الولادة والنشأة:
ولد أبو الفضل العباس (عليه السلام) في بيت النبوة والامامة، وتميز بالإيمان والتقوى والإنسانية والعلم، وذكر المؤرخين على أن ولادته بالمدينة المنورة بتاريخ الرابع من شعبان سنة 26 من الهجرة، والدة هو امير المؤمنين عـلي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم يتصل نسبه الى نبي الله إبراهيم الخـليل (عليه السلام).
وأسمه مأخوذ من " عبس تعبيساً فهو مُعبس ، وعباس كشداد وهـو من أسماء الأسد"[1]، قال الله تعالى : ( إنا نخَافُ مِن رّبَنا يَوْماً عَـبُوساً قَمْطريرا ) أي يوماً شـديداً وهـو صفـة لأصحاب الـيوم، وأما أم أبو الفضل العباس فهي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة، وكنيتها أم البنين.
وأما أعـمام أبو الفضل (عليه السلام) فـكـانوا مـثال الشجاعة والبسالة، فـقـد كان له ثلاثة اعمام هم طالب وعـقيل وجعفـر، وأمهم فـاطمة بنت أسد، وأما أخوته وهم الحسن والحسين وزينب الكبرى وأمهم فاطمة الزهراء البتول (عليها السلام)، وجعفر وعثمان وعبد الله وأمهم أم البنين بنت حزام الكلابية (عليها السلام).
نشأ أبو الفضل العباس في بيت الوحي والإمامة تحت رعاية وابيه الإمام علي بن أبي طالب حتى مُزجت نفسه بعظمة النبوة والإمامة، وكما غرست فيه أمه (عليها السلام) جميع صفات الفضيلة والكمال، وظل ذلك ملازماً لها طوال حياته.
2- مكانتهُ العلمية :
عاش أبو الفضل (عليه السلام) في بيئة استوعبت أسرار المُلك والملكوت وأحاطت به أنجم العصمة وأقطاب الولاية وأنوار الهداية ، وقد كان (عليه السلام) جامعاً للفضائل، فهو سليل الأصفياء وان هذه الصفات لم تمنعه من اكتساب الخصال الحميدة، فتنورت ذاته بالمعارف الإلهية والعلوم الربانية والعقائد الإيمانية، وكيف لا يكون كذلك وقد تربى بـحجر أمـير المؤمنين الامام علي ابن ابي طالب الـذي هـو أسـرار الـنبوة وهـو الـمقيض لـنشر الـمعارف الـربانية.
تشير الروايات التاريخية أن أمير المؤمنين قال: " أن ولدي العباس زق العلم زقا "[2]، ويبدو ان والمعنى المراد بذلك هـو أن أبو الفضل العباس أطـعـم الـعلم إطـعاماً مـنذ حداثـة سنه.
ومن الجدير بالذكر ان أبو الفضل العباس قد عاش في ظل إمامة أبيه أربعة عشر عاماً، وكان لا يفارقه وملازماً، وكما تتلمذ بعد استشهاد أبيه الأمام علي على يد أخويه سبطي النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه واله) وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين (عليهما السلام)، وكان ملازماً لهما فقد قاما بنشر العلوم والمعارف.
وفي الوقت نفسه كان أبو الفضل يروي عن أبيه أمير المؤمنين، كما كان يروي عن أخويه الحسن والحسين (عليهما السلام) ، ووصف الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عمه أبو الفضل العباس بقوله : " كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة ، صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبد الله الحسين وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً " ، ويمكن القول ان نفاذ البصيرة من سداد الرأي وأصالة الفكر ، ولا يتصف بها إلا من صفت ذاته وخلُصت سريرته، حيث انه كان نفاذ بصيرة وعميق تفكيره مناصرته لإمام الهدى الحسين بن علي (عليه السلام) .
فيما وصف البيرجندي أبو الفضل العباس بقوله: " أن العباس كان من أكابر علماء أهل البيت وفقهائهم، بل كان عالماً غير معلم، ولا ينفي هذا ما كان يرويه عن أبيه"[3].
ويتضح من خلال ذلك، ان أبو الفضل العباس (عليه السلام) نـشأ وتـرعـرع في بـيـت الوحي والامامة، فـأخـذ الكثير من خصال أهـل هـذا البيت (عليهم السلام) مـن خلـقهم وعـلمهم وأدبهم، فضلا عن ذلك كـان أبو الفضل العـباس عـالماً فـاضلاً، فـقـد ورث الـعـلم مـن أبيه الامام عـلي وأخوته الحسن والحـسين (عـليهما الـسلام).
جعفر رمضان
[1] جمال الـدين محمد بن الكـرم الأنـصاري ابن مـنظور ، لسان الـعرب ، تحقيق : عامر احمد حـيدر، (بيروت: دار الكتب العلمية،2003م) ، مج 6، ص 156 .
[2] أغا عابد الشيرواني الحائري، أكسير العبادات في أسرار الشهادات، تحقيق : محمد جمعة بادي وعباس ملا عطية الجمري، (قم: مطبعة سليمان زادة ، 1428هـ) ، مج 2، ص 393
[3] محمد باقر القائني الكبريت الأحمر في شرائط المنبر ،تحقيق: محمد شعاع فاخر ، (قم: مطبعة شريعت ، 2004م ) ، ج 2 ، ص 342 .
اترك تعليق