مواقف اهالي الكوفة والبصرة مع اهل البيت... خيانة أم وفاء!!

نستذكر في هذه الأيام ذكرى وصول (مكاتيب) ومواثيق من أهالي العراق إلى الإمام الحسين (عليه السلام) تعلن البراءة من آل أمية والتمسك به، الأمر الذي حدا بالإمام الحسين (عليه السلام) أن يكلف ابن عمه مسلم بن عقيل بمهمة التوجه للعراق لغرض التحشيد الجماهيري لانقاذ دين جده من فسق وبطش يزيد، إلا إن تلك المهمة شابها الغموض والاضطراب إذ سرعان ما بويع بثمانية عشر ألف رجلا وفي ظهيرة الصلاة انسحبوا وأصبح سفير الحسين (عليه السلام ) وحيدا شريدا بأزقة الكوفة.

تلك الحادثة التي استغلها الكتاب المأجورين ليصبغوا تاريخ الكوفة وأهلها بالخيانة والغدر وقد كتبت عنها ألاف المؤلفات ولازالت العبارات الجارحة والقاسية تلاحق تاريخ هذه البقعة، وكتب التاريخ عبارات اشد قسوة وجرأة على مدينة البصرة، واصفا أهلها بعبارات أكثر قساوة من الأولى حتى أصبحت لغة الخيانة والغدر علامتين بارزتين ملازمتين للمدينتين.

ولكننا لو تأملنا قليلا سنجد إن المدينتين أعلاه كانتا عواصم لخلافة الإمام علي (عليه السلام) ولا غرابة أن يكون استهدافهما يمثل استهدافا للإمام علي (عليه السلام)، وبالتالي إننا بحاجة ماسة لمعرفة مدى إخلاص الكوفة وأهلها للإمام الحسين (عليه السلام)... علما إن هنالك عشرات الأحاديث التي وردت عن الإمام علي (عليه السلام) في مدح أهل الكوفة من بينها ما جاء عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبى ليلي عن أبيه قال : كتب الإمام عليّ إلى أهل الكوفة : بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ; فإنّي اخترتكم والنزول بين أظهركم لما أعرف من مودّتكم وحبّكم لله عزّ وجلّ ولرسوله.

كما ان الكثير من المخلصين الذين قاتلوا إلى جنب الإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة ألطف الخالدة كانوا من أهل الكوفة، كذلك الحال بالنسبة لأهل البصرة الذين امتدحهم الإمام علي (عليه السلام) في خطبة له جاء فيها : " يا ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﻻ‌ﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻣﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺧﻄﺔ ﺷﺮﻑ ﻭﻻ‌ ﻛﺮﻡ ﺇﻻ ﻭﻗﺪ جعل ﻓﻴﻜﻢ ﺃﻓﻀﻞ من ﺫﻟﻚ، ﻭﺯﺍﺩﻛﻢ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ ﺑﻤﻨﻪ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ: ﺃﻧﺘﻢ ﺃﻗﻮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺒﻠﺔ، ﻗﺒﻠﺘﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻻ‌ﻣﺎﻡ ﺑﻤﻜﺔ، ﻭﻗﺎﺭﺋﻜﻢ ﺃﻗﺮﺃ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺯﺍﻫﺪﻛﻢ ﺃﺯﻫﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻋﺎﺑﺪﻛﻢ ﺃﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺗﺎﺟﺮﻛﻢ ﺃﺗﺠﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺻﺪﻗﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﺠﺎﺭﺗﻪ، ﻭﻣﺘﺼﺪﻗﻜﻢ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺻﺪﻗﺔ، ﻭﻏﻨﻴﻜﻢ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺬﻻ‌ ﻭﺗﻮﺍﺿﻌﺎ، ﻭﺷﺮﻳﻔﻜﻢ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺧﻠﻘﺎ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺟﻮﺍﺭﺍ، ... الخ.

كما يؤكد التاريخ ان هنالك مواقف مشرفة لرجالات البصرة والكوفة مع اهل البيت عليهم السلام.

ويؤكد التاريخ ان الاعلام الاموي اغدق مبالغ طائلة لتحريف الواقع والصاق التهم والتنكيل بتلك المواقف عن طريق اخفاء الحقائق، مشيرا الى ان الجيوش التي وقفت بوجه الامام علي عليه السلام في البصرة وكذلك التي غدرت بالامام الحسين عليه السلام في الكوفة لم تكن من اهالي تلك المدن بل ان غالبيتهم تم استقدامهم من خارج العراق وخصوصا من المدينة لالصاق التهمة بشيعة العراق الذين عرفوا باخلاصهم لاهل البيت عليهم السلام.

ولاء الصفار

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

 

المرفقات