صالح القزويني: (1208 ــ 1306 هـ / 1793 ــ 1888 م)
قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين ورثاء الإمام الحسين (عليهما السلام) تبلغ (283) بيتاً:
للهِ أقـــمـــارٌ أفــــلـــنَ بـ (كــربــلا) ولها بيـثـربَ والمحصَّبِ مَطلعُ
أنستْ بهم أرضُ الطفوفِ وأوحشتْ هضـباتُ يثربَ والمقامُ الأرفعُ
طُفْ بيَّ على فـلكِ الطفوفِ وقُل له مسـتعبراً أعلمتَ من بكَ مُودعُ (1)
وقال من أخرى في مدح الإمام محمد الجواد (عليه السلام) تبلغ (211) بيتاً:
فطوسٌ لكم والكرخُ شجواً و(كربلا) وكـوفـانُ تـبـكي والبقيعُ وزمزمُ
وكـم قـد تـعـطّـفـتـمْ عـلـيـهـمْ ترحُّماً فلمْ يعطفوا يوماً عليكمْ ويرحموا
وكـمْ مـأتـمٍ حُــزنــاً عــلـيـهِ أقـمْـتـه تـمـيـدُ لـه رضـوى ويلوى يَلملمُ (2)
الشاعر
السيد صالح بن مهدي بن رضا القزويني النجفي، شاعر غرس يراعه بمداد العلم، وعالم سطع نجمه في دنيا الأدب، فبلغ الغاية القصوى في نبوغه العلمي وتضلّعه الأدبي، ومثلما كان يرفد الساحة العلمية بمؤلفاته فقد كان يتحف الساحة الأدبية بما تجود به قريحته من أشعار رائقة، فكان له شأن كبير على الساحتين.
ولد في النجف الأشرف ونشأ في أسرة علمية علوية شريفة وبيئة تحفها العلوم والآداب فهو من أسرة لها في مضماري العلم والأدب باع طويل وجذور عميقة، فجدّه السيد رضا القزويني من كبار العلماء ومن أقران العلامة الكبير الشيخ مهدي الفتوني أستاذ بحر العلوم وكاشف الغطاء. (3)
يقول محمد رضا الحساني عميد جمعية القرآن الكريم في النجف: (آل السيد رضا القزويني النجفي بيت علم وتقى وأخلاق وأدب ... وكلهم أخيار أبرار ثقاة..) (4)
برز في أسرة القزويني كبار العلماء والشعراء والخطباء وبقيت هذه الأسرة الكريمة تنجب أعلام العلم والتقى والأخلاق والأدب ومن أبرزهم السيد صالح الذي كان شعلة علمية وأدبية في هذه الأسرة وبقيت هذه الشعلة وقّادة بما أنجبه من الأعلام، فكان للجو العلمي والأدبي تأثيره المطلق على هذه الأسرة فضلاً عن الروح الإسلامية الولائية التي تغمره والتي توشحت بحب أهل البيت (عليهم السلام) فقد سلك نجلا السيد صالح القزويني راضي وحسين مسلك أبيهما فكانا من كبار الشعراء في قافلة شعراء أهل البيت (عليهم السلام). (5) وآخر سلك مسلك الفقه فكان من العلماء الفضلاء وقد توفي في عهد أبيه (6)
نسبه الشريف
هو السيد صالح بن مهدي بن رضا بن محمد علي بن محمد بن محمد علي بن مير قبا بن محمد بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن علي بن زيد بن علي بن يحيى بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد صاحب دار الصخرة في الكوفة بن زيد بن علي الحماني الشاعر بن محمد الخطيب بن جعفر الملقب بالشاعر ابن محمد بن زيد الشهيد بن الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام). (7)
نشأ القزويني في النجف الأشرف ولا ينكر ما لهذه المدينة من أثر كبير على العالم الإسلامي فهي مركز إشعاع علمي وأدبي بارز على مدى العصور, فدرس العلوم الدينية على جماعة من العلماء وعلى رأسهم أستاذه الشيخ محمد حسن الجواهري صاحب كتاب (جواهر الكلام) الذي عرف به وكان أقربهم إليه وأعمقهم أثراً في نفسه وقد تزوج القزويني ابنته. وولد له منها ثلاثة أولاد وست بنات (8)
وكان للأثر العميق من قبل الأستاذ صاحب الجواهر في نفس التلميذ القزويني انعكاساً على مؤلفاته، فبدأ رحلته العلمية مع التأليف، ومن أهم مؤلفاته: مؤلف ضخم في ثلاثة مناهج وخاتمة اسمه: تاريخ أحوال سيد الوصيين أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم أقبل على الشعر إقبالاً شديداً غطى على مؤلفاته حتى عُرف شاعراً كبيراً. (9)
هاجر السيد صالح القزويني إلى بغداد وتولى الزعامة الدينية في جانب الكرخ وبقي فيها حتى وفاته فنقل جثمانه إلى النجف. (10)
في كلمات الأعلام
قال السيد الأمين: (تفقه وتأدب في النجف وصاهر صاحب الجواهر على ابنته وسكن أخيرا في بغداد فاقبل عليه أهلها وراجعوه في الشرعيات وكان شيخاً جهبذاً كثير الشعر جيده حسن الكلام مجيد الوصف وله قصائد في مدح أئمة أهل البيت الطاهر ومراثيهم استوفى بها كثيراً من فضائلهم ومعجزاتهم وذكر أكثرها صاحب الدمعة الساكبة …) (11)
وقال الأمين أيضاً: (السيّد صالح بن السيّد مهدي الحسينيّ القزوينيّ الأصل البغداديّ المسكن، فقيه وأديب كبير، كثير الشعر جيّده حسن الكلام، وله قصائد في مدح الأئمّة الأطهار عليهم السّلام ومراثيهم، استوفى فيها شيئاً من فضائلهم ومعجزاتهم. له (الدرر الغروية في أئمّة البريّة) وهو ديوان شعر يشتمل على أربع عشرة قصيدة، كلّ قصيدة في إمام). (12)
وقال السيد جواد شبر: (من أعلام العلماء والشعراء نشأ على حبّ العلم إلا أنه اشتهر بمقارضة الشعر وكان وقوراً جميل الهيئة قوي العارضة حسن المعاشرة لطيف المحاظرة ….) (13)
وقال عنه الشيخ محمد الري شهري: (كان عالماً فاضلاً جليلاً مهيباً جامعاً لأشتات الفضائل والمكارم، وكان أديباً شاعراً فقيهاً محاضراً في الأدب. وكانت دراسته في الفقه والاُصول على الشيخ مرتضى الأنصاري. من آثاره رسالة في الفقه، مقتل عليّ أمير المؤمنين عليه السلام، ومجموعته الشعرية ...). (14)
وقال الخاقاني: (كان مهاب الطلعة، كثير الأدب، حسن السلوك، يفرض عليك احترامه، طلق المحيا، يهش بمن يلاقيه، فيعطف عليه كأب عطوف متئدا في مشيه، رقيق الحديث، كريم الطبع سخي النفس لم يعرف عنه أنه رد سائلا) (15)
توفي القزويني في بغداد ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف فدفن فيها قرب والده الذي توفي سنة 1300هـ .
وقد رثاه العديد من الشعراء منهم السيّد حيدر الحلّي بقوله:
ومجدِكَ ما خلتُ الرّدى منكَ يقربُ لأنّكَ في صدرِ الردى مـنه أهيـبُ
أصابَكَ لا من حيث تــخشى سهامُه عليكَ ولا من حيث يقوى فيشغبُ
ولـكـن رمـى مـن غـرّةٍ ما أصابـها بـمـثـلـكَ رامٍ مـنـه يـرمي فيعطبُ
وما خـلـتُ مـنكَ الداءُ يبلغُ ما أرى لأنّـكَ لـلـدهـرِ الـدواءُ الــمــجـرّبُ
ولا فـي فـراشِ الـسقـمِ قدّرتُ أنّني أرى مـنـكَ طـوداً بـالأكـفِّ يُـقـلّبُ
أمـنـتُ عـلـيـكَ الـنـائـبــات وأنّـهـا لـعَـنْ كـلّ مَــن آمــنــتــه تــنــكّـبُ
وقلـتُ شـغلنَ الدهرَ في كلّ لحظةٍ مـواهـبُ كـفّـيـكَ التي ليـس توهبُ
ولم أدر أنّ الـخـطـبَ يـجمعُ وثبةً وأنّ عـشـارَ الـمـوتِ بالثكلِ مقربُ
إلـى حـيـن أردتـنـي بـفـقـدِكَ لـيلةٌ تولّد مـنـهـا يـومُ حـزنٍ عصبصبُ
فـقـامَ بـكَ الـنـاعـي وقالَ وللأسى بـكـلِّ حـشـاً يُـدمـيـه ظـفرٌ ومخلّبُ
هـلـمَّ بـنـي الـدنـيا جميعاً إلى التي تـزلـزل مـنها اليوم شرقٌ ومغربُ (16)
الدرر الغروية
تميّز شعر القزويني بصدق العاطفة والإخلاص في الولاء لأهل البيت (عليهم السلام) وخاصة في مراثيه الحسينية التي أكدت صدق عاطفته بقدر إجادته في تقديم الأنموذج الراقي لمراثي الإمام الحسين (عليه السلام) مضيفاً لمساته الإبداعية التي أكدت تفوّقه في هذا الفن فلم يمدح أو يرثي لأجل الشهرة ولا غيرها بل دل شعره على إيمانه بمنهج أهل البيت وإخلاصه وحبه لهم, ويؤكد القزويني ذلك في مقدمة (الدرر الغروية في مدح ورثاء العترة المصطفوية) وهي مجموعة قصائد طويلة جداً له في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) حيث يقول:
(إني مُذ علقت أناملي بأهداب عيون الآداب، واجتليت من تلك الفنون لباب الألباب, ووصل إليَّ ما انتهى لموالينا الأئمة الأطياب من شديد المصاب الموجب لتخليد الحزن والاكتئاب إلى يوم النشر والحساب, وتصفّحت ما ورد من فضائلهم عن طريق السنة والكتاب, وتلوت ما رُوي عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه وعلى آبائه وأبنائه أفضل التحية والصلاة والسلام، إنه قال: (بنى الله بيتاً في الجنة لمن قال فينا بيتاً من الشعر ولو كان ملحوناً), لم أزل أتشوّق لرثاء سادات البشر بقصائد أربعة عشر عدد أولئك الميامين الغرر وتشتمل كل واحدة على نشر فضائل من نسبت إليه وذكر بعض مما وقع فيه) (17)
ديوانه
خلف القزويني ديوانين الأول هو:
الدرر الغروية في مدح ورثاء العترة المصطفوية: وهو بجزأين اشتمل الأول على (5) قصائد مطولة في أصحاب الكساء (عليهم السلام) والقصائد هي:
في النبي (صلى الله عليه وآله) ــ 275 بيتاً
في أمير المؤمنين (عليه السلام) ــ 283 بيتاً
في الزهراء (عليها السلام) ــ 175 بيتاً
في الإمام الحسن (عليه السلام) ــ 151 بيتاً
في الإمام الحسين (عليه السلام) ــ 126 بيتاً
أما الجزء الثاني فقد ضم قصائد في باقي الأئمة وهي:
في الإمام السجاد (عليه السلام) ــ 161 بيتاً
في الإمام الباقر (عليه السلام) ــ 227 بيتاً
في الإمام الصادق (عليه السلام) ــ 236 بيتاً
في الإمام الكاظم (عليه السلام) ــ 181 بيتاً
في الإمام الرضا (عليه السلام) ــ 223 بيتاً
في الإمام الجواد (عليه السلام) ــ 211 بيتاً
في الإمام الهادي (عليه السلام) ــ 194 بيتاً
في الإمام العسكري (عليه السلام) ــ 183 بيتاً
في الإمام المهدي (عليه السلام) 194 بيتاً
فيكون مجموع أبياته (2820) بيتاً (18)
أما ديوانه الثاني والكبير فقد جمعه العالم الشاعر الشيخ ابراهيم صادق العاملي وكتبه بخطه وترجم للشاعر ترجمة مُفصلة، وهذه النسخة اشتراها الأب انستاس الكرملي ثم انتقلت بعد موته إلى مكتبة دار الاثار العامة ببغداد مع ألف وخمسمائة ونيف من مخطوطات كتب الكرملي (19)
يقول السيد جواد شبر: رأيته في مكتبة دار الاثار برقم ١٢٢٠ ويحتوي على عشرة آلاف بيت، كما قام البحاثة الشيخ محمد السماوي أيضاً بجمع ديوانه وديوان ولده السيد راضي المتوفي في حياة أبيه سنة ١٢٨١ هـ (20)
وقد تميّزت قصائد القزويني بالثراء وكثرة التفاصيل وغزارة الموضوع وتنوّع المفاصل وهذا يدل على إلمام الشاعر بحياة أهل البيت (عليهم السلام) وسيرتهم فضلاً عن امتلاكه نفساً طويلاً وقدرة على الانسجام في القصيدة
يقول الخاقاني: (وكان في شعره قوي البديهة ضخم اللفظ متين القافية والأسلوب مكثرا مجيدا لم تؤخذ عليه زلة شائنة تعلو شعره حلاوة وتتخلله طلاوة يسحر في إنشاده، وصافا بالنظر لمعاصريه..) (21)
وقد احتوى ديوانه على قصائد مطولة لم تفقد جزالتها وبلاغتها حتى آخر بيت، يقول في قصيدته اللامية التي بلغت (275) بيتاً في مدح النبي (ص) ورثائه:
أيــنَ مـن يـثـربَ الأثــيــرُ جــلالا وهـو نـورُ مـن نـورِهـا يتلالا
قـد تـجــلَّـــــت مـلائــكُ اللهِ فــيــه وتـجـلّـى لـهـا الـمـلـيـكُ تـعالى
وإلـيـهـا الأمـلاكُ تـهــبــطُ مـــنــه تـبـتـغـي مـن مـلـيكِها الإجلالا
أو مـا حـلّ سـيـدُ الـرســلِ فــيــهـا من بهِ الرسلُ حازتِ الإرسالا
كيفْ لم تفتخرْ على العرشِ أرضٌ حـوتِ الـطـهـرَ أحـمـداً والآلا
قد تـجـلّـت مـن نـورِه نـارُ موسى ولـه خــرّ يـــوم دكّ الـجــبــالا
بـشّـــرتْ قـومَـهـا بـه رســــلُ الله وأوصــــــــتْ بــودِّه الأجـيـالا
مـــا عـلـيـهـم أعــلّاه إلا لــعـــلـمٍ إنـه خـيـرُهـــــــم لـه أعــمــالا
ثـم لـــمّـا أرادَ أن يــرحـــمَ اللهُ الـ ـورى وهو راحــــــمٌ لنْ يزالا
أرسلَ الـــمصطفى على فـترةٍ من رسـلِهِ هـاديـاً بـه الــــــضُّلّالا
كان غيثاً عــــــــلى النواحي ولمّا أن تجلّى منها النواحُ، أطــــالا
كان للدينِ عصمــــــــةً، للمنـوبيـ ـن غـيـاثـاً، للـمرمِلينَ ثُــــــمالا
كـانَ للهِ فــي بــريَّـــــــــتـهِ ظــلّا بـه الله يــصــرفُ الأنـــــــكـالا (22)
ومنها في خروج الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف):
يومَ بالـثـأرِ ينهضُ المرتجى للـ ثــأرِ بــالـسـيـفِ لـلـعِـدى قـتـالا
أصـيـدٌ مـن بني النبيِّ يُرى في وجـــهِـــه نـورُ جــدِّه يـــتـــلالا
غامداً في النحورِ بيضاً صقالاً راكزاً فـي الصدورِ سمراً طوالا
عاقداً رايـة الـهـدى نــاشـراً للـ أمـنِ من بــعــد طــيِّـهِ سِـربــالا
يـا إمــامَ الــهُـدى إلـى مَ نقاسي والهدى بــــانتظارِكَ الأهوالا ؟
غـلـلـونــا وقــيــدونــا فــأدرِكـ نا وفُـكّ الــقــــــيـودَ والأغــلالا
كم على بعدكَ احتملنا الرزايا مـن أعـــــــاديكَ لا تطاقُ احتمالا
أما في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) فتبرز لنا عينيته الطويلة والتي تبلغ (283) بيتاً، والتي قدمناها، يقول فيها:
سَـلْ أهـلَ بـدرٍ مـن أطـلَّ دماءَها ولـوَى لـواهـا والأســنــةُ تــشـرعُ؟
وسـلِ ابـنَ ودٍ مـن سـقـاهُ بـسـيفه كأسَ الردى والشوسُ عنه تتعتعوا؟
سـلْ مـن وقـى نفسَ النبيِّ بنفسِهِ بـمـبـيـتـهِ والـمـشـركــونَ تـجـمَّعوا؟
مـن سـارَ جهراً بالفواطمِ مُرغِمَاً آنـافَـهـم يـقـفـو الـنـبـيَّ ويــتــبـــــعُ؟
من كانَ يومَ الفتحِ يحملُ رايةَ الـ إيـمـانِ يـحـطـمُ بـالـسـنـانِ ويـقـرعُ؟
وسلِ الجحافلَ في حُنينٍ من رسا قـدمـاً يـذبُّ عـن الـنـبـيِّ ويــدفـــعُ؟
سلْ خـيـبراً من قدَّ مرحبَها ومن لـحـمـاتِـهـا كــأسَ الـحِـمـامِ مُـجرّعُ؟
سَلْ هل أتى والعاديات وعمّ والـ ـسورات فــــهي بمدحه لك تصدعُ؟
سَـلْ مَـنْ بـخـاتمِهِ تصـدّقَ راكعاً وبـه الـحـصـى لــــلـوالـبـيـة تطبعُ؟
سَلْ يـومَ خُـمٍّ مَن بـفـرضِ ولائهِ لو تـسمـع الـصـمَّ الـــدعاء إذا دعوا
يا قومِ إنِّي ظاعنٌ عـنـكمْ إلى الـ ــرحـمـنِ والـثـقـلـيـنِ فـــيـكمْ مُودِعُ
فاستمسكوا بهما فطوبى لامرئ مـسـتـمسـكٌ يـوم الـخـلائــــقِ تـجمعُ
ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام)
طُفْ بيَّ على فلكِ الطفوفِ وقُل له مستعبراً أعلمتَ من بكَ مُـودعُ
فـيـكَ الإمـامُ أبـــو الأئـمـةِ والــذي هـوَ لـلـنـبـوّةِ والإمـامــةِ مجـمعُ
مـولـىً بـتـربـتـه الـشفاءُ وتحت قبَّـ ـتِهِ الـدعـاءُ لـكـلِّ داعٍ يــســمـعُ
فـيـكَ الـذي فــيـه الـنــبـيُّ مــوكّــلٌ والطهرُ فاطمُ والبطينُ الأنـزعُ
فـيـكَ الـذي أشـجـى الـبتولَ ونجلَها ولـه الـنـبـيُّ وصـنـوُه مـتـفـجّعُ
فـحـيـاةُ أصـحـابِ الـكـسـاءِ حـيـاتُه وبيومِ مصرعِهِ جميعاً صُرِّعوا
ومنها في الإمام المهدي (عليه السلام)
فإلى متى يا ابنَ النبيِّ محمدٍ تغضي عن الشكوى وإنَّكَ تسمعُ
إنْ لم تغثْ بالسيفِ أمتَه ولم تـفـزعْ عـداهُ فـمـنْ يغيثُ ويُفزعُ
دمـكـمْ أطـلـوهُ ومـنبرُ جدكمْ ظـلـمـاً عـلـوهُ وفـيئكمْ قد وَزَعوا
أخذوا بأقطارِ البلادِ ولم نجدْ إلّاكَ مُـعـتـصـمـاً يـجـيـرُ ويمنعُ
أما في حق الزهراء (سلام الله عليها) فلشاعرنا لامية عصماء تبلغ (175) بيتاً، يقول فيها:
فاطمٌ بضعتي ومـــــــــن ساءها منكمُ فقد ســــــاءني وساءَ الجليلا
أنا من فــــــــــاطمٍ وفـاطـمُ منّي قــالـهـا أحــــــمـدٌ لــهــا تـبـجـيـلا
مـــــــــكـثت بعده قليلاً فـقـاستْ مــــــن عداهُ شجىً وحـزناً طويلا
إنّ يومَ البـتولِ أجرى عيونَ الآ لِ شــجـواً دمــاً ودمـعــاً هــمـولا
إنّ يومَ البــتـولِ أورثَ قلـبَ الـ ـديـــنِ والـمـسـلـمـيـن داءً دخـيـلا
إنّ يـومَ الــبــتـولِ أبـكـى عـلـياً وبــنـــيــهِ والـرسـلَ والـتـنـزيـــلا
طـالـمـا فـــي الـظلامِ لله صـلَّت وإلــيـــه تــبــتّــلــتْ تــبــتــيـــــلا
كمْ لها في الــزمـانِ آياتُ فضلٍ ضاقَ فـيها الزمانُ عرضاً وطولا (23)
وللقزويني في مدح الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وذكر نبذة من فضائله قصيدة بائية تبلغ (151) بيتاً، يقول منها:
إمـامٌ عـلـى الـدنــيـــــا أطـلَّ نــوالُــه وأخـصـبَ فـيـه كتلُّ أقـفـرَ أجــدبِ
تـجـلّـى عـلـى الإسـلامِ كـوكبُ سعدِه فـأشـرقَ مـن أنــوارِهِ كـلُّ كـوكـبِ
وقـامَ مـقـامَ الـمـرتـضـى فـي دفـاعِه عن الدينِ بالحربِ العوانِ المعطبِ
بعزمٍ كعزمِ المصطفى يصدعُ الصفا وحـزمٍ كـحـزمِ الـمـرتـضـى متلهِّبِ
وما هوّمتْ حــتى قضى السبط نحبَه ونــالـتْ بـه أقـصـى مـرامٍ ومأربِ
وقـد أثـبـتـتْ ســـبـعـيـنَ سهماً بنعشِه بتـجـديـدِه عـهـدَ الـحـبـيبِ المقرّبِ
فـهـل عـلـمـتْ أكــنافُ مكةَ ما جرى على الحسنِ الزاكي بأكتافِ يثربِ (24)
أما رثاء القزويني للإمام الحسين (عليه السلام) فقد تعدَّدت موضوعاته وألمّت بجزء كبير من أحداث كربلاء، يقول القزويني في ميميته التي بلغت (126) بيتاً:
فـكـأنّـه والـصــحــبُ مُـحـدقـةٌ بـه قـمـرُ الـسـمـاءِ بـهِ تـحفُّ نجومُها
وفوارسُ السمرِ اللـدانِ سـمـيـرُها في الروعِ والبيضُ الرِّقاقُ نديمُها
لم يـثـنـها وقعُ الصـوارمِ والـقـنــا فـكـأنّـمـا زُبَـرُ الـحـديـدِ جـسـومُها
تـنقضُّ بـالـبيضِ الصفاحِ كـأنّـهـا شـهـبٌ بـها لـلـمـارديــنَ وجـومُها
وأسودَّ من ليلِ الـعجـاجِ نـهـارُها واحـمـرَّ من فـيـضِ الدماءِ أديـمُها
بـأبـي الـذي وَاســا أخاهُ بنـفـسِــهِ لمّا عراهُ من الخطوبِ عـظـيـمُـها
يلقى الكـمـاةَ الدارعـيـنَ بـصارمٍ مـهـجُ الـكـمـاةِ بـه تـفـيضُ كلومُها
حتى هوى قمرُ الـهدى من هاشمٍ فـوق الـثـرى فهوتْ عليه نجومُها
ورأى الحياةَ على الـهـوانِ ذميمةً وكـذا بـه مــــحـمـودُها مذمومُها
يـلـقـى الـجموعَ بمـثـلِها من نفسِهِ عند الهجومِ فلــــمْ يرعْه هجومُها
وإذا الجـنـودُ تـكـاثرت لم يكترثْ أو صـمّـمـتْ لم يــــثنِهِ تصميمُها
يثني الخيولَ على الخيولِ بعزمةٍ عـلـويـةٍ فـأخـيـرُهـا قـــــيـدومُـها
فغدتْ جموعهمُ وقد ملأوا الفضا بدداً تطايرُ كالرؤوسِ جــــسومُها (25)
ويقول من قصيدة في الإمامين الكاظمين (عليهما السلام):
أقولُ لركبٍ حـــــــيث بانوا ويمَّموا سِراعاً إلى الزوراءِ عوجوا وألمموا
إذا جئتمُ مِــــن جانبِ الكرخِ غرِّبوا إلــــى الطورِ حيث النورُ يبدو ويكتمُ
قفوا حيث نارُ الطورِ أشرقَ نورُها ولاحَ سَــــــــــــــــناها والظلامُ مُخيَّمُ
وحــيث تراءتْ نارُ موسى فأدلجوا إليهِ معَ السارينَ والـــــــــــليلُ مظلمُ
قفوا بـــي إذا ما جئتمُ ذروةَ الحمى على قبرِ موسى والجوادِ وســــــلّموا (26)
.........................................................................................
1 ــ الدرر الغروية في مدائح ومراثي العترة المصطفوية ــ وهو يشتمل على خمس قصائد مطولة في أصحاب الكساء (عليهم السلام) ــ مطبعة القضاء في النجف الأشرف 1380 هـ / 1961 م ج 1 ص 18 ــ 31
2 ــ ذكر منها (56) بيتاً في موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري ج ١٣ ص ٤٨٦ ــ 491 / وأشار الخاقاني في شعراء الغري ج 4 ص 211 إلى عددها
3 ــ الدرر الغروية ص 58
4 ــ نفس المصدر ص 62
5 ــ نفس المصدر ص 58 ــ 59
6 ــ شعراء الغري ج 4 ص 210
7 ــ شعراء الغري ج 4 ص 209
8 ــ شعراء الغري ج 4 ص 210 ــ 211
9 ــ الدرر الغروية ص 58
10 ــ شعراء الغري ج 4 ص 211
11 ــ أعيان الشيعة ج ٧ ص 380
12 ــ المجالس السَّنيّة ج 2 ص 369
13 ــ أدب الطف ج 8 ص 66
14 ــ موسوعة الإمام الحسين عليه السّلام في الكتاب والسّنّة والتاريخ ج 7 ص 167
15 ــ شعراء الغري ج 4 ص 210
16 ــ ديوان السيد حيدر الحلي ج 2 ص 33
17 ــ مقدمة الدرر الغروية ص 2 ــ 3
18 ــ شعراء الغري ج 4 ص 211
19 ــ أدب الطف ج 8 ص 66
20 ــ نفس المصدر والصفحة
21 ــ شعراء الغري ج 4 ص 212
22 ــ الدرر الغروية ص 5 ــ 17
23 ــ نفس المصدر ص 32 ــ 39
24 ــ نفس المصدر ص 40 ــ 48
25 ــ نفس المصدر ص 49 ــ 56
26 ــ موسوعة المصطفى والعترة (ع) ج ١٣ ص ٤٩١
كما ترجم له:
رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 5 ص 13
الزركلي / الأعلام ج 3 ص 198
الشيخ محمد صادق الكرباسي / معجم خطباء المنبر الحسيني ج 2 ص 187
محمد حرز الدين / معارف الرجال ج 3 ص 106
جعفر محبوبة / ماضي النجف وحاضرها ج 3 ص 592
أغا بزرك الطهراني / الذريعة ج 8 ص 128
محمد مهدي البصير / نهضة العراق الأدبية ص 319
كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 5 ص 14
محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 3 ص 985
الحاج حسين الشاكري / موسوعة المصطفى والعترة (ع) ج ١١ ص ٤٨٣
اترك تعليق