الاختزال الشكلي هو فعل تقني يستخدمه الفنان المصمم في انجاز ابداعاته الفنية الرقمية او طباعية وهو من التقنيات التصميمية القديمة جداً ، فقد استخدم في الرسوم البدائية على جدران الكهوف التي استخدمها الانسان كمأوى له وقد عبرت بشكل واضح عن بدايات الاختزال الشكلي الاولى .
بُنيت التحولات الشكلية في الفنون القديمة على أساس الاختزال _ كما هو الحال في الكتابة الصورية الاولى _ فأضطر الفنان الاول ان يلجأ إلى الاختزال للتعبير عن مضامين فكرته المتعلقة بضرورات وحاجات تصميمية تكون من الأهمية لتحقيق وظيفة محددة يتبلور دورها من خلال هيئة الشكل فهو يستخدمه ويحدث عليه الكثير من المتغيرات لتحقيق تنويعات شكلية مظهرية ، وتلك التنويعات إنما يحدثها المصمم بفعل المتغيرات التي يظهرها على الشكل بفعل الاختزال الذي يكون له الأثر الفاعل في تجسيد الفكرة وتحقيق هدفها من خلال المعالجات الاختزالية التي أُحدثت عليه وبالتالي الكل التصميمي .
يتم الاختزال الشكلي بصورة تعبر عن صفة معينة مفهومة للشكل ، فمثلا عندما يعمد الفنان الى تصميم رقمي او طباعي عن ذكرى استشهاد ابي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) والحزن الذي يرافق تلك الذكرى الاليمة ، فإن الكثير من الصور تتبادر إلى الذهن من موقع تلك الفاجعة او عن الدماء المقدسة التي سالت او الدموع التي ذرفت ومازالت وغيرها من بوادر التفاعل الروحي الاخرى التي يرومها للحصول على مفردات يتم توظيفها خدمة للناتج ، فينتقي من بين الموجودات المحيطة به والتي يتخيلها نوعيات تخدم فكرته ويقوم بنقلها الى المتلقي بصيغة أو بأخرى ويجعلها مؤثرة في نفسه ، من خلال اختزال المفردات ذات الإظهارات المتنوعة على مجموعة من الاشكال التصميمية والصور الواقعية المدعومة بمخطوطات او فضاءات خالية من أي تفاصيل وجعلها مساحة لونية واحدة متجاوزاً التفاصيل ، أي بمعنى ادق الاستعانة بالبدائل لإيجاد نظير الشيء الطبيعي فربما يستخدم الخط أو اللون أو قد يستثمر الملمس ، والنظير هنا يشكل اختزالاً للمفردة أو هيئة الشكل الواقعية ، وهناك العديد من الاستخدامات الأخرى مثل التنقيط إذ تملأ المساحة بمجموعة نقاط أو أشكالاً هندسية ويمكن الإضافة على مجمل مساحة الشكل مجموعة من الرموز الصورية أو التكوينات الحروفية بتباينات لونية وشكلية مختلفة ، وتلك الاستخدامات التي تتم على صفة الشكل هي تنويعات تقنية يعمد إليها المصمم من أجل إيجاد المقومات التي تحقق الهدف الجمالي الوظيفي لنتاجه .
وبناء على ذلك فإن التنوع الذي يحققه الاختزال لا يتم على الشكل لذاته بل يتعدى ذلك إلى الصفات المظهرية والمفردات الأخرى للتصميم ، فالمصمم المبدع ينوع تلك المفردات باختزالها شكلياً أو لونياً فنجده تارةً يستخدم الخط كعنصر أساسي في إنشاء أعماله التصميمية ليكون هو العنصر الحيوي الاكثر تأثيرا في نفس المتلقي ، وتارة اخرى نجده يلجأ الى استثمار الصفات اللونية للفضاءات _ كأحد عناصر إنشائه التصميمي _ و الاشكال الرمزية التي تتقدمها والتي تعبر عن موضوعة الحدث المعالج في التصميم ،
فيختزل المصمم صفاتها اللونية لتكون مقتصرة على لون أو لونين دونما الحاجة الى الوان اخرى وتكون تأثيرات الاختزال على الصورة فاعلة وذات تأثير واضح فيقوم بمعالجات تصويرية تخدم الغرض العام من التصميم وتضيف قوة تأثير تستقطب الأنظار وتثير الانتباه بعيداً عن المغالاة .. لنرى بعد ذلك بذهول حقيقة الاشياء وما يشبهها لنستشعرها ونتأثر بحدثها بعيدا عن الصوت والكلمات .
جمع وتحرير
سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق