مهدي النهيري: (ولد 1398 هـ / 1978 م)
قال من قصيدة (عقيلة السماوات والأرض):
الـ (كربلائـ) يةُ الــشمَّاءُ، وهي بلا أخٍ، ولـــــــــــكنَّ رأساً نازفاً خضِلا
يضيءُ وهــــــــي تلبِّي نزفَهَ، وكِلا حزنيهما كانَ يمشي في المدى شُعلا
مـــــــــن العراقِ إلى قتلٍ إلى جملٍ تُسبى عليهِ، إلـــــــــى شامٍ يزيدَ إلى
أن أصبحتْ كعبةً حمراءَ ضجَّ على أركانِها العالمُ العـــــــــــلويُّ مُبتهِلا (1)
وقال من قصيدة (آية المؤمنات):
ففـــــــاطمةٌ صدرُها النهروانُ وفـــاطمةٌ ضلعُها (كربلاءُ)
فــــــــــيا أمَّها أنتِ بدءُ التضا ريـسِ بازغةٌ أشعلتْها الدماءُ
ويا لِصقَ أحمدَ حيثُ الحتوفُ مصاليتُ يلظى بهنَّ المضاءُ
وقال من قصيدة (سورة الطمأنينة):
أشــــــرتُ بمـنديلي فيا دمعَ (كربلا) أغثني ويــــا شبَّاكها حَطّمَنْ صبري
هنا وطنُ الباقينَ في الأرضِ وحدَهم ومـــــملكةُ الأطـفالِ والرملِ والزَّهْرِ
هنا قربـــــــــةُ العباسِ سوفَ أريقُها على دفتري حِبراً يُصحِّحُ لي حِبري
وقال من قصيدة (ضوءُ عاشوراء):
كـــــامتدادِ الخيامِ في (كربلاءِ) أدمــــعٌ زينبيةٌ في السماءِ
وهي هذي النجومُ تمتدُّ في الأفـ ـقِ خياماً خضيبةً بالدماءِ
هاطـلاتٍ على الترابِ على النا سِ عزاءً يفوقُ كلَّ عزاءِ
ومنها:
زيــنـبٌ والحسينِ طفَّانِ سارا من ربى (كربلاءَ) نحوَ العلاءِ
العفــافُ الرهيبُ والذبحُ كانا وطــــــــــــنيْ محنةٍ وتلّيْ نقاءِ
ورثا المجدَ من عليٍّ وصاغا قصةَ كالخيــــالِ في الصحراءِ
وقال من قصيدة (تاريخ دموع):
تــــــوسَّلوا جرَّةً من (كربلاءَ) على ضفافِــــها وردةُ الأحلامِ تنغرسُ
لمْ ينزعوا الماءَ عن أفكارِهم سكتوا لكن كما تكتمُ الأمواجُ لو همسوا
لهمْ مــــــــــن الحلمِ ليلٌ يشعلونَ بهِ جهــــاتِهـم ولهمْ من حزنِهم قبسُ
وقال من قصيدة (قمح النبوات):
وهلْ لمْ يـــطرْ قلبُ الحسينِ بـ (كربلا) إلى أن تـــــــــــلاقى والثريَّا مكبِّرا؟
وهلْ لم يضئ رأسُ الحسينِ وقد سرى عن الجسمِ رأساً مشمسَ الدمِ مُقمرا؟
وهــــــــلْ زينبٌ لم تكتشفْ أنَّ صوتَها سمـــــــــــاواتُها غيماً وغيثاً معبِّرا؟
وقال من قصيدة (مدينة فصولها الحزن)
وقالوا: ومعنى (كربلاء)، سندَّعي بأنَّ جــــــميعَ الأرضِ منّا ستعجبُ
وتــــشربُ من أحلامنا ما يُجيرُها مــــــن الليلِ لو أدماهُ ظُفْرٌ ومخلبُ
وتصــرخُ حتى يفتحَ الصمتُ قلبَهُ ويصغي: هنا ينجو الوجودُ المعذَّبُ
ومنها:
هنا (كربلا)، حزنُ الحسينِ وحُسنُهُ ومــــــــأساتُهُ والذكرياتُ وزينبُ
وقـــــصتهُ الحمراءُ، أحلى فصولها هو الأحمرُ المزهُوُّ أنْ هو يُسكَبُ
يمرُّ الـــــــــــــسمائيُّونَ في خَلَجاتِهِ سلاماً عليهِ، وهْوَ يخطو ويخطبُ
ومنها:
فإنَّ لـــــــــــهم في (كربلاءَ) منارةً صــــــحائفُها لا تمَّحى أو تُكَذّبُ
نــــمتْ بينَ أشلاءِ الحسينِ وحدَّثتْ عـن الموتِ يُبلى إذ يراهُ ويهربُ
وعاشتْ بأسرارِ الضريحِ، وأنجبتْ وكانَ لها طفلٌ من الضوءِ يلعبُ
ومنها:
يرى العالمُ الأعلى مجرَّةَ (كربلا) كأنْ هـــــــــــــيَ لفظٌ والسماواتُ تُعرِبُ
تــــــــــرابُ الترابيينَ فيها سرائرٌ من العطرِ، يصحو في النفوسِ ويصحبُ
وأيَّةُ أرضٍ بـــاغتَ المحوُ وجهها فــــــــــنامتْ، وأمسى وهْو يدعو ويندبُ
وقال من قصيدة (قريبا من الماء والذكريات)
مُذ كان وجهُك (كربلائـ) ـي الملا محِ ألفُ نجمٍ في الملامحِ أزهرا
مـــــــرَّت على شباككِ الأبعادُ ظا مــــــئة لتسقيها الرحيقَ الكوثرا
يا فيلــــسوفَ المحوِ أبدلتَ المخيَّـ ـمَ بالــرمادِ وقلتُ أهجرُ ما أرى
وقال من قصيدة (خيال على فرات ما):
دمٌ أم ندى من ورودِ السماء ينثّ على رئتـــــــي (كربلاءْ)
وســربٌ من الرغباتِ الحدا ئق مستنشقٌ في قميصِ الهواءْ
أســــائلُ لو أنني كنتُ نهراً له ضفَّـــــــــــتانِ سيوفٌ وماءْ
وقال من قصيدة:
أهـــــوَ الماءُ أمْ مآربُ أخرى شَغَلَتْ (كربــــلاءَ) دهراً فدهرا؟
وهوَ الـموتُ أم حياةٌ بجسمِ الـ ـموتِ تجري دماً وضوءاً وفكرا
جَـــعَلَتْكَ المَمَرَّ مِن زَهَرِ الأر ضِ تُؤدي إلـى السماواتِ عِطرا
وقال من أخرى:
بــــيدينِ من دمِكَ اكتشفتَ بـ (كربلا) وطـناً بدمعِ الفاقداتِ مُعطّرا
وطبعتَ وجهَكَ في الترابِ فصارَ في كـلِّ البقاعِ الغاضرية كوثرا
جــــــــــاءوا يخبؤهمْ بكهفِ وجوهِهِم عارٌ وتعلنكَ المسافةُ مفخرا
الشاعر
مهدي شاكر محمود النهيري ولد في مدينة الكوفة وهو حاصل على:
بكالوريوس في اللغة العربية / 2005
وبكالوريوس علوم القرآن الكريم / 2013
ماجستير في الشريعة والعلوم الإسلامية
وهو أيضاً:
- عضو الاتحاد العام للأدباء والكُتاب في العراق.
- رئيس نادي الشعر في اتحاد الأدباء والكتاب في النجف الأشرف من سنة 2014 إلى 2016
فاز في مسابقات شعرية عديدة منها:
- الجائزة الأولى في مسابقة سيد الشهداء (عليه السلام) للشعر، قناة العراقية الفضائية 2018
- الجائزة الأولى في مسابقة ربيع الشهادة العربية في كربلاء / 2019
- الجائزة الأولى في المسابقة العربية (شاعر الكوثر) في قناة الكوثر / 2018
- الجائزة الثانية في المسابقة العربية التي أقامتها المكتبة الأدبية في النجف الأشرف للقصيدة العمودية في نصرة الجيش العراقي والحشد الشعبي / 2016
- رُشحت مجموعته الشعرية (أنا ما أغني) إلى قائمة الستة كتب في مسابقة أبي القاسم الشابي في تونس 2016
- الجائزة الثانية في مسابقة (الكساء) الشعرية في السعودية (الدمام) عن مجموعته الشعرية (نهر يحسن السكوت عليه) 2014
- الجائزة الأولى في مسابقة شاعر الطف في قناة العهد / 2012
- الجائزة الأولى في مسابقة المعلم الأدبية في وزارة التربية العراقية 2010
- الجائزة الأولى في مسابقة المعلم الأدبية في وزارة التربية العراقية 2019
- الجائزة الأولى في مسابقة الجود العربية في العتبة العباسية / 2010
- الجائزة الثانية في مسابقة أبي تراب الشعرية في البحرين / 2010
- الجائزة الثانية في مسابقة ملتقى الشعراء / دمشق 2010
- الجائزة الثانية في مسابقة الإمام الصادق في النجف / 2008
- الجائزة الثانية في مسابقة شاعر الحسين / أقامتها جامعة الحسين في كربلاء 2007
صدرت له تسع مجموعات شعرية هي:
1 - هو في حضرة التجلي 2008
2 - مواسمُ إيغالٍ بخاصرةِ الأرض 2010
3 - النقوشُ التي لا جدارَ لها غيرُ قلبي 2011
4 - مُسَوَّدةٌ للبياض 2012م.
5 - أنا ما أغنّي 2015م.
6 - نهَرٌ يحسُنُ السكوتُ عليه 2015م.
7 - المُحَلَّى بِهَلْ 2020 / منشورات اتحاد الأدباء
8 - لِيمرَّ الملاكُ 2020
9 - يتمشى وتأوي له / تحت الطبع
قالوا عنه
كتب الناقد الدكتور مشتاق عباس معن عن تجربة النهيري فقال: (إن تجربة الشاعر النهيري لم تقف عند تحديثية العمود الومضة بل تجاوزها ليدخل بتمكن واضح في بحبوحة الرؤيا التي تتجاوز حدود الصورة، فالصورة حدودها البيت أو جزء منه وقد تتجاوزه إلى ما هو أكبر، لكن الرؤيا لا تبدأ إلا مما هو أكبر وغالباً ما تكون المجموعة برمتها) (2)
وقال عنه الشاعر والناقد الدكتور رحمان غركان: (مهدي النهيري شاعر تستحوذ عليه في لحظة الكتابة الشعرية الرؤية الشعرية وليست الأخيلة البيانية ولذلك تقرؤه مشتغلا على ما يبعث على التأويل وعلى ما يستدعي فاعلية حضور المتلقي) (3)
وقال عنه الناقد اللبناني الدكتور رامز الحوراني: (القصيدة عند النهيري متميزة، حبكاً وتصويراً وتدفقاً شعرياً سلساً عذباً، والصور نابضة بالحيوية والرشاقة وهي كريّق الغيث، خفيفة الوقع سهلة المتناول، لكنها قوية التأثير لما فيها مهارة) (4)
وقال عنه الشاعر والناقد البحريني حسين السماهيجي: (لدى مهدي من الصور ما هو مدهش وكان حس الشاعر عالياً في التركيب والتقاط الحالة) (5)
شعره
قال من قصيدة (ذوق السماء) وهي إلى سيِّدِ الأنبياءِ محمدٍ (صلى الله عليه وآله)
بَلى هُو ضوءٌ وهيَ ظلماءُ جاءَهـــا وآثرَ أن يمحو فخاضَ امِّحـــــــاءَها
هــــيَ النارُ لم تلفظ ثمالةَ روحِـــها ولمْ تخبُ إلّا أنْ أرتهُ انــــــــطفاءَها
أتــــى والفراشاتُ المضيئةُ حـــوله تطوفُ، وعطرُ اللهِ يـــجري إزاءَها
رأتهُ زعـــــاماتٌ ففرَّتْ وأدبـــرتْ وقد تركتْ من خــــــــلفِها كبريـاءَها
محمدُ هذا؟ إي مـــــــــــحمدُ وجهُه ملامحُ شــــــــــــمسٍ ألبستهُ رداءَها
رأى عطشَ الصحراءِ ينحتُ أهلَها جِــــــــراراً ويسقي دمعُهم زعماءَها
فلمْ يرضَ إلّا أنْ ترقرقَ ســــلسلاً على الأرضِ حتى صارَ معناهُ ماءَها
محمدُ يا رأيَ السماءِ وذوقَــــــــها ورغـــــــــــبتَها في أن تراكَ لـواءَها
أجلتَ بأضلاعِ المفــــازاتِ خـيلَها وشيَّدتَ في آفــــــــــــــاقِها خُــيَلاءَها
وجئتَ إلى الدنيا رؤىً ســــــنبليةً على شفتيْ قمحٍ تشدُّ اشــــــــــــتهاءَها
بمكةَ كان القـــــــــــهرُ حـاكمَ أمةٍ على صَــــفَحَاتِ السيفِ سنَّ قضاءَها
يشاءُ عمىً في أمَّةٍ ثـــــــــمَّ ينتقي عـمى أمةٍ أخــــــــرى إلى أنْ يشاءَها
فهلْ ستغني والمواويلُ صــــخرةٌ على رجعِ بلواها تـــــــــــردُّ عناءَها؟
وهلْ تدَّعي إلا الســــوادَ وكلُّ مـا لديها من الألوانِ يحكي ادِّعــــــــاءَها
هـنالكَ كان الـوائدونَ مــراحلَ الـ ـحياةِ، وكـــــــــــــانَ الميِّتونَ ابتداءَها
علـى شجرِ الـشكوى تعلقُ حزنَها وفي حجرٍ ميتٍ تـــــــــــــزجُّ دعاءَها
قـرىً جاحداتٌ جـاءَ نورُ مـــحمدٍ ليُبصِرَها في وجـــــــــــــــههِ أنبياءَها
فـآوتْ إلى قــــــــــــلبٍ نبيٍّ تـبثّهُ وفي باحِ عينيهِ تقيمُ خِبــــــــــــــــاءَها
تـؤدي مراسيمَ النــــهارِ بضـوئهِ وتقضي على كفيهِ وجداً مـــــــــساءَها
ومـا قلبهُ, ما قلبُهُ غـــــيرُ شمـعةٍ ذوتْ فاستباحَ المُدلِجونَ حيــــــــــاءَها
وقال من قصيدة (عليٍّ بن أبي طالب... مَمَرَّاً إلى الله):
أيُّ الجهاتِ مُضيئاً عندَها أقِــــــــــــــفُ وكلُّ أرضٍ، ظــــــلامٌ.. أيُّها النَّجَفُ
أيُّ المحاريبِ أدنـــــــــــو مـن طهارتِها وكلُّ ظنِّ فــــــــؤادي أنْ.. سأقترفُ
مُـــــــــــــــــــــــلفَّعٌ أنا بالآثـامِ، لا جبلٌ آوي إلــــــــــــيهِ، ولا ذاتٌ فأعترفُ
لا شيءَ عندي سوى أنِّي أعــــــــودُ إلى ما قدْ أضعـتُ عسى بيــتٌ فأعتكفُ
معنىً هناك.. سأمضي نحــــــــوَهُ ودمي فيهِ الندى يَتَجلَّى والـــــــشَّذى يَكِفُ
معنىً أناجيهِ، أرجــــــــــــــــوهُ، أُحادِثُهُ أضمُّهُ لي، وأبقى منهُ أرتـــــــــجفُ
ذاكَ الذي. الشمسُ عادتْ صَوْبَ راحتِهِ لما أشارَ، ونادتْ باسمِـــهِ الصُّــحفُ
ومَنْ إذا في بلاءٍ قيــــــــــــــــــلَ منتَدَباً يمرُّ مـــــــــــــعتذراً مـــنهُ وينكشفُ
وذاكَ مَنْ كلُّ مَنْ فــي الأرضِ يـــعرفُهُ لكنَّهم بعضَـهُ لــــــــــــلآنَ ما عرفوا
ذاكَ المسمَّى عــــــــــــليّاً، أيُّ مُشـــرقةٍ لَمْ تتَّخذْهُ مَـلاذاً وهْـــــــــيَ تَنكسِفُ؟
ومَنْ بعينيهِ صبراً ألـفُ مُغـــــــــــــرِيةٍ ماتتْ، وظـلَّ سنا عـــينيهِ والــشرَفُ
ذاكَ الذي الأرضُ كـانتْ مِـــلكَ أنْمُــلِهِ وقلبُهُ عنهُ طوعاً كــــانَ ينصــــــرِفُ
ذاكَ الذي احــــــــــــــتلَّتِ الأيتامُ مُقلتَهُ حتى استحالوا دمــوعـاً منهُ تنـــذرفُ
فــــــــــكانَ نَـخْلةَ شــــوقٍ يحتمونَ بِها فينتَمي لأساهُمْ ذلــكَ الـسَّــــــــــــعَفُ
أبا ترابٍ تنـاهتْ كلُّ عــــــــــــــــاطفةٍ إلى يديكَ وأرســى رحـلَهُ الشَّــــــغَفُ
إنِّي ذهبتُ إلــــــــــــى فـــحواكَ أسئلةً تاهتْ وطــافَ على ما لَمْ تجدْ لَـــهَفُ
حتى رأيـــــتُكَ – يا لله – بَـــحْرَ غِنىً في جُــــــــــــــرفِهِ فُقَراءُ اللهِ قدْ وقَفَوا
تَـــــــــــنَفَّسَتْك الليالي أنْجُماً ســـطعتْ على الجباهِ، تــــلاشتْ حولَها السُّجُفُ
وأدْمَنَتْكَ ابتساماتُ الــــــــصِّغــــارِ أباً يجيءُ والقمحُ مِــــــــــنْ أحداقِهِ يَزِفُ
فيا المرجَّى لكُـــــــلِّ الطالبينَ أفِــــضْ على الذي الآنَ فيــمَنْ لا يرى يصِفُ
ومـن إذا أنــــــتَ لَمْ تحرِثْ بصيـــرتَهُ بِــــــــما تشاءُ ســيُبْليْ أرضَهُ الأسَفُ
وأنـــــتَ يا والدَ السَّبطينِ مَنْهَلُ مَــــنْ لا يرتَجـي مِنْ سـوى مَجْراكَ يرتشِفُ
قـــد عِشتَ فـــي كلِّ أشياءِ الحياةِ كما عاشـتْ وكـنتَ عـــــنِ الأشياءِ تَختلِفُ
لذاكَ تــخــــتارُكَ الأرواحُ لـو شَعَرت بغربةٍ، ســــــــــــورَ بِشْرٍ منهُ تزدَلِفُ
فــــــــــــهاكَ يا سيِّدي روحـي برُمَّتِها فــــــــــــــــإنَّها بِرُؤى ذكراكَ تلتحِفُ
كنْ في فـــمي وطناً يُتلى وحَشوَ دمي ديناً وشِدْ فـي ضـلوعي قلبَ من نزفوا
وقال من قصيدة (رحيل) وهي في سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)
على الجهةِ الأشهى مــن القلبِ مطلعُ له شكل بابٍ خلفَ مـــــعناهُ أضلعُ
ونـــــــــــهرُ حنينٍ يــهدرُ الماءُ باكياً حواليهِ.. إن المــــــاءَ لو حنَّ أدمعُ
ودربُ رحيـــلٍ طـــالَ طالَ ولمْ يكنْ به غيرُ أحـــــــــلامٍ تروحُ وترجعُ
وسيِّدةٌ مسَّ الــــــــضحى من جلالِها رداءً، فأضـحى وهيَ فجرٌ مصدَّعُ
نما بيديها الــقمحُ والأرضُ أشـرقتْ عليها ومـــــن أهدابِها الشمسُ تطلعُ
ذوتْ وربــيعٌ أخضرٌ خطّ حولـــــها حـــــــدائقَه.. خطوُ الذهاباتِ مُوجِعُ
لـــــــمنْ ضحكتْ أيامَ كانَ كلامُـــها سهولاً وأعشاباً صداها المـــــروِّعُ
وكم جـــــدولاً كانتْ تربِّي ضـــفافَه شعوباً وبلداناً هنالكَ تـــــــــــــمرعُ
لها في الــجفافِ المرِّ وردٌ وقـــصةٌ بأرجائها عطرُ الــــــــمنى يتضوَّعُ
فمن لم تمـــارسْ روحَـــه سنبلاتُها ومن لم يشـــــــــأ أنّ الأمانيَّ تزرعُ
ومن لمْ تكنِ الزهـــراءُ سوسنَ ليلهِ صــــــــــــلاةً، إذا ليلُ المدينةِ يهجعُ
ومن لم يسبِّــــــــــحْ كل ركنٍ ببيتهِ على صوتِها والعرشُ همسٌ ومسمعُ
ومن لم يطفْ في الذكرياتِ؟ محمدٌ له طلعةٌ في كل ذكرى ومــــــوضعُ
أحــــــــقاً بها سارَ النعيُّ وهمهموا إنِ الموتُ في بيتِ ابنةِ الوحيِ مزمعُ
وأنْ حســــــناها حسرتانِ, وزينبٌ بكاءٌ صغيرٌ نــــــــــحوَ لا أينَ يُهرعُ
وأنْ حيدرٌ وهـــوَ الحميُّ بلا حِمىً ففاطمةٌ بردٌ وها هـــــــــــــــــوَ يخلعُ
وليسَ سوى طيـفِ العتابِ يحوطهُ ويركضُ فيما لا يطيقُ ويـــــــــسرعُ
وتنـــــــــسابُ أنغامُ الجنازةِ حرقةً بــــــــــــمسمعهِ كيفَ الوصيُّ يُضيَّعُ
وما جســـــــدٌ أبكى علياً وصحبَه ولكنْ خيالٌ فــــــــــــــي الظلامِ يُشيَّعُ
وما زعزعَ الــموتُ الشقيُّ جنابَه أسىً.. بلْ جنابُ الأنبيـــــــاءِ مُزعزعُ
وقال من قصيدة (سورة الطمأنينة) وهي إلى سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)
تباركتُ بالـــــــــــوجـدِ المُطهِّرِ والفقرِ وبالحزنِ تأريخاً يقالُ لــــــهُ عُمْري
وجِئتُ بما أدريهِ مـــــــــــن أنَّ أدمعي شفيعٌ وما لا أدَّعــــــــــيهِ ولا أدري
وقفتُ على الــــــــــطـفِّ البقايا مُسائِلاً رمــــــــــادَ بقاياها يرمِّمُ لي جمْري
وآمــــــــــــــنتُ بالأسـماءِ مذبوحةً هُنا لأفصلَ معنى الموتِ عن لفظةِ القبرِ
ورحتُ بلا شكٍّ أرتِّـــــــــــلُ سورةَ الـ ـطمأنينةِ الأشـهى بمائدةِ الذعــــــــرِ
فأبصرتهُ كـــــــــــــان الوضوحُ جبينَه فأسلمتُ روحـي وهيَ غامضةُ السرِّ
وقلتُ لهُ: يا سيِّـــــــــــــدي هلْ حمامةٌ مُــــــخضَّبةٌ بـالعفوِ والأمنِ والنصرِ
منَ القبــــــــــــةِ الحمراءِ تفتَحُ جُنحَها بوجهــــيْ وتغـفو في أضالعيَ الوكرِ
فـــــــــإنَّ رياحَ الخوفِ هزَّتْ سفينتي وليس شِــــراعـاً غيرَ حُبِّكَ في البحرِ
رجائي أنا الظامي بـلــــــــوغيَ منبعاً حُــــــــسيناً فقد أوذِيتُ من يَبَسٍ شِمْرِ
هيَ الآنَ أرضٌ أنـــــتَ ما زلتَ واقفاً عليها فـــــــــــماً يأبى وساقِيةٌ تجري
وصَــــــــوتينِ هذا يستغيثُ منَ الظما وذاكَ يدلُّ الباتــــــــــراتِ على النحرِ
وســيفينِ هذا موغِلُ البطشِ في دمِ الـ ـضيـــــــــــــاءِ وهذا ناصحٌ لدمِ الكفرِ
ونخلةَ دمعٍ ظللتهُم بـــــــــــــــــسعفِها وقالتْ لهمْ: عــــودوا إلى حَسَبِ التمرِ
وجيشاً من اللوعــــــاتِ في عينِ والدٍ يـرى خَزَفَ الأولادِ في مُتحفِ الكسرِ
أتيتُ بما عــــــــــــندي وأدري بأنني بلا أيِّ شــــيءٍ قد أتيتُ سوى شِعري
أشرتُ بمنديلي فيا دمـــــــــــعَ كربلا أغثني ويا شــــــبَّاكها حَطّمَنْ صبري
هنا وطنُ الباقينَ في الأرضِ وحدَهم ومملكـةُ الأطفالِ والــــــــرملِ والزَّهْرِ
هــنا قربةُ العبـــــــاسِ سوفَ أريقُها عـــلى دفتري حِبراً يُصحِّحُ لي حِبري
هنــا الزينبـــــاتُ المُعوِلاتُ شواطئٌ مــن الطـهرِ تسعى بي لِبحرٍ منَ الطهرِ
فيا ســيِّـــــــــدي يا سيِّدَ القولِ.. إنَّما وقــــــوفيْ لديكَ الآنَ ضَرْبٌ منَ الهَذْرِ
فأنــــــــــتَ الذي كانتْ قوافيكَ مِيتةً على ماءِ مَـــــــــعناها نمَتْ حَيرةُ الحرِّ
وقادتْهُ حــتى أدخلَتهُ ملامـــــــــحَ الـ ـحسينِ لِيختارَ الـــــــرحيلَ على السُّمْرِ
إلى حيثُ أحــضانُ السَّمـــــاءِ إجابةٌ لأسئلةٍ كانتْ تُشاكسُ فـــــــــــي الصَّدرِ
إجابةُ أنَّ اللهَ أسْـــــــــــــرى بروحهِ لجينيَّةً، لكنْ بأجْنِـــــــــــــــــــــحَةٍ حُمْرِ
وأنتَ الـــــــذي لمَّــا يزلْ بكَ مُولَعاً فمُ الأرضِ.. لا يتْلوكَ إلاَّ علـــــى النهْرِ
وأنتَ الذي أدْنى الســماءَ إلى الثَّرى ليبنيْ قُبورَ الطفِّ مــــــــــن أنجُمٍ زُهْرِ
وأنــــتَ الذي تشْدو الــليالي جِراحَهُ نبيِّينَ يحدونَ الليالي إلى الـــــــــــــفجرِ
وأنـــتَ الذي رغْمَ انهــدامي أزورُهُ كطِفلٍ بريءٍ لا يفكِّرُ فــــــــــــي الوِزْرِ
فإنْ كـنتَ لا ترضى مــجيئي بلا يدٍ فهل سوفَ ترضى أنْ أعودَ بـــــلا ثَغْرِ
وقال من قصيدة (عقيلة السماوات والأرض):
هلا اكتشفتَ فضاءً كـــي تمــــــــرَّ إلى وجـــــــهِ العقيلةِ مُشــتاقاً ومُشتـــــــعلا
هلا اضأتَ زماناً، عـــلَّ أدمــــــــــــعَهُ تكفي إذا شـئتَ أن تــهدي لـــــــها مُقَلا
وأن تطوفَ على مــــــــــــعنى مجرتِها نجماً صغيراً عمـــيقاً مُــــــشبَعاً خجلا
من لم يكنْ عنفـــــــــوانُ الأرضِ قامته فليتخذْ غيرَ مــــــــــــــثوى زينبٍ سُبُلا
هيَ التي صــــــــارَ رباً وجـــهُ محنتِها للندبِ، حـــــــدَّ ادّعـــــاها كلُّ من ثُكِلا
وهْيَ التــــــي، سُفَراءُ الـــجلمدِ انتحبوا أمـــــــامَها، وهْيَ تبـــــدو نصبَهم جبلا
وهْـــــــــــيَ المسافةُ بيـــنَ اللهِ مشرعةً وبينَ ما ارتابَ في أضـــــــلاعِنا وجلا
وهْيَ ابنةُ السيفِ والتقـــوى، وحسبُهما أن يُصبحاها، وحسبُ الضوءِ أن يَصِلا
الكربـــــــــــــلائيةُ الـــشمَّاءُ، وهي بلا أخٍ، ولكنَّ رأســــــــــــــــاً نازفاً خضِلا
يــــــــــضيءُ وهـــي تلبِّي نزفَهَ، وكِلا حــــزنَيهما كـانَ يمشي في المدى شُعلا
من العــــــــــــــراقِ إلى قتلٍ إلى جملٍ تُسبــــــــــــــى عليهِ، إلى شامٍ يزيدَ إلى
أن أصبحتْ كـــــعبةً حمراءَ ضجَّ على أركـــــــــــــــــانِها العالمُ العلويُّ مُبتهِلا
في قبرِها الآنَ يـــــجري الكبرياءُ ولا إلا هـــــــــــــــيَ الآن تبدو وحدَها دولا
أيدَّعي طائفـــيٌّ أن ســــــــــــــــيهدمُهُ وهْي التي شـــــــــــادتِ التاريخَ مُذْ أفلا
عمرَ الأميّـــاتِ لم تـــــــــــفزعْ بقبّتِها طيراً، ولم تســـــــتثرْ في صحنِها حَجَلا
عمرَ الأمـــيّاتِ ما جالتْ وما ركضتْ خيولُها فـــــــــــي الخيامِ السامقاتِ عُلا
لم تُربـــِـــــــكَنْ في مرايا زينبٍ نهَراً ولا نـــــــهاراً ولا نـــــــــــهْجاً ولا نهَلا
وهـــل سيُغتالُ صوتٌ، بعضُ دعوتِهِ أنَّ السماواتِ شاءتْ حسنَهُ حُـــــــــــــللا
وهـــل سيصــــــمتُ قبرٌ، ألفُ قاحلةٍ من الزمانِ تغطي، وهْــــــــــو ما انسدلا
دمشـــقُ، ما ظلَّ وحــــيٌ في مدائنِها لولا الكتابُ الذي فـي ريفِــــــــــــها نزلا
دمشـــقُ، أنتِ مناراتٌ مــــــــــشيَّدةٌ مـــــــــــــــصانةٌ عن جهالاتٍ وعن جُهَلا
دمـــشقُ، يا عربياتٍ جآذرُهــــــــــا يرمينَ نبــــــــــــــــلاً على من عشقُهُ نَبُلا
يا رحلةً في الهوى والشوقِ، يا شفةً لــــــــــــيستْ تجيدُ سوى أن تخلقَ العسلا
يا قبلةً نحوَها صلى الــغرامُ، عسى ينالُ من شــــــــــــــــــــــفتَيْ أحلامِها قبلا
دمشقُ يا زهرةَ البلدانِ لا تـــــــهِني فهم سيمضونَ وجهاً كـــــــــــــــالحاً كهلا
وسوفَ تبقينَ شمساً أجملَ امــــرأةٍ والأفقُ حولَ حِماها يرتعي رجــــــــــــــلا
وقال من قصيدة (شاعرٌ على عتبةِ إمام) وهي إلى الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)
لكَ الآنَ أنْ تدنــــــــــو من اللهِ أن ترى وأن تتزيَّا بـالـــــــــــسمواتِ مَظهرا
وأن تتـــــــــــــــراءى لا نـــبياً فشاعرٌ بقلبكَ يكـــــــــفي أن تَعافَ به الثرى
وأن تـــــــتسـامى كالمسيـــحِ إلى العُلى لتبنــــــــــــــيَ أعوادَ القصيدةِ منبرا
مُــــــطِلاً مـن الأعلى مـــن الغيمِ مثلما تطـــلُّ قبـابُ الكاظمينِ على الورى
وها أنتَ يا ابـنَ الشعــــرِ تجري خلالَه نــــهارينِ بـل نهرينِ فاضا فزَمْجرا
فضجَّا بجسـمٍ أحـــــــــرقَ العشقُ كنهَه وروحٍ رمـاها اللهُ كالنجمِ في الذرى
وها أنتَ فـي المســــرى وحيداً بلا أخٍ تمرُّ على الأفـلاكِ رســــماً وجوهرا
فتدركُ مـنهـــــــــــــا ما تشاءُ فلا تكنْ سواكَ ولا تـخـذلْ ولا تـــخُنِ السُّرى
وكـــــــــــــنْ بـــوليِّ اللهِ أعرفَ تبتكرْ وذُبْ فـي دمِ النجـوى وإلا ستُزدَرى
وقِفْ فـي سمـــاءٍ زارتِ الأرضَ مرَّةً لتأخذَ فـي أيـــــدي الصحارى فتُثْمِرا
وقفْ في زمـــــــــــانٍ مــدَّهُ اللهُ عالَماً مــــــــن الذوقِ ألقى شعرَه ثمَّ أمطرا
ولُذْ في حنانِ الكاظـــــــــــمينِ كطائرٍ صغيرٍ أضاعَ العشَّ فاضطرَّ وانبرى
وحطّ بقلبِ الدافـــئينَ فـرفــــــــــرفتْ قصائدُه وانــــــــداحَ في خُلدِهِ الكرى
وطَمأنَه صـــــــوتُ الـمناجـاةِ صاعداً كـــجدولِ دمعٍ سالَ في الروحِ أحمرا
فأزهرَ واستفـــتى شــــجيـراتِ شجوِه فآمـــــــــنَ حتى فاضَ بالشعرِ كوثرا
له مـــا له إن المنـاراتِ بـــــــــــــيتُه وأنَّ الهـــــــــــوى في جانحيهِ تحرَّرا
فــقالَ وأرخـى كـلَّ تاريخِ حـــــــزنِهِ هنا وأسالَ القلــــــــــــبَ دمعاً مُعطّرا
جرى من مواويلِ الحــــروبِ جنائناً ذوتْ مـــــعَ أنَّ الماءَ من تحتها جرى
وأدمنَ أن يبقي على الطـفلِ صارخاً بـــأضلاعه: يـــا ابنَ السماءِ أما تَرى
عراقُك شاءَ النســـــــــلُ أنّـكَ صُلبُه وشــــــــــــــــاءَ الظلاميونَ ألّا يُكرَّرا
وشادوا لنا سجـــــناً كسجنـكَ مُظلماً فلُحـــــــــــتَ لنا نجماً كوجهِكَ مُسفرا
وعلّمتنا طعمَ اللقاءِ فـــــــــــإن دنتْ مــــــــــواعِدُه تخضرُّ في دمِنا القُرى
وأنَّ لنا بالجســـــــــــــرِ يوماً نُحبُّه وإنْ هــــــــــــــو أدمانا, وإنْ هو أثّرا
وقال من قصيدة (زيارة سامرائية) وهي إلى الإمامين العظيمين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) في ذكرى فاجعة تهديم المرقد المقدس:
للعَسْكــــرِيَــــــــــــــــينِ وردٌ فيَّ يَنْفَتِحُ وبُركةٌ في جَفَافِ الـــــــــــروحِ تُقْتَرَحُ
وقــــصةٌ في أقاصي رغبتي انـكـــتمتْ لكنها في كتابـــــــــــــاتي ستُفْتـــــضَحُ
أدري بخيبةِ أشعاري، أعـــــــــــــــلّلُها أنْ ربَّما سأحاكي معشراً مَـــــــــــدَحوا
ومن سيشرحُ أبعادَ الــــــــــــــنبيِّ وفي أبنائهِ أنبياءٌ بعدُ مـــــــــــا شُرِحـــــوا؟
يا خمرةَ الشعرِ, أحـــــــــــزاني مُعتّقةٌ فـإنْ أقُلْ شـــــــطرَ بيـتٍ ينـــــكسرْ قدحُ
وإن أصَبَّ مـــــــواويلي عــــلى ورقٍ يبتـــــــــلُّ بالدمعِ حــــــتى يحزنَ الفرحُ
كيفَ الضريحُ الذي شاهــــدتُ, مُنهدمٌ وتحتَ أعماقهِ الــــــكونُ الذي ضُرحوا؟
وكيفَ لم يكنِ التــــــــــــاريخُ ساعتَها قـــبراً, وكيــــــفَ سُعَاةُ الـوقتِ ما كُبِحوا
ولو عمىً مسَّ أرضــــاً ثمَّ أغــمضَها عنــــــا، فبيـــــــــــــتُ رسولِ اللهِ يتَّضِحُ
قومٌ نديّون، تصحــــــو الأرضُ يانعةً لــــــو مـــــــــرةً في ضميرٍ يابسٍ سُنِحُوا
تجمَّلوا برداءِ اللهِ فاخــــــــــــــــــتلفوا عـــــــــــــــن الذينَ بثوبٍ آخرٍ قُبِــــــحُوا
مازالَ ذكرهمُ القـــــــــــاني يدورُ أما تــــــــــــرى المدى بدماءِ الذكــــــرِ يَتّشِحُ
لم يُلمحوا دونَ أشجـــــــارٍ تحفُّ بهم كــأنّهم بــــــــسوى الأمـــــــطارِ ما لُمِحُوا
يـــــــا أيها الـعطرُ ســـامراءُ سوسنةٌ بغيرِ لمسةِ طفلٍ كــــــــــــــــــيفَ تنجرحُ؟
وكيفَ تــــــفزعُ أســــرابُ الحمامِ بها كيفَ الضحى اغتيلَ فيها وامَّحَى الوَضَحُ؟
كيفَ البــــــراءةُ مــسفُوحٌ بها دمُــــها لحدِّ أنَّ بــــــــــــــــــــنيها كالدَّمِ انسفحوا؟
وحدَّ أنْ صارَ أهلُـوها لــــــــــمرقدِهمْ سُـــــــــــــوراً وكالوردِ في أنحائِها نَفَحوا
وُلدُ الضفافِ..، الـــــعراقيون حسبُهمُ أنْ كــــــــــــــــــــلّما جفَّفتهمْ ميتةٌ نَضَحوا
لكنْ إلى الآن لـم تـــحلُ الدروبُ بهم كأنّهمْ من بلادٍ مُرَّةٍ نَـــــــــــــــــــــــــزَحوا
لهمْ مِنَ الــــــــــــموتِ أرزاقٌ مقدَّرةٌ فهم بكلِّ اتِّجــــــــــــــــــــــــارٍ فادحٍ فَلحوا
قــــــــــــــومٌ بمـيزانِ قتاليهمُ انتكسوا ذبحاً فضاعوا, وفي ميزانِــــــــهمْ رجَحوا
توزَّعُوا في الجهاتِ البيضِ أضرحةً حُمراً ومن لغةٍ ورديةٍ رشَحَــــــــــــــــــوا
وقال من قصيدة (آية المؤمنات) وهي إلى أم المؤمنين خديجة الكبرى (عليها السلام)
يداكِ وعيناكِ والكبـــــــــــــــرياءُ صليبٌ بهِ مــــريمٌ والنساءُ
تُجدِّدُ إيمانَها بالنخيـــــــــــــــــــلِ تـــــهزُّ بـــه فيطيحُ الــحياءُ
فتلبسُ جلبابَـــــــــــــهُ كي تعيشَ مطهَّـــرَةٌ ما استُبيــحَ الرِّداءُ
خديجةُ يا آيةَ المؤمــــــــــــــناتِ ويا كعبةً طافَ فيــها البهاءُ
أحقاً يدُ المصطــــــفى في يديكِ؟ إذا يا خديجةُ أنـــتِ السـماءُ
وأنتِ المـــــــــدى خطّ فيهِ النبيُّ مصاحفَهُ وهي آيٌ ومـــــاءُ
وأنتِ الجنانُ التي قد تـــــــــدلّتْ من اللهِ فــــــانفرطَ الأولياءُ
مآذنَ في الأرضِ لا يصـرخون بغيركِ أنشـــــــودةً تُستَضاءُ
خديجةُ ما العشبُ إلّا أمــــــانيكِ ما الأفقُ إلّا ربــاكِ الوضاءُ
محمدُ ثقلٌ تنوءُ الجبـــــــــــــالُ بهِ حيثُ في وجــــههِ الأنبياءُ
فكيفَ تجــــــــــــولّـتِ في قلبهِ وفي قلبهِ لا تـــــــــمرُّ الإماءُ
وكيفَ تمكّنتِ أن تُـــــــــسكنيهِ شجيراتِ قلبكِ وهــوَ الفضاءُ
لكِ اللهُ من أمَـــــــــــــــــةٍ أمَّةٍ زكا حينَ مسَّ يديــــها الدعاءُ
تزوَّجَها المصطــــــفى زهـرةً سماويةً روحُها لا تـــــــــشاءُ
سوى أن تمرَّ على اليابســــينَ ليصــــحو النّدى فيهمُ والنماءُ
على قلبِ بنتكِ دارَ الزمـــــانُ وعـــــــــاثَ بناظرتَيها البُكاءُ
وأجلّها عن ســــرورِ الـــبناتِ وأطـــــفأ بهجتَها من أضاءوا
بأحزانِها بيتَها فــــــــــهو بيتٌ تــــــــــــــسلَّقَهُ دمعُه والرثاءُ
ففاطمةٌ صدرُها النــــــهروانُ وفـــــــــاطمةٌ ضلعُها كربلاءُ
فيا أمَّها أنــــــــــتِ بدءُ التضا ريسِ بـــازغةٌ أشعلتْها الدماءُ
ويا لِصقَ أحمدَ حيثُ الحتوفُ مصـاليتُ يلظى بهنَّ المضاءُ
خديجةُ يا أمَّ كلَّ العفـــــــــــــا فاتِ يـا امرأةً لم تكنْها النساءُ
تبــــاركتِ في بيتِ طه ملاذاً لآلامـــــــــــــــهِ لو ألمَّ البلاءُ
وقال من قصيدة (السفيرُ المهيب) وهي إلى سفيرِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) مسلم بن عقيل بن أبي طالب (عليه السلام)..
أخبِرِ الأرضَ أنَّ وجـــــــــهَكَ أولـى أنْ تَخُطَّ الحــــــياةُ فيهِ مُصلى
أخبرِ الدمعَ أنَّ كــــــــــــــلَّ الـمناديـ ـلِ قـــــناديلُ، لو مَجيؤُكَ أدلى
أخبرِ اليــــــــــــــــــــابسينَ أنَّـكَ فلّا حٌ سيدنـو ليصحوَ الرملُ نَخْلا
أخبرِ اللهَ أنَّ مَنْ عــــــــــشــــــقَ اللهَ سينمو بـداخلِ القبرِ طـــــــفلا
ثمَّ يختارُ أنْ يكونَ ضــــــــــــــريحاً يُرغمُ الــــدهرَ أنْ يَظلَّ الأجلّا
فهُوَ الآنَ قـــــــــــــــــــبةٌ يتــــــدلّى فوقَها النـــــجمُ راغباً أنْ يُخلى
بـــــــــــينَهُ والنضارِ، عــــلَّ بـريقاً من مُحيَّاهُ ســـــوفَ يَقبلُ أن لا
يعتلي لحظةً على الشمـــــسِ أو أنْ هيَ تُلقي في وجــهِ مُسلمَ رحلا
السفيرُ المــــــــــهيبُ حينَ يــــــداهُ ثَــــــمَرٌ يشبهُ السـماواتِ فضلا
مسَّ كوفانَ فاكتسى الــنهرُ مــــــاءً آخــــــراً، ينتمي إلــى اللِه شكلا
إنَّهُ مــــــــــــاءُ قلبِهِ حينَ أجــــــرا هُ فـــــكنَّى قفرَ المفازاتِ سَــهْلا
حينَ نادى ولم يــــكنْ أحــــــدٌ يـهـ ـجِــــــــــــسُ أنَّ النبيَّ فيهِ تَجلّى
والنبوّاتِ كالنبيينَ طـــــــــــــــافتْ ملءَ مكّــــــــــــاتِ خافقيهِ فَأبلى
يومَ في الكوفةِ القديـمةِ أوحــــــــى أنَّــــــهُ مُخرِجٌ من النسفِ نسْلا
كانتِ الأرُض لا تراهُ وكــــــــــانَ اللهُ يزجي لـحَيرةِ الأرضِ رُسْلا
يَتَنامَوْنَ في يديهِ شـــــــــــــــــفاراً تــــــــــــــــتمنّى، وأوجهاً تتمَلّى
آنَها اهتزّتِ الحــــــــــــــــياةُ حياةً وربَـــــــتْ كوفةُ المهيضينَ قتلا
ونمتْ هــــــــــــــيكلاً وشـكلها اللهُ بساتينَ، ثمَّ صــــــــــــارت مَحِلا
للبـــــــلاغـــــاتِ، فانبرى المتنبي مارداً من ترابِها صــــــاغَ أغلى
ذهبِ الـــــقولِ في قصائدَ صارتْ حولَ جيدِ المدى قلائدَ أحــــــلى
هِيَ كوفانُ مسجدُ العُمْقِ، وهْيَ الـ ـمرأةُ الحــــــــــــلوةُ التي تتسلّى
بِمُــــــــــــــــــلُوكٍ يَبدونَ ثمَّ يَبيدو نَ فتـــــــــــزهـو بأنَّها ليسَ تَبلى
إنّها طفلةُ الإمـــــــــــــــــــامِ عليٍّ كرُمتْ أن تُـــــــــهانَ أو أن تُذلا
عندَما آخرُ الإجـــــــــاباتِ من بوَّ ابةِ الكوفةِ الأخيــــــــــــــرةِ تُتْلى
يقفُ النازفونَ فيها عــــــــــــراقاً أبيضَ الحُلْمِ، أسمرَ العشقِ، مولى
الحبيباتُ يرتميــــــــــــــــنَ ظباءً بينَ عينيهِ والحبــــــــــــيبونَ نبلا
غداً اللهُ ما يقولُ المصـــــــــــــلو نَ ومعــــــــــناهُ ما يقولُ المصلى
وقال من قصيدة (واقف على شرفة المعنى) وهي إلى سيد الماء أبي الفضل العباس (عليه السلام) وهي القصيدة الفائزة بالجائزة الأولى بمسابقة الجود العالمية بنسختها الأولى:
عـلى نـهرِ الأحلامِ ينوي اخضرارَه ويملأُ بـــــــــــــالماءِ النبــيِّ جرارَه
ويــــــــــــــــبتكرُ الأشياءَ ثم يعافها لـــــــتنمو وكالأسماءِ يبــقي ابتكاره
لقد جـاءَ من أقـصى المدينةِ شاعراً يمارسُ في صمتِ الوجــوهِ انتشارَه
به آمـنَ النخلُ الـــــــعراقيُّ وانتمى إليه سمُوَّاً واستــــــــــــــطالَ مدارَه
وآنـسَ وحياً في الفـــــــراتِ بهمسِهِ توحَّدَ حتى قيلَ أصبـــــــــــحَ غارَه
مشـى والمرايا في تضاريسِ وجهِهِ تمرُّ وترمي في الدروبِ احـتضارَه
لقـد ماتَ كي يحيا كثيراً وضاعَ في نــــــــهاراتِ من ماتوا ليلقى نهارَه
وقـد كان لونُ الطفِّ مــــن قسماتِهِ وكل الـــــــــــخيامِ المستفزاتِ نارَه
وكـانت نداءاتُ الحسينِ تــــــــشدُّه إلى الموتِ حتـــــى كانَ ذاكَ خيارَه
فسـافرَ كالوردِ الشهيدِ جـــــــــنازةً من العطرِ في الأذواقِ يــختارُ دارَه
يقولـونَ أعشابُ الفصولِ جمــيعُها انتمتْ لخطاهُ والربيعُ اســــــــــتعارَه
وكلُّ البـــــــــــكاءاتِ الـلذيذةِ إثرَه مشتْ ومزاجُ الدمعِ مُذْ صارَ صارَه
يقولونَ قد كانـــتْ صــبيَّاتُ حزنِهِ تشبُّ مــــــــــــواويلاً وتغفو جوارَه
وما ليلة إلا اصــــــــــطفته نديمَها وما قمرٌ إلا أضــــــــــــــاءَ غرارَه
رأى شرَهَ الأيامِ مـوســــــمَ عمرِه عناقيدَ من خصبٍ فشاءَ اعــــتصارَه
وقيلَ له: من أنـتَ؟ قـالَ: محاربٌ إذا انشقّ ثوبُ الليلِ يرفو انتــصارَه
وفي الشفقِ المـجروحِ عـلّقَ دمعَه ليفتحَ في عينِ الصباحِ انتظـــــــارَه
وها هيَ أوجــاعُ العطاشـى تقودُه ضــــــريحاً وتبني في الغيابِ مزارَه
وكان ضـميرُ الـماءِ يعــــرفُ أنّه إلى ثــــــــــــأرِ يومِ الطفِّ أجَّلَ ثارَه
وإن بنجواهُ الحزينةَ معبَــــــــــراً إلى صــــــوتِ مقتولين كان استثارَه
فصاغَ سجاياهُ عِذاباً وصــــــاغَه رسولاً علـــى النجوى يطيلُ انهمارَه
ويتركه للأرضِ تشرحُ مـــــــاءَه وتذرفُ في عــــــــــينِ الليالي بذارَه
ولم يرتحلْ إلا إلى ذاتِــــــــهِ إذن ســـــــــــينحتُ في خدِّ الـمياهِ سمارَه
على شرفةِ المعنى لكمْ ظلَّ واقفاً فزجَّ له الأفــــــــقُ الرحـيبُ اعتذارَه
وقــــال له يا سيِّدَ الفضلِ لم يكن بوسعِ العُلى أن لا يـــــريـكَ انكسارَه
أبا الفضلِ لمْ تبحرْ مناجاةُ عاشقٍ إذا لم تكنْ في البحرِ أنــــــــتَ فنارَه
إلى الآنَ ذكـراكَ الشهيدةُ شاطئُ من الدمعِ يذكي في العيــــونِ شعارَه
لذلكَ تنمو خـــــــــيمةً بعدَ خيمةٍ حيالكَ يا مـــــــــــــــاءً أضعنا قرارَه
تمرُّ عليه زينبٌ كــــــــــــلَّ ليلةٍ وفي يدِها قلبٌ أجادَ انــــــــــــشطارَه
لتســــــــــــــــقيهِ حتى تبلل أمةً أهاجَ بها الموتُ الرهيبُ بحـــــــــارَه
وقال من قصيدة (قمحُ النبوات) وهي إلى الشهيد زيد بن علي (عليهما السلام) في ذكرى شهادته:
إذا الدمُ أطــــــفالاً وأسئلةً جــــــــــــــرى بندبةِ: من أجراكَ يا زيـدُ في الثرى؟
إذا النخـلُ زكّـى نفسَه من جــــــــــــــنايةٍ وقالَ: بـريءٌ لستُ مـن شنقَ الذّرى
إذا المـاءُ أوصـى أن في جـــــــــــــريانِهِ نبياً رمـــــــــــــاديّ الـتباريحِ أسمرا
يخط بنـقشٍ مصـــــــــــــــــــــــحفيٍّ بأنّه رأى كإلهٍ في الــــــــــــتآويلِ مُبحرا
إذا الفجـرُ أدلى أن زيــــــداً أجـــــــــــابه قبيلَ سؤالاتِ العـصـافيــــرِ والقرى
وقال لـه: ها ذاكَ قــــلبي مــــــــــــــعلّقاً عــلى الصحوِ آناءَ الـصباحِ مُــــبكّرا
إذا كــل شيءٍ مـــؤمنٌ في مـكــــــــــوثِهِ فمــن فيه ذبــــــحاً بـارزَ اللهَ يا ترى
ومن ورّط التـــأريخَ أنْ صفـــــــــــحاته تــحدّث عن ذاكَ الـــــصليبِ لتمطرا
دماً في وجـــوهِ القارئيـن وأحـــــــــــرفاً معــــــــــــــــــــمَّسةً بالكاتبينَ تذمّرا
من استاءَ من رأي الســـــــــــماءِ وشأنه أن الله يختارُ الـنــــــــــــــبيينَ أنهرا
فآثرَ أن يبني الســـــــــــــــــــدودَ لردِّهم إلى اللهِ أن هـــــــاكَ اقتراحكَ أحمرا
مَنِ الصحفُ الــبيضُ استـــمالتْ مزاجَه إلى صحـــفٍ سودٍ وصرَّح: لا أرى
وعـــــــــــــــــــــلّقَ أشياءَ الإلهِ بنخـــلِه وخــــــــــاطـبَ: يا الله, ظلّك مُفترى
أفي الله شكٌّ أن أولادَ ذوقِـــــــــــــــــــه قبيحونَ كي يمـحو نخيلاً وأبحــــــرا
وينتهكوا أن يُسفــــــــــكوا كدمـــــــائِهم ولا بدعَ أن تُـذرى الجسومُ وتــــنثرا
أفي لغةٍ وضّاحةٍ في شفـــــــتــــــــاهِهم تردَّدَ لفظٌ: أنـهم خيرةُ الــــــــــورى؟
وحاق بجبرائيلَ صمتٌ فــــــــــــلم يقلْ أولاءِ سطـورٌ عنــــــــــدما الله دبّرا؟
وهلْ لمْ يطرْ قلبُ الحـــــــــسينِ بكربلا إلى أن تــــــــــــلاقى والثريا مكبِّرا؟
وهلْ لم يضئ رأسُ الحسينِ وقد سرى عن الجـسمِ رأساً مشمسَ الدمِ مُقمرا؟
وهلْ زيــــــــنبٌ لم تكتشفْ أن صـوتَها ســــــــــماواتُها غيماً وغـيثاً معبِّرا؟
وهلْ لم يكنْ زيــــــــــــدُ النخيلِ مـجرَّةً من الحدقِ المشغولِ أن كيف أثمرا؟
وكيف نجا من أن يمـــــــــــوتَ مـنارةً مهشمةً لا ضوءَ لا بـــــابَ لا عُرى
هــــــــلِ القابضـونَ الريحَ أدركَ يأسُهمْ بـــأنَّ بني المعنى جديرونَ أن نرى
وأن المـــــــــــــــــسمِّينَ الهواشمَ أسوةٌ بأن نـــــــــــتهجَّاهمْ إلى البدءِ معبرا
وأن نُنتقى كالمــــــــــــفرداتِ ونُكتسى بقمحِ النبوُّاتِ الــــــــــفصيحِ ونُنشَرا
وأن نترامى كالفضاء ونُــــــــــــــدَّعى بأنَّ لنا حجمَ الفجيــــــــــــــعةِ منبرا
وأن ننبَغي أدمـــــــــــى وأنمى وأكثرا لحدِّ العمى أن يستفزَّ ويُبــــــــــصِرا
فيدركَ أنّا خاضنا جذعُ زيــــــــــــــدِنا صليبي زمـــــــــــــانٍ ملّنا حدَّ أنكرا
فأنبأنا أنا جحدنا صِــــــــــــــــــــحاحَه وأخــــرجنا من مُعجمِ الموتِ مُجبرا
وقال من قصيدة (وريث المؤرجحين) وهي إلى روح الشهيد المصلوب ميثم التمار صديق علي وبائع التمر في الكوفة (رضوان الله عليه)
(لألى الله تحشرون) فطيـــــــــــــحوا مَيِّتاً فوقَ ميتٍ يســـــــــــــــتريحُ
وعلى أغربِ الأساطــــــيرِ شِيدوا الـ ـدمَ نصَّاً تهابُ منه الــــــــشروحُ
واستفزوا السمـــــــــــاءَ حين تطيرو نَ جناحاً لا يعتـــــــــريهِ الجنوحُ
وقفوا في الغموضِ أزمـــــــــــنة أكـ ـثرَ منها حتى يضيءَ الوضـــوحُ
فإذا الموتُ فــــــــــــي النخيلِ تفشّى وإذا اسّاقطتْ من التمــــــرِ روحُ
فتعالوا نحن اتكأنا عـــــــــــلى الذكـ ـرى وفي العينِ حـــــلمُنا مسفوحُ
من سُـــــــــــــــــلالاتِ ميّتين نسلنا وبقينا الأحيــــــــــاءَ حتى تفوحوا
أيّـــــــــها الصاعدون أجهشتِ النجـ ـوى فهـــــــــاتوا مثولكم لتسيحوا
في التبـاريح في الضمائــرِ في الأنـ ـهرِ صــــــوتاً من الحلولِ يصيحُ
ايتها الميـتة النبيــــــــــــــــلة كوني لابـن يحيى عيشاً وطلْ يا ضريحُ
وطناً متقنـاً كما رغــــــــــــــب الله وقبراً كـما اشـــــــــــتهاهُ الطموحُ
نخلة شالـــــــــــــتْ الشموخَ وشيخٌ شاخصٌ فـي ذرى عُــــلاها ذبـيحُ
وجبيــــــــــنٌ محضٌ وموتٌ حريٌّ ومدىً أبكـمٌ وجذعٌ فصــــــــــــيحُ
كلُّ مـــــــــــــــــــرثيةٍ هنالكَ إنجيـ ـلٌ وكــــــــــلُّ المعلقينَ مســـــيحُ
يا وريثَ المــؤرجحيــــــنَ المهيبيـ ـن تعـــــالـيتَ مصحفاً إذ يلــــوحُ
أنتَ آمنتَ أن بـــــــــــــشرى عليٍّ آمـــــــنتُ أنَّكَ الفضاءُ الطــــريحُ
في ترابِ الــزمــانِ حيث الأعـالي أنتَ حيث الهدى هواكَ الفســــيحُ
أنتَ أذعنتَ للحمــــــــــاماتِ تغـدو فـــــي حناياكَ مخدعاً وتــــروحُ
أنـتَ دقَّقتَ في الـــــــرحيلِ طـويلاً ثــــــــمّ أدركتَ أن قبرَكَ ريــــحُ
فتـــــــــــــــــــــــسلّقتَ نخلةً علوياً سعفُها واتجهتَ حيث النضــــوحُ
حيث شــــــــــــــنقٌ وحبله مستباحٌ وشـــــــــــنيقٌ ونحرُه مستبتـــيحُ
وهـــــــــوى مـــشبعٌ بأنَّ المنايا الـ ـرطـبُ الحلو واللهاثُ المريــــحُ
خارجاً جــئتُ مــن هوامش حزني خــــــطأ والضريحُ نصٌّ صحيحُ
وقال من قصيدة (ساعة واحدة) وهي إلى القاسم بن الإمام الحسن المجتبى (عليهما السلام):
عمَّاهُ هل لكَ أن تُسمّيَ حـــــــــيرتي درباً وتهـــديَني لوجهِكَ كوكبا
فأنا مضيعةٌ قوافل مـــــــــــــــوعدي مذ كــنـــتُ لا قلقاً ولا مترقّبا
من لحظةِ الــــــــتوديعِ حينَ أعارَني أحزانَ فاطمةٍ وغابَ المجتبى
حتى مــــــــروريَ في رحابِكَ مفرداً إلا من الـدمِ مُحدِقاً بكَ مُعجَبا
والـــــــــــــــموتُ لا يلتفُّ وهْو متيَّمٌ إلا كما التـفَّتْ حواليكَ الربى
عــــــــــــمّاهُ سَلْسِلْ مفرداتِ توهُّجي بالموتِ بينَ يديكَ طفلاً متعبا
يرجو استراحتَهُ الأخيرةَ عـــــــــــلَّهُ يلقى أباً خلفَ السيوفِ مرَحِّبا
لا سيفَ عندي فــــامتشــقْ ليَ قصةً أُبقي بها قلبي مــــــقاماً أرحبا
عمّاهُ ترتـــــــجفُ الطفــولةُ في يَدَيْ أمّي فأبلغْها بلوغي المـــــأربا
دمـــــيَ الصغيرُ، أرِقْــهُ وليكُ خيمةً بمنارتينِ وفيهِ أسْـــــــكِنْ زينبا
أنا من سُلالةِ مُمَّحيـــــــــــنَ حدائقي يبسٌ ومغتالٌ عـلى شفتي الصَّبا
أهلي ترابيـــــــــــــــونَ عطرُ جنائزٍ ذكرايَ أحـــلامي عويلٌ ما خبا
أوجاعُ عاشوراءَ ديـدنُ أضـــــــلعي أبكي فأنصبُ في المدامعِ موكبا
يجري الحسينُ على فمي نهراً وفي جـــــسـدي منيّاتٌ تفيضُ لأعشبا
وقال من قصيدة (الرصاصُ الأسمر) وهي إلى أبطال الحشد الشعبي المقدّس
أثرْ وطناً في آخــــــــــــرِ الـقلـبِ يُـــــــؤثرُ وقُلْ يا دمَ الفتيانِ وحدَكَ تـــــــــعبرُ
ويا لوعةَ الناعين وِلدَ ضــــــــــــــــــلوعِهم وهمْ أنجمٌ حولَ البراءةِ تُــــــــــــنثرُ
سيرجعُ وفدٌ راحــــــــــــــــــــــــلٌ ويضمُّه أبٌ شجرٌ ذاوي الظـــلالِ مُـــــعطّرُ
يقولُ: بُنيَّ الحربُ مـــــــــــــــــــرَّت ببيتِنا وأغوتكَ أدري أنَّ قــلبَـــــكَ أخضرُ
وأعلمُ أنَّ ابـــــــــــــــــــني إزاءَ الهوى فمٌ يُغني ويَسبيه الغـــــــــــزالُ المُخدَّرُ
وأنَّ له عهداً مع الحبِّ يــــــــــــــــــــــدَّلي عليه، وويلُ الـــــحبّ إذ ليسَ يَعذرُ
وإنَّ نداءً صــــــــــــــــــادقاً قادَ قلبَـــــــــه فلبَّاه ذيَّاكَ الفؤادُ المُبـــــــــــــــــعثرُ
إذا الجسدُ الفضيُّ هُدِّمَ طائـــــــــــــــــــــعاً جرَتْ من تشظيهْ الـــــــمقدَّسِ أنهرُ
وإن ولدٌ سفرٌ مَحــــــــــــــــــــــــتْ بندقيةٌ بشاشتَه وابتزَّ فحواهُ خِـــــــــــــنجرُ
وإن صاحَ أزهــــــو أن أموتَ مُـــــــــقبِّلاً يديْ وطني وهو الرحــــيلُ المظفّرُ
وإنْ كــــــــــلّم المَوتى فبشّــــــــره الثـرى بأنَّ الثريَّا حين يُــــــــــدفَنُ تحضرُ
وإنْ قالَ وجهي حين دجـــــــلةُ أغـمضتْ عليه جفونَ الموجِ لـــــــمْ يكُ يصبرُ
ففي العمقِ أعطـــــــــــى اللهَ وردةَ روحهِ وغاصَ وفي عيـــــــنيهِ طفلٌ مكسَّرُ
وإنْ دورانَ المــــــــــــــــــاء حولَ أخيرِهِ تكاثرَ حـــــــــــــتى كلُّ شيءٍ مدوَّرُ
فلابدَ يومٌ دونَ ليلٍ ينـــــــــــــــــــــــــــاله بأبيضهِ لا بـــــــــــــــــدَ وعدٌ مقدَّرُ
ولا بدَ من بحرٍ كأحـــــــــــــــــــــلامِ قلبهِ يضيءُ عـــــــلى عينيهِ لحظةَ يُبحِرُ
ولا بدَ صبحٌ لا الخنادقُ كنــــــــــــــــــهُه ولا المـــــوتُ صبحٌ كالنبوءةِ مُسفرُ
وصحوةُ مطعونٍ سينـــــــــــــــسلُّ مُثخناً بأغصانهِ ينتابُـــــــــــــها وهي تُثمرُ
إذا انــــتهكتْ وهـــــــــي الـقداســةُ سمرةٌ فإن رصـــــــاصاً أسمرَ الوقعِ يثأرُ
وإن العــــــــــــراقييـنَ مـن مطلـعِ العمى وهــــــــم بصرٌ بين الشواجيرِ يكبرُ
غــــــــزاهم مــــن الـتأريـخ ظفرٌ مــلطّخٌ دماً ونزا فكرٌ مـــــــن الكتْبِ أعورُ
وراحَ يبيحُ الأرضَ ألــــغى جــــــــــلالَها ولمْ يــــــــحذرنْ أنَّ المروءةَ تسعرُ
وأنَّ الــتي أولادُها وعـــــــــــــــــــــنادُها سواءٌ مصيرٌ بالـــــجحيماتِ مُمطِرُ
وســاءَ بها ظنَّاً إذ الحــــــــــــــلمُ صدَّها فردَّ له السوءَ الــــــــــحليمُ المزمجِرُ
أساءَ ليضطرَ السيوفَ إذا بــــــــــــــــها نفوسٌ من الأجـــــسادِ تُنضى فتحذرُ
عراقيةٌ ملحُ الجـــــــــــــــــــنوبِ أثارَها وصلّدَها صـــــــخرُ الشمالِ المؤزَّرُ
عقيدتُها أنَّ العراقَ صــــــــــــــــــــحيفةٌ ملوَّنةٌ فيها الطوائفُ أســــــــــــــطرُ
وأنَّ جزاءَ الطائفيــــــــــــــــــــةِ محوُها بكلِّ أخٍ للجمـــــــــــــرِ يَبرى فيَظفرُ
دمُ الكبرياءِ المحـــــضِ أبيـضُ لو جرى ثميناً وإنَّ الماءَ لـــــــــو غِيظَ أحمرُ
دمُ الوارثينَ الــــــــطفّ يـدرونَ خطبَهم فيجرونَ والمــــوتُ المُطاردُ يَصغرُ
وقد قرأوا في الطفِّ أولَ خــــــــــــطوةٍ إلى وطـــــــــنٍ يدعو ومعناهُ يَضمرُ
فلولاهمُ أفنى الــــــــــــــــوحوشُ نخيلَه وما عادَ إلّا وهو جــــــــــــذعٌ مقشّرُ
ولولاهمُ اجتثّ البُـــــــــــــــــــغاةُ تراثَه فيا وجعَ الإزميــــــــــــلِ حينَ يُهجَّرُ
ولولا دماءُ الحشدِ والجيشِ لم يُــــــضئْ كتابٌ ولمْ يَــــــحرسْ يدَ الطفلِ دفترُ
ولو لا دموعُ الفاقداتِ لمـــــــــــا قضى عن الـــــــبيتِ بالصيدِ الشدادِ مسوَّرُ
وأنَّ الذينَ استـــــــــــــــــلهموا آلَ أحمدٍ وآلاءَه للآنَ لمْ يَتـــــــــــــــــقهقروا
ولم ينــــــــــــزعوا التقوى ولم يتوحَّدوا بغيرِ مــــــــــــــــنايا كالمُنى تَتخيَّرُ
هُمُ المُحتفونَ المُختفـــــــــونَ مع المدى سحــــائبَ يَظما كلُّ شيءٍ ليَمطروا
هُمُ الشــــــــــــــــــهداءُ الشاهدونَ قبيلةٌ مــــن المُمرعينَ استُوقِفوا فتسمَّروا
وقــــــيلَ لهمْ: أرضٌ.. فقالوا: صدورُنا سِـياجٌ وغابُوا في الترابِ وأزهروا
هُمُ الصمتُ حينَ الشمعُ يرقصُ ضوؤه وهُمُ أسُدٌ حيـــــــــــن الملماتُ تزأرُ
هُـــــــمُ اللهبُ الأدعى إلى الموتِ يتَّقي خُطاهم إذا ثــــاروا الرَّدى المتجبَّرُ
وما فيـــــــــــــــــهمُ غيرُ الملبَّدِ إذ فتىً سماءٌ وإذ شيخٌ من المـــــــاءِ كوثرُ
مررتُ على أسمائــــــــــــهمْ وضِفافِها فأغرقني شلالَـــــــــــــــها المتحدِّرُ
فياليلُ سمّارُ الرصـــــــــــــــاصِ أحبةٌ فهيِّئ لهمْ كأساً من الحربِ يَسهروا
وأولمْ لهمْ رملاً حــــــدارَ اخــــتلاطهمْ معَ الريحِ أرجعهــــمْ رجـاءً ليُقبروا
وخُطّ لهمْ في صدرِ كلِّ قصـــــــــــيدةٍ ضريحاً بأظـــــــــــفارِ الكنايةِ يُحفرُ
وثِــقْ سيكونُ الشعرُ أحفى إذا ارتــأى تراتيلَــــــــــهم ذوقُ الـمهيبينَ أشعرُ
وغنِّـــي يَظلُّ العاشقونَ حدائــــــــــــقاً من الحَـــدَقِ الأحلى تطوفُ فتَسحرُ
وكرِّرْ عــلى سمعِ الترابِ انهمــارَهـم عـــــــــــــليها فشكلُ الغيمِ لا يتكرَّرُ
وخاطبْ صـــغيراً مــــــاتَ إنَّ أنـاملاً حملتَ بها الرشاشَ هيهاتَ تُشــــكرُ
ففي كلِّ كــفٍّ مــنكَ عــــــشرُ سنـابلٍ على الأرضِ مـن فوقِ السواترِ تُبذرُ
وقُلْ لكــبيـــرٍ: لا إلــه ســـــوى الـذي أتى بِكَ شيئاً مُبـــــــــــــهماً لا يُفسَّرُ
يُحارُ به لا الـــخيلُ تُـــــــدركُ سـاحَه ولا في خيالٍ يكشـفُ الســــرَّ يَخطرُ
له في الأمالي والأمــالــــــيدِ مـوطئٌ لذلكَ يتلــــــــــــوهُ الــكلامُ الـــمُسجَّرُ
تــــذكرتُ أولادَ الســمــــــاءِ مُبـاركاً مُـــــــــــــشعَّاً لأنِّي لــمْ أزلْ أتـــذكّرُ
أولئــكَ من مَسُّوا النــدى بــــــأجـفِّهمْ فسالوا ومَن مَسُّوا الحــياةَ فأقمـــروا
.........................................................
1 ــ زودني الشاعر بسيرته وأشعاره عبر الانترنيت
2 ــ مقدمة ديوان مواسم إيغال بخاصرة الأرض ص 18
3 ــ نفس المصدر ص 24
4 ــ نفس المصدر ص 25
5 ــ نفس المصدر والصفحة
اترك تعليق