صدر الدين الشهرستاني: (1347ــ 1411 هـ / 1929 ــ 1991 م)
قال من قصيدة في مولد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) تبلغ (47) بيتاً:
يا قادةَ الحقِّ والإسلامِ في بلدي مِن (كربلاء) أتينا الحقُّ يحدونا
هاكمْ يدَ الشيعةِ البيضاء يدفعُها إخلاصُها لذرى التوحـيدِ يدعونا
وحـطّـمـوا عـصـبـيـاتٍ تـفرِّقُنا لا تـخدمُ العدلَ بل لا تخدمُ الدينا (1)
وقال من قصيدة (يوم عاشوراء) وتبلغ (25) بيتاً:
وادرسي تضحيةَ السبطِ التي هدَّمتْ من دولةِ الظلمِ بناءَ
ها هنا في (كربلا) في عزَّةٍ علمُ السبطِ بنى الدنيا الإباءَ
قـائـلاً واللهِ لا أعـطـي يـدي لـيـدٍ تـهـرقُ لـلــحـقِّ دمـاءَ (2)
وقال من قصيدة (عظمة الشهادة) وتبلغ (24) بيتاً:
سلِ المحرَّمَ بلْ سلْ (كربلاء) عن الـ صيدِ الأباةِ ومن أضحوا قرابينا
للدينِ، للعدلِ، للتحـريرِ، قد هـرعـوا بـثـورةٍ هـشّـمـتْ لـلـظـلمِ عرنينا
اللهُ أكـبـرُ يـا ذكــرى الـحـسـينِ فـقـدْ أصبحتِ درساً لشهدِ العزِّ يسقينا (3)
الشاعر
السيد صدر الدين محمد علي بن محمد حسن بن محمد مهدي (4) بن خليل بن إبراهيم بن محمود بن عبد العزيز بن عمران (5) بن جعفر بن إدريس الموسوي الشهرستاني الحكيم (6)، بن جواد بن عماد بن خليفة بن علي بن محمد بن فلاح بن محمد مهدي بن فلاح بن أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن رضا بن إبراهيم بن هبة الله بن طيب بن أحمد بن محمد بن قاسم بن أبي الفخار بن علي الضرير بن معمر بن عبيد الله بن جعفر بن محمد بن موسى بن عبد الله بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) (7)
عالم وأديب وخطيب وشاعر ولد في كربلاء في أسرة علمية عريقة استوطنت كربلاء منذ أواخر القرن الثاني عشر الهجري، وأسرة الحكيم الحائرية هذه لا تمت بصلة بأسرة الحكيم الطباطبائية التي تسكن النجف الأشرف وسائر أرجاء العراق إذ أن أسرة الحكيم الحائرية حسينية النسب وأسرة الحكيم الطباطبائية حسنية النسب) (8)
ولهذه الأسرة مكانة في الأوساط الدينية والعلمية والاجتماعية والسياسية، وعميد هذه الأسرة السيد المرجع الكبير محمد مهدي الموسوي الشهرستاني الذي كان من أجلِّ تلامذة الوحيد البهبهاني، ومن أعلام هذه الأسرة أيضاً: أبو القاسم بن محمد مهدي الشهرستاني، والسيد محمد حسين بن محمد مهدي الشهرستاني.
يقول السيد سلمان هادي آل طعمة عن هذه الأسرة: (آل الحكيم الشهرستاني أسرة علوية جليلة الشأن عظيمة المنزلة كان لرجالها معرفة تامة بالطب اليوناني والتداوي بالأعشاب لذا عرفوا بآل الحكيم ولها مصاهرة بأسرة السادة الشهرستاني فلحق بها هذا اللقب ومن أبرز رجالها السيد مهدي السيد خليل الحكيم المتوفى سنة (1318 هـ) وكان طبيباً حاذقاً وعالماً جليلاً مطبوعاً وأديباً شاعراً له آثار قيمة مخطوطة ومحفوظة في خزانة كتبه) (9)
ويقول الشيخ نور الدين الشاهروردي عن هذه الأسرة: (إحدى الأسر العلمية العريقة التي حُظيت بشهرة واسعة تخطّت مدينة كربلاء وحدود العراق، إذ برز فيها علماء ورؤساء وسياسيون احتلوا مكانة مرموقة في الوسط الاجتماعي والديني والعلمي، ورأس هذه الأسرة هو السيد الميرزا محمد مهدي الموسوي الشهرستاني، الذي كان من مشاهير العلماء والفقهاء ومراجع التقليد في زمانه، وكان أحد المهادي الأربعة: (مهدي الشهرستاني ــ مهدي بحر العلوم ــ مهدي النراقي ــ مهدي الطوسي) الذين كانوا من أجلِّ وأشهر وأنبه تلامذة العالم الأصولي المؤسس الوحيد البهبهاني في كربلاء ...) (10)
وكان السيد محمد مهدي الموسوي الشهرستاني هذا هو أول من هاجر مع أسرته إلى كربلاء في أواسط القرن الثاني عشر الهجري، واستوطنها وتوفي فيها سنة 1216 هـ، وقبره بالحائر الشريف.(11)
وتاريخ هذه الأسرة حافل بالمآثر والمنجزات فقد خرج منها أفذاذ العلماء الذين تصدروا منابر العلم والأدب منهم:
السيد الميرزا أبو القاسم بن الميرزا محمد مهدي الشهرستاني
السيد الميرزا محمد حسين بن الميرزا محمد مهدي الشهرستاني المعروف بآغا بزرك ــ سبط الوحيد البهبهاني ــ
السيد الميرزا محمد جعفر بن الميرزا محمد حسين الموسوي الشهرستاني المتوفى سنة 1260هـ
السيد الميرزا صالح الشهرستاني
السيد خليل بن السيد إبراهيم الشهرستاني.
في ظل هذه الإشراقات العلمية والأجواء الأدبية نشأ السيد صدر الدين الشهرستاني فحضر في صغره عند الكتاتيب ثم دخل المدرسة الرضوية التي كان يقام فيها الدروس الدينية.
ثم درس الشهرستاني على يد كبار علماء الحوزة العلمية الأفاضل في كربلاء فدرس البلاغة والمنطق والمعاني والبيان على يد الشيخ جعفر الرشتي، ودرس الفقه على يد الشيخ محمد الخطيب، والأدب على يد الشاعر الكبير عبد الحسين الحويزي، وتعلم الخطابة على يد خطيب كربلاء الشيخ محسن أبو الحب (12)
ثم اتسع نشاطه العلمي والأدبي من خلال خطبه ومحاضراته وشعره ونثره وكان ينشر قصائده ومقالاته في المجلات والدوريات الثقافية والأدبية كما كان يشارك بقصائده في المناسبات الدينية ومواليد ووفيات الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وفي عام (1954) أسس (الهيأة العلوية) ثم أسس مجلة (رسالة الشرق) عام (1956) وفي عام (1962) أسس (الجمعية الخيرية الإسلامية). وللشهرستاني كتاب اسمه (التبرج) وتعد مجلة (رسالة الشرق) التي أسسها الشهرستاني الرائدة في مجالها في كربلاء. (13)
يقول الدكتور علي حسين يوسف: (صدر العدد الأول من مجلة رسالة الشرق في 20 جمادي الثانية من عام 1373هـ. وتعد هذه المجلة من أوائل المجلات التي أولت الأدب العربي والأدب عموماً أهمية استثنائية إذ أن صاحب المجلة السيد صدر الدين الشهرستاني كان ذا ملكة أدبية جيدة فقد مارس الخطابة الدينية وكتابة الشعر وهو شخصية فذة متوقد الذهن بحسب ما يصفه معاصروه، وعلى الرغم من صغر حجم المجلة وتوقفها بعد سنة من صدورها إلّا أن أعدادها العشرة التي أصدرتها كانت حافلة بالموضوعات المنوعة في التاريخ والأدب والفوائد العلمية ...) (14)
وقال الأستاذ حسين الشاكري عن دور الشهرستاني في الخطابة ونشر الفكر الديني من خلال نشاطه المسموع والمقروء:
(تعلم الخطابة الحسينية عند أستاذه المعروف الشيخ محسن أبو الحب وغيره من رجالها ثم أصبح أحد أكفائها المعهودين، إضافة إلى مشاركته في النشر والتأليف من خلال المجلات والدوريات الثقافية والأدبية حتى إصداره مجلة (رسالة الشرق) في كربلاء المقدسة، وارتياده لمحافل الشعر ومنتدياته، وإدارته لمدرسة الإمام الصادق الأهلية، ثم انضوائه في سلك دورة رجال الدين التربوية التعليمية حيث عمل إثرها معلماً في المدارس الرسمية إضافة إلى استمراره على الخطابة الحسينية حيث له حضور حافل ومجالس حاشدة... اعتقل عام 1411 ه مع غيره من العلماء والخطباء إثر القضاء على الانتفاضة الشعبانية المباركة ولم يعلم خبره حتى هذا اليوم، له عدة مؤلفات أغلبها مخطوط ومنها ديوان شعر).(15)
ويقول عنه السيد سلمان هادي آل طعمة: (وذاع صيته في الخطابة حتى عد من الخطباء المفوهين الذين نذروا أنفسهم لخدمة المجالس الحسينية) (16)
ويقول عن شاعريته: (يمتلك السيد صدر الدين موهبة أصيلة وطبع رقيق وحس مرهف ووجدان ملتهب حافظ على مقومات الشعر العربي وأصوله ولم يخرج عن الشعر العربي الأصيل في بنائه وتركيبه ولغته). (17)
ويقول عن خطابته: (وقد أمتاز بإحاطته الواسعة لفنون الخطابة ساعده في ذلك صوته الجهوري الذي يأخذ بمجامع القلوب ويشد إليه المستمعين، ويعالج مختلف المواضيع بأسلوب واضح رصين ومنطق عذب سليم وأدب رائع مقبول) (18)
اعتقل السيد صدر الدين الشهرستاني في أعقاب الإنتفاضة الشعبانية المباركة (1991) التي اندلعت ضد حكم البعث الصدامي الكافر ولم تعلم أسرته بمصيره (19)
شعره
قال الشهرستاني في مولد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) من قصيدته التي قدمناها وتبلغ (47) بيتاً:
ولـدتَ يـا مـنـــقـــذَ الـدنـيـا وقــائــدُهــا وفـيـه عُـطّـرَ قــاصـيـنـا ودانـيـنـا
ولـدتَ فـانـهــزمَ الــكـفـرُ الـظـلـومُ إلـى شـقـيـقِـه الـمـلحدِ المخذولِ ملعونا
ولــدتَ فـانـهــدّتِ الأصــنــامُ هــاويــةً فوقَ الترابِ وباتَ الشركُ محزونا
وقـد تـــهـاوى سـجـوداً كــلُّ مــقــتــدرٍ مـن الـرجـالِ وقـد كـانوا سلاطـينا
وفـي الـسـمـاءِ نـجـومٌ لـلـهـنـا انـتـثرتْ تـبـشّـرُ الـخـلـقَ مـلـيـونـا فـمـليونا
وقـد جُــعــلـتَ حــبــيــبَ اللهِ مــن قـدمٍ وفـيـكَ قـد خـــتـمَ اللهُ الـنـبـيــيــنــا
واخــتــاركَ اللهُ لــلــدنــيــا مـطـهِّـرَهــا فـأنـتَ نـبـراسُـهـا تـهدي المضلّينا
يا صاحبَ الحوضِ ما أحلى ولائِكَ في كـلِّ الـقـلـوبِ وقـد غـذّى الشرايينا
لـولاكَ لـم يـــخـــلـقِ اللهُ الـوجــودَ ولا ضـاءتْ شـمـوسٌ لنا تحيي دياجينا
فـأنـتَ سـرٌّ لـــهـــذا الــخــلــقِ ســيِّــده وأنـتَ مـحـمـودُه لا زلـتَ مـأمـونا
وأنـتَ أحـــمـــدُه بـل مـصـطـفـاهُ وقــد أهـداكَ خـالـقُـه بـالـحـقِّ يــاســيـنـا
وقد سريتَ من البيـتِ الـحرامِ على الـ ـبـراقِ لـلـقـدسِ فـي أقصى فلسطينا
وخـصَّـكَ اللهُ بـالـمـعــراجِ فـازدهـرتْ بـكَ الـسـماواتُ تـشـريـفـاً وتـزيـينا
وقـد عـرجـتَ إلــيــهِ بــل دنـــوتَ لــه فـي قـابِ قـوسـينَ يا رمزَ المحبينا
وعـدتَ كـي تـمـلأ الـدنـيـا عـلاً وهدىً وتـنـشـرُ الـعـدلَ والقـرآنَ والـديـنـا
وقــاتــلــتــكَ عــصـابـاتٌ مــدمِّــرُهــا غـرورُهـا وبقـيـتَ المـصطفى فينا
حـمـلـتَ رايـةَ ديـنِ اللهِ فــانــتــصـرتْ بـكَ الـشـريـعـةُ أحـكـامـاً وقـانـونـا
اللهُ مـا أعـــظـــمَ الإســلامِ مــعــتــقــداً شـريـعـةٌ كـمُـلـتْ فـيـهـا مـبـاديـنـا
وإنَّ أحــمــدَ خــيــرُ الــرسـلِ قـاطـبـةَ نـبـيُّـنـا وبـه نــهــدي الـمُــضـلّـيـنـا
وأهـلُ بـــيـــتِ رســولِ اللهِ ســادتُــنــا أئــمـــةٌ بــهــمُ نــلــنــا مــعــالــيـنـا
وقال في مولده (صلى الله عليه وآله) أيضاً من قصيدة تبلغ (51) بيتاً:
هوَ ذاكَ المصطفى ربُّ النُّهى هوَ ذاكَ البطلُ الشهمُ المهابُ
يـا أبـا الـزهـراءِ والعدلُ الذي بـاسـمِـه يُـفتحُ للإصلاحِ بابُ
أنـتَ حـرَّرتَ رقـابـاً طـالــمـا لـبـني الشرِّ عنتْ تلكَ الرقابُ
أنـتَ أعـطـيـتَ دروسـاً وبـها تـكشفُ الأسرارَ يمتازُ اللبابُ
أنـتَ ثــقـــفــتَ بـجــهــدٍ أمَّـةً عَـمَّـهـا جهلٌ وبؤسٌ وانقلابُ
ورفـعـتَ الـرايةَ البيضاءَ فـي أمـمِ الـدنـيا فـلـبُّوا واستجابوا
وأزلـتَ الـشـرَّ عـن مـجـتـمعٍ هـدَّه فــتــكٌ وظــلـمٌ وسـبـابُ (20)
ومنها يشكو الشاعر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من تشتت وتفرق وغزو الأفكار والتيارات الإلحادية التي جرفت بعض الشباب الجاهل:
يـا رســولَ اللهِ إنِّــي شــاعــرٌ وبـقـلـبـي نـفـثـةٌ فـيـها التهابُ
أجَّـجـتْ فـي أضـلـعي شعلتَها وبـوسـطِ الـنـارِ أحشائي تُذابُ
وأنـا أشـكـو إلـى عُـلـيـاكَ مـن أمَّةٍ شتّـتـهـا الـعـقـلُ المُصابُ
وأتـى الأعـداءُ مـن أطـرافِـنـا سمَّموا الأفكارَ فانحازَ الشبابُ
تركوا الإسلامَ حين انـتـشرتْ فـكـرةُ الإلـحادِ للشرِّ استطابوا
وفي نهاية القصيدة يخاطب الشاعر الأمة الإسلامية ويدعوها إلى الرجوع إلى القرآن الكريم والتمسك بالدين الحنيف:
أمّـتـي مـا هــذه الــفــرقــة فـي جـمـعِـكـمْ فـيها طعانٌ وضرابُ
أولـسـتــمْ قـادة الــدنــيـــا ومَـن لـعُـلا عــزّهــمُ الأعـداءُ هـابـوا
وشعوبُ الأرضِ كانوا باسمِكم يـطـلبـونَ العدلَ هذا اليوم خابوا
أمّـتـي نــهــضـاً فـأنـتــمْ قــدوةٌ تنسفُ الأحلافَ تحميها الحرابُ
وارفـعـوا رايــتَــكــمْ خــفــاقــةً فـلـكـمْ لا شـكَّ نــصـرٌ وغـلابُ
وقال من قصيدة تبلغ (52) بيتاً بمناسبة مولد إمام العدل والإنسانية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد ألقيت في المهرجان السنوي الذي كان يقام في كربلاء بهذه المناسبة المباركة:
يـا سـاعدَ الدينِ الــحنيفِ سـمـوتَ مـرتـبـةَ الـسـعـودِ
ومُـحـطـمَ الأصــــنـامِ لا تـثـنـيـكَ صـلـصـلةُ الحـديدِ
ومُـحــقّـقَ الأحـــلامَ فـي تـنـكـيـسِ رايــاتِ الـيـهـودِ
ومُـجــدِّدَ الإقــــدامَ نــحـ ـوَ قـداسـةِ الـمـجـدِ الـتـلـيـدِ
ومُــنــوِّرَ الأفــــكــارَ فـ ـذّاً عـبـقـريـاً فـي الـوجــودِ
ولــدَ الإمــامُ عــلـيُّ مـر تـبـةً عـلـى رغـمِ الـحسـودِ
ولــدَ الإمـامُ فـبـشّـرِ الـ ـهـادي بـمـولـدِهِ الــســعـيــدِ
ولو اسـتمعتَ مـعي إلى صوتِ الرسولِ أبي الأسودِ
لـسـمـعـتَ يهتفُ قـائـلاً بـشـرايَ بـالــعــونِ الـفريـدِ
هـــذا مـؤيِّــدُ مــبــدئـي لـم يـخـشَ بـارقــةَ الـحـديـدِ
هـذا مُـثـبِّــتُ دعــوتــي بـالـسـيفِ ذو الـبأسِ الشديدِ
هـذا فـتـى الـدنـيـا وفـيـ ـه تُــنـالُ جنَّـاتُ الــخــلــودِ
عـطـفـاً أمـير الـمؤمنيـ ـن حِــمـاكَ أمــنٌ لـلـطـريــدِ
حَـسَـبي أثارَ عـواطـفي فـسكبتُ مدحي في قصيدي
حـيَّـرتَ عـقـلي ما أقـو لُ وهلْ لـشأوِكَ من حدودِ ؟
أخرستَ كلَّ الواصـفيـ ـنَ وأنـتَ في الشرفِ المديدِ
ولأنتَ أعلمُ من بني الـ إنـسـانِ فـي كـلِّ الــعــهــودِ
ولأنـتَ رمـزُ تــقـدُّمِ الـ إســلامِ خــفَّـــاقِ الــبـــنــودِ
ولأنـتَ حـيـدرةُ الـمـعا ركِ مـــن قــديـمٍ أو جــديــدِ
أنتَ الصراط إلى النجا ةِ إلـى الـرقـيِّ إلـى الصعودِ
رمـتَ اتـفـاقَ المسلميـ ـنَ فـجـئـتَ بـالـرأيِّ الـسديـدِ
فـعـلـى هُداكَ نسيرُ ما أسـمـاكَ مــن بـطـلٍ شـهـيــدِ
سـيروا بني الإسـلام طُـ راً بـالـجمـوعِ وبـالـعـديـدِ
سيروا على اسمِ اللهِ واقـ ـضوا يا أباةَ عـلى الهمودِ
ودعوا الـتـخـاصمَ جانباً واسعوا إلى المـجدِ المجيدِ
أفـلا تـرونَ الـمـلــحـديـ ـنَ وقـصـدهـمْ نهبَ النقودِ
ظـلـمـوا الشعوبَ وكلّهم فـيـنـا كـشـيـطــانٍ مــريـدِ
أينَ الـشـهـامة؟ هل أتى يومُ النهوضِ من القـعـودِ؟
الـمــجــدُ لـلــقــرآنِ يـبـ ـقـى رافـعـاً عـلمَ الـوجـودِ (21)
وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً:
ولواؤكَ الـخـفّـاقُ يـحمـلـه فـتـىً خضعـتْ له العلماءُ فـهوَ الأعلمُ
هوَ ذاكَ حـيـدرةُ الـمعاركِ سيفُه يـومَ الــكـريـهـةِ ذو فــقارٍ مخذمُ
ويـحـوطـه الآسادُ أنصارُ الهدى بـالـنـصـرِ كـلٌّ مـنــهـمُ يـتـرنَّـمُ
نشروا بكَ الإسلامَ في عزماتِهمْ وعلى الفداءِ بتضحياتٍ صمَّموا (22)
قال من قصيدة مولد النور وهي بمناسبة مولد أمير المؤمنين (عليه السلام):
الـحـقُّ يــعــلــو إذ تــجـلّـى تـوأمـا لـعـلا ولـيـدٍ أنـــجـــبــتـــه نـــزارُ
ولـدٌ بـبـيـتِ اللهِ واتـــفــقــا مــعَ الـ ـقـرآنِ ذاكَ الـــمـرشـدُ الـــقــهــارُ
قـمْ يـا أخـيَّ فـإنَّ ركبَ عصابةِ الـ إلـحـادِ قــد أودى بـــه الإعــصـارُ
انـظـرْ فــهــذي لــبــوةٌ وأمــامُـهـا أسـدٌ هــزبــرٌ ضــيــغــمٌ هــصَّـارُ
هـيَ لــبــوةُ الإســلامِ فــاطـمةٌ وذا فـي كـفِّـهـا هـوَ شـبـلُـهـا الــكـرَّارُ
خرجتْ من البيتِ الحرامِ لتمنحَ الـ دنـيـا فـتـىً كـشـفـتْ بـهِ الأسـرارُ
هوَ ذا عليُّ المرتضى بـطلُ الهدى ولـديـنِ أحـمـدَ ســيــفُـه الــبــتّــارُ
عـطـفـاً أمـيـرُ الـمـؤمـنيـنَ فإنَّ لي قـلـبـاً يـهـيـمُ لــحــبِّـكـمْ يــخــتــارُ
أسـلـمـتُـه لـلـحـبِّ حـيـن خــبـرتـه إذ فـيـهِ يـكـمـنُ رســـمَــكَ الـنـوَّارُ
فأثـارَ عـاطـفـتـي وألـهـبَ فـكرتي وإلـيـكَ مـنـــهــا زفَّـتِ الأشــعــارُ
أنا مخلصٌ في الحبِّ لن اغـترَّ في أقـوالِ مـن لــفُّــوا بــنــا أو داروا
لـكـنْ أرانـي ألـكـنـاً فـي مـدحِـكــمْ ولـسـانُ ودِّي فـي ثــنــاكَ بــحـارُ
أخرستَ كلَّ الواصـفينَ وهـيَّـجَ الـ أفـكـارَ مــنـهـم بـحـرُكَ الــزخَّــارُ
أنتَ المؤازرُ للرسولِ وفي الوغى لـلـجـنــدِ أنـتَ الـقـائـدُ الـمــغــوارُ
أنـتَ الـمـطـبِّـقُ لـلـشـريـعـةِ مُعلناً إنَّ الـنـــظــامَ نــظــامُـنـا الـجـبَّـارُ
أنـتَ الـمُـشـيِّـدُ لـلـعـدالةِ صرحِـها في سحقِ من قد ضللوا أو حاروا
لـولاكَ لا شـمـسٌ ولا قمرٌ ولا الـ أفـــلاكُ فــيـهـا كــوكــبٌ ســـيَّــارُ
يا مـرشـدَ الـدنـيـا لـكـلِّ مـواقــفٍ إن حـاربـوا أو سـالـمـوا أو ثـاروا
ومـعـلِّـمَ الـعـلـمـاءِ فـي مـنـهـاجِـهِ وبـه تـشـيَّــدَ ركــنُــهــا الــمــنّـــارُ
يا صـاحـبَ الـنهجِ القويمِ ومن لنا (نـهـجُ الـبـلاغـةِ) مـن عـلاهُ مـنارُ (23)
وقال من قصيدة في الإمام السبط الحسن المجتبى (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (20) بيتا
أبا محمدَ حسبُ النـظـمِ مـفــخـرةً وحـسـبُ شـعـرِ الـثنا فيكـمْ إذا نُـظما
ولدتَ يا عـلّـة الإيـجادِ فابتـهجتْ دُنا الـوجـودِ ومـنـكَ الـحـقُّ قد عظما
ولدتَ يا مرغمَ الأعداءِ فامتلأتْ غـيـظـاً عـلــيــكَ وكــلٌّ أنـفُــه رُغــما
يا قبَّحَ اللهُ قـومـاً مـنكَ قد غدروا شخصاً عظيماً على الرحمنِ مُحترَمـا
وخلّفوا بـمـكـانِ الـديـنِ عــاريـةً مـن الـكـلابِ بـجـهـلٍ تـنـهـشُ الـعـلما
ذاكَ ابنُ هندٍ ولـم تـعـلـم لـه نسباً إلـى أمـيَّـةَ حـتـى تــبــســط الــقــلـمـا
إذ ادَّعـاهُ مـن الــفــجَّــارِ أربـعـةً والـكـلُّ جـاءَ إلـى هـنـدٍ لـيــحــتــكـمـا (24)
ومنها:
ويلَ النقودِ أبادتْ كلَّ ذي شرفٍ وعزَّزتْ أدعـيـاءَ الـدهـرِ والـلـؤمـا
ويلَ الـنـقـودِ فـمـا أقسى سجيَّتها تـردي بـرغـمِ الـمـعـالي سادةً كُرما
ويلَ النقودِ أتـتْ بـالـظـلـمِ معلنةً والعدلُ من جورِها قد ظلَّ مُهتضما
وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدته (يوم عاشوراء) وقد قدمناها:
يـا أبـا الأطــهــارِ هــذا مـــأتــم قـد أقـمـنـاهُ لـكـي نـبدي الــولاءَ
ونُـري الـدنــيـا بـأنّـا مــعــشــرٌ لـعـلا ذكـراكَ أرخـصـنا الدمـاءَ
كـيـفَ نـنـسـاكَ وهل يُنسى فتىً مـلأ الـدنــيــا ضــيــاءً وســنـاءَ
أنـتَ أنـقـذتَ الـورى من مجرمٍ رامَ لـلـحـقِّ انــقــضــاءً وفـنــاءَ
أنـتَ أنـقـذتَ الـورى مـن ملحدٍ أنـكـرَ الـربَّ وعـادى الأنــبـياءَ
أنتَ أنقذتَ الورى من مدمنِ الـ ـخـمـرِ مـعـدومِ النهى شذّ غـباءَ
أنـتَ شـيَّـدتَ لـديـنِ الـمصطفى صرحَه العالي الذي فـاقَ عـلاءَ
أنـتَ حـطّـمتَ بني العهرِ الألى بـذلـوا الـعـفّـة وابـتـاعـوا البغاءَ
نحنُ لا نـنـسـاكَ يا رمزَ الهُدى وبـكـمْ نـسـمو إلى المجدِ اعتلاءَ
يـومُ عـاشــوراءَ مـا أفــجــعــه فـي فـؤادِ الـخـلـقِ قـد أوجدَ داءَ
فـيـه قـد ضـحَّـى حسينٌ مهجةً عــظــمـتْ قـدراً وعـزّاً وعــلاءَ
وأشـادَ الـديـنَ فــي مــوقــفِـــه وأزالَ الـكـفـرَ عـنـه والــشـــقـاءَ
وبـه إســلامُــنــا بــاقٍ عــلــى رغمِ من جرُّوا على الدينِ الـبلاءَ
باسمِه نحيا وإن مُـتنا فـفـي الـ ـقـبـرِ نـــدعـوهُ يـلـبِّـيـنـا الــنــداءَ
أنقذَ الدنيا حـسينُ الـسبـطِ فـي يـومِ عـاشـورا ونـالَ الـكـبـريـــاءَ
ومنها:
وعظيماً في عـلا وقْـفـاتِـه الـ ـخــالــداتِ الـغـرِّ قـادَ الــعـظـمـاءَ
ومعيداً مجدَ ديـنِ الـمصطفى بــأســـودٍ مـــلأوا الـدنــيــا عــلاءَ
وحـسـامـاً نُـشـرَ الـعــدلُ بـهِ وهــدى الــنــاسِ رجــالاً ونــســاءَ
وأبـيَّ الـضــيـمِ حُرَّاً قـدَّمَ الـ ـنـفـسَ والأبــنـــاءَ لــلــحــقِّ فــداءَ
وقال من قصيدة (عظمة الشهادة) وقد قدمناها:
مضى شـهـيـدُ الإبـا بل قد بقي قبساً يـنـيـرُ فـي دمِـه الـزاكـي مـغـانينا
ذكراكَ يـا ابـنَ رسولِ اللهِ ألهبتِ الـ ـنـفـوسَ فـارتـعـبـتْ مـنـها أعادينا
وأشـعـلـتْ فـي كـيانِ الظالمينَ لظىً وحـوّلـتـهـمْ رمـاداً فـي أراضـيـنـا
وقـفــتَ وقــفــةَ عــزٍّ لا تــرى أبـداً لـلـذلِّ فـيـكَ مـكـاناً يـقـبـلُ الـلـيـنـا
وقـفـتَ تُـعـلـنُ لـلـدنـيـا مـساؤئَ مَن نـزا عـلـى الحكمِ شرَّاً باتَ ملعونا
وقـفـتَ تُـعـلـنُ أنَّ الـتـضـحـياتِ لها مـواردٌ تــمــلأ الآفـاقَ تــزيــيــنــا
ولـلـعـقـيـدةِ أهـديـتَ الـشــبـابَ ولـمْ تُـثـنْ مـرامَــكَ أحـقـادُ الـمـضلّـيـنا
تـقـدّمـوا لـقـتـالِ الـحـاقــديــنَ ومَـن لـم يـعـرفـوا أبــداً ربَّـاً ولا ديـــنــا
صالوا عليهم جميعاً بعدما لبِسوا الـ ـقلوبَ فوقَ دروعِ الحربِ تحصينا
عـاشـوا أعـزاءَ ثـم اسـتُشهِدوا ولهمْ فـي كـلِّ قلبٍ هوى غذّى الشرايينا
وصُلتَ كالليثِ طحناً في جماجِم مَن قـد قـتّـلـوا الـسـادةَ الـغـرَّ الميامينا
وقـلـتَ هـيـهـاتَ لا أعـطـيـكـمُ بيدي ذلّاً وإنّي عـزيـزٌ أرفـضُ الـهـونـا
إنّـي قـضـيـتُ أبـيَّ الـنـفـسِ مُنتصراً بـكَ الـمـبـادئُ أحـكـامـاً وقـانـونـا
يا سـيَّـدَ الـشـهـداءِ الـيـومَ سـارَ عـلى طـريـقِ مـجـدِكَ آلافُ الـمـحـبـينا
وقال يشكو حال الأمة إلى الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف):
جارَ الـزمـانُ وجمعُنا أمـــســــى بـــقيـدٍ يــرســفُ
وإذا المـطـامعُ من أقا صي الأرضِ جاءتْ تزحفُ
سلبتْ حِـمانا واعتدتْ تـردي الــغـيورَ وتُـضـعِـفُ
عجِّلْ إمامَ العصرِ أنـ ـتَ لـــكـــلِّ حــالٍ أعــــرفُ (25)
وقال من قصيدة (إيه شباب اليوم) وتبلغ (36) بيتا
إيـهٍ شـبـابُ الـيـومِ عـدْ نـحـوَ الـحـقـيـقـةِ والـلـبابِ
واتركْ دعـاةَ الـمـوبـقـا تِ وعُد إلى المجدِ المهابِ
واذكرْ مـآسـي الملحديـ ـنَ وأمـنــيـاتٍ كـالـسـرابِ
وارجعْ إلى الإسلامِ فالـ إسـلامُ مـرفـوعُ الــقــبـابِ
فـيـهِ الـتــمـدّنُ والــتــقـ دُّمُ والـعـدالـةُ فـي الـثـوابِ
فـيـهِ الأخــوَّةُ والـصـفـا ءُ وذاكَ فـي نـصِّ الـكتابِ
فـيـهِ الـتـحـرُّرُ لـلــعـقـو لِ يـسـنُّ تـحـريـرَ الرقابِ (26)
ومنها:
واجـعـلْ نــبـيَّـكَ قـدوةً أسـمـى بفعلِكَ والخطابِ
وانـهـجْ طـريـقَ أئـمـةٍ صــيـدٍ بـأيـامِ الـضـرابِ
من أهلِ بيتِ محمدٍ الـ أسْدِ الضراغمةِ الغضابِ
وقال من قصيدة (وحِّدوا الصف):
أمّـةَ الإســلامِ هــذي صـرخـةٌ من صميمِ الدينِ لا تخشى الصراعا
جئتُ أدعـو صـارخـاً يـا أمتي لِمَ مـنـكـمْ غـيَّـرَ الـحِـرصُ الطباعا؟
لِـمَ حـطَّــمــتـمْ كــيــانـاً شــاده أحـمـدٌ لـمَّـا بــجـمـعِ الـشـمـلِ داعـى
مُذ أتى الغربيُّ يـسعى عـجِـلاً لِمَ صارَ الأُسْدُ في الحربِ ضـبـاعا؟
وأتـى الـشـرقيُّ يـسـعـى بـعدَه فـرأى الـنـشءَ لـه مُـلْـكـاً مُــشــاعـا
كلُّ ذئبٍ صارَ يرجـو صـيــدَه وغـدا الـصـيـدُ لأقــواهــا مــتــاعــا
وحِّـدوا الصـفَّ وكـونـوا قــوةً وانـسـفـوا مـنـهـم هـضـابـاً وقـلاعـا
واسحقوا المستعمرَ الغاشمَ في أيِّ ثـوبٍ جـاءكـم يـبـغـي الـخـداعـا (27)
...................................................................
1 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 156 ــ 158
2 ــ نفس المصدر ص 179 ــ 181
3 ــ نفس المصدر ص 181 ــ 182
4 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 154
5 ــ مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ١٨٧
6 ــ الكرام البررة ج1 ص 137
7 ــ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 1 ص 125 ــ 126
8 ــ ــ مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ١٨٧ عن السيد صالح الشهرستاني في ترجمة السيد محمد حسن الشهرستاني
9 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 154
10 ــ تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ص 224
11 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 390
12 ــ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 1 ص 227 ــ 228
13 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 155
14 ــ بحث منشور في مجلة أهل البيت عليهم السلام العدد 13 من ص 6 إلى ص 19
15 ــ علي في الكتاب والسنة والأدب ج ٥ ص ٢٧٥
16 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 154
17 ــ نفس المصدر ص 155
18 ــ معجم خطباء كربلاء ص 116
19 ــ من شهداء المنبر الحسيني.. الخطيب الحسيني السيد صدر الدين الشهرستاني / مجلة ينابيع بقلم أحمد الكعبي الطويرجاوي بتاريخ 13 / 9 / 2018
20 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 159 ــ 162 / الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 1 ص237 ــ 238
21 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 175 ــ 179
22 ــ نفس المصدر ص 162 ــ 163 ذكر منها 22 بيتا
23 ــ من شهداء المنبر الحسيني.. الخطيب الحسيني السيد صدر الدين الشهرستاني / مجلة ينابيع بقلم أحمد الكعبي الطويرجاوي بتاريخ 13 / 9 / 2018
24 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 163 ــ 164
25 ــ نفس المصدر ص 175
26 ــ نفس المصدر ص 165 ــ 167
27 ــ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 1 ص 236
اترك تعليق