جدد ممثل المرجعية الدينية العليا خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف مطالبته بضرورة الحفاظ على كيان الاسرة والاهتمام بالزاد المعنوي باعتباره انه لا يقل اهمية عن الزاد المادي.
وقال السيد احمد الصافي اليوم الجمعة (25/1/2019)، ان التربية الصحيحة وتماسك الاسرة من الامور التي ندب اليها الشارع وحث عليها المصلحون وفق قواعد سلوكية محددة.
واضاف ان هنالك ثلاث حالات يتفرع عنها عدد من الفروع وتعد من المؤثرات في مجتمعنا وتتمثل بالاسرة والمدرسة والجو العام، لافتا الى ان كل واحدة تحتاج الى شرح مفصل الا ان الحديث عنها سيكون اشبه برؤوس مطالب.
واوضح ان المسؤولية في الاسرة تقع على رب الاسرة الذي يحتم عليه ان ينتج اسرة سليمة، اما بالنسبة للمدرسة فانه يقع على عاتق المعلم وظيفة تنشئة جيل من خلال عملية مشتركة مابين الاسرة والمعلم بعنوانه العام في المسيرة التربوية بدءا من رياض الاطفال وحتى الجامعات.
واشار ممثل المرجعية الدينية العليا الى ان المؤثر الثالث وهو الجو العام يكون خارج اطار الاسرة والمدرسة، موضحا ان الولد والبنت لديهم اوقات خارج الاسرة وكذلك خارج المدرسة.
واعرب السيد الصافي عن اسفه لما يمر به مجتمعنا من خطر كبير بخصوص الجو العام، داعيا الى ضرورة ان يسعى كل شخص يرى الخطر في مجتمعه واهله واولاده بمقدار ما يستطيع لبيان المشاكل والحلول بحسب مسؤوليته، مبينا ان البعض تكون وظيفته الكلام والخطاب وهنالك من تكون وظيفته القرار، الى جانب وجود وظيفة ومسؤولية مجتمعية عامة يتبانى ويتفق من خلالها الناس فيما بينهم على عدم السماح باختراق السلوكيات المحددة.
وبين ان هنالك فرق بين امرين قد التبس احدهما بالاخر، مشيرا الى ان هنالك فرق بين الحرية والفوضى، وان الحرية تحتاج الى انظمة وقوانين للحفاظ عليها، كما انها لاتعني ان يفعل الانسان ما يحلو له بدعوى الحرية لان هكذا منطق غير موجود حتى في شريعة الغاب.
واكد خطيب جمعة كربلاء انه على اطلاع على عدد من الدساتير في العالم وجميعها يخلو من النص الذي يشير الى ان الحرية تعني ان يفعل الانسان كيف يشاء وكما يحلو له، مبينا ان هكذا نص غير موجود في جميع انظمة العالم.
واستدرك السيد الصافي حديثه ان للحرية ضوابط تحدد المسموح به عن غير المسموح به ضمن اطار الحرية، اي انه ليس من حق الشخص ان يوقف سيارته امام دار شخص اخر وكذلك لايحق لاي شخص ان يوقف سيارته وسط الشارع العام لان الكل ستعترض عليه، كما لايحق له ان يقول باني افعل ذلك بمقتضى الحرية لان الجميع سيسخر منه ويقول له ان هذا تعدي على المصالح العامة، وفي قبال ذلك تبرز حالة الفوضى التي لا تراعي الانظمة والقوانين او اي شيء اخر.
ويرى ممثل المرجعية الدينية العليا اننا نعيش الان حالة فوضى ونتخيل باننا نعيش حالة حرية وهنالك بون بعيد وشاسع بينهما، مؤكدا ان المسؤول عن هذه الحالة يعرف تكليفه.
وطالب السيد الصافي بضرورة ان يكون للمجتمع العراقي حصانة مجتمعية لتمنعه من الانزلاق وتقف حائلا امام السلوكيات المنحرفة، محذرا من ان المجتمع اذا فقد حصانته فانه سيقع في محذور لا يمكن ان يخرج منه الا ان يشاء الله.
وقال ان الحصانة المجتمعية مسؤولية الجميع، فلكل شخص حق ان يمشي في الشارع او ان يسكن في مكان خاص ولايحق لاي شخص ان يعتدي عليه، وكذلك للاب الحق ان يربي ولده بطريقة لايسمح ان يأتي شخص اخر يعاكس هذه التربية، كما ان الشخص الذي يحترم نفسه ولايعتدي على الاخرين لابد على الاخر ان يحترم نفسه ولايعتدي عليه.
ولفت الى ان المجتمع العراقي له قيم وحضارة وضوابط واعراف عندما تختلط ببعضها تتحول الى فوضى، مطالبا بضرورة النظر الى الدول المتحضرة كيف انها تخلو من الفوضى رغم انها لاتمتلك ما يمتلكه المجتمع العراقي من قيم واصول وحضارة الا انه رغم ذلك بات يقبل بالفوضى .
واستعرض السيد الصافي بعض حالات الفوضى في المجتمع والمتمثلة بالتهديد الذي يلحق باسرة كاملة فيتم ترحيلها لان فلان تجاوز على فلان، وتقوم الدنيا ولاتقعد رغم انها تكتب مئات التعهدات والمذكرات الا ان التهديد يبقى قائما وتجد افراد تلك الاسرة يتلفتون خوفا من ان يراهم احدا ليقتص منهم، متسائلا هل هذا له علاقة بالحرية ام انه فوضى، كما بين ان الاب في البيت والمعلم في المدرسة يتعبون على تربية الولد الا انه حينما يخرج الى الجو العام يأتي بشيء مرعب بزعم الحرية.0
وطالب السيد الصافي المسؤول عن الفوضى ان يكون شجاعا ويعلن بانه هو من سعى لهذه الفوضى.
واشار الى ان الاباء والامهات باتوا يشكون من تأثير تلك الفوضى على سلوكيات ابنائهم مطالبين بضرورة انقاذهم منها، مبينا ان الاباء والامهات يقولون نحن نتعب ونربي واذا بالشاب المراهق مباح امامه كل شيء، بل ان جميع الوسائل الحديثة مبذلوه امامه مما ادى الى فقدان السيطرة على الاولاد بدعوى الحرية.
واكد السيد الصافي المطالبة بالحرية وان البلد خرج من وضع الى وضع يريد من خلاله الحرية، مستدركا بان هنالك فرق بين الحرية وبين الفوضى العارمة التي ليس لها حدود وقوانين وانظمة بحيث جعلت الابناء ينفرون والاسر تتفكك والعالم والناس تتفرج لان بعضهم يجد صعوبة في ان يتكلم والبعض الاخر يرى انه اذا تكلم لايجد اذان صاغية والبعض يرى انهيار الاسرة وهو عليه ان يتحمل.
وبين ان الكثير من الامور الان في فوضى وتحتاج الى تقنين وسن نُظم حتى تتحول الفوضى الى حرية، كما طالب بضرورة ان يمارس المجتمع دورهُ في مجال الحصانة المجتمعية.
وتساءل السيد الصافي عن سبب اختفاء بعض المصطلحات او انها اذا خرجت تكون خجلى مثل كلمة (العيب) التي كانت تترد بكثرة في السابق.
واختتم حديثه بعبارة "الرجاء ودعوة اخ لإخوانه اهتموا بهذا الموضوع، فالمسؤولية لا تُعفى من أحد، حافظوا على المجتمع، وحافظوا على اصول المجتمع، وحافظوا على قِيم المجتمع، لا تتركوا الأمر كيفما اتفق، لا تعوّدوا اولادكم على الفوضى، عودوهم على الحريّة ضمن ضوابط".
ولاء الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق