عـطـفـتْ يـومـاً عليه الــعــواطفُ
فأهوتْ عـلـى الـجـيدِ المخضَّبِ أمُّه تـقـبِّـلـه والـطـرفُ بـالـدمـــــعِ واكـــفُ
جـعـلـتـكَ لـي يـا مُـنيةَ النفسِ زهرةً ولـمْ أدرِ أنّ الـسـهـمَ لـلـــــزهـرِ قاطفُ
فللّهِ مــقــدامٌ عـلـى الـهـولِ مــا لــه سوى المرهفِ الماضي عضيدٌ محالفُ
إذا اشـتـدَّ ركـبٌ زادَ بـشـراً وبـهجةً كـأنَّ الــمــنـايــا بـالأمــانــي تـســاعفُ
فـلا هـوَ مـن خـطـبٍ يـلاقـيـهِ ناكِلٌ ولا هـو فـيـما قـد مـضـى مـنـه آســـفُ
وأعـظـمُ مـا قـاسـى خـدورَ عـقـائلٍ بـهـا لـم يـطـفْ غـيـرُ الـمـلائـكِ طائفُ
وعـزَّ عـلـيـهِ أن تـهـاجــمُـها العدى وهـنَّ بـحـامـي خــدرهــنّ هــــواتــــفُ
يـنـوءُ لـيـحـمـي الـفـاطـمياتِ جهدَه فـيـكـبـو بـه ضـعـفُ القوى المتضاعفُ
لأنْ عـادَ مـسـلـوبَ الـثـيابِ مجرَّداً فـلـلـحـمـدِ أبــرادٌ لــــه ومـــطـــــــارفُ
وفـي الـسـبـيِّ مـن آلِ الـنـبيِّ كرائمٌ نـمـتـهـا إلـى الـمـجـدِ الأثـيـلِ الـخلائفُ
يُـسـارُ بـهـا مـن مـنـهـلٍ بـعد منهلٍ وتـطـوى عـلـى الأكـوارِ فـيـهـا التنائفُ
ولـيـسَ لـهـا مـن رهـطِـها وحماتِها لـدى الـسـيـرِ إلّا نـاحـلُ الـجـسـمِ ناحفُ
تـمـثـلـهـا الـعـيـنُ الــمـنـيـرةُ للعدى ويـسـتـرهـا جـفـنٌ مـن الـلـيـلِ واطـــفُ
وهـنَّ بــشــجــوٍّ لــلــدمــوعِ نـواثرٌ وهـنَّ بــنــدبٍ لــلــفــريــدِ رواصـــــفُ
هـواتـفُ يـبـكـيـنَ الحسينَ إذا بكتْ هديـلاً حــمـامـاتُ الــغــصــونِ هـواتفُ
وفـوقَ الـقـنا تزهو الـرؤوسُ كأنّها أزاهـيـرُ لــكـنَّ الــرمــاحُ الــقــواطـــفُ
وما حُملتْ فـوقَ الـرمـاحِ رؤوسُهم ولـكـنّـمـا فـوقَ الـرمـاحِ الــمـصـاحــفُ
وقال من قصيدته التي قدمناها في أهل البيت (عليهم السلام) وتبلغ (92) بيتاً:
واستمرتْ على الوصيِّ خطوبٌ ورزايا يـطـيـشُ مـنـها الحليمُ
يـومَ جـاءتْ إلــى الـقـبـيـلةِ تشتـ ـدُ رجــالٌ كـانتْ علـيها تحومُ
نـقـضـتْ بــعةَ الهدى واستجدَّتْ بــيــعــةً كلـها ضـلالٌ وشـومُ
وردوا مـنـهـلَ الـغـوايـةِ طـرقــاً وغـديـرُ الـرشادِ عـذبٌ جمومُ
أعلى العجلِ يـعـكـفـونَ وفـيـهــمْ أسـدُ اللهِ والـعـمـادُ الـــقــويـــمُ
عُـمـيـتْ أعـيـنٌ تــســاوى لـديها فلقُ الصبحِ والـظـلامُ الـبـهـيمُ
من سـمـا لـلـمـنـونِ فـي يومِ بدرٍ يومَ صالتْ أبـطـالها والقـرومُ
وبـأحـدٍ مـن ردَّ بـأسَ عـداهـــــا ثـابـتُ الـجـأشِ مقدماً لا يـخيمُ
وبـيـومِ الأحـزابِ إذ عـظمَ الأمـ ـرُ وراعَ الإسلامَ خطبٌ جسيمُ
وسـطـا فـارسُ الـكـتـيـبـةِ يـخـتـا لُ بـهِ مـشـرفٌ أن اقبلْ عظيمُ
مـن جـلا كـربَـهـا وجـلّـى دجاها وبمنْ فُلَّ جـيـشُـهـا الـمـهـزومُ
غـيـرَ مـولاهـمُ ومَـــنْ بــعــــلاهُ صـدعَ الـذكـرُ والكتابُ الحكيمُ
عـدلـوا بـالـدنـيِّ فــرعــاً شـريفاً وشـجـتْ بـالـنـبـيِّ فـيهِ الأرومُ
أفـهـلْ يـسـتـوي وهـيـهــاتَ غاوٍ ورشــيــدٌ وجــاهــلٌ وعــلـيــمُ
لـم يـرشـحـهـمْ لــعـلـيــاءِ فـضـلٍ فـيـسـودوا ولا نــجــارٌ صميمُ
وأتـتـهـمْ عـقـيـلـةُ الوحـي حـرّى قد بـرتـهـا أحـزانُـهـا والـهمومُ
أفـرغـتْ عـن لـسـانِ أحـمدَ فيهمْ حـجـجـاً كـانَ حـقّــهـا الـتـسليمُ
فـرمـوا حـقّـهـا الـصـريـحَ بـأفكٍ زخـرفـوهُ والأفكُ مرعىً وخيمُ
لا عـدتْ خـطـة الـهـوانِ رجــالٌ لـيـسَ فـي جـمعِها الغفيرِ كريمُ
غـصـبـوا إرثَـهـا وعــدوهُ غـنـماً وهـوَ الـغـرمُ والإلــهُ الـغـريــمُ
بـيـتُ أحـزانِــهـا مـشـيـدٌ ولــكـنْ صـبـرُهـا واهـنُ الـقوى مهدومُ
وقـسـتْ مـنـهـمُ الـقـلـوبُ عـلـيها وأبـوهـا الـبـرُّ الرؤوفُ الرحيمُ
جـاءهـمْ مـعـدمـي ثـراءٍ حـيارى فـاهـتـدى حـائـرٌ وأثـرى عـديمُ
فـاضَ إحـسـانُـهـم عـلـيهمْ سجالاً وسـقـتـهـمْ مـن راحـتـيهِ الغيومُ
فـغـدا عـيـشـهـمْ حـمـيــداً ولـكـنْ عـهـدهـمْ فـي بـنـي الـنبيِّ ذميمُ
سـيـذوقـونَ مـا جـنــوهُ وشـيـكــاً يـومَ يـغـدو الشفيعُ وهوَ خصيمُ
سـومـوها كـتـائـبـاً ولــحـربِ الـ ـمـصـطـفـى كـانَ ذلـكَ التسويمُ
ومنها في الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):
واذكرِ الـمجتبى حبيبَ رسولِ الله فهوَ المصـبَّـرُ الـمظلومُ
قـابـلـوا عظـمَ حـلـمِــهِ بــسـناهُ ومِن الحلمِ قد يُـضامُ الحليمُ
أعلى ابنِ البتولِ يغدو ابن هندٍ حـاكماً وهوَ بالخنا موصومُ
يـا لـهـا مـن رزيَّـةٍ غشي الدنـ ـيا مطلّاً سحابُها الـمـركـومُ
ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
وإذا ما بـكـيـتَ فـابـكِ شـهيدَ الـ ـطفِّ إنَّ الـمـصـابَ فيـهِ عظيمُ
مـا جـنـتْ مـثله الليالي ولـمْ يسـ ـمَ إلـى شــأوِ مـثـلِه الــمـحـتـومُ
فإذا حاولَ الأسـى ذو الــتـأسـيْ لـمْ يـجـدْ من عــزائِــهِ مـا يرومُ
قـمـرٌ خـرَّ من سماءِ الــمـعـالـي فـتـهـاوتْ حـزنــاً علـيهِ النجومُ
وبكاهُ الـكـلـيـمُ مـوســى وقـاسى فـيـه نـارَ الأحـزانِ إبـــراهــيـمُ
لهفَ نـفـسي على الحسينِ لهيفاً ظــامــي الـقـلبِ والفـراتُ جميمُ
مـنـــعــوهُ عـذبـاً وسـامـوهُ مـرَّاً فــأبــى والإبــاءُ في الشهمِ خيمُ
كيفَ يرضى وسمَ الهوانِ سريٌّ بـالــمـعـالـي جـبـيـنُــه مـوسـومُ
فـسـطـا يـحـطـمُ الـرماحَ مشيحاً أسـدٌ غـيـلـه الـقـنـا الـمـحـطــومُ
خائضاً غمرةَ الوغى فيه طرفٌ يـمـلـكُ الـطـرفَ رائـعٌ لَـهـمـومُ
مـرحٌ يـسـبـكـرُ فـي الـسـلمِ تيهاً مـثـلـمـا غـازلَ الـريـاضَ نـسيمُ
وبـيـومِ الـرهـانِ تـطـلــعُ مـنــه غــرَّةٌ صـحـنُ خــدِّهـا مـلــثـــومُ
مـسـتـسـلاً مـن غمدِهِ نجمَ حتفٍ لـلـفـنـا فـي طـلـوعِــهِ تـقـويــــمُ
شـامَـه كـالومـيضِ عضباً ولكنْ من سناهُ سوى الردى لم يشيموا
عارضٌ يـمـطـرٌ الـكـمـاةَ فـيغدو منه روضُ الأعمارِ وهوَ هـشيمُ
لـمـسـاعـي عـمـيـدِه شــاكــراتٍ فـي مـجـالِ الـفـرنـدِ تلكَ الـرقومُ
ثلَّ عرشَ الوغى وشادَ بـنـاءَ الـ ـمـجـدِ لـكـنْ حـــدُّه مــثــلـــــــومُ
قـامـتِ الـحـربُ فـارتماها ببأسٍ يـقـعـدُ الـشـوسَ هــولَــه ويـقـيـمُ
بـاسـلٌ بـأسُــه يـخـصُّ الأعـادي ونــداهُ بــيــن الأنـــامِ عــمــيـــمُ
في مـحـيـاهُ جـنَّــةُ الـبـشـرِ لـكنْ بـشـبـا سـيـفِــهِ تـشـبُّ الـجـحـيــمُ
وعـلـى الـمـوتِ عـاقـدتـه رجالٌ قـد زكتْ في الفخارِ منها الأرومُ
ووقـوهُ حـدَّ الــسـيــوفِ وفـازوا بـرغـيـدِ الـجـنـانِ حـيـث الـنـعيمُ
وشـذا ذكـرهـمْ بـكـــلِّ نـــــــديٍّ عــطـرَ الـكائـنـاتِ مـنـه الـشـميمُ
نـثـروا فـي الـصـعـيدِ كلَّ سريٍّ جـوهـرُ الـحـمـدِ فـي عـلاهُ نظيمُ
وسـلـيـبٍ مـن الـسـهـامِ تـــردّى وشـيُ هـيـجـاءَ زانَـه الـتـسـهـيــمُ
يـا رسـولَ الـمـلـيـكِ هذا حسينٌ سـبـطـكَ الـطـاهرُ الصفيُّ الكريمُ
بـيـنَ شـوكِ الـقـنـا يـشـكُّ حشاهُ وهـوَ ريـحـانُ روضِـكَ الـمشمومُ
لم يــزلْ صـابـراً يـجـاهـدُ حتى جـاءه سـهـمُ بـغـيِــهـا الـمـسـمـومُ
فهـوى للثرى خضيبَ الـمـحـيَّـا عـافـراً خــدّه الأغــرُّ الــوســـيــمُ
وعـلـى صدرِهِ تجولُ مذاكي الـ ـخـيـلِ مُـرخى عـنـانُـهـا والـشكيمُ
عاديـاتٌ تـرضُّ صــدراً لـديــهِ أودِعَ الـحـلـمُ والــتــقــى والـعـلومُ
أتـطـيـبُ الـنـفوسُ عيشاً وتغدو مـوطـئـاً لـلـجـيـادِ تـلكَ الـجـســومُ
أم يـلـذّ الـزلالُ وِرداً وعـــنـــه ســبـط طـهَ مــحــلأٌ مـــــحــــرومُ
أم تـرى بـعـدمـا تــهـتـكَ جهراً سـتـرُ بـيـتِ الـهـدى يُـصانُ حريمُ
وصـفـايـا الـنبيِّ فــوقَ المطـايا تــتــرامـى بـهـا الـفـلا والــحـزومُ
أبـرزوهـنّ مـن ظــلالِ خـدورٍ حـيـث يــذكـو هـجـيرُها والـسمومُ
يا لـهـا اللهُ لـوعــةً يــومَ سارتْ ظـعَّـنـاً والـحـسـينُ ثــاوٍ مــقــيـــمُ
خـلـفَ الـدمـعُ بـالـجفونِ كراها إذ جــفــاهـا الــرقــادُ والــتـهـويــمُ
قال من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (25) بيتاً:
أشرقتْ منكَ في الوجودِ ذكاءُ فـجـلا حـالــــكَ الـظـلامِ الـضــياءُ
درَّةٌ عـن سـنـائِـهـا قـد تشظّى صــدفُ الـفيضِ فاستضاءَ الــسناءُ
يا إمــامـاً سـمـا مـقـامـاً عـليّاً قـصـرتْ دون شـأوِهِ الـجـــــــوزاءُ
هل نجومُ الـسـماءِ إلّا صفاتٌ لـكَ زيِّـنـتْ بـزهـرهـنَّ الـســــــماءُ
لكَ ذاتٌ قـد أبــدعَ اللهُ فــيــهـا صـنـعَـه وهـوَ صــانـــعٌ ما يشــاءُ
عبقتْ من أريـجِـهـا نـفـحــاتٌ فـاسـتـطـابـتْ بـنشـــرِها الأرجـاءُ
نـفـدَ الـلـفـظُ وانتهى كلُّ معنى ومـعـانـيـكَ مـا لــــهـنَّ انـتــهـــاءُ
أنتَ أسنى علاً وأسـمى محلّاً أن يـدانـي صــــفـاتِــكَ الإطــــراءُ
نـزلـتْ بـالـثـنــاءِ آيــاتُ وحي صــادعٍ فــي عــلاكَ مـنه الـثـناءُ
أنــت فــي نـعـتِـهِ إمامٌ مـبـيـنٌ أحـصـيـتْ فــي بـيـانِـهِ الأشــيــاءُ
ملأ اللهُ صـدرَكَ الـرحبَ علماً ضاقَ عن بعضِ ما حواهُ الفضاءُ
دلَّ مـكـنـونُه على الغيبِ حتى كُـشـفَ الـسـتـرُ دونَــه والـغـطـاءُ
مـن هـداهُ الـسـبـيـلُ كـانَ ولـياً لـكَ يـا مـن ولاؤهُ الاهــــتــــــداءُ
لا يجوزُ الـصـراط إلّا مـحـبٍ مـنـكَ يُـعـطى الجوازُ وهوَ الولاءُ
ولكَ الـكـوثـرُ الـذي منه تسقى شـيـعـةُ الــحـقِّ والـقـلـوبُ ظـماءُ
عصمةُ الـخائفينَ مِن كلِّ هولٍ يـومَ لا عــاصــمٌ ولا شـــفـــعــاءُ
بابُ عـلـمِ الـنبيِّ خيرُ الـبـرايـا أنــتَ وهــوَ الـمـديــنــةُ الــفـيحاءُ
عندكَ الـعـلـمُ وهـوَ عـلمُ كتابٍ سُـخّـرتْ طــوعَ حـكـمِــه الأشياءُ
لم يـكـنْ عند آصفٍ غيرُ جزءٍ مـنـه واسـتـجـمـعـتْ لـكَ الأجزاءُ
يوم وافـى بالعرشِ طرفةَ عينٍ وإذا الــشــامُ عــنــده صــنــعـــاءُ
أنتَ يا صنوَ أحمدٍ منهُ كالضو ءِ مـن الـضـوءِ حــبَّـــذا الأضواءُ
أنـتَ وازرتـه وكـنـتَ أخـــــاهُ يـومَ عــزّتْ وزارةٌ وإخــــــــــــاءُ
كـنـتَ فـي لـيـلـةِ الفراشِ وقاءً حــيــنَ لــمْ يــلـفَ لــلـنـبيِّ وقـــاءُ
ثابتُ الجأشِ طامـنـاً لا تـبـالي وسـيـوفُ الــعــدى إلــيكَ ظــمــاءُ
بـيِّـنٌ فــضــلُــكَ الـجـليُّ ولكن لا تــرى الـشـمـسَ مـقـلـةٌ عـميـاءُ (11)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (25) بيتاً:
عـدمـنـاكَ مــن دهــرٍ خـــؤونٍ لأهــلِـه إذا ما انقضى خطبٌ له راعناً خطبُ
عـلـى أن رزءَ الـنـاسِ يـــخــلـقُ حـقبةً ورزءُ بـنـي طـهَ تـــجــدِّدُه الـحـقــبُ
حـدا لـهـمُ ركـبُ الــفــنـــاءِ إبـــائــهــمْ وسـارَ بـمـغـبـوطِ الـثـنـاءِ لهمْ ركــبُ
لـحـى الله يـا أهـلَ الــعـراقِ صـنـيـعَكم فـقد طـأطـأتْ هـامـاتُها بكمُ الـعــربُ
دعـوتـمْ حـسـيـنـاً لـلــعـراقِ ولــمْ تـزلْ تسـيـرُ إلـيـهِ مـنـكمُ الـرسلُ والـكـتبُ
أن اقـدمْ إلــيـنـا يـا بـنَ بـنـتِ مــحــمـدٍ فــإنّـكَ إن وافــيـتَ يـلـتـئـمُ الـــشـعبُ
فــلــمّــا أتــاكــمْ واثــقــاً بـعـهـودِكـــــمْ إلــيـه إذا مــرعـــى وفــائـكـمُ جـدبُ
فـلـمْ يـحـظَ إلا بـالـقـنــا مــن قــــــراكمُ وضاقَ عـلـيـهِ فـيكمُ المنزلُ الـرحبُ
فـلـمْ أرَ أشــقــى مـنـكـمُ إذ غــدرتــــــمُ بآلِ عـلـيٍّ كـي تــسـودَ بـكـمُ حــربُ
فللّهِ أجــســامٌ مــن الــنــورِ كـــوِّنــــتْ تَحكَّمُ في أعضائِـها الطعنُ والضربُ
فـيـا يـومَ عـاشوراءَ أوقدتَ في الحــشا من الحزنِ نيراناً مدى الدهرِ لا تخبو
وقد كنتَ عـيـداً قـبـل يـجنى بكَ الـــهنا فـعدتَ قذى الأجفانِ يُجنى بكَ الكربُ
قـضى ابنُ رسولِ الله فيكَ على الظــما وقــد نـهــلـتْ مـنـه الـمـهـنَّدةُ القضبُ
وحـفّـتْ بـه سـمـرُ الـقـــنــا فـــــكــأنّــه لدى الحربِ عينٌ والرماحُ لـها هدبُ
فـكـمْ قـد أُريـقـتْ فـيـكَ مِــن آلِ أحـــمدٍ دمـاءٌ لـسـاداتٍ وكـمْ هُـتّـكــتْ حُجبُ
وعبرى أذابَ الشجوُ جامدَ دمــعِـــــهــا تنوحُ ولـلأشـجـانِ فـي قـلـبِــها نـدبُ
إذا عـطـلـتْ أجـيـادُهــا مـن حـــلِّـــــيها تـحـلـتّ بدمعٍ سقطه اللؤلؤُ الــرطـبُ
تعاتبُ صرعى لو يـسـاعـدها الـــــقضا إذاً وثبوا غضبى وعنها الـعـدى ذبوا (12)
وقال من قصيدة في مدح النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (76) بيتاً:
محمدُ المختارٌ والنـــــــورٌ الذي قد أشـــــــــرقَ الكونُ به لمّا زهرْ
مَن اصطفى اللهُ مِن الخلــــقِ له ســـــــرٌ قريشٍ وقريشاً مِن مضرْ
وليلة الميلادِ كانــــــــــــــت آية في الأرضِ والسماءِ جاءتْ بالنُذُرْ
فانصدعَ الإيــــــوانُ فيه وخبتْ نارُ مجوسٍ مِــــــــــن قديمٍ تستعرْ
بحيرةٌ غــــــاضتْ ونارٌ خمدتْ وجاءَ رؤيا المؤبذان بــــــــالخطرْ
أوجـــسَ كسرى خيفةً في نفسِه وصـــــــــرّحَ الكاهنُ عنها بالخبرْ
فانكسرتْ شوكةُ كسـرى عندها كسراً على كــــرِّ الليالي مـا انجبرْ
كأنَّ تاريخَ انقــــــــــضاءِ ملكِه ليلةَ ميلادِ النبيِّ الــــــــــــــــمنتظرْ
فإن تكن ساوةُ غـــــاضَ ماؤها فقد طــــــــمى بحرُ النوالِ وزخـرْ
وإن تكنْ نيرانهم قــــــد خمدتْ فقد تجلّى نــــــــــــورُ حقٍّ وسـفرْ
هدى إلى اللهِ أناساً عكـــــــــفوا على الضلالِ مِن عــــبادةِ الحجرْ
أنقذهمْ مِن ليلِ جــــــــــــــاهليةِ الظلمُ فيها والظلامُ الــــــــــمستمرْ
قد خاصموهُ فحجا خصيــــمهم وحـــــــــــــــاربوهُ وعليهمُ انتصرْ
يحملُ سيفينَ لساناً ناطــــــــــقاً ومرهفاً وفـــــــــــي كليهما الظفرْ
مدّ يداً تســـــــدي الأيادي ويداً تفني الأعــــــــــادي بالمهندِ الذكرْ
كأن ذاكَ السيـــــف في راحتِه والجودُ فيها ومـــــضُ برقٍ ومطرْ
قد بعثَ اللهُ به متـــــــــــــــمِّماً مكارمَ الأخـــــــلاقِ مِن كلِّ البشرْ
أبدعَ حــــــــــسنَ خلقِه وخُلقه والسرُّ في الصنــــعِ البديعِ قد ظهرْ
ما اتّخذَ اللهُ حــــــــــبيباً غيرَه فكيفَ لا يخلقُ أحـــــــــسنَ الصورْ
قـــــــد نزلتْ كنايةً عن حسنه فــــــــــــي يوسفٍ آية ما هذا بشرْ
قد نفـــــدَ المعنى بمدحِ مَن له مِن المـــــــــــزايا كلُّ معنىً مُبتكرْ
صفاتُه غــــــرٌّ ولا حصرَ لها لكنها تـرمي الـــــــــــبليغَ بالحصرْ
كــأنَّ مِن فيضِ نداهُ قد جرى مــــــاءُ الحياةِ فارتوى منه الخضرْ
يحــيي الرميمَ ذكرُه فهوَ الذي قد جـــــاءَ مِن أسرارِه عيسى بسرْ
شُقَّ لــــه البدرُ وسبّحَ الحصا في الكــــــفِّ والعودُ بها عادَ نضرْ
وقال: هذا معجزُ الباري فمَن منكم يبـــــــــاري سورةً مِن السورْ
لو استطـاعوا مثله ما حاربوا وهوَ لهم أيســــــــــــرُ مِن كرٍّ وفرْ
اضحتْ صــناديدُ قريشٍ كلها بينَ طــــــــــــــــــليقٍ وقتيلٍ مُنعفرْ
ذاقوا ببدرٍ منــــــه بأسَ باسلٍ وشاهدوا بالفتـــــــــــحِ عفوَ مُقتدرْ
أيَّده الرحمنُ بابــــــــــنِ عمِّه نِعمَ العضيدِ والنصيـــــــرِ والوزرْ
كــــــــــــــان عليٌّ يدَه وسيفَه يــــــضربُ فيه مَن بغى ومَن كفرْ
أردى قريـــــــشاً وأبادَ خيبراً وهدَّ عـــــــــــمرواً بحسامٍ ذي أثرْ
وردَّ في يومِ حــــنينٍ بالردى هوازناً وغيـــــــــــــــرُه ولّى وفرْ
وقد تجلّى يومَ بـــــــدرٍ سيفُه شمساً بها انجابَ الظـــلامُ وانحسرْ
هل غيرُه مِن أحدٍ فـــــي أحُدٍ حامي على الدينِ وواســى ونصرْ
حتى استقرّ في مزالقِ الوغى ديـــــــنُ هدىً لولا عليٌّ ما استقرْ
يا شارباً غــــــيرَ ولاءِ حيدرٍ كيفَ مِــــن الصفوِّ رضيتَ بالكدرْ
مدحتُ في مــدحِ عليٍّ أحمداً حيث هما نـــــــــــفسٌ بوحي واثرْ
أنظر إلى أخـــــــــــوَّةٍ بينهما فهوَ بديعٌ مِن جنــــــاسٍ ذي خطرْ
يا أيُّها النـــورُ الذي قد جاءنا بالــــــــنورِ مِن آياتِ وحي وسورْ
بــــــالوحي والسنةُ قد هديتنا يــــــــــا هادياً في سُوَرٍ وفي سِيرْ
وخاتــــــــــــماً نبوَّةً قد بدأتْ قبلَ الـــورى والخلقُ في عالمِ ذرْ
كُنْ لي شفيعاً يــومَ لا شفاعة إلا بكمْ فــــــــــــــــكلُّ ذنبٍ يُغتفرْ
صلّى عليكَ اللهُ ما هبّتْ صباً بنشرِ أخلاقِكَ لا نشــــــــرَ الزهرْ
وآلكَ الغرّ الميامــــــين ومَن كآلكَ البيضِ الميامين الــــــــــغُررْ (13)
وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام):
كنتَ على أعداءِ دينِ الهدى سهـمـاً براهُ اللهُ قدماً فراشْ
كـأنَّـمـا سـيـفُـكَ يـومَ الوغى نارٌ تلظى والأعادي فراشْ
وقـيـتَ طـهَ يـومَ أحـدٍ وفـي يـومِ حـنـيـنٍ وبـليلِ الفراشْ (14)
وقال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (17) بيتاً:
وعللْ فـؤادي بـمـدحِ الــوصـي لـيُـروى بـسلسالِه الرَّيِّقِ
تـطـيـبُ الـريـاضُ بــإطــرائِــهِ شــمـيماً ولولاهُ لم تعبقِ
ولـولا مـحـيَّــــاهُ آفـــاقــهـــــــا بشمسِ الهدايةِ لمْ تشرقِ
هوَ الغوثُ والغيثُ يومي وغى وجودٌ لـعـانٍ ومسترزقِ
أبا حــسـنٍ بـكَ عــزَّ الـــهــدى فاصبحَ فـي ذروةِ الأبلقِ
أيـأمـلُ قــومٌ مـــدى ســـابــــقٍ متى يجرِ في حلبةٍ يسبقِ (15)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (56) بيتاً:
دنـيـاً لآلِ رســــــولِ اللهِ ما اتّـــــسـقـتْ أنّـى تـؤمِّـلُـهـا تــصــفــو وتــتــســـقُ
تـلـكَ الـرزيَّــــةُ جــلّـتْ أن يـــــغـالــبَها صبرٌ بـه الـواجـدُ الـمـحـزونُ يـعتلقُ
فـكـلُّ جـفــــنٍ بــمـاءِ الــدمــــعِ مـنغمرٍ وكلُّ قلـبٍ بــنـارِ الـحـزنِ مُـــحـتـرقُ
بها أصـابـــتْ حـشــا الإســلامِ نــافــذةٌ سهـامُ قـومٍ عـن الإســلامِ قــد مــرقوا
واستخلصـــتْ لسليـلِ الوحي خالـصـة من الورى طابَ منها الأصلُ والورقُ
أَصـفـاهــــمُ اللهُ إكـــرامــاً بـنـصـرتِــهِ فــاسـتـيـقنوها وفي نهجِ الهدى استبقوا
مـن يـخــــلــقِ اللهُ لـــلــدنــيــا فــأنـهـمُ لـنــصرةِ الـعــتـرةِ الـهـاديـنَ قـد خُلقوا
كـأنـهــــمْ يـوم طـافــوا مُـحـدِقينَ بـهـمْ مـحــاجرٌ وهــمُ مـا بـيـــنـــهــمْ حــدقُ
رجـــالُ صدقٍ قضـوا في اللهِ نـحبـهــمُ دونَ الـحـسـيـنِ وفـيما عاهدوا صدقوا
وقـــامَ يـومـهـمُ بـالــطـفِّ إذ وقــفــــوا بـيـومِ بــدرٍ وان كـانــوا بــهـا سـبـقـوا
وفـي اولــئــكَ فــي بــــدرٍ نـبــيِّــــهــمُ وهـؤلاءُ بــهــمْ آلَ الــنــبــيِّ وُقـــــــوا
من كلِّ بدرٍ دجـىً يــجـري بـهِ مــرحاً إلـى الــكـفــاحِ كــمــيــتٌ ســابـقٌ أفقُ
يـنـهلُّ فـي السلمِ والـهــيــجــاءِ من يدِهِ وسـيـفُـه الـواكــفـانِ الـجــودُ والـعـلـقُ
تـقـلّـدوا مـرهـفاتِ الــعـزمِ وادّرعـــوا سـوابـغَ الــصبرِ لا يـلـوي بـهـمْ فـرقُ
والصبرُ أثبتَ في يومِ الــوغـى حــلـقاً إذا تـطـايـرَ مـن وقـعِ الـظـبـا الـحــلـقُ
رسـوا كـأنـهـمُ هـضـبٌ بـمــعــتـــركٍ ضـنـكٍ عـواصفُـه بـالـمـوتِ تـخـتـفــقُ
ولابـسـيـنَ ثـيـابَ الـنـــقــعِ ضـافــيـةً كـأنَّ نـقـعَ الـمذاكـي الـوشـي والـسـرقُ
مـستنشقينَ من الـهـيـجاءِ طـيـبَ شـذا كـأنَّ أرضَ الوغـى بـالـمـسـكِ تـنـفـتقُ
عشقُ الحسيــنِ دعاهمْ فاغـتــدى لـهمُ مـرُّ الـمنـيَّـةِ حـلـواً دونَ مَــن عـشـقـوا
جـاءوا الـشــهـادةَ في مـيــقـاتِ ربِّهمُ حـتـى إذا مـا تـجـلّـى نـورُه صــعـــقـوا
ومـا سُـــقوا جـرعةً حتى قضوا ظمأً نـعـمْ بـحـدِّ الـمـواضـي المرهفاتِ سُقوا
عاريـنَ قد نسجتْ مورُ الرياحِ لـهــمْ مـلابـسـاً قـد تـولّـى صـبـغَـهـا الــعـلــقُ
حـاشـا إبـاءهـمُ أن يـؤثـروا جــزعـاً عـلـى الـمـنـيَّـةِ ورداً صـــفــوهُ رنـــــقُ
مـضوا كرامَ الــمــساعي فائزينَ بها مـكـارمـاً مـن شـذاهــا الـمـسـكُ يُنتـشقُ
واغبرَّ من بـعدِهمْ وجهُ الثرى وزها بـبـشـرهـمْ فـي جـنــانِ الـخـلـدِ مُـرتـفـق
هـنـالـكَ اقـتــحمَ الحربَ ابنُ بجدتِها يـطـوي الـصـفـوفَ بـمـاضـيِـهِ ويخترقُ
يـطـاعـنُ الـخـيلَ شزراً والقنا قصدٌ ويـفـلـقُ الـهـامَ ضـرباً والـــظــبــا فــلـقُ
ظمآنَ تنهلُ بــيـضُ الـهـنـدِ من دمِهِ فـيـسـتـهــلُّ لـهـا بــشــراً ويــــعـــتـــنـقُ
دريـئـةً لـســهـامِ الـقـومِ مــهـجـتُـــه كــأنّــه غـرضٌ يُــرمــى ويــرتــشـــــقُ
لو أنَّ بالصخرِ ما قاساهُ من عطشٍ كـادتْ لــه الـصـخـرةُ الـصـمَّـاءُ تـنـفـلقُ
نـفـسـي الـفـداءَ لـشــاكٍ حـرَّ غـلـتِهِ والـمـاءُ يـلـمـعُ مـنـه الــبــاردُ الـــغـــدقُ
مـوزَّعُ الـجـسـمِ روحُ الـقدسِ يندبُه شـجـواً ونـاظــرُه بــالــدمــعِ مُــنــدفـــقُ
والـشـمـسُ طـالـعـةٌ تـبـكـي وغائبةٌ دمـاً بــه شـهـدُ الإشــــراقِ والــــشــفــقُ
تجري على صدرِهِ عدواً خـيـولـهمُ كـأنَّ صــدرَ الــهــدى لــلـخـيـلِ مُـستبقُ
تـبـدو لـه طـلـعـةٌ غــرَّاءُ مـشـرقـةٌ عـلـى الــسـنـانِ وشـيـبٌ بـالـدمـا شــرقُ
فـمـا رأى نـاظـرٌ مـن قـبـلِ طـلعتِهِ بــدراً لــه مــن أنــابـيـبِ الــقــنـــا أفــقُ
وفـي الـسـبـاءِ بـناتُ الوحي سائرةٌ بـهـا الـمـطـيُّ وأدنـــى ســيـرِهـا الـعـنقُ
يـسـتـشـرفُ الـبـلدُ الداني مطالعَها ويــحــشــدُ الــبـلـد الـنـائــي فـيـلـتـحــــقُ
تـزيـدُ نـارُ الـجـوى في قلبِها حرقاً بـمـاءِ دمــعٍ مــن الآمــاقِ يـــنــــدفـــــقُ
فلا تجفَّ بحرِّ الـوجـدِ عـبــرتُــهـا ولا تــبــوخُ بــفــيــضِ الأدمـــعِ الـحرقُ
وسـيـدُ الـخـلـقِ يـشكو ثقلَ جـامعةٍ تـنـوءُ دامـــيــةً مـــن حــمـلِــهـا الـعـنـقُ
تهفو قلوبُ العدى من عظمِ هـيبتِهِ لـكـنـهـمْ بــرواســي حـلـمِــه وثــــقـــــوا
ما غضَّ من بـأسِـهِ سـقمٌ ولا جـدةٌ إنَّ الـشـجـاعـةَ فـي أسْــدِ الـشـرى خُـلُقُ (16)
قال من قصيدة في مدح النبي (صلى الله عليه وآله) تبلغ (108) أبيات:
يا قلبُ هلْ لكَ أنْ يمحو الـضلالَ هدًى بـمدحِ خيرِ البرايــــا ســيِّــدِ الأمــمِ
طـهَ أبـي الـقـاسـمِ الهادي الـبشيرِ رسو لِ اللهِ صـفـوةِ عــبدِ اللهِ ذي الــكرمِ
زاكي النجارِ كـريـمِ الـطـبـعِ مــتّـصفٌ بالجودِ والبأسِ والـعـلـيـاءِ والـعظمِ
الـبـاذخِ الـهـمـمِ ابـنِ الـبـاذخِ الــهممِ ابـ ـنِ الباذخِ الهـمــمِ ابـنِ الباذخِ الهممِ
مُـنـزَّهُ الـذاتِ عــن نـقـصٍ يــلــمُّ بـــهـا قد هـذّبـت واصـطفاها بارئُ النسمِ
عـظـيـمُ خـلـقٍ بـه الـخلقُ اهتدى رشـداً متـمَّــمٌ كــرمِ الأخــلاقِ والــشــيــمِ
سامي المعارجِ مهديِّ الـمـنـاهـجِ قـضَّـ ـاءُ الـحوائجِ غوثُ الناسِ في الأزمِ
ونـورُ قـدسٍ حـبـاهُ الــنـورُ مـن شـرفٍ بالنورِ يهدي سبيلَ الرشدِ كلَّ عمي
إن كـانَ آنـسَ مـوسـى الـنـارَ مــن بُـعدٍ فـالـمـصـطفى آنسَ الأنوارَ من أممِ
إن كان أحيى المسيحُ الـمـيتَ مـعـجـزةً فـذكرُ أحمدَ يـحـيـي بـالــيَ الــرمـمِ
الـنـاطـقُ الـفـصـلِ فـي قـولٍ يُـضـمِّـنـه بـراعــةَ الـبـالـغـيـنَ الــحكمُ والحكمِ
غـيـث الـمـؤمَّـلِ غـوثُ الـمُـسـتجيرِ بهِ هـادي الأنــامِ سـبـيــلُ الواضحِ اللقمِ
فـاقَ الـبـريَّـةَ فـي خَـلْـقٍ وفـي خُـــلُـــقٍ وعـمَّــهـمْ كـرمـاً بــالـنــائــلِ الـعممِ
فـجـودُه الــبـحـرُ فـي أســدادِ عــارفـــةٍ وعـلـمُـه الـبـحرُ يُـلقي جـوهرَ الكلمِ
سـقـى ريـاضَ الأمــانــي جــودُ راحتِه سـحّـاً فـأزهـرنَ بــالآلاءِ والـــنِّــعـمِ
ومـثـلـه فـلـيـرجِّـي الـمـرتـجــونَ وهلْ يُـرجـى مـثـيـلٌ لــذاكَ الــمـفردِ العلمِ
مُـسـتـرشــدٍ راشــدٍ مُــسـتـنـجــدٍ نَــجِـدٍ مُـسـتــرفــدٍ رافــدٍ مـسـتـمـجـدٍ شـهمِ
مـحـمـدُ الـمـصـطـفـى أصـفــاهُ خـالـقه بـالـحـمـدِ فـي أشـرفِ الآيـاتِ والكلمِ
رسـولُ صــدقٍ عـن الإرشــادِ لـم يـرمِ يـومـاً وغـيـر رضـا بـاريـهِ لـم يـرمِ (17)
ومنها في أهل بيته (صلوات الله عليهم)
صـلّـى عـلـيـهِ إلهُ العرشِ ما تُليتْ آيـاتُ فـضـلٍ لــه فــي نــونِ والـقـلـمِ
وآلهِ الـغُـرِّ أصـحـابِ الـعـباءِ ومَن قـد بـاهـلَ الـمـصـطــفـى أعداءَه بهمِ
همْ بـعـدَه خـيـرُ خـلـقِ اللهِ شـرَّفهمْ عـلـى الورى قبلَ خـلــقِ اللوحِ والقلمِ
همُ الخضارمُ فارشـفْ درَّ عـرفـهمِ هـمُ الأعـاظـمُ فـارصـفْ درَّ وصفهمِ
سيوفُهم في الـوغى حُـمرٌ وأربعهمْ خُـضـرٌ وآمــالــنــا بــيـضٌ بـرفــدهمِ
الـمـغـمـدونَ الظبا في كـلِّ معتركٍ حـيـثُ الـحـجـى ومناط البيضِ واللممِ
بدورُ حسنٍ إذا ما أشـرقـوا عكسوا ضـوءَ الـبـدورِ بـغـرِّ الأوجــهِ الـوسمِ
فالزهرُ تشرقُ والأزهارُ تعبقُ عن شــذاهـمُ وسـنـاهـمْ فـانـتـشــقْ وشــــمِ
تـأرَّجـوا فـطـوى الآفــاقَ ذكـرهـمُ نشراً به ضاعَ عرفُ المسكِ في الأممِ
ما الـبـاردُ العذبُ معلولًاً لذي ظمأ أحـلـى وأعـذبُ مـن تـكـديـرِ ذكــرهـمِ
أُولو الكمالِ مـلاكُ الـعـلـمِ حـكمهمُ عـدلٌ ولـمـعُ هـداهــمْ سـاطــعُ الــعـلـمِ
غطارفٌ عرفوا بالعرفِ واتَّصفوا بـالـفـضـلِ والـشرفِ الـموفي بفخرهمِ
لا عيبَ فيهم سوى التقوى وأنّـهـمُ مـصـالـتٌ خـشـنٌ فــي ذاتِ ربِّـــهــــمِ
كمْ أوضحوا سُـنـناً كم أسبغوا منناً وكـمْ جـلـوا حَــزَنــاً عـــنَّـــا بـبـشرهمِ
ومنها في أمير المؤمنين (عليه السلام):
وقد بسطتُ وخيرُ القولِ أصـدقـه لـسـانُ صـدقٍ عـلـيّـاً فـي عـلـيِّهمِ
فـفـي عـلـيٍّ أمـيرِ الـمـؤمنينَ ذكا فكري وفي مجدِهِ قد رقَّ مُنتظمي
وزيـرُه وأخــوهُ دونـــهــمْ وأبـــو سبطيهِ فخرٌ به قد خُصَّ في القسمِ
قـســيـمُ طـهَ عـلاً لـولا نــبــوَّتــه وفـي الإمـامـةِ فـضـلٌ غيرُ منقسمِ
لم يـألِ شـرعةَ طهَ جهدَ مـنـتصرٍ بـسـاعـدٍ ولــســانٍ نــاطـقٍ وفــــمِ
مـضّــاءِ ذي لـبـدٍ مـسـتـبسلٍ نـجدٍ وحـكـمِ مُـلـتـزمٍ بـالـعـدلِ معتصمِ
فـسـيـفُه جدولٌ يَجْلُو الــفـرنـدَ بـهِ روضـاً سواهُ سوامُ الحتفِ لم تسمِ
وردتُ في حُبِّهِ العذبَ الزلالَ ولمْ أخـدعْ بـلـمعِ سرابٍ من أتاهُ ظمي
وبالإمامِ الهمامِ المرتضى عـلـقتْ يـدي فـلاحَ فلاحي وانجلتْ غُممي
وقال في مولد الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) من قصيدة تبلغ (41) بيتاً:
يا لـيـلـةَ الــمــيــلادِ قــد بــشـرتِــنــا بـنـجـاحِ آمــالٍ لــنــا وأمـــــانِ
وأضــاءتْ الــدنــيــا بـطـلـعـةِ أبــلجٍ لـبـسـتْ بـه الـدنـيـا ثيابَ تَهانِ
طــوبــى لــشـعـبـانٍ ويــا بـشرى له فـلقد تجلّى النورُ فـي شـعـبـانِ
الــســبـط والـمـهــديُّ فــيــه أشــرقـا قمرينِ دونَ سـنـاهـما القمرانِ
الـيـومَ أعــلامُ الـــنــبــوُّةِ قــد بـــدتْ آثــارُهــا وتــمـثّـلـتْ لــعــيـانِ
صـدقَ الإلــهُ نــبــيَّــه ونــبـــــيُّــــــه قد جاءنا بـالـصـدقِ والـتـبـيانِ
الـفـاطـمـيُّ الـنـدبُّ يـمـلأ أرضَـــهــا قــسـطـاً وعـدلاً قـائـمَ الأركانِ
بــدرٌ كـمـثـلِ رجــالِ بــدرٍ جـيـشُـــه لــكـنـهـم شـهـبٌ على الأقـرانِ
اللهُ يـجـمـعُ شــمــلَــهــم فــي لـيــلــةٍ فــسـواءٌ الـقـاصـي بها والداني
يـدعـوهـمُ الـروحُ الأمـــيــــنُ وإنّـــه نعـمَ الأمـيـنِ لـدعـوةِ الأيــمـانِ
يأتي لـنـصـرتِـهِ الــمـسـيـحُ مــؤازراً وهــوَ الدليلُ على عظيمِ الشانِ
نـفـسـي الــفـداءَ لــنـاصــرٍ مـسـتـنـقذٍ دينَ الـهدى من مبدعي الأديانِ
تحـيـا بـهِ سُـنــنُ الــنــبيِّ مــحــمــــدٍ بعد الـمــمـاتِ وشرعةُ الفرقانِ
ويمهّـدُ الــديــنَ الــحـنـيـفَ مشــيِّــداً مـا أسَّــــــسَ الآبــاءُ مـن بنيانِ
والـرعبُ يـقـدمُ جـيـشَـه مـسـتهــزماً أعـداءه بـــــالـخـوفِ والخذلانِ
مــا أمَّـة تــبــقـــى ولا ذو سـلــطــةٍ إلّا يـــديــنُ لــــمـنـقـذِ الأوطـانِ
يـدعـو صلـيــلُ حـــسـامِــه بـيـميـنِه جـاءَ الـهـزبـرُ مــجدِّلُ الشجعانِ
فـي صـولـةِ الـكرارِ حــيــدرَ جـــدِّهِ وشـجاعةِ السبطِ الـــكريمِ الثاني
هـذا انـقـلابُ حكومـةِ الـحـقِّ الــذي تـقـضي شرائعُه على التيــــجانِ
يا دولـةَ الأمـجـادِ من عـمـرو العلى وحكومةَ الأشرافِ مـن عدنـــانِ
هـيَ دولـةُ الـعـزِّ الـمـنـيعـةِ جــانـبـاً لـكـيـانِـهـا شـرفٌ عـلى كيـــوانِ
فـالـحـقُّ أبـلـجَ واضــحٌ مــنـــهاجُـه والـعــدلُ مـنـشـورٌ بـكلِّ مــــكانِ
يا غائباً مـا غـابَ فـيــضُ وجـــودِهِ فـالـكــــونُ مـنـه بـنـعــمةٍ وأمانِ
طالَ انـتـظـارُكَ والـعيونُ شواخصٌ تـرنـو إلـــيــكَ قـريـحـةَ الأجفانِ
ضـاقـتْ بـنـا الأرضُ الوساعُ فمالنا بالخطبِ يـا كــهفَ المروعِ يدانِ
جارَ القويُّ على الضعيفِ فلا حمى من جورِ أهــلِ الـبغي والـعدوانِ
وإلـى الأثـيـرِ تـصـاعـدتْ أنـفـاسُـنا فـتـسـاقـطـتْ شــــهباً من النيرانِ
وجـنـوا عـلـيـنا واجتنوا من غرسِنا ثـمـراً فـبـعداً للأثــــيـمِ الــجــانـي
زعـمـوا مُـحـالاً مـــا نـقـولُ وأنّـــه هوَ ثالثُ الـعـنـقـاءِ والـــــغــيـلانِ
ولـنـا يـقـيـنٌ أنَّ ذلـــكَ كــــــائـــــنٌ آتٍ قــريـبٌ عـهـده الــمـــــتداني (18)
وقال:
أرى أميةَ بعدَ الـمـصـطـفى طلبتْ أخاهُ بالثأرِ مذ هبَّتْ بـصـفـيـنِ
أوتارَ بدرٍ بـيـومِ الطفِّ قـد أخـذتْ وباءَ في آلِ حـربٍ آلَ يــاسينِ
من النبيِّ قـضـوا ديـناً كما زعموا ولا ديـونَ لـهـم إلا على الدينِ
رأسُ ابنِ فاطمةٍ خيرِ الورى نسباً يا للعجائبِ يُهدى لابنِ ميسونِ (19)
..................................................
1 ــ ديوان أبي المحاسن الكربلائي ــ من مخطوطات مكتبة اليعقوبي ــ عني بترتيبه وشرحه وترجمة أعلامه وسرد الحوادث التاريخية المذكورة فيه: محمد علي اليعقوبي، عميد جمعية الرابطة الأدبية في النجف الأشرف ، مطبعة الباقر ــ النجف الأشرف ط1 1383 هـ ص 39 ــ 40
2 ــ نفس المصدر ص 66 ــ 67
3 ــ نفس المصدر ص 139 ــ 142
4 ــ نفس المصدر ص 149
5 ــ نفس المصدر ص 212 ــ 216
6 ــ باختصار عن مقدمة الديوان و ــ ز ــ ح ــ ط ــ ي
7 ــ أدب الطف ج 9 ص 107
8 ــ الطليعة ج 1 ص 197
9 ــ الأدب العصري في العراق العربي: القسم الأول (المنظوم)
10 ــ من أعلام كربلاء.. الشيخ محمد حسن أبو المحاسن ــ مجلة ينابيع بتاريخ 5 / 9 / 2018
11 ــ ديوانه ص 1 ــ 2
12 ــ نفس المصدر ص 5 ــ 6
13 ــ نفس المصدر ص 76 ــ 79
14 ــ نفس المصدر ص 126 ــ 127
15 ــ نفس المصدر ص 145 ــ 146
16 ــ نفس المصدر ص 146 ــ 149
17 ــ نفس المصدر ص 199 ــ 205
18 ــ نفس المصدر ص 249 ــ 251
19 ــ نفس المصدر ص 251
كما ترجم له وكتب عنه:
السيد سلمان هادي آل طعمة ــ أبو المحاسن الشاعر الوطني الخالد ــ 1962
الباحثان صالح عباس ناصر حسون الطائي، وآلاء عبد الكاظم جبار الكريطي ــ لمحة عن أبي المحاسن الكربلائي ودوره في ثورة العراق الكبرى 1920م،
الباحثان محمد عبد الحسين محمد الخطيب، عبود جودي عبود الحلي ــ أوراقٌ ضائعة من ديوان أبي المحاسن الكربلائي (نصوص، ودراسة)
إميل يعقوب / معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة ج 3 ص981 ــ 982
أحمد مزهر إبراهيم التميمي ــ لغة شعر محمد حسن أبي المحاسن رسالة ماجستير 2021
اترك تعليق