22 ــ أحمد آل طعّان (1251 هـ ــ 1835 م / 1315 هـ ــ 1898 م)

أحمد آل طعان (1251 ــ 1315 هـ / 1835 ــ 1898 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (86) بيتاً:

على أن أفضلَ برِّ الـرسولِ     بكــاؤكَ قتلى رُبى (كربلا)

ملوكُ الكمالِ الكمـــاةُ الألى     بنوا إذ بنــــوا منزلاً أطولا

فمن باسلٍ بـــــــــاسمٌ ثغرُه     إذا سهّلَ الخطبُ أو أعضلا (1)

ومنها:

فيا (كربلا) طلتِ أوجَ السما      وإن كنتِ عن سمتِها أسفلا

وحـــــــــقُّ لمثلِكِ أن يرتقي      لمـــــدرجةِ الفخرِ والاعتلا

ومن عجـبٍ أن تنالَ الفخارَ      وفيكِ الـبلا للهدى استأصلا

وله من قصيدة في حق أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (150) بيتاً جارى بها الأمير أبا فراس الحمداني في قصيدته الشافية (2)

فكمْ بطيبةَ فضَّ المحصناتِ وكمْ     أرِيقَ للمصطفى في (كربلاءَ) دمُ

وكمْ قصيرةِ خدرٍ للرسولِ غدتْ     قــصيرةَ الحزنِ لم تقصرْ لها نهمُ

أزفّــــــها ترقبُ الأنضاءَ خدمته     والــــشمسُ لا حدمٌ عنها ولا خيمُ (3)

الشاعر

الشيخ أحمد بن صالح بن ناصر بن علي الستري البحراني من أعلام العلماء الشيعة في البحرين، ولد في جزيرة (سترة) انتقل مع والده إلى (المنامة) وهناك درس على يد السيد علي بن إسحاق الستري البلادي وعبد الله بن عباس الستري البحراني العلوم الأولية كالنحو والصرف والمعاني والبيان والتجويد والمنطق وغيرها حتى نبغ فيها وفاق أقرانه ثم اتجه إلى التأليف والتصدر للفتوى

سافر إلى النجف الأشرف فدرس على يد أقطاب علمائها الأعلام كالشيخ المحقق مرتضى الأنصاري، والملا علي ابن الميرزا خليل الطهراني، والفقيه الشيخ راضي النجفي، والفقيه الأمين الشيخ محمد حسين الكاظمي، وقد تأثر كثيرا بالشيخ الأنصاري حيث رثاه بقصيدتين ثم رجع إلى بلاده وكان يزور القطيف مراراً للتبليغ والإرشاد الديني حتى وفاته فأقيمت له المآتم والتآبين في البحرين والقطيف ولنجة والنجف الأشرف وغيرها من البلاد ورثاه كثير من الشعراء ودفن إلى جانب العالم الكبير الشيخ ميثم البحراني في الحجرة المجاورة لمسجد قرية (هلتا) في البحرين. (4)

يقول السيد محسن الأمين: (ودفن عند الشيخ ميثم البحراني بقرية هلتا من الماحوز بوصية منه لأنه رأى الشيخ ميثم في منامه كأنه يعاتبه على ترك زيارته مع أنه كان قد زاره قريبا فأوله بأنه قد طلب جواره وأقيم له ما ينيف على ستين مجلس فاتحة في البلاد الهجرية وفيها وفي سائر البلاد ما يزيد على مائة وخمسين مجلس فاتحة وعطلت لفقده الأسواق سبعة أيام) (5)

كتب عنه الشيخ علي البلادي البحراني فصلاً مطولاً في كتابه أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين، كما كتب عنه رسالة مفردة عن سيرة حياته العلمية سماها (الحق الواضح في أحوال العبد الصالح). (6)

ومن ضمن ما قاله البحراني: (خاتمة العلماء الأطياب، وصفوة الفقهاء الأنجاب، شيخنا العلامة الأمجد، التقي النقي الأرشد، الأورع الأحوط الأضبط، سلمان دهره، وأبو ذر عصره، العالم العامل، الفاضل الكامل، العبد الصالح، العالم الأعظم الرباني .... خلاصة علمائها الأخيار، وبقية فقهائها الأبرار، جامعاً لأنواع الكمالات، ومحاسن الصفات والحالات، في مكان مكين من الورع والتقوى، والتمسك بالعروة الوثقى والسبب الأقوى، في غاية من التواضع والإنصاف، في نهاية حسن الأخلاق والعفاف والكرم، الذي لم يزل بيته العالي مناخاً للوافدين والأضياف، محبوباً عند العوام والخواص من ذوي الوفاق والخلاف، لم أر في العلماء ممن رأيناهم على كثرتهم في الجامعية للكمالات مثله أعلى الله في دار الكرامة محله ..) (7)

وقال عنه العلامة الشيخ أغا بزرك الطهراني: (كان عالماً علامة فقيهاً أصولياً متبحراً في الحديث والرجال من علماء آل محمد علماً ونسكاً وعبادة جليل القدر كثير التصنيف، رأس في القطيف والبحرين، وهو عالم القطيف والمرجع للدنيا والدين بتلك البلاد قصده الطلاب من كل فج) (8)

وقال عنه السيد محسن الأمين: (هو عالم القطيف والمرجع في الدين والدنيا بتلك البلاد، كان عالماً علامة فقيهاً أصولياً متبحراً في الحديث والرجال من علماء آل محمد (عليهم السلام) علماً ونسكاً وعبادة جليل القدر كثير التصانيف رأس في القطيف والبحرين وقصده الطلاب) (9)

وقال عنه الشيخ علي بن منصور المرهون: (العلامة العلم أعطاه الله تعالى موهبة بز بها أقرانه، وحاز قصب السبق على أخدانه، فقد كان عالماً محققاً، تقياً ورعاً، زاهداً ناسكاً متواضعاً، شاعراً مفلقاً وأديباً محلقاً،.. وعلى الإجمال فهو نادرة من نوادر الزمان) (10)

وقال السيد حسن الصدر: (نزيل القطيف وعالمها، والمرجع في الدين والدنيا في تلك البلاد، كان عالماً فاضلاً فقيهاً أُصوليّاً، متبحّراً في الحديث والرجال، من علماء آل محمّد عليهم السلام علماً ونُسكاً وعبادة) (11)

وقال الشيخ آغا بزرك الطهراني: (عالم جليل، وفقيه محدّث، ومرجع عام، ورئيس مطاع… ولمّا برع في العلم، وفرغ من التحصيل، رجع إلى بلاده، فقام بالوظائف الشرعية، وصار مرجعاً في الأُمور، مروّجاً للدين) (12)

وقال الأستاذ علي الخاقاني: (عالم جليل، وأديب أريب) (13)

وقال الشيخ محمّد هادي الأميني: (عالم جليل، ومجتهد فاضل، وفقيه محدِّث، ومرجع عام، ورئيس مطاع) (14)

وقال السيد جواد شبر: (العالم العامل الشيخ أحمد ابن الزاهد العابد الشيخ صالح بن طعان بن ناصر ابن علي الستري البحراني، وكان جامعاً لأنواع الكمالات ومحاسن الصفات محبوباً لدى الخاص والعام وهو من الذين عاصرهم صاحب أنوار البدرين) (15)

مؤلفاته

ألف الشيخ أحمد في الفقه، والأصول، والحديث، والتاريخ، والأدب والشعر وقد أحصي له أكثر من ثلاثين مؤلفا فيها منها:

1 ــ زاد المجتهدين في شرح بلغة المحدثين

2 ــ قرة العين في حكم الجهر بالبسملة والتسبيح في الأخيرتين

3 ــ شرح اللمعة

4 ــ سلم الوصول إلى علم الأصول

5 ــ إزالة السجف عن موانع الصرف

6 ــ إقامة البرهان على حلية الأربيان

7 ــ منهاج السلامة

8 ــ الرسالة البصرية

9 ــ الحبوة

10 ــ حكم الجمع بين الشريفتين

11 ــ تحقيق العقل وأقسامه

12 ــ صوم يوم عاشوراء

13 ــ ملاذ العباد في أحكام التقليد والاجتهاد

14 ــ الدرر الفكرية في أجوبة المسائل البشرية

15 ــ شرح فقرة من دعاء كميل معنى وإعرابا مبسوطا

16 ــ أجوبة مسائل كثيرة للسيد باقر ابن أستاذه السيد علي ابن السيد إسحاق البحراني

17 ــ أجوبة مسائل للشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ أحمد البحراني متعددة

18 ــ أجوبة مسائل للفاضل الشيخ ضيف الله بن سيف وغيره في مجلدين

19 ــ الصحيفة الصادقية وتسمى أيضاً بـ التحفة الأحمدية للحضرة الجعفرية وهي في مجلد كبير تختص بروايات الإمام الصادق (عليه السلام)

20 ــ حواش على كتاب الميرزا الكبير في الرجال والنجاشي

21 ــ منظومة كبيرة في الفقه تبلغ الفين وخمسمائة بيت

22 ــ منظومة العمدة نظم الزبدة في الأصول

23 ــ منظومة في الكشكول والسهو مائة وخمسة وعشرون بيتا

24 ــ منظومة في التوحيد

25 ــ قبسة العجلان في وفاة غريب خراسان

26 ــ ديوان شعر في مدح النبي والأئمة عليهم السلام ومراثيهم (ع) وغير ذلك سمي بـ‍ (الديوان الأحمدي) وقد طبع في بومباي ولم يستوف جميع أشعاره

27 ــ البديعة الفريدة في مدح الأمير وأبنائه الكرام

28 ــ تخميس قصيدة الفارابي التي أولها

كمل حقيقتك التي لم تكمل     والجسم دعه في الحضيض الأسفل  (16)

تلامذته

كثيرون هم الذين استضاؤوا بنور الشيخ أحمد آل طعان ونهلوا من ينابيع علومه وآدابه وأبرزهم ولده الشيخ محمد صالح آل طعان وإضافة إلى ولده فقد درس على يديه تلاميذ آخرون منهم حسن بن علي بن عصفور البحراني وباقر بن علي بن إسحق البحراني ومحمد بن عبد الله بن أحمد البحراني، ضيف الله بن محمد بن أحمد بن سيف القطيفي، وعلي البلادي صاحب كتاب أنوار البدرين والشيخ جعفر الستري البحراني، والشيخ محمّد النمر وغيرهم

وفاته ورثاؤه

قال الشيخ البحراني: (وقد حصل له من التشييع والإكرام ما لم يتفق لأحد من العلماء العظام والملوك والحكام وبعض الكرامات عند دفنه وبعده من قبره في بعض الليالي والأيام وعطلت لفقده الأسواق سبعة أيام وأقيمت له من المآتم العظام في البحرين والقطيف ولنجة والنجف الأشرف وغيرها في سائر بلاد الإسلام ما يزيد على مائة وخمسين مأتما بالمراثي الكثيرة الجسام وسائر النظام ولم تر مثل ذلك اتفق لأحد من مشاهير العلماء الأعلام والسلاطين والحكام (قدس الله نفسه وطهر رمسه) وقد ذكرنا أكثر أحواله بتفصيله وإجماله في رسالتنا المسماة بالحق الواضح في أحوال العبد الصالح). (17)

ورثاه كثير من الأعلام والشعراء بقصائد مبكية منهم: الشيخ حسن علي ابن الشيخ عبد الله بن بدر القطيفي بقصيدة طويلة يقول فيها:

طرقتــــــكِ يــــا أمَّ العلومِ     فقمــــــــــاءُ تذهبُ بالحلومِ

وأرتـــــكِ في الظهرِ الكوا     كبَ فاقعدي جزعاً وقومي

وأتتــكِ تنسـفُ راسيـــــــا     تِ العلــــــــمِ بالريحِ العقيمِ

وتلــفُّ ألـــــويةُ الــــشريـ     ـعةِ رأيَ عيـــــنِـكِ كالرقيمِ

خلعـتْ على وجــــهِ الزما     نِ براقعَ الجهـــــــلِ الفحيمِ

فتغيَّــــــبتْ شــــمسُ الهدا     يـــــةِ في دجى الليلِ البهيمِ

قطعـتْ يــــدُ الدهرِ القطيـ     ـعةُ ســــاعدَ الشرفِ القديمِ

يا أيُّــــهــــا الدهرُ المشومُ     قُتلتِ مـــــن دهــــرٍ مشومِ

هلْ تـــــدري ماذا لا دريـ     ـتَ فعلتَ بالشــــرعِ القويمِ

طاحـــــتْ شظــــــايا قلبِه     ما بينَ أنيــــــــــابِ الهمومِ

بمـصيــــــــــبةٍ أحــــللتها     بفناءِ أنديــــــــــــــةِ العلومِ

هتـفَ النـعيُّ بمـــــن وطا     بنعالِهِ هامَ النــــــــــــــجومِ

فرمـى المكارمَ من قــــسـ     ـيِّ النعيِ مبهــــمةَ الوجومِ

سـحبتْ أراقـــــــمُ نــــعيهِ     قصداً لأفئــــــــــدةِ الشهومِ

فـغدوا ولا أيــــــــوبَ إلّا     وهوَ يعقوبُ الغـــــــــــمومِ

تذري الحشــاشــــةُ أدمعاً     حمراً أحرَّ مـــــن الـــحميمِ

نسفتْ رواســـــــــي عزةٍ     بزعازعِ الخطـبِ الجســـيمِ

خطبٌ لـــــه ذهـبَ الأسى     بحلومِ أربـــــــابِ الحلــومِ

يا مـــــزهراً بحنــادسِ الـ     أسـحارِ بالذكرِ الحـــــــكيمِ

متململاً يبدي الـــــخشوعَ     تململُ الرجـــــــلِ السليـــمِ

أفديـكَ كمْ ســـــدلتْ يدُ الـ     إشكالِ جنحَ دجىً بـــــــهيمِ

فطويته ببــــيــــــــانِ شمـ     ـسِ بيانِكَ الشـــافي العظيمِ

وقطــــعتَ بالبـرهانِ حجَّـ     ـةَ كلِّ أفــــــــــــــــاكٍ أثيمِ

حــــتى إذا شــــــــاءَ الإلـ     ـهُ لقاكَ في دارِ النعيـــــــمِ

عرجتْ بكَ الـروحُ الكريـ     ـمةُ نحو بــــــارئها الكريمِ

وأقـــامَ جسمُكَ فـي البسيـ     ـطةِ أن تميدَ مــــن الرجومِ

أفديــــكَ أحمدَ مـن جرتْ     بثناهُ ألسنـــــــــــةُ الخصومِ

وأحقُّ مــن لهـجـتْ له الـ     أشرافُ بالذكـــــــرِ الحكيمِ

لم يبرِ ذاتَــــــــــــكَ ربُّها     إلا لإحيـــــــــــــــاءِ العلومُ

فأتيتَ تصــــدعُ بــــالبيـا     نِ كما أمِـــرتَ بلا بجـــومِ

آهٍ ولمَّــــــــا أن عــــزمـ     ـتَ على الرحيلِ إلى النعيمِ

وأردتَ إهــداءَ الأنـــــــا     مِ إلى الصـــــراطِ المستقيمِ

أوصيتَ بابَ علومِكَ الـ     ـهادي إلى النهـــــــجِ القويمِ

مصباحُ ليـــلِ المشكـــلا     تِ إذا أدلهـــمَّ علــــى عليمِ

سُمِي عليـــــــــاً مُذ علا     شرفاً على هـــــــامِ النجومِ

ولئنْ جللتَ فجـلَّ في الـ     إسـلامِ فقدكَ من عظيـــــــمِ

فلقدْ تجلّتْ شمــــسُ علـ     ـمِكَ في ابنِــــكَ البرِّ الكريمِ

ولئنْ رمى ركنَ الشريـ     ـعةِ رزءُ فقـدِكَ بالهجـــــومِ

فبها محمـــــــــدُ صالحٍ     لبنــــــــــــــاءِ هاتيكَ الثلومِ

فليثلجـــــــــــــنَّ فؤادَها     منه بأنفـــــــــــــاسِ النسيمِ

ولتمسحــــــــــــنَّ بكفِّه     سيالَ مدمعِـــــــــها السجومِ

أعلــــيُّ أربــــابُ العلا     ومحمــــــــــداً في كلِّ خيمِ

سعدتْ بطولِ بقاكما الـ     ـدنيا وأنديـــــــــــــةُ العلومِ (18)

وممن رثاه أيضاً الشيخ علي ابن الحاج حسن الجشي بقصيدة يقول فيها:

رمى غائلَ البيـنِ نـفــــسَ الهدى     فهدَّ قـــــــــــواها وأركانَها

رمى أحمداً فـأصـــــــابَ الورى     جميعاً وأوحـــــشَ أزمانَها

فيا ناعياً أحـمداً هـــــــــــل ترى     لظى الخطبِ يا عمَّ إمكانَها

أيُخفى غـروبُ شمــــوسِ الهدى     على ناظرٍ حــــــلَّ أكوانَها

فدعْ نعيَـه فنفـــــــــــوسُ الورى     تكادُ تفارقُ جثمـــــــــــانَها

فللهِ خطـبٌ دهــــى العــــــالمينَ     فأصبـــحَ ذو اللبِّ حيـرانَها

فويـحكَ يا دهــــرُ من ذا رمـيتَ     أصبتَ مِن الخلـــقِ إنسانَها

فذي المكرمـــاتُ تصوبُ الحشا     دموعاً لمن شـــــــادَ بنيانَها

وتلك المعالي عـــراها الأســـى     لمن عقدتْ فيه تيجـــــــانَها

وتلكَ المفــــــــاخرُ قد ألحـــدتْ     بقبرٍ تضـــــــــــمَّنَ عنوانَها

ليهنكَ يا قبرُ مــــن ذا حــــويتْ     حويتَ العلــــــومَ وعرفانَها

حويتَ الهدى والتـقى والــــندى     بمنْ فاتَ في السبـقِ أقرانَها

حويتَ خليفةَ آلِ الــــــــــرسول     فطلـتَ بعليــــــــــاهُ كيوانَها

فتلكَ المساجدُ قد أوحشـــــــــتْ     لفقدِ الذي فـي الدجــى زانَها

وتلكَ الشريـــــعةُ تبــــكي على     فقيدِ يبيِّــــــــــــــــنُ برهانَها

تكفَّلَ إيضاحَــــــــــــــــــها ميِّتاً     تكفَّله حـــــــــــــــــيّ تبيانَها

فأودعَها الكتــــــــــبُ حفظاً لها     وأوصى الـذي حازَ عرفانَها

علياً يقومُ بأمــــــــــــــــــرِ الإله     يبيِّنُ للخــــــــــــلقِ عنوانَها

وخلّفَ فينا حميـــــــدُ الخـــصالِ     ومَنْ بالتـــــقى فاقَ أقرانَها

محمدُ صــــــــــــالح نجمَ الفخارِ     وعينَ المعــــــالي وإنسانَها

هوَ الفــــرعُ من أحمدٍ الصالحين     فلا غروَ أن طــالَ كيوانَها

هوَ الغصنُ من دوحةِ المكرماتْ     فيا سلمَ اللهُ أغصـــــــــانَها

وخلّدَ فينا الوصـــــــــــيَّ الأمينْ     ومن للعــــلى شادَ أركـانَها

أعترةَ أحمدَ مَن فيـــــــــــــهمُ الـ     ـخلائقُ تألفُ سلــــــــوانَها

لكمْ أحســـــــــــــنَ اللهُ فيه العزا     وجاورَ في الخـلدِ رحمانَها (19)

ورثاه الشيخ عبد الحميد ابن الشيخ محمد الأحسائي المعروف بـ (ابي خمسين) بقصيدة يقول منها:

اليوم شمسُ العـــــلمِ قد تكوَّرتْ     وبدرُه المنيــــــــــــــرُ قد تحجَّبا

إذا رقى الأعـــــوادَ فهو مصقعٌ     ذو مقولٍ أقطعُ من ماضي الشبا

كمْ ظهرتْ للديـــــنِ منه نصرةٌ     رمى بها على الأعـــــادي شُهُبا

يا ليلُ من طواكَ في تـــــــهجُّدٍ     تنفُّلاً لربِّــــــــــــــــــــــهِ تـقـرُّبا

وفي رقيِّهِ على المنبـــــــرِ من     حيَّرَ في فصلِ الخطــابِ الخطبا

ألا سقى اللهُ ضريــــــحاً ضمَّه     بصيِّبِ الرضـوانِ ما هبَّ الصبا

كما رثاه الشيخ محمّد بن عبد الله الزهيري وأرخ عام وفاته بقوله:

قسماً بمَن نحرَ الزمـــــــانُ لهُ     عيدَ الأنـــــــــــــامِ وضمَّه القبرُ

العالمُ المـــولى الكريم أخو الـ     ـتقوى الأبرُّ الأمجـــــــــدُ الحبرُ

العالمُ الملــــــــــكُ الذي شرفاً     يبكي عليـــــــــــــهِ البرُّ والبحرُ

وملائكُ الـرحمـــــــــنِ قاطبةً     والجنُّ والسرحـــــــــانُ والنسرُ

وبكتْ لهُ الـسبـــعُ الشدادُ ولا     عجبٌ وكــــــــــــــلُّ الجوِّ مُغبَرُّ

ومنها:

ما ضرَّ قبرٌ أنــــــــتَ ساكنَهُ     أن لا يـحــــــــــــلَّ بربعِهِ القطرُ

يكفيه ريُّ نـــــداكَ يا مددُ الـ     أجـــــــــــــــوادِ فليستحكمِ العُسرُ

فيهم ويمسي الحلمُ مضطهداً     إذ خـــــــــــــــانَهُ في أهلِهِ الدهرُ

زهر الزهيــري حينَ أرّخهُ     (وسم الثرا طـــــــرباً بكَ الزهرُ) (20)

شعره

للشيخ أحمد ديوان أغلبه في مدائح أهل البيت ومراثيهم ولم يَستوفِ جميع أشعاره، يقول الشيخ محمد صادق الكرباسي: (في شعره قوة سبك، وسلاسة وسمات إحيائية للشعر العربي في أزهى عصوره، سهل الألفاظ، متين التركيب..) (21)

وقال في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام):

قالوا: إمدحنَّ أميرَ النحلِ قــــلتُ لهم:     مدحي له موجبٌ نقصاً لمعناهُ

لأنَّ مدحي له فـــــــــــــرعٌ بمعرفتي     بذاتهِ وهي ســـــــرٌّ صانَه الله

فإن أصفه بأوصـــــــافِ الأناسِ أكن     مُقصِّراً إذ جميـعُ الخلقِ أشباهُ

وإن أزدْ فوق هذا الوصفِ خفتُ بأن     أتيه مثل غلاةٍ فـــــيه قد تاهوا

فدعْ مديحي ومدحَ النـــــــــاسِ كلّهمُ     والزمْ مديحاً له الـرحمنُ أولاهُ

فكلُّ مَن رامَ مدحــــــــاً فيه منحصرٌ     لسانُه عن يسيرٍ مـن مــــزاياهُ (22)

وقال من قصيدته اللامية في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

على الطــفِّ عرّجْ ولا تعجلا     ففيه التعجّــــــــلُ لن يُجملا

وحُلّ وكا المــدمعِ المستفيضِ     وأجرِ المسلسلَ والمــرسلا

ووشي بها عرصاتِ الطفوفْ     لتكسي بها خيرَ وشـيٍ حلا

على أن أفضــــلَ برِّ الرسولِ     بكاؤكَ قتلى رُبــى (كربلا)

ملوكُ الكمالِ الكــــماةُ الأولى     بنوا إذ بنــــوا منزلاً أطولا

فمنْ باسلٍ بــــــــــــاسمٌ ثغرُه     إذا سهلَ الخطبُ أو أعضلا

وله من قصيدته في حق أهل البيت (عليهم السلام) التي تبلغ (150) بيتاً وقد جارى بها الأمير أبا فراس الحمداني في قصيدته الشافية:

الحقُّ نورٌ عليهِ للهــــــــدى علمُ     مَن أمَّهِ مستنيراً قــــــــادَه الـعلمُ

يا حبَّذا عترةً بدءُ الوجــــودِ بهمْ     وهكذا بهـــــــــــمُ يُنهى ويـختتمُ

مَن مثلهمْ ورسولُ اللهِ فاتحــــهم     وسيطـــةُ العقدِ والمهديُّ خـتمهمُ

وهلْ أمية لا أمَّتْ بمغــــــــــفرةٍ     ولا نحتْ سوحَها من رحـمةٍ دِيمُ

تنوشُ هدبَ ذيولٍ للهدى سـدلتْ     مِن الإلهِ لها الأملاكُ تحــــــترمُ

ولا كمثلِ بني العباسِ لارقـــبوا     إلّاً ولا ذمةً بلْ رحمـــهمْ جـذموا

جنوا بمثلِ الذي تجني أميــةُ بل     على طنابيرِهم زادتْ لــــهم نـغمُ

ومن شعره في الدفاع عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) جوابه لأحد شعراء النواصب الذي يقول:

تعالوا إلينا معشرَ الرفضِ إن تكن     لكم همَّة الإنصافِ دينوا بديننا

مدحنا علياً فوق مــــــــا تمدحونه     وسببتمُ أصحــــابَ أحمدَ دوننا

فرد عليه الشيخ أحمد آل طعان بقوله:

تعالوا إلينا معشرَ النصــبِ نبتهلْ     وهذا كتــــــــابُ اللهِ يحكمُ بيننا

مدحنا عليــــــــاً بالذي الله خصَّه     ونلعنُ من باللعنِ قد خصَّ ربنا

كمنْ فرَّ عن زحــــفٍ وآذى نبيَّنا     بهجرٍ ومن آوى طـــــريدَ نبينا

وشاهدُنا القـرآنُ في آي (لا تجدْ)     فهذا كتــــــــابُ الله يخبرُ مُعلنا (23)

وقال من قصيدة في الإمام الرضا (عليه السلام) تبلغ (24) بيتاً:

يا غيرةَ اللهِ قـــــــــــــلبُ الكونِ قلّبه      سمٌّ يقــــــــــطّعُ للأحشاءِ ألوانا

وبضــــــــعةُ مِن رسولِ اللهِ بضَّعَها      بالســمِّ مِن بضَّعَ القرآنَ طغيانا

قضى الرضا نحبَه سمَّاً فحين قضى      قضى الهدى عادماً للحقِّ تبيانا

قضى غريبُ خراســــــــانٍ بغصَّتهِ      نفسي الفدا لغريبٍ في خراسانا

ليتَ النبيُّ يراهُ قاذفاً كبــــــــــــــــداً      كانـت لدينِ الهدى قلباً وعنوانا (24)

وقال من قصيدة في القاسم بن الإمام الحسن المجتبى (عليهما السلام) تبلغ (43) بيتاً:

بهِ الـقاسمُ المغوارُ أبدى شجاعةً      مِن المرتضى الكرارِ يومَ الملاحمِ

فـــــكمْ زفَّ قرماً لا يُطاقُ لقبرِهِ      وكـــــــــمْ ردَّ جـيشاً لا يُردُّ لهازمِ

فتىً عيدُه يومَ الوغى فهوَ للعدى      بفصلِ الــــقرا والـجيدِ أعدلَ قاسمِ

دعته لبـــــــذلِ الروحِ نفسٌ أبيَّةٌ      تسامى إبـــــــاها فـوقَ هامِ النعائمِ

أبى مجدُه الســــــــامي دنوَ دنيَّةٍ      فهانَ عليه الصعـــــبُ إقدامَ حازمِ (25)

وقال من قصيدة في علي الأكبر (عليه السلام) تبلغ (24) بيتاً:

لم أنســــــــــه في فتيةٍ قد ألبسوا      مـــــن بزَّةِ الـعلياءِ كـلُّ شعارِ

فيــــهمْ عليُّ بنِ الحسينِ كضيغمٍ      والشـبلُ مثلَ الليـثِ في الآثارِ

ليثٌ يلاقي كلَّ عضوٍ في الوغى     منه الجيــــوشَ بــفيلقٍ جرَّارِ

قد عرَّقتْ فيهِ شمـــــــــائلُ أحمدٍ      وشجاعةٌ مـــن حيـدرِ الكرَّارِ

ذو عزمةٍ أدنى مرادِ صـــعودِها      أن ترتقي أعلى مدارِ حِضارِ

أمَّ الفراتَ وجيبَ قلبٍ بالــــظما      وعليهِ آلافٌ مِن الأشــــــرارِ

فاستنهضـــــــــــته حميةٌ علويةٌ      لشكايةٍ مِن نسوةٍ وصــــــغارِ (26)

ومن شعره في الحث على الانفاق:

يا فاعلَ الخيرِ والاحسانِ مُجتهداً     أنفقْ ولا تخشَ من ذي العرشِ إقتارا

فالله يجزيكَ أضعـــــافاً مضاعفةً     والرزقُ يأتيـــــــــــكَ آصالاً وأبكارا (27)

..................................................................................

1 ــ شعراء القطيف للشيخ علي المرهون ج 1 ص 163

2 ــ موقع سنوات الجريش.. تاريخ وتراث البحرين / الشيخ أحمد بن صالح آل طعان ألستري البحراني لجاسم حسين آل عباس

3 ــ أدب المحنة للسيد محمد علي الحلو ج 1 ص 332 / أنوار البدرين ص 263 / وفيات الأئمة تأليف عدد من علماء البحرين والقطيف ص 281

4 ــ أنوار البدرين ص 253 ــ 245 / أعيان الشيعة ج ٢ ص ٦٠٥ / أدب الطف ج 8 ص 127 ــ 128 / مقدمة الرسالة الأحمدية لآل طعان تحقيق ونشر شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث

5 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 605

6 ــ طبع بتحقيق عبد العظيم أحمد محمد الشيخ

7 ــ أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين ص ٢٥٢ ــ 253

8 ــ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج ٢٣ صفحة ٩٩

9 ــ أعيان الشيعة ج ٢ ص ٦٠٥

10 ــ شعراء القطيف ج 1 ص 163

11 ــ تكملة أمل الآمل ج 1 ص 78 رقم 84

12 ــ طبقات أعلام الشيعة ج 13 ص 102 رقم 233

13 ــ شعراء الغري ج 1 ص 262

14 ــ معجم رجال الفكر والأدب في النجف ج 1 حرف الألف

15 ــ أدب الطف ج 8 ص 127

16 ــ أنوار البدرين ص ٢٥٥

17 ــ أنوار البدرين ص 254

18 ــ نفس المصدر ص 265

19 ــ نفس المصدر ص 268

20 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 607

21 ــ معجم الشّعراء النّاظمين في الحسين ج 3 ص 142

22 ــ أنوار البدرين ص ٢٥٧ / موسوعة أدب المحنة ج 1 ص 330

23 ــ أنوار البدرين - الشيخ علي البحراني - الصفحة ٢٦٣

24 ــ شعر اء القطيف ج 1 ص 168 ــ 169

25 ــ شعراء القطيف ج 2 ص 169 ــ 170

26 ــ شعر اء القطيف ج 2 ص 171 ــ 172

27 ــ أنوار البدرين ص ٢٥٨

كما ترجم له:

السيد حسن الأمين / مستدركات أعيان الشيعة ج 2 ص 32 ــ 33

عمر رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 1 ص 252

خير الدين الزركلي / الأعلام ج 1 ص 138

المرفقات

: محمد طاهر الصفار