كاظم الأمين (1231 ــ 1303 هـ / 1815 ــ 1886 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (98) بيتاً:
وفي (كربلا) ماذا جرى يوم (كربلا) بأسيافِهم للمصطفى كمْ جرى دمُ
عـلـى حينِ آلُ المصطفى مالَ ركبُهم إليها وحطوا في عُـراها وخيَّموا
أناخـوا ولا مـاءٌ يُـصـابُ عـلى الظما ولا زادَ إلا وهـوَ صـابٌ وعـلقمُ (1)
ومنها:
وأسرعَ حتى أنْ ألمَّ بـ (كربلا) وثـقـلُ رسـولِ اللهِ فـيـهـا مُــخــيَّــمُ
وقالَ لـهـم ثـنـتـانِ لا بـدَّ منهما صدورُ القنا والبيضُ أو أن تسلّموا
فويلُ ابنِ سعدٍ أتـعـسَ اللهُ جـدَّه ولا ابـنِ زيـادٍ وهـو أشــقـى وألأمُ
ومنها:
أيـا جـد لـي حـزنٌ عـلـيـكم مـجــدَّدٌ ونـارُ أسـىً تـحتَ الضلوعِ تضرَّمُ
كـأنَّ لـعـيـنـي كـلَّ شـهـرٍ وبــقــعةٍ من الأرضِ حُزناً (كربلا) ومُحرَّمُ
ليَ اللهُ كمْ لي زفرةٌ تصدعُ الحشى لـمـا نـابـكـمْ والـعـينُ بالدمعِ تسجمُ
ومنها:
ألا ليتَ نهرَ العلقميِّ بـ (كربلا) وقد حُلِئوا كمْ عنه صابٌ وعلقمُ
ألا ويـلـهـمْ يومَ القيامةِ مِن لظى وقد زفرتْ غيظاً عـلـيهمْ جهنّمُ
وإن راحَ قـومٌ نـادمـيـنَ فـإنَّــهم بـمـا خـذلـوا يـومَ الـقـيـامةِ أندمُ
وقال من قصيدة تبلغ (127) بيتاً:
وثـمَّ ضـريـحٌ لـلشهيدِ بـ (كربـلا) ثراهُ شــفـاءٌ للـورى ولـهـمْ أمـنُ
ومشهدُ موسى والـجـوادِ مـحـمـدٍ تُـنـالُ به الحاجاتُ والنائلُ الهتنُ
وللسادةِ الهادينَ في سرِّ من رأى معاهدُ يُستسقى بمنْ حلّها المزنُ
ومنها:
تداعوا لهم في (كربلاءَ) وجعجعوا بـهـم فـي الـعرا بغياً ليملكهمْ قَينُ
هـنـالـكَ ألـفـوا لـيـثَ غابٍ تحوطه لـيوثُ شرىً غاباتُها الأسلُ اللدنُ
تـشـدّ فـيـنـثـالـونَ عـنـهـا طـريــدةً وأسدُ الشرى تشفي بشدّاتِها الأتنُ
الشاعر
السيد كاظم بن أحمد بن محمد الأمين بن أبي الحسن موسى الموسوي العاملي، عالم وفقيه كبير وشاعر ولد في جبل عامل في لبنان، هاجر إلى النجف الأشرف مع ابن عمه وزوج أخته السيد محسن بن علي بن محمد الأمين للدراسة وكان عمره خمس عشرة سنة وقد رافقتهما أخته.
درس الأمين في النجف على يد الفقيه الكبير محمد حسن صاحب الجواهر، والشيخ الفقيه مشكور الحولاني الذي تزوج الأمين من ابنته.
برع الأمين في اللغة التاريخ والأدب إضافة إلى الفقه، وبقي مكبّاً على طلب العلم حتى فاق أقرانه وامتاز على أهل زمانه بعلوم كثيرة منها اللغة والتاريخ فقد كان عديم النظير فيهما يقف جهابذة العلماء عند قوله ولم يُر أضبط منه للعربية في عصره ...
وكان السيد كاظم الأمين يتنقل في العراق بين النجف وبغداد التي كان ينزل فيها ضيفاً على الحاج مصطفى محمد صالح كبة وأخيه محمد حسن الذين كانا من تجار بغداد وكانت تربطه علاقة صداقة وثيقة معهما ومع أفراد أسرة آل كبة الذين كانوا يجلونه ويحتفون به وكانوا يخصصون له مكاناً خاصاً للإقامة، وبقي يتردد بين النجف وبغداد حتى توفي في بغداد فنقل جثمانه إلى النجف ودفن في الصحن العلوي الشريف عند باب الطوسي في حجرة آل كبة. (2)
وقد رثاه كبار شعراء العراق ولبنان منهم: السيد إبراهيم الطباطبائي، والسيد جعفر الحلي، والسيد جواد مرتضى العاملي والسيد محسن الأمين. (3)
قالوا فيه
قال السيد محسن الأمين: (كان عالماً فاضلاً حافظاً متقناً مؤرِّخاً واحد زمانه في الإحاطة والضبط وحفظ التواريخ والآثار ودقائق العربية، وكان شاعراً مطبوعاً مُنشئاً بليغاً وواعظاً زاهداً عابداً هاجر من جبل عامل إلى النجف الأشرف لطلب العلم في حياة والده السيد أحمد وكان عمره قريب خمس عشرة سنة مع ابن عمه السيد محسن ابن السيد علي ابن السيد محمد أمين وكان متزوجا بأخت السيد كاظم التي ذهبت معه من جبل عامل ويظن ان سفره هذا كان حدود سنة 1252، وقرأ على الفقيه الشيخ مشكور الحولاوي وتزوج ابنته. وبقي مكبا على طلب العلم حتى فاق اقرانه وامتاز على أهل زمانه بعلوم كثيرة منها اللغة والتاريخ فقد كان عديم النظير فيهما يقف جهابذة العلماء عند قوله ولم ير اضبط منه للعربية في عصره حدثني بعض ثقات بني عمنا انه جرت مذاكرة في بعض مجالس العلم بالنجف في لفظة فقال بعض الحاضرين هي كذا وانا رأيتها البارحة في بعض الكتب فقال السيد اني رأيتها منذ سنة وأظن أنها خلاف ما تقول فراجعوها فإذا هي كما قال السيد. أما حسن أخلاقه وتقوله وورعه وسخاؤه وكرم طباعه فمما يضرب به المثل وترك بخطه من فرائد التفسير واللغة والتاريخ ودقائقها شيئا كثيرا وجل شعره في المواعظ والنصائح والآداب والحكم...). (4)
وقال السيد حسن الصدر: (كان عالما فاضلا متبحرا خبيرا بالأخبار والتواريخ وحيداً في فنون الأدب) (5)
ونقل السيد محسن الأمين عن السيد حسن الصدر قوله: (وممن عاصرته السيد الجليل والعالم الفاضل الأديب النبيل عمدة الأشراف الأعاظم السيد كاظم الأمين العاملي كان واحد عصره في علم الأدب والتاريخ وعلى جانب من الإباء وعزة النفس والجلالة والحشمة كبير في أعين العلماء مهاب عند التجار والأدباء آثار السيادة وأنوارها ساطعة من جبينه كنت كثير الأنس به، من جالسه لا يستطيع مفارقته لحسن محاضرته ...) (6)
وقال الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً تقياً أديباً شاعراً، طويل الباع، حسن الطريقة، عالي الهمة). (7)
وقال عنه الطهراني: (من سادات القشاقشة المتبحر الخبير في الفقه والأصول وفنون الأدب، وله مجاميع علمية وأدبية مشحونة بالحكايات والتواريخ، تلمذ على صاحب الجواهر ثم على الشيخ مشكور الحولاوي النجفي وتزوج بابنته...) (8)
أما مؤلفاته فيقول السيد محسن الأمين في ترجمته: (له عدة مجامع مشحونة بالفوائد هي عندي بخطه وله منتخب كشكول البهائي هو أيضا عندي بخطه). (9)
شعره
قال من قصيدة يوضح فيها نسبه الشريف الذي ينتهي إلى زيد الشهيد ابن الإمام علي بن الحسين (عليهم السلام):
حـسـيـنيٌّ وربِّ البيتِ لاحـتْ عـلـيـهِ سـمـاتـهـمْ قــولاً وفـعـلا
إلـى زيــنِ الـعـبـادِ نـمـاهُ زيدٌ وهل كأبي الحسينِ رأيتَ مولى
بـهِ قـد بـشّــرَ الهادي وأثـنـى عـلـيـهِ بـذاكَ جـاءَ الــنـصُّ يُتلى
ومِن ماءِ الإمامةِ بـعـدَ ماءِ الـ ـنـبـوُّةِ قـد سـقـي عــلّاً ونـهــلا
إمـامُ هـدىً دعــا للهِ جــهـــرا ولابـنِ أخـيـهِ حـتـى مـاتَ قـتلا
مضى بدمِ الشهادةِ وهوَ طهرٌ عـلـيـهِ سـلّـمَ الـبـاري وصــلّــى
فـيـا للهِ مـــن حــقٍّ مُــضـــاعٍ لـهُ ودمٍ كــريـمٍ مـــنـــه طــــلّا
وقال من قصيدة في مدح أهل البيت ورثاء الحسين (عليهم السلام):
وأشرفُ دارٍ جنّةُ الخلدِ صحنُها الـ ـمقدّسُ والفـردوسُ ما ضمَّه الصحنُ
ضـريـحٌ ثـوى فـيـه الـوصيُّ وآدمٌ ضـجـيـعٌ لــه والـشـيخُ نوحٌ له ضمنُ
وثـمَّ ضـريـحٌ لـلـشـهيدِ بـ (كربلا) ثـراهُ شـفـاءٌ لــلـــــورى ولــهـمْ أمـنُ
ومـشـهـدُ مـوسـى والـجوادُ محمدٌ تُـنـالُ بــه الـحـاجـاتُ والـنــائلُ الهتنُ
وللسادةِ الهادينَ في سـرِّ من رأى مـعـاهـدُ يُـسـتـسـقـى بمَنْ حلّها المزنُ
حضائرُ قدسٍ جارُها في كـرامـةٍ مِــن اللهِ تـــرعاهُ الـعـنـايـةُ والـصـونُ
ومنها:
فـأسـألـكَ الـرضـوانَ ربِّي ونـظـــرةً لـرضـوانَ فــيــها يذهبُ الغمُّ والـحـزنُ
بـأسـمـائـكَ الحسنى أجبْ وعصــابةٍ بـهـمْ قـامـتْ الأشـــيـاءُ وانـتـظـمَ الكونُ
نبيِّ الهدى والـغـرِّ مـن أهـلِ بــيـتِـهِ حمى المتوالي فـي الأراجيفِ والحصنُ
وأعــلامِ حـــقٍّ لـو تـنـوَّرَ نـــورهـمْ جـمــيـعُ الورى ما ضلّتِ الإنسُ والجنُّ
ولـو بـذراهـا لاذتِ الشمسُ لم تُـشنْ بـخـسـفٍ ولا وارى سناها ضحىً مُزنُ
فـأيـنَ رسـولُ اللهِ عـن أهـلِ بـيــتِــهِ يـهـجِّـنـهـمْ بـيـن الــمـلا مـعشـرٌ هـجـنُ
ويـعـدو عـلـيـهـمْ مـن أمـيَّـةَ جـحفلٌ به غصَّ من ذاكَ الفضا السهلُ والحَزنُ
وتغدو بأرضِ الطفِّ ثكلى نسـاؤهم وقـد هُـتـكـتْ عـنـهـا الـبـراقــعُ والسدنُ
فـمِـن حـرَّةٍ عـبـرى تـلـوذُ بـمـثــلِها وحسرى تقي عن وجهِـهـا اليدُ والردنُ
قضوا عطشاً بالطفِّ والماءُ حـولهمْ إلى وردِه أكــبـادُ صبـيـتـــهــمْ تــرنــو
حمتها العدى وردَ الشريعةِ ويــلـهمْ أمـا فـيـهـمُ مـن بـالـشـريعـةِ مُــسـتــــنُّ
يـلـومـونـهـمْ قـتـلاً وأســراً كــأنـمـا لـهـمْ بـاتَ ثـارٌ عـنـدَ أحـــمـدَ أو ديـــنُ
تداعوا لهمْ في (كربلاءَ) وجـعجعوا بهمْ في العرا بـغـيـاً لـيــملـكـهـمْ قــيــنُ
هـنـالـكَ ألـفـوا لــيـثَ غابٍ تحوطه لـيـوثُ شـرىً غـابــاتُـها الأسـلُ اللــدنُ
تـشـدُّ فـيـنـثــالـــونَ عـنـهـا طريـدةً وأسـدُ الـشـرى تـشـفـي بشــداتِها الأتـنُ
فشبَّتْ لهم بالطفِّ نارٌ لدى الضحى يـجـلّـلُ وجـهَ الأفــقِ مـن نــقـعِها دجنُ
على حينِ ما للمرءِ مرأىً ومـسمعٍ مـن الـنـقعِ إلا الـبـيـضُ تـلـمعُ والـردنُ
وحيثُ فراخُ الهامِ طارتْ بها الظبا وظـلّـت سـوانـي نــيـنـوى من دمٍ تسنو
وراحتْ حماةُ الدينِ تـصطلمُ العِدى ولم يبرحوا حتى قضى اللهُ أن يـفـنــوا
ولمْ يبقَ إلا السبطُ في حومةِ الوغى ولا عـونَ إلّا الـسـيـفُ والـذابلُ اللـدنُ
وأضـرمَـهـا بـالـسـيفِ ناراً وقودُها جـسـومُ الأعــادي والـقــــتـامُ لها عثنُ
إذا كـرَّ فـروا مـجـفـلـيـنَ كــأنّــهــمْ قـطـا راعَـهـا بـازٌ شـديـدُ الـقـوى شثنُ
فـكـمْ بـطـلٍ مـنـهـمْ بـراهُ بـضـربـةٍ على النحرِ أو حيث الحيازمُ والحـضنُ
وكمْ أوردَ الـخـطـيَّ فـيـهـمْ وفــعـله بـجـائـفـةٍ حـيـث الـجـنـاجـنُ والـضبـنُ
قضى وَطراً منهمْ ومُذ أبرمَ الـقضا مـضـى لـم يـشنِ علياه وهنٌ ولا جـبنُ
أردّ يـداً مـنـي إذا مــا ذكــرتــهـــمْ عـلـى كـبـدي حـرى وقــلبٌ بـه شجنُ
أطائبٌ يُستسقى الحيا لـوجـوهِـهــم لـعـمـري وتـنـهـلُّ الـعـيـونُ إذا عـنّـوا
عـلـيـهـمْ سـلامُ اللهِ مـا مـرَّ ذكرُهم وأحـسـنَ فـي إطـرائِـهـم بارعٌ لــســنُ
وقال من قصيدة في التوسُّل بأهلِ البيت (عليهم السلام) تبلغ (42) بيتاً:
وما ليَ غيرَ حسـنِ الـظنِّ شيءٌ به أرجو من الـنـــارِ انعـتاقي
وغيرَ شـفـاعـةِ الــهادي رسولِ اللهِ من امتطى مــتــنَ البُـراقِ
كذاكَ شـفاعةِ الــمـولـى أخـيــهِ مبيرِ الشـركِ طــرَّاً والـنـفـاقِ
قسيمُ النارِ والــجـناتِ ساقي الـ ـمحبِّ بكـأسِه الـعذبِ الدهـاقِ
ولـي بـشـفـاعـةِ الزهراءِ أمـنٌ إذا حُوسبتُ يـوماً عن شِـقـاقي
كذاكَ شفاعةِ الـسـبـطـيـنِ ذخرٌ كفاني الهـولَ من يومِ الـتـلاقِ
وحبِّي التسعةَ الأطـهارَ فيهِ انـ ـطـلاقٌ لـي إذا أعيا انـطـلاقي
أولـئـكَ أشـرفُ الـثـقـلينِ طرَّاً وأفضـلُ مـن لهُ فضلُ الـسـباقِ
هـمُ حُـجـجُ الإلـهِ بـلا امــتراءٍ وهُمْ عِـللُ الوجودِ بلا اخـتلاقِ
فـمَـنْ والاهـمٌ جـنـاتُ عــــدنٍ لـه فـيـهـا غـداً أعلى المـراقـي
ومَـنْ عـاداهـمُ أو شـكَّ فــيـهمْ فـلـيـسَ له هـنـالكَ مـن خــلاقِ
أولـئـكَ سـادتـي ولـهـمْ ولائـي ومِن ميمونِ أصلِهمُ اشـتــقاقي
لهمْ أخلصتُ في الأولى وإنّـي لدى الأخرى بهمْ أرجو لحاقي
وحـاشا أن يخيبَ بهمْ رجائـي وذكراهمْ صبـوحـي واغتـباقي
ألا يـا آلَ أحـمـدَ مـن إلـــيـهـم وأحـمـدَ لا لــغــيــرِهمُ مـتــاقي
رفعتُ لمجدِكم عذراءَ مــا أنْ ترومَ سوى رضاكمْ من صِداقِ
فـإنْ حُـظـيـتْ بهِ سعدتْ وإلا فـشـغـلـي الـدمعُ تحفزهُ الأماقي
سـلامُ اللهِ والـصـلواتُ تُترى عليكمْ مُـسـتـديـمــاتٌ بـــواقـــي
وقال من قصيدة تبلغ (34) بيتاً:
وحسبي حسنَ الظنَّ بـاللهِ عــدَّةً وحبّـي رسولَ اللهِ والـعـتـــرةَ الـغرّا
هـمُ الــمـلأ الأعـلـى أمـتُّ إليهمُ بآصرةِ القربى واسـتـدفــعُ الأصـرا
أئـمـةُ حـقٍّ أشـهـدُ اللهَ أنــنـــــي أرى حبَّـهـمْ ديـناً وبـغـضــــهمُ كفرا
مـهـابـط وحـي اللهِ خزَّانَ عـلمِهِ ونعمتُه الـعـظـمى وآيتُه الــكـبــرى
بحورُ ندىً في جـانـبِ اللهِ مدّها ومن أجلها قد أنشأ البرَّ والــبـحـــرا
حباها بغاياتِ الــمـفاخرِ والعُلى ومِن سرِّهِ الـمـكـنـونِ أودعَـهـا سرَّا
فهذا هوَ الحقُّ المبينُ أتي به الـ ـكتابُ وذي الأخبارُ جاءتْ به تُترى
وقال من قصيدة تبلغ (75) بيتاً:
وقد أعـودُ عـلـى نـفـسـي بـتـسـلـيـةٍ فــيـمـا نـعـانـيـهِ مـن أيـامِـنا الـفـضلِ
بأهلِ بيتِ الهدى كمْ كـابـدوا مِـحــناً تـزولُ هذي الرواسي وهـيَ لـمْ تزلِ
وكـمْ دمـاءٍ لـهـمْ عـنـدَ الــعِدى هدرٍ يـحـولُ صـبغُ الليالي وهيَ لم تــحـلِ
إنّـي لأعـجـبُ والـدنـيـا عـجـائــبُـها شـتى من الـزيـغِ فـي الآراءِ والـمـللِ
لمْ يُبصرِ الحقَّ هذا الخلقُ أكـثـرُهـم والـحقُّ بـادي الـسـنا لـلـناظرينَ جَلي
لمْ ينظروا بصحيحِ الفكرِ بلْ نظروا بـفــاسـدٍ من سقيمِ الـفـكــرِ مُـخـتـبــلِ
كـلا ولا نـظـروا فـي الأمــرِ آونــةً إلا بـعـيـنٍ لـهـم عـشـواءَ فــي حــولِ
وما نـسـيـتُ فـلا أنـسـى الـمقالةَ مِن كـبـيــرِ قومٍ حكاها غـيـرَ مُـحـتــفــلِ
رأيـتـنـي يـومَ أحــدٍ هــاربـــاً وأنــا أعدو من الخوفِ كالأروى على جبلِ
يـا لـيـتَ شـعري أيُـخفى الحقُّ نيِّرُه أمْ بالـبـصـيـرةِ ما في العينِ مِن سُبلِ
قاسوا الذي لم يُقسْ فـضـلاً بـهِ أحـدٌ ولـمْ يُــقـاس الـذي قـاسـاهُ مِـن رجـلِ
أجـابَ دعـوةَ خـيـرِ الـمـرسلينَ وما فيهمْ سوى مُـنـتـمٍ لـلـشـركِ مُـنـتـحـلِ
فـكـانَ ســيـفُ رســولِ اللهِ نـاصـرُه وحـامـلاً عـنـه مـا يـعـنـيـهِ مـن ثـقلِ
يـحـوطـه مِن قريشٍ وهـيَ حـاشـدةٌ عـلـيـهِ بـالـبـيـضِ والـخـطـيَّـةِ الـذبـلِ
لمْ يألهِ الـنـصـحَ فـي سـرٍّ وفي علنٍ ولـمْ يـغـبْ عـنـه فـي حـلٍّ ومُـرتـحلِ
ولــم يــزلْ بــاذلاً للهِ مــهــجــتَـــــه مِن دونـه غـيــرَ مـذعـورٍ ولا وجــلِ
حـتـى إذا مـا دعـا اللهُ الـرسولَ إلى مـا قـد أعـدَّ لــه مـن أفـضــلِ الـنـزلِ
جاشـتْ عـلـيـهِ نفوسٌ طالما طويتْ على الـضـغـائــنِ والأحـقـادِ والـدغلِ
فـأصــبـحوا وهـمُ فـي جـورِ بـاديـةٍ عـريانـةِ الـدوِّ مــن ظـبـي ومِن وعلِ
هيماءَ جــانـبـهـا طـيـرُ الـسـما فرقاً تـهوي بـهـمْ رُسـلا يـهوي على رسلِ
أبـعدَ ما كـان في يومِ الغديرِ مِن الـ إيـصاءِ والـنـصِّ والـتـنـزيـلِ مِن عللِ
هـذا وعـمَّــا بأهلِ البيتِ حلَّ مِن الـ ـخـطبِ الـمُـبـرِّحِ والـبـلـوى فلا تسلِ
وهـلْ أتــاكَ حـديـثٌ مـرَّ فـي فــدكٍ يُـوهـي الـقـلـوبَ ويـجـريها من المُقلِ
غـداةَ أقـبــلـتِ الـزهـراءُ تـطلبُ ما قـضـى لـهـا اللهُ مـن إرثٍ ومـن نـحلِ
ألـيـة بـرَّةٌ بــالـبـيـتِ والــحـــرمِ الـ ـشـريـفِ والـقـبـرِ مـثوى خاتمِ الرسلِ
لقد تـزلـزلـتِ الـسـبـعُ الـطباقُ وما عـلـى الـبـسـيـطـةِ من سهلٍ ومن جبلِ
غـداةَ أجـهـشـتِ الزهراءُ معلنةَ الـ ـشـكـوى بـدمـعٍ مـن الأحـشـاءِ مُـنهملِ
وربَّ دمـعٍ لـها مِن بعد ذاكَ جرى عـلـى قـتـيـلٍ بـأرضِ الـطـفِّ مُـنـجدلِ
هـذي طـريـقتنا العدلى ومذهبُنا الـ ـسـويُّ مـا فـيـهِ مـن أمــتٍ ومـن مِـيلِ
أولـئـكَ الـثـقـلُ الـثـاني المترجمُ للـ ـكـتـابِ أعـظـمْ بـه فـي الـدينِ من ثقلِ
تاللهِ لو أن هذا الـنـاسُ قـد لـحـقـوا بـهـمْ لـمَّـا ضـلَّ فـي الإسلامِ مِن رجلِ
وقد نصحتكَ فيما قلتُ مُـحـتـسـبـاً فـاسـمـعْ لـقـولـي وأمـرُ اللهِ فــامـتــثــلِ
خذها مـغـلـغـلـةً بـالـحـقِّ صـادقـةً فـكـن ضـنـيـنـاً بـهـا ما عـشتَ واحتفلِ
صلى الإلهُ عليهمْ والـمـلائـكـةُ الـ كـرامِ والـرسـلِ فـي الإبــكـارِ والأصلِ
وقال من قصيدة:
ريـاضُ قــدسِ إلــهِ الـعـرشِ قــدَّرها لـمـعـشـرٍ قـبـلَ أيــــجـادٍ وتـكــويــنِ
بـراهمُ اللهُ مــن أنـــوارِه وبـــــــــرى باقي البريَّةِ مــن ماءٍ ومــــن طـيـنِ
أولاءِ آلُ رسـولِ اللهِ أفــضـــلُ مـــــأ مونٍ على الـوحـي بالـتـبـلـيغِ مأذونِ
فـفـي الـغـريِّ ضـريـحٌ للوصيِّ على عُـلا الـضـراحِ بمولىً فيه مــدفــونِ
أعـنـي عـلـيـاً أمـيـرَ الـمـؤمـنينَ ومَن لـه الـمــواقـفُ فـي بـدرٍ وصــفّــينِ
وفي الطفوفِ ضريحٌ للحسينِ سما الـ أفـلاكَ قــدراً بـكـنـزٍ فــيــه مخزونِ
وفيهِ لـلآلِ مـثـوىً والـصـحـابــة يـــا لـهـفـي لــمـثــوىً بــآلِ اللهِ مشحونِ
أسدُ الشري همْ وإعـلامُ الـورى ولهمْ غـرُّ الـــمــفاخرِ من بكرٍ ومن عونِ
أمـاجـدٌ لا يـحـلُّ الـضـيـمُ سـاحـتـهــمْ ولا يـجــلّـونَ سـاحَ الضيمِ من هونِ
غرٌّ غـدوا غــدوةً للهِ فــاعـــتــنـقـــوا بيضَ الصفاحِ اعتناقَ الحورِ والعِينِ
حموا بحمرِ القنا والـبـيـضِ سـاحتَهم حـتـى قـضـوا بـين مذبوحٍ ومطعونِ
واذكـر ضـريحينِ في بغدادَ قد جَمعا عـلـمـاً وحـلـمـاً وجـوداً غيرَ ممنونِ
بـكـاظـمِ الـغـيظِ موسى والجوادِ هُما غـوثٌ وغـيـثٌ لـمـلـهـوفٍ ومـسكينِ
ومـرقـديـنِ بـسـامـرا وقـد ضـــمــنـا عـلامـتـي كـلِّ مـفـروضٍ ومـسـنونِ
هـادي الأنـامِ عـلـيٌّ وابـنُه الحسنُ الـ ـزكـيُّ قـدوةُ أهـلِ الـفـضـلِ والـديـنِ
وروضـةٌ من رياضِ القدسِ كان لها مـغـيـثُ خيرِ الورى الباقي إلى حينِ
إمامُنا القائمُ الـمـهـديُّ ذو الشرفِ الـ ـسـامــي الدعـامِ بـإحـكـامٍ وتـمـكـيـنِ
وقال من قصيدة في الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ورثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
فيا ربِّ أيِّده وأمــتـــعْ بـــــــه الـــورى فأيـامُـه لـلـعـلـمِ والــجــودِ مــوســـمُ
أيا ربّـنـــا أذنْ بالـظـهـورِ لـغـائــــــــبٍ يـقـومُ وبالـتـنـزيـلِ يـقـضي ويـحكمُ
يقومُ على اسمِ اللهِ بـالـحـقِّ صـــــــادعاً وبـالـسـيـفِ لا يـخـشـى ولا يـتلـعثمُ
أمامُ هدىً من جانبِ اللهِ فــــي الـــورى يـغـيـثُ بـه اللهُ الـعـبـادَ ويـــرحــــمُ
وخـيـرُ فـتـىً يـحـيـــــي بـه اللهُ ســــنـةً أمِـيـتـتْ ويـسـتـغـنـي مــقـلٌّ ومعـدمُ
وصـارمُ حــقٍّ مـــــن ذؤابـــــةِ هـاشـمٍ يـفـلّـقُ هـامـاتِ الأعــادي ويـهـشــمُ
وأكرمُ سـيــفٍ مـن سـيـوفِ مـحــمــــدٍ حسامٌ به يُمحى الضلالُ ويـحـســــمُ
مِن الـفـاطـمــيــيــنَ الدعاةِ إلى الـهـدى به الـبـيتُ يزهو والـمـقـامُ وزمـــزمُ
ويا ربِّ شــــرِّفــنـا بـدولـتِـهِ وحـــــــىً فقد طـالَ ما يـشـجـي القلوبَ ويكـلمُ
وآمنْ به شرقَ الــبـــلادِ وغـربَــــــهــا فـقـد طـالَ مــا نخفيهِ خـوفاً ونكـتــمُ
متى تـصـبــحُ الـدنـيـا به مـسـتـــنـيـرةٌ وتُـمـحـى طـلــولٌ لـلـطـغـاةِ وأرسـمُ
ألا هل أراني والــمذاكـــي مــشـيـحـةٌ غـداً وجـوادي صـادقُ الـجـدِّ صلـدمُ
ليَ السبق في أولـى الرعـالِ وفي يدي من البيضِ ماضي الشفرتينِ مُصـمَّمُ
صـبـيـحـةَ يــومٍ أدركَ الــــحــقُّ ثـارَه بــهِ وعـــدوُ اللهِ بـــالــســيــفِ مُلـجَمُ
بـسـيـفِ هُـمــامٍ مـن ســــلالةِ أحــمــدٍ تـديـنُ لــه الأمـــلاكُ تـــركٌ وديــلـمُ
ويا هـلْ يـريـنــي اللهُ أســـيــافَ هاشمٍ تُــحـزّ بـه آنـافُ حــربٍ وتــصـلـــمُ
وإنَّ سيوفَ الــطـالـبـــيـيـــنَ أغـمـدتْ بهامِ بني الـعباسِ مـن ضـــلَّ مـنـهمُ
أخـافـوا ولــيَّ الأمـــرِ دهــراً وقــبـلـه أذاقـوا الــردى آبــــاءَه وتـــقــدّمــوا
فيا ربِّ مكّـنـه وأظــهـرْ بـه الــهـــدى فـديـنُــكَ من جورِ الـمضلـينَ مُـظـلمُ
أمولايَ عِـيـلَ الـصبرُ واقتدحَ الأســى وطالَ العنا والجوُّ مِـن مـعشرٍ عموا
وكم نتّقي الأعــــداءَ والـديـنُ خــامــلٌ ونغضي علـى الإقذاءِ مــنهمْ ونكظمُ
فيا ضـيـعــةَ الإســلامِ إذ ســاسَ أهـلَـه مِن الرومِ والأتراكِ ذئـبٌ وقــشـعـمُ
وفي غـــيـرةِ الدينِ الـمـطـهّــمِ كمْ نزا على منبرِ الهادي من الــقـومِ مُـجرمُ
أولــئــــــــــكَ أعـــداءُ الــنــبـيِّ وآلــهِ مـتـى تـنـقـضـي أيـامـهــمْ وتـصـرَّمُ
لــقـــد شوّهوا وجـهَ الـشريـعةِ بالهوى فـأحـكـامـهـمْ فـيـهـا هــوىً وتـحكّـمُ
يـقـولـونَ أقــوالاً ولا يـعــــلـمــونَــهــا وإن سُــئــلـوا جاءَ الـحديثُ المرجَّمُ
أكاذيبُ شتى لـفّـقـوهــــا وأدغــــلــــوا بــهــا وأضــلَّ الآخـــرَ الــمُــتـقــدِّمُ
لقد أذكـرتـــنـا مــن حـديــــثِ خـرافـةٍ وطــلــســمَ مــا كــــانــتْ بــه تتحلمُ
ومِن دنسٍ فــيـهِ تـفـاحـــــشُ أنــــهـــمْ أضلّوا عن الإســلامِ من كانَ يُـســلمُ
ويا ربِّ حـرصٌ فـيـهـــمُ وتـــــكــالبٌ على هذه الدنـيـا يــشــيــنُ ويـــذمــمُ
لذاكَ مـحـيَّــا الدينِ بـعـــــدَ انـطـلاقِـهِ غدا وهو فــيــــهــمْ كــالــحٌ مُـتجـهِّـمُ
متى يـهـتـدي من رأسِ كــلِّ خـطــيئةٍ هـواهُ لــرُشــــدٍ وهـوَ بـالجبتِ مُغرمُ
ومِن صلفٍ فـيـهـمْ وخـيـــلاءَ أنّــهـــم يـعـيـبـونَـــنـا والـعـيبُ فـيـهمْ وعنهمُ
وكــمْ حــاولـوا بالإفكِ صدعَ صفاتِــنا وهـلْ خـــفَّ يــوماً يـذبــلٌ ويـلـمـلـمُ
وإن قــرعــتْ يومَ الحِجاجِ حجاجُــهم مـقـامــعُـنـا شـاطوا غضاباً وأرزموا
فإن زدتـهــمْ زادوا أجِّـفــاءً وغلـظـــةً ســــجـيـةَ فـــظٍ فـضّـلـوه وعـظـمـوا
ألا ربَّ بـرهــــانٍ أقــيـــــــمَ عـلـيـهـمُ بهِ انقطعوا يـومَ الـخـصامِ وأفـحـموا
وكم آيةٍ كالشمسِ في رونقِ الــضـحى تجلّت لهم لو أبــصروها لـسـلّـــمـوا
ولا بـدعَ فـالــــكــفــارُ كـــمْ لــمُـحـمـدٍ بدا معجز لولا الــتعـامــي لأسلـمـوا
وأنّى لـهـمْ بـالـرشـدِ يـومـاً ومـــالهـــمْ سوى اللاتِ والـعــزّى هوىً ومـتيَّمُ
يعدّونَ في الإسلامِ رهـطـاً تــقـــدّمـوا وإسلامــهــمْ للأمرِ والـنهـيِّ ســـلـــمُ
لقد رفـضـوا آلَ الــرســولِ وأخـــلدوا إلى الجبتِ والطاغوتِ غيَّاً وصمَّموا
وهمْ جـاهـرونـا بـالـعـداوةِ وانــطـووا عـلـى مـرضٍ مـن بغضِهمْ ليسَ يُكتمُ
ولا عـيـبَ فـيـنـا غــيـرَ أن شـعـارَنــا مـــــوالاةُ أهـلِ الــبـيـتِ واللهُ يــعــلمُ
طريقتُنا الـمـثـلـى وفــي هـديــنا رضا ومـنـهـاجُـنــا لـو أبــصــرَ القومُ قـيِّمُ
وهيهاتَ ليسَ الــقــومُ قـومـاً كما ترى ولـكـنـهـمْ شـــاءٌ مـــــن الناسِ سُـوَّمُ
تـروحُ وتـغـدو راتـعـــاتٍ ســــوامـلاً فتقضمُ من ذاكَ الــهـــشــيمِ وتخـضمُ
فـيـا ربِّ بـالـمـهديِّ فاكـشفْ سـوادَهم ونـكّــلْ رجــالاً هـمْ أعـقُّ وأظــــلــمُ
وبالـسـمِّ غالَ الـمـجـتـبـى الحسنُ ابنُها مِن النفرِ البادينَ بالــجـــورِ أرقـــــمُ
وفي (كربلا) مـاذا جرى يومَ (كربلا) بأســيـــافِهم للمصطفى كمْ جـرى دمُ
على حينِ آلُ المصطفى مالَ ركـبُـهـم إلـيـهـا وحـطوا فـي عُـراهـا وخيَّموا
أناخوا ولا ماءٌ يُــصـابُ عـلــى الظما ولا زادُ إلا وهــوَ صــــابٌ وعـلـقـمُ
فـسـالـتْ عـلـيـهـم والــحـوادثُ جـمَّـةٌ قـبـائـلَ مــا فــيــهــا لـعـمـركَ مُـسلمُ
كــتــائــبُ يـحــدوهــا الـدعـيُّ وقادَها إلى الطفِّ معروفُ الـضـلالــةِ أشأمُ
دعاهُ الدعيُّ ابنُ الدعيِّ إلى الــشـقــــا فـلـبَّـى وهـلْ يــأبـى الـشـقاوةَ مجرمُ
وأســـرعَ حــتــى أن ألـــمَّ بـ (كربلا) وثـقـلُ رســولِ اللهِ فــيــهــا مُــخـيَّـمُ
وقــالَ لــهــمْ ثـنـتـــانِ لا بـدَّ مـنـهـمـا صـدورُ الـقنا والبيضُ أو أن تسلّموا
فــويـــلُ ابـــنِ ســـعـدٍ أتـعسَ اللهُ جدَّه ولا ابــنِ زيــادٍ وهـــوَ أشـقى وألأمُ
وويــلُ عـــدوِّ اللهِ وابــــنِ عــــــــدوِه يـزيـدَ وذا مـن كـلِّ رجـسٍ مُـجـسَّـمُ
يرى ابنَ رسولِ اللهِ يــنـــقـادُ طـائــعاً لـهـمْ أو يـهـابُ الـمــوتَ وهوَ مُحتّمُ
أما علموا أنَّ الحـــســـيـــنَ وجــــــدَّه ووالـدّه كـــفٌّ وزنـــدٌ ومـعـصـــــمُ
هيولا همُ من نــورِ ذي العرشِ بدؤها فـــلا عـــزَّ إلا وهـو يُـعـزى إلـيـهمُ
هـنـالـكَ هـبَّـــــتْ كـالأســودِ عـصابةٌ لـهـا الـسـبـقُ في يومِ العُلى والتكرُّمُ
يـقـومُ بـهـمْ لـلـحــربِ أبـيـضُ مـاجــدٍ يشدّ فـيـثـنـي الـجـيشَ وهوَ عرمرمُ
كرامٌ رأوا نصرَ الــحـسـيـــــنِ سـعادةً مِنَ اللهِ لا تُــــفــنـــى ولا تـتـصـرَّمُ
فـطـابَ لـهـمْ وردُ الـمـنـــــيَّــةِ دونـــه وكــرُّوا وكــرُّ الليثِ غابٌ غشمشمُ
أباةٌ رأوا أن الـــحــــيـاةَ كــريـــهـــــةٌ ومستامُها بعدَ الــحــســيــنِ مُـــذمَّمُ
فـسـقـيـاً لـهـاتـيـكَ الـنـــفـوسِ تسابقتْ إلى نـصـرةٍ والـيـومَ إذ ذاكَ أيــــومُ
وحـــيـــا وجـوهاً دونه حـيَّـت الـــقــنا وبـيـضُ الـظـبـا والـجوُّ بالنقعِ مُقتمُ
فـمـا وهـنـوا حتى اسـتـجــابــوا لربِّهم كراماً وأدّوا ما عـلـيـهـمْ وأنـعـمـوا
وما تمَّ ذاكَ الــــــيــومُ إلّا وهــمْ عـلى مواقـفـهـمْ فـي حـومـةِ الحربِ جُثّمُ
وحامَ حــســــينٌ والــحسـامُ بـكـــفِّــــه يطبِّقُ حيناً في الـعـدى ويـــصـمِّــمُ
وما انفكَّ حتى إن قـضى اللهُ ما قضى فخرَّ ووجهُ الأرضِ أحـمــرَ عـنـدمُ
وباتوا على الغبراءِ صرعـى كـأنَّــهـمْ أضـاحٍ بـهـا أو هـمْ بــدورٌ وأنـجـمُ
فيا وقعةً ما حلَّ في الـديـــــنِ مـثـلـهـا أقـيـمَ لـهـا فـوقَ الـسـمـاواتِ مــأتمُ
وما طـابَ يـومٌ بـعـدهــا لـبـني الهدى ولا ســاغَ شــربٌ لـلـكـرامِ ومطعمُ
أيا جـدّ لـي حـزنٌ عــلــيـكــمْ مُــجــدَّدٌ ونارُ أسىً تحتَ الضلوعِ تُضــــرَّمُ
كــأنَّ لــعـيـنـي كـلُّ شــهــرٍ وبـقـعــةٍ من الأرضِ حزناً (كربلا) ومحـرَّمُ
ليَ اللهُ كمْ لي زفرةٌ تـصـدعُ الـحـشـى لـمـا نـابـكـمْ والـعـيـنُ بالدمعِ تسجمُ
ألا لـيـتَ نـهــرَ الــعـلقـميِّ بـ (كربلا) وقد حُلِئوا كمْ عنه صـابٌ وعـلـقــمُ
ألا ويلهمْ يـومَ الـقـيـامـةِ مــن لــظــى وقد زفرتْ غيظاً عـلـيـهـمْ جـهـنــمُ
وإن راحَ قــومٌ نــادمــــيـــــنَ فإنَّـهــمْ بـمـا خـذلـوا يــــومَ الــقـيـامـةِ أنـدَمُ
إلهي بحقِّ المصطفى وابــنِ عــمِّــــه وبـضـعـتِه الزهراءَ وابـنيهما أرحمُ
وبالتسعةِ الـغرِّ الـمـيـامـيـنَ فاستجــبْ دعائي وأنـتَ الـمُـحـســنُ الـمُتكرِّمُ
وخُذ بيدي فـضلاً فـمـا كـسـبــتْ يدي عـظـيـمٌ ولـكـن فيضُ عـفوِكَ أعظمُ
ويا ســادةً تـهـــــدي الـسـبـيـلَ وقـادةً بهم يبتدي الذكرُ الـجـمــيـلُ ويُـخـتمُ
لـشـيـعـتِـكـمْ مـنّي الــمــودّةُ والـصـفـا وعندي لـشـانِـيـكـمْ نِـصـالٌ وأسـهمُ
أمـتُّ إلـيـكــــمْ بــالـــقــــرابـةِ والـولا فلا تـدَعـوا سـهـمـيْ يـخيبُ ويُحرمُ
ولا تذروني حائماً حولَ حــوضـكـــمْ إذا الـنـاسُ مـنـهـمْ واردونَ وحــوَّمُ
ولا تحرموني من شـفـاعــتِــكـــمْ غداً وأنـتـمْ إلـى اللهِ الــشـفـيـعُ الـمـقــدَّمُ
ولا مِن ذمامِ الـــجــــارِ ما تـعـلـمـونه وهـا أنـا فـيـهِ مــنـذ دهـرٍ لـمُـحـرِمُ
فعودوا إلى العبدِ الضعيفِ بـنـظــــرةٍ بها عنه يومَ البعـثِ يُعفى ويُـرحــمُ
قطعتُ الفيافي راغباً فـي جـوارِكـــــمْ ولم يثنِ عزمـي من ذوي الودِّ لوَّمُ
وفارقتُ من قــومـــــي وأهلِ حزانتي رجـالٌ لـهـمْ مــجـدٌ أثــيــلٌ وأنـعـمُ
وخلّفتُ من مــالـــــي طريفاً وتـالـــداً ورائـي ومـا يـمَّـمـتُ في اللهِ أكـرمُ
مناقبُ لو يــرقــــى خطيبٌ لحصرِها هوى من ذرى أعــوادِهِ وهــواكــمُ
عـلـيـكــمْ ســـــلامُ اللهِ ما مرَّ ذكـركـمْ وسـلّـم فـي الـدنـيـا عـلـيـكـمْ مـسلّمُ
وصلّى على المهديِّ ما ذكرَ اسمُه الـ ـشـريفِ وإجــلالاً لــه قــامَ مـسـلمُ
وقال من قصيدة في التمسك بنهج أهل البيت (عليهم السلام):
نصـحـتُكَ إن رُمت النجاءَ فلا تكنْ لآثارِ أهلِ الـعـجـلِ قـبـلكَ مُقتصّا
وخُذ نهجَ أهلِ البيتِ واعلقْ بحبِّهمْ تفزْ وتثبّتْ ما حصا ودَّهمْ مَحصا
فسلْ هـلْ أتـى إذ آثـروا بـطعامِهمْ وبـاتـوا ثـلاثـاً لم ينالوا بها قرصا
....................................................................
1 ــ قصائده عن: موقع بوابة الشعراء / أعيان الشيعة ج ٨ ص ٤٥٩ ــ 474
2 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص 458 ــ 459
3 ــ نفس المصدر ص 474
4 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص 458
5 ــ تكملة أمل الآمل / ص ٣٢٤
6 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص 459
7 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 177
8 ــ نقباء البشر ج 2 ص 500
9 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص 475
كما ترجم له:
السيد جواد شبر / أدب الطف ج 7 ص 288 ــ 294
شعراء الغري ج 7 ص 125 ــ 145
اترك تعليق