كاظم مكي حسن: (1331 ــ 1404 هـ / 1912 ــ 1983 م)
قال من قصيدة (بشائر الحسين) التي تبلغ (50) بيتاً:
أقمتَ في (كربلاءَ) المعجزاتِ بما لم يستطعْ فعله إنـــــــسٌ ولا جانُ
أكرمْ بيومِكَ يومِ الطـــــــفِّ منزلةً لها على الدهرِ مهما طالَ رجحانُ
يومٌ بهِ رنَّ صوتُ الحقِّ مـنـطـلـقاً وأدركَ الـشــــــــرَّ إذلالٌ وخـذلانُ (1)
الشاعر:
ولد في البصرة وفيها أكمل دراسته، عمل مأمور مكتبة البصرة، كما عمل في حقل التدريس في عدة مدارس بالبصرة منها: الأصمعي، والمربد، وعاصم بن دلف، والصقر، والسيبة، وثانوية البصرة، والرجاء العالي، ومتوسطة التحرير، وهو عضو الرابطة الثقافية بالبصرة وله نشاطات أدبية في المحافل الدينية ومحافل مكتبة سبيل الرشاد.
نشرت له العديد من القصائد في مصادر ترجمته منها كتاب (دراسات أدبية) للأستاذ غالب الناهي، وكتاب (يوم الحسين) الذي نشر له فيه ستة قصائد في حق الإمام الحسين (عليه السلام)
له عدة أعمال أدبية شعرية ونثرية منها:
1 ــ شمس الأصيل / ديوان شعر
2 ــ صفوان الأديب (رواية)
3 ــ من حديث العقل والقلب (مقالات)
4 ــ دموع التماسيح (مقالات)
شعره
امتاز الشاعر بالنفس الطويل مع المحافظة على قوة القصيدة والانثيال الصوري فيها.
يقول من قصيدته (ذكرى مولد السبط) التي تبلغ (54) بيتاً:
ونـهضتَ نهضتَكَ الـتـي لو لم تقم فـيها لما عـشـــقَ العلاءَ كِرامُ
فـي معشرٍ رُزِقوا الـحـيـاةَ بموتهمْ فلهم على وردِ المنـــونِ زحامُ
هاموا بنصرِكَ مُرخِصينَ نفوسهمْ ولـــكـلَّ حـزبٍ لـــوعةٌ وهيـامُ
وأعزُّ ما يـرجـو الـكــميُّ شـهـادةً في اللهِ يُـرفـعُ شـــأنُها ويُــقــامُ
والموتُ فـي ظلَّ السيـوفِ كرامةٌ لمجاهدٍ في الـــحقَّ ليسَ يضامُ
يـأبى الحيـاةَ مـعَ الـمــذلَّةِ والـشـقا بـطـلٌ بـه لـــلـمـكـرمـاتِ اُوامُ
ويـضـيق بالدنيا إذا هـي أصبحتْ عـبـئاً عـــليه الفارسُ الـمقـدامُ
وإذا طغى سـيــلُ الفسـادِ فـمَـن له إن لـــم يُقِمْ فرضُ الجهادِ إمامُ
تالله ما بـعـدَ الـحـسـيـــــنِ وقـبـلـه في اللهِ غازٍ في الرسولِ همامُ
حـرٌّ تـورَّث مـن أبيهِ وجـــــــــدِّه شيَــمـاً لهنّ على الـزمان دوامُ
فيه من الهادي شمـــــــائلُ جسمِه ومن الوصي حماسة وضـرامُ
حـاز الـفـخـار وضمَّه فـــي نفسه فـكأنَّـه لذوي الـفـخـار خـتـــامُ
وقال من قصيدة (بشائر الحسين) وهي في ذكرى مولده الشريف:
فـقـد أطـــــــلَّ على الدنيا فنوَّرها وجهٌ بنورِ الهدى والرشدِ مُـزدانُ
وجهُ الحسينِ ومُذْ لاحتْ بشــائرُه تـدفَّق الـــخيرُ يـهمي وهوَ هتّــانُ
عزَّت بمولدِكَ الأحرارُ قـــــاطبة والظالمونَ وأهلُ الـبغي قد هـانوا
واستبشرَ الحقُّ مزهوّاً بنـــاصرِه ومَـن بـه رسختْ للـــحقِّ أركــانُ
أتيتَ تدفـعُ عـنـه الـعــــابـثـينَ به المفسدينَ بما شادوا ومــــا دانــوا
فـثرتَ ثورةَ جبّــــــــــارٍ فراعهمُ مـن أشـجعِ الـنـاسِ إقدامٌ وإيـمـانُ
تذبُّ عن حُرماتِ الدينِ في شـممٍ ما إن حواه ولا يحويه إنـــــــسانُ
وقال من قصيدة (في مولد الكرامة) وهي في ذكرى مولده الشريف أيضاً وتبلغ (56) بيتاً:
ولدتْ بميلادِ الحسينِ كـــــرامةٌ مـلأتْ قلوبَ الصالحينَ ولاءَ
ولدتْ بميلادِ الحسيـــــنِ شهامةٌ أمستْ لأدواءِ الــنفـوسِ دواءَ
ولدتْ بميـــــــلادِ الحسينِ حميَّةٌ ثغـرُ الزمانِ بها استحالَ ثناءَ
يومٌ أطلَّ على الحـياة بـــــنورِه وبهائـه فـزهـت سـنـاً وسـنـاءَ
يـومٌ إذا افتخرَ الزمـــــانُ رأيته لـفـخـارِه والـمـكـرمـاتُ لـواءَ
تاهتْ بـه الدنيـــــا ولـولا أمسُه فـيـهـا لـما بلغت هدىً وعلاءَ
ومن المفاخرِ والعظائمِ أن ترى ببقـاءِ يومٍ للـزمـان بــــــقــاءَ
عـزَّ الهـــدى وتعـزَّزت أركانُه فـيه وزاد مـناعـة ونــمــــــاءَ
وقال من قصيدة (الذكرى الخالدة) التي تبلغ (59) بيتاً:
في ركبِكَ المــجدُ أنّى سرتَ والهممُ وفي حِماكَ أقامَ الفضـلُ والـكرمُ
ولم تزلْ لـكَ فـــي الأجـيـالِ دائــرةً ذكرى يردَّدها من ذا الـزمـانِ فمُ
يـا ناصر الـــحـقَّ لمّا قــلّ نـاصـرُه وحاميَ الحُكْم لمّا استهترَ الـحَكمُ
وراعيَ الـــعدلِ لمّا بـات مـغـتـربـاً فـكان فـيـك لـه أمـنٌ ومـعـتــصمُ
بـعــــثتَ للـديـنِ والـدنـيا صلاحَهُما وفـي صلاحِهِما الخيراتُ والنعمُ
كــــنـتَ الـزعيـمَ لأحرارٍ شعارُهـمُ عيشُ الكرامةِ في الدنيا أو الـعدمُ
رأوكَ أشجعَ مَن يدعو وأخلصَ مَن يهدي وأرحمَ من للحقَّ يـنـتــــقمُ
ونهضةٌ لك ضـــمَّتْ كــلَّ مـكـرمةٍ بـيضاءُ كان بنـاهـا لـلـخـلــودِ دمُ
يـمـضي الزمان عـليها وهي خالدةٌ فلا زوالٌ ولا شيـبٌ ولا هـــــرمُ
جـديـدة وكفـاهـا روعـــــة وعُـــلا وعزَّة أنـت فـيها المـفـرد الـعــلمُ
وقال من قصيدة (أبو الشهداء) وتبلغ (52) بيتاً:
عـلـمُ الـهــــدى ومعلَّـمُ الأحـرارِ كم في جهادِكَ من عُلاً وفَخارِ
تمضي الدهورُ وتنقضي أحداثُها وحديث ذكرِكَ دائمُ الــــتكرارِ
أبـقـيـتَ مـا بـــقيَ الزمانُ مـآثراً لـلـمـكـرمـاتِ روائـــعَ الآثـارِ
هيَ خيرُ ما يبــقي الحياةَ عزيزةً وأجـلُّ مـا فـيها من الأســرارِ
هيَ دعوةٌ للحــــــقَّ لم ينفـكَّ في لـيـلٍ يـرفُّ لــواؤهـا ونــهــارِ
أعظمْ بنهضتِكَ الــــــتي لم تلتئمْ إلاّ على فيضِ الدماءِ الجـاريِ
ومنها في الشهداء من أهل بيته وأصحابه (عليهم السلام):
ولقد سلكـتَ إليهِ كلَّ مـــــــــــفازةٍ زخرتْ بألـــــوانٍ مـن الأخطارِ
في فتيةٍ مـثلَ الليـــــــوثِ شجاعةً ومِن البــــــــهاءِ يُرونَ كالأقمارِ
أنصارِ إيـمـــــانٍ تجاوزَ صبرُهمْ يـــــــومَ الجهادِ مواقفَ الأنصارِ
يتسابقـــــــــونَ إلى المنونِ كأنّها هيَ خيرُ ما التمسوا من الأوطارِ
زهــــــــدوا بدنياهم وجادوا للعلا والصالحاتِ بـــــأطـيبِ الأعمارِ
وقضـوا وقد مُلئوا هدىً وحماسةً دونَ الحسينِ وشــــرعةِ المختارِ
وجـرتْ دماؤهمُ فكانتْ أنجــــــماً تسري بآفــــــاقِ العُلا ودراري
حملَ الهوانَ خصومُهم وتسربلوا بالذلَّ وانـغمسوا بـــــــــكلَّ شنارِ
راموا نعيــــماً لا يزولُ فما رأوا لهمُ مصـيراً غير حرِّ الـــــــــنارِ
وتجرّعوا غــــصصَ الحياةِ بذلّةٍ وعلـــــــيهمُ دارتْ رُحى الأكدارِ
زرعوا الرذيلةَ فـــي أديمِ حياتِهم بغياً فلم يــــجنوا سوى الأوضارِ
لا غروَ إن قُتلوا بدائهــــــــمُ فما عقبى الهوى والبـــغي غير دمارِ
والجورُ لا يضفي على أتبــــاعِهِ إلّا ثيــــــــــــــــــابَ مذلَّةٍ وبوارِ
والظالمونَ وإن تطاولَ عهـــدَهمْ فإلى الخرابِ مصـــيرُهم والعارِ
والحكمُ مجلبةُ المصائبِ والشــقا إن كان تحــــتَ مطامعِ الأغرارِ
وقال من قصيدة (ذكرى شهيد الطفّ) التي تبلغ (56) بيتاً:
دعته العُلا فانصاعَ لا يرهبُ الخطبا وآثر لقيا الموتِ واستسهلَ الصعبا
أبـى غـيرَ أن يـحيا عزيزاً أو الردى فـفـازَ بما يـرجو وطابتْ له العقبى
وألـقـى عـلـى الـدنـيـا دروسَ مكارمٍ وشـقَّ لـمـن يـهـوى مـلاقـاتها دربا
دعِ الشهبَ لا تحفــلْ ببعدِ ارتـفـاعِها فقد فاقَ في عـلـيائه الأنـجمَ الـشهبا
وخلَّ بـنـاةَ الـمـجــدِ عـنـكَ بـمـعـزلٍ فـمـا المجدُ إلا مـا أقـام ومــا ربّــى
لقـد شبَّ فــي حجرِ الـنبوَّة واسـتوى وفي حجرِهِ أسمـى الوفـاء لـقد شـبّا
ومــــن كـان طـه جــــدَّه ووصــيُّـه أباه خليقٌ أن يُـرى الـفـارسَ الـنُّـدبا
ومـن كـانـت الزهراءُ حـاضـنةً لــه جـديرٌ به أن يرضعَ العطف والـحبّا
هـو المثلُ الأعــلـى لــكـلَّ فـضـيـلةٍ لـدى سلمه أو حــيـن يـعـلنها حـربـا
ومنها في الشهداء من أهل بيته وأصحابه (عليهم السلام):
وهــبُّــوا إلـــى لقيـا الـمـنـونِ كـأنّـهـمْ ضراغمُ هبَّتْ من مرابضِها غضبى
كـرام أبـــــوا إلاّ الــحــيـاةَ عــزيــزةٌ وإلاّ انتصاراً يمـلأ الشـرقَ والـغربا
فــمــــا عرفـوا طعمَ الخضوعِ لـظالمٍ ومـا أضجـعوا منهم عـلى ذلـةٍ جـنبا
ومــــا منهمُ من حادَ عن طرقِ الهدى ومـا فيهمُ مــن هامَ فـي نفسِهِ عُـجبا
مـــضى الدهرُ مطويَّاً ولم يلقَ مشبهاً لهم فـي الـتـفادي أو لأخلاقِـهم تِربـا
فلو أن شعباً سار في الأرضِ سيرَهم لأصـبـحَ في دنـيـاه أكـمـلـها شـعـبـا
............................................................
1 ــ ترجمته وقصائده عن كتاب (يوم الحسين) وهو مجموعة القصائد والخطب التي اُلقيت بمناسبة ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام) للسنوات ١٣٦٧ ــ ١٣٧٠ هـ / ١٩٤7 ــ ١٩٥٠ م) من تأليف الأستاذ عبد الرزاق العائش وقد نشر لمكي فيه ست قصائد في حق الإمام الحسين (عليه السلام) ص 102 ــ 139 ــ 160 ــ 174 ــ 188 ــ 201
2 ــ موقع شعراء أهل البيت بتاريخ 2 / 8 / 2011
اترك تعليق