لايخفى على المتتبع الاهتمام البالغ الذي اولته المرجعية الدينية العليا ازاء ازمة شحة المياه وتلوثها في محافظة البصرة، اذ انها تناولت تلك المشكلة اكثر من مرة في خطب الجمعة ثم اوفدت عدد من الخبراء العاملين في العتبتين المقدستين الى البصرة من خلال ممثليها في كربلاء، حتى وصل بها الحال الى ارسال ممثلها السيد احمد الصافي ليقف عن كثب ويتابع الامور ويعالج المشكلة باسرع وقت.
كما ان ممثلها الشيخ عبد المهدي الكربلائي كشف في وقت سابق عن حجم المشاريع التي تبنتها العتبة الحسينية المقدسة في محافظة البصرة والتي من بينها مستشفى متخصص بالامراض السرطانية، فضلا عن مشاريع تحلية المياه ومشاريع قرانية واخرى اعلامية ومشاريع مستقبلية. وهنا لابد من الاجابة على عدد من التسائلات التي تداولها البعض عبر منصات التواصل الاجتماعي او طرحها البعض الاخر على شاشات التلفاز عن سبب هذا الاهتمام الكبير بمحافظة البصرة في وقت تعاني فيه جميع المحافظات العراقية من تلكؤ في الخدمات وغياب الاهتمام الحكومي، فيما تساءل اخرون هل ان المرجعية ستقوم بنفس الاجراءات لو كانت هنالك شحة وتلوث للمياه في محافظات الموصل او الانبار او صلاح الدين او غيرها من محافظات شمال وغرب العراق. وبطبيعة الحال ان الجواب على تلك التساؤلات واضح كوضوح الشمس ولايحتاج الى شواهد لاثباته. نعم، ان المرجعية الدينية العليا التي عرفت بمواقفها الوطنية والابوية سيكون لها موقف خاص في حال استشعرت اي خطر يصيب العراق من شماله وحتى جنوبه، ولعل الجميع كان على مسمع ومرأى من فتوى الدفاع الكفائي التي اطلقتها بعد ان تعرض اهالي الموصل للخطر، فلبى ندائها خيرة ابناء البلد من اقصى جنوبه للدفاع عن اخر شبر من شماله. وهنا لابد من الاشارة الى الشواهد التاريخية التي تثبت ان المرجعية الدينية كانت ولازالت صمام امان، وانها بمواقفها الوطنية انقذت البلد من مخاطر ومحن ونكبات عصفت به ابان الاحتلال العثماني والبرطاني وحتى وقتنا الحاضر. ولو استعرضنا مواقف المرجعية في العراق لمائة عام سابقة نجد ان من بين تلك المواقف البطولية للمرجعية الدينية هو وقوفها بحزم ضد الاحتلال البريطاني للعراق كانتفاضة النجف الاشرف عام 1918 وثورة العشرين التي انطلقت شرارتها من كربلاء وبالتحديد من مرقد الامام الحسين عليه السلام التي اجبرت الحكومة البريطانية الى تغيير سياستها في العراق، ومن ثم اصرارها على قيام المؤتمر العام وتأليف حكومة منتخبة من الشعب العراقي لا من المندوب السامي البريطاني، واختيار شخصية عراقية لادارة البلد. وكذلك مواقفها طيلة حكم حزب البعث منذ عام 1968 ودعوتها للشعب العراقي بالصبر وتجنب القمع والقتل، فضلا عن مواقفها البطولية في عدم دعمها للحروب التي قام بها النظام المقبور. كما لابد من الاشارة الى فتوى المرجع الديني السيد محسن الحكيم (قدس) بعدم قتال الكرد في ستينيات القرن الماضي لانهم عراقيون ومسلمون ومستضعفون. ومواقفها الوطنية والبطولية في الانتفاضة الشعبانية المباركة عام (1991) وحتى سقوط النظام البائد رغم الاقامة الجبرية التي تعرضت لها والتشديد المكثف من قبل ازلام النظام البائد. كما لايمكن ان يتسع المجال الى سرد المواقف الوطنية والبطولية لها بعد سقوط النظام البائد واجبار الحكومة الامريكية على تشكيل الحكومة العراقية المنتخبة والاستفتاء على الدستور وغير ذلك، الى جانب مواقفها من الفتنة الطائفية وبالخصوص حادثة تفجير مرقدي العسكريين عليهما السلام، فضلا عن دعوتها للشعب العراقي في فتوى الدفاع الكفائي للدفاع عن الارض والعرض والمقدسات، ومواقفها الحالية من تشكيل الحكومة العراقية. فالمرجعية الدينية كانت ولازالت لكل العراق ولجميع العراقيين بمختلف طوائفهم وقومياتهم.
ولاء الصفار الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق