زيارة الاربعين.. بين الالتزام المسؤول ودور المرجعية العليا

اكدت لنا الوقائع التي واكبت زيارة العشرين من صفر الذكرى السنوية لأربعينية استشهاد الامام الحسين عليه السلام ان المرجعية الدينية العليا في العراق لها اليد الطولى في التأثير على الاوضاع الاستثنائية التي يشهدها العراق، وقد لحظ القاصي والداني صدق هذا المذهب بالدليل القاطع الماضي.

فقد شهد العراق بمعظمه حدثا استثنائيا لا يجرى الا مرة واحدة في العام، وقف فيه العراقيون بأغلبيتهم على قدم واحدة في سبيل اتمامه على اكمل وجه بمأمن وانسيابية وهدوء، على الرغم من الصخب البادر من هدير الحشود المليونية المشاركة في قيامه، وحرص رفيع الشدة في سبيل انجازه على اكمل وجه دون ان تعكر اجواءه اي اضطرابات امنية او ارباك ينجم عن ضخامة الاعداد.

فزيارة الاربعين لهذا العام شهدت مشاركة اكثر من عشرين مليون زائر، اذا احتسبنا من لم يفد الى كربلاء المقدسة وادى الزيارة من مدينته، مكتفيا بتقديم خدماته الى المتوجهين الى مرقد الامام الحسين عليه السلام سيرا على الاقدام، سيما ان المواكب والسرادق الخدمية امتدت من اقصى نقطة في جنوب العراق متمثلة في مواكب العزاء وسط منطقة رأس البيشة جنوب مدينة البصرة، وحتى مركز مدينة كربلاء المقدسة.

كل تلك الملايين ابدت بشكل ملحوظ استجابتها لوصايا المرجعية الدينية العليا الخاصة بمراسيم الزيارة، ابتداء من الشؤون الثقافية والاخلاقية والدينية، مرورا باليقظة الامنية والحفاظ على امنهم، وانتهاء بالحفاظ على النظافة البدنية والبيئية.

هذا الالتزام الملحوظ انسحب بدوره على الوافدين من خارج العراق للمشاركة في مراسيم الزيارة ايضا، على الرغم من امكانية اختلاف مرجعياتهم الدينية ومشاربهم الفكرية والعقائدية، وهو ما لوحظ من خلال الالتزام بالوصايا الصادرة بدورهم.

اذ يؤكد معظم المراقبين ان درجة المسؤولية والالتزام خلال هذه الزيارة جاءت بمعدلات مرتفعة، فيما لم تتسبب بعض الحالات الشاذة في التأثير بنفوس زائري الامام الحسين عليه السلام، سيما من سعى الى استغلال الحشود المليونية لزرع الفتنة او الترويج لشخصيات سياسية او اجندات بعيدة عن اجواء الزيارة الدينية.

كل ما تقدم يثبت بشكل قاطع مدى التأثير والفاعلية لدى المرجعية الدينية العليا في تحييد الامور وتجيرها للصالح العام، سواء كانت مقتضياته دينية او اجتماعية او سياسية ايضا، وهذا يشكل دون ادنى شك صمام امان لمختلف الشعوب الاسلامية، وتعكس واقعا ايجابيا يمثل رؤية متفائلة لمستقبل الامور.

محمد حميد الصواف

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات