سلط ممثل المرجعية الدينية العليا، في خطبة الجمعة، الضوء على النزاع القديم والقائم الذي اخبر به الله تعالى في كتابه الكريم في قوله تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)﴾
وقال السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (8 /6 /2018)، ان الله تبارك وتعالى يخبر بحقائق كثيرة بسور متنوعة النزاع القديم بين الحق والباطل والخير والشر، مبينا ان هذا النزاع قائم وان الانسان كلما فكر اكثر وتعقل ورجع الى متبنياته العقلية مال الى الحق والبر، وفي المقابل كلما اعطى اجازة مفتوحة لعقله وثوابته وغض النظر عن اشياء فانه يقترب من الشر والباطل.
واضاف ان التعبير اعلاه فيه حالة من التشبيه الحسي، موضحا ان الانىسان يحتاج في بعض الحالات وبالخصوص حينما يكون المطلب غير واضح الى تشبيه الحالة له والاتيان بشواهد، مستدركا ان القران الكريم ممتلئ بالحكم والشواهد والامثلة والقصص التي حينما نجمعها ونزنها نخرج بمفهوم واحد يتمثل في انها مقربات للهداية وان الله يذكر تلك الشواهد في القران الكريم للاستعانة بها لفهم ما يريده منا.
وتابع ان التعبير الجميل الذي ورد في القران الكريم (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) فيه نوع من التنبيه ولفت النظر للانسان الى وجود شيء يريد القران ان يبينه له، مؤكدا ان القران الكريم لاتوجد فيه كلمات زائدة.
واردف ان الكلمة الطيبة تحمل مجموعة كبيرة من المعاني بعضها انها كلمة حسنة، مشيرا الى ان القران الكريم شبه تلك الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة ووضع في مقابل ذلك الكلمة الخبيثة والشجرة الخبيثة، مبينا ان الطيب هو كل ما طاب لونه او ذائقته او فحواه ويستعمل في الكثير من الاشياء على اختلافها فيقال هذا كلام طيب او رجل طيب او امراة طيبة، منوها الى ان هذه الكلمة فيها ايقاع خاص اي عندما يسمعها السامع يشعر بالطمأنينة والوثوق والارتياح.
وشدد السيد الصافي على ضرورة استعمال الكلام الطيب والتحلي بحسن الاخلاق والعمل على ذكر الاخر بحسن ومحبة طيبة وحمله على محامل حسنة وان تكون المعاملات اليومية مع الاخرين تتصف بالواقعية وغير مبنية على الغل والحسد، مبينا انه يوجد طيب في الاكل والقول وطيب في العمل وان القران الكريم شبه ذلك بالشجرة الطيبة التي اصلها ثابت في اشارة الى ان الطيب يثبت ولا يتغير ولايتبدل وهو حسن وفرعه في السماء اي انه يعلو عن الارض، مؤكدا على ضرورة ان يتحرى الجميع الطيب في القول لانه كالشجرة الطيبة التي تظلل على اصحابها وتؤتي ثمرها كل وقت كما وصفها القران (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) بخلاف الكلمة الخبيثة، موضحا ان الله يضرب الامثال لتذكير الناس لان بعضهم في بعض الاحيان في غفلة.
ونوه ممثل المرجعية الدينية العليا ان المجتمع في هذه الاعصار ابتلي بشيء لم يُبتلى به الاخرون فيما سبق وهو سرعة النقل -اشارة الى تطور وسائل الاعلام- اي ان الكلام عندما يتكلم به احد يسمعه في أثناء كلامه الاف او ملايين من الناس، داعيا الى ضررة التثبت في الكلام والتحرز فرُب كلمة تخرج من فم صاحبها تورده وغيره المهالك.
واستدرك السيد الصافي ان كلمة خبيثة لاتوجد افضل منها لاستخداها في التعبير عن سوء الافعال كونها كلمة منفّرة ومبعدة جداً ومقززة، والانسان عندما يُقال له خَبيث تجده ينتفض لأنها كلمة قاسية لذا استعملها القرآن الكريم في المعاني القاسية، (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ).
واوضح ان الشجرة الخبيثة كِناية عن الخُبث وانها اجتثت من فوق الارض لان لا قيمة لها وسرعان ما تنتهي، مؤكدا ان الكلمة الخبيثة لا قيمة لها عند الانسان وان كان أثرها يبقى في عالم آخر، مستدركا ان عبارة (اجْتُثَّتْ) عبارة في منتهى الروعة أي ليس لها وجود.
واكد ممثل المرجعية الدينية العليا على ضرورة ان يكون الانسان العاقل نافعاً وعنصراً فعّالا ً في أي رقعة، ان كان سياسياً عليه ان يكون نافعاً وان كان اقتصادياً عليه ان يكون نافعاً وان كان اجتماعياً عليه ان يكون نافعاً.
ولاء الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق