الضوء هو كل شيء في الفنون المرئية وبدونه لا يتحقق وجود للفن المرئي ، حيث ان قيمة الضوء تقاس بمقدار اشراق اللون المنعكس ودرجته وبه يوصف اللون بالغامق او الفاتح، وتعتمد القيمة الضوئية على أنواع الضوء من نور وظلام وظل وبمختلف الدرجات، ومنها يحدث الانطباع الاول لدى المتلقي عن طبيعة اللوحة او التصميم وموضوعه ومن ثم تحدث الاستجابة ورد الفعل لديه.
اما اللون المنعكس فيدل على الابعاد والمكان والشكل والمساحة ويعطي للشكل بروزه او عدم بروزه وهو بذلك يخلق احساساً بالشكل من خلال تشبع مدركات الانسان الجمالية، فاللون هو المسؤول عن وصف الاحساس الذي يستلمه الدماغ عندما تتأثر شبكية العين بفعل امتدادات معينة للموجات الضوئية.
ان للألوان معطيات مختلفة في التكوين الفني ولها قيم مختلفة ومتفاوتة في صياغة الاشكال ولها متعة جمالية وبالتالي تؤكد الاشكال واهميتها، اذ ان عنصر اللون يمكن ان يكون له تأثير حسي في الشكل ووظيفي في نفس الوقت، ويعد اللون احد وسائل التنظيم الجمالي في الفنون التشكيلية وله تأثير مباشر بالنسبة للمشاهد عندما يميز بين الاشياء من خلال تأثيره المباشر على مزاج المشاهد، فهناك من يرى ان الالوان الغامقة تعطي انطباعا مما يجعل المشاهد يميل الى الكآبة بينما الالوان الفاتحة او المضيئة تفعل العكس.
وتعد الالوان بمثابة مجموعة من العلاقات التي تحمل مضامين ورموزا ودلالات تعبر عن افكار ذات مغزى معين وقد استثمر ذلك في الاشكال والتصاميم الفنية المختلفة، حيث ادرك المصمم اهمية اللون وكيفية استخدامه من حيث انسجامه وتباينه وتأثير القيم الضوئية على المشاهد وكذلك التباين اللوني، وكل ذلك يستخدم بالانسجام مع نوع الخامات والمواد الاولية المستخدمة في العمل الفني وطريقة تنفيذ الاشكال عليها ومدى توافقها ومناسبتها لفكرة الموضوع، ومن ذلك نلاحظ ان عملية ادراك اللون عملية معقدة بعض الشي وتتدخل فيها متغيرات خارجية وذاتية نفسية كما انها ذات دلالات مختلفة على اختلاف ثقافات وعادات الشعوب والامم ومتغيراتها الحضارية فيما بينها، حيث ان ادراك اللون هنا يمثل حصيلة تفاعل هذه المتغيرات لكي تعطي للمشاهد ادراكا بصريا يعمل على قوة تاثير العمل الفني التصميمي، وكل ذلك يكون ملزم بشروط معينة ونذكر منها :
1. وجود التباين اللوني من خلال الانعكاسات الضوئية للسطوح المرئية .
2. حدوث عملية ترميز تنتقل الى الدماغ وتصاحبها عملية التفسير .
3. توافر الخبرة الادراكية لدى المشاهد من خلال وجود علامات معينة تحملها الموجات اللونية يعمل الدماغ بدوره على تفسيرها.
وعلى هذا تكونت للألوان اغراض مختلفة عديدة في العمل الفني وهي ذات علاقات متبادلة ربما تكمل او تستفيض عن قيمة ضوئية مختلفة.. بغية اضفاء خاصية معينة فضلا عن ميزة خلق الراحة النفسية من خلال مجانسة فضاء العمل الفني الابداعي، ويمكن ايضا توظيف اللون كقيمة رمزية وتعبيرية او حتى استخدامه كأداة للتعبير عن الانفعالات الشخصية والمشاعر.
وهنا لابد من الاشارة الى ان الخبرة السابقة للمتلقي لها الدور الاكبر في ادراك اللون والمقصود هنا مرور الالوان مسبقا على بصر المشاهد فكل صورة ولون لم تكن قد وردت من قبل على الذاكرة لا يستطيع الدماغ فهمها الا بعد ان يستقرئ جميع المعاني المدركة لتلك الصورة، ولذلك لابد من سعي الفنان الى ان يكون تنظيم الالوان حرا ومقبولا وهذا موضوع شخصي يتعلق بالفنان ولا يمكن الاجماع على اعتبار لون ما بانه مؤثر ومقبول فلا بد ان يخضع لاختبارات اخرى منها بيئية وخرى اجتماعية تتعلق بالمشاهد ، ومنه نستطيع الحكم ان هذا اللون ملائما للغرض الذي يوضع من اجله من عدمه.. ويمكن التأكد من ذلك عن طريق التأثير الناتج منه في نفس المتلقي من عدمه، وقد اثبتت كثير من الدراسات ان اللون يجذب الاهتمام حينما يكون عن طريق تباين الالوان والقيمة الضوئية وتباين الشدة والتواصل بين الالوان وهذا مختلف بين منتج فني واخر واسلوب واخر، فاللون النقي على سبيل المثال عادة ما يلفت النظر اكثر من اللون القاتم وان شدة الاضاءة تستدعي الانتباه اكثر من خفتها .
اللوحة للفنانة التشكيلية العراقية امل الصندوق.
سامر قحطان القيسي
لموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق