جرّد بنو هاشم السيوف لمواجهة بني أميّة حينما أقدموا على رشق جنازة الإمام الحسن عليه السلام بالسهام، فتدخل الإمام الحسين عليه السلام الذي التزم بوصيّة أخيه الحسن ودرء الفتة عن القوم، ثم أمر عليه السلام بأن تحمل الجنازة إلى البقيع، حيث يجتمع الناس لجنازة الزكي ابي محمد حتّى ما كان البقيع يسع أحداً من الزحام وقد بكاه الرجال والنساء ... فسلام عليك يا أبا محمّد يا حسن بن علي يوم ولدت ويوم جاهدت وبلغت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيّاً .. وثق كثير من المؤرخين والرواة الاحداث الاليمة التي تصور دفن الجثث الطاهرة وتشييع جثامينهم وبشتى انواع الوثائق، وهذه اللوحة الفنية احدى تلك الوثائق التي تنطق مكنوناتها بمظلومية الامام الحسن عليه السلام وما لحق به ومواليه من اذىً على ايدي المارقين من بني امية واتباعهم . اللوحة من ابداع الفنان الايراني " حسن روح الامين "، وقد نفذت بتقنية الزيت على قماش الكانفاس وبالأسلوب الكلاسيكي في الرسم بمزيج متجانس من الالوان الحارة والباردة على حد سواء، وكأن الفنان يحاول تطبيق احدى القواعد الوضعية للفن بأن الاعمال الكلاسيكية هي التي تبقى خالدة، ويبدو انه قد حقق غايته بالفعل، فهذه اللوحة تحاكي وجدان وضمائر احرار العالم ممن نادوا بحب اهل بيت النبوة وهو الخلود بعينه . عالج الفنان الإيراني حسن روح الامين في أغلب تكويناته الفنية الإبداعية فكرة الخير والشر والحق والباطل، وتركزت هذه النزعة بمجموعته الفريدة من اللوحات المرسومة بأبعاد مختلفة، والتي سخر تجربته من خلالها بروحية إسلامية واقعية واخرى تعبيرية وبأشكال تميل نحو تصوير الأجواء المأساوية الحادة لوقائع استشهاد الأئمة الاطهار وذراريهم . يوفر العمل نصاً جمالياً يعتمد منظومة النقيض اللوني (فاتح – غامق )، وهو يعبر بصورة مباشرة لتشييع الجسد الطاهر للأمام الحسن بن علي عليهما السلام والذي شكل المركز السيادي الاهم وعنواناً للعمل في نفس الوقت. أتخذ الرسام من النعش أساساً لبناء العمل الفني اعلاه وتكوين أشكاله باعتباره مضموناً حاملاً لدلالته، فأحال تكوينه إلى أشغال مساحة واسعة من السطح التصويري مما أدى إلى إخفاء معالم المكان، فبدت الأشكال المحيطة بالنعش تابعة لمركزه، إذا ما تم ملاحظة حركة الخطوط والمساحة اللونية التي نفذت بها الأشكال والتي تعطي إحساسا بالحزن والالم وملمساً للغبار المتصاعد من تحت اقدام حاملي النعش . سعى الرسام في أول الامر الى تحقيق سمات المشبه الجمالية عبر الاعتناء بتنظيم طيات القماش المميزة باللون الاخضر وبعض الخطوط الواضحة والعناية بدقتها والمبالغة في إبراز حدود النعش ونقاء اللون، منتقلا منها إلى حركات وأزياء المشيعين والوانها الترابية التي جهد الرسام فيها الى اظهار بنيتها التزويقية وتضمينها مع الحركات التي توضح مظاهر حزنهم وتكسب عاطفة ورضا المتلقي.. كون فكرة العمل تمثل مقدساً يحتفظ بهيبته وجماله حتى وأن كان في النعش. أن الرسام بكل ما يختزنه عقائدياً ووجداناً عاطفياً متحداً بشخصيته شكل ضغطاً على إنتاجه التمثيلي فأظهر الشخصيات وهي بعيدة عن فعلها وأبرزها مواجهة للطريق امام النعش لكسب رضا المجموع مع العلم بأن المواجهة من سمات الفنون الشعبية لكن حضورها تعبيرا فكريا في اللوحة أكثر من كونه فطريا بدليل جانبية الاشكال بأجمعها. سعى روح الامين في هذا المنجز الفني للمزج بين ذاته وموضوع الرسمة من خلال تكريس خبرته الجمالية التي اكتسبها بسعة اطلاعه على تأريخ الواقعة وثقافته الفنية المتراكمة ، حيث اظهر حالة معينة من الاندماج بين اجزاء اللوحة تشد القارئ وتدفعه للغور في اللوحة ومتابعة احداثها والتأثر بها بشكل لا أرادي . سامر قحطان القيسي الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق