طــوافٌ فـي حـــضــرةِ الـنـور.. سـطـورٌ من كـتـابِ الـمـاء

 

إلـى أبـي الــفــضــل الــعـبـاس (عـلــيـه الــســلام)

 

أتـحْ بـعـضَه.. كي تـقـرأَ الـنـفـسُ مـا جـــــرى   ***   ظلامٌ أنا.. والـنـورُ مـن ثـغــــــــــــرِكَ انـبـرى

ودَعـنـي.. ولـو بـالـحـلـمِ قـلـبـي يـشُـــــــــــمُّـه   ***   شـذى ظـمـأٍ إذ قـامَ يـــــــــــــــغــــزلُ مِــنـبـرا

تـسـامـتْ إلـيـه الـمـفـرداتُ فـدلّـــــــــــــــــــهـا   ***   عـلـى فـلـكِ الـمـعـنـى فـطـــــافـتــــكَ مِــحـوَرا

ودار عـلـيـكَ الـكـونُ.. عـلَّ اكـــتـمــــــــــــالَـه   ***   إذا مـسَّ قـطـراً مِـن تـمـامِـكَ أثـمَـــــــــــــــــرا

وأجـدبَ غـــــــــــيـمُ الـروحِ حـدَّ يـبـــــــــــابـهِ   ***   وناداكَ أدركـنـي.. فـأقـبـلـتَ مُـمـطـــــــــــــــرا

رأتـكَ أمــــانـي الـمـــــتـعـبـــيــــــــــــنَ مُـعَـبَّـأً   ***   بـهـمِّ نـبـيٍّ فـاصـطـفـتـكَ مُـبَـشِّـــــــــــــــــــــرا

ويـعـرفُـكَ الأيـــــــتـــــــامُ مـنــــديـلَ دمـــعِـهـمْ   ***   وظِـلّاً إذا قـيـظُ الـزمــــــــــــانِ تَـنـمَّــــــــــــرا

يـدُقُّ على أبـــــــــوابِ قــــلـبِـــكَ نـبـضُــــــهـم   ***   وغـيـرُكَ يـا عـبـــــــــاسُ مـن يُـتـقـنُ الـقِــرَى؟

فـقــــد جــــئـتَ للأيــــتـــــــامِ دفـئـاً مــــقــــدَّراً   ***   كـمـا جـئـتَ للـفـجَّـــــــــــــــارِ حـتـفـاً مُـقـــدَّرا

غـداةَ بـحـــرِّ الـدهــــــــــــــرِ أعـــلــنـتَ قِـربـةً   ***   عـلـى عـطـشِ الأيــــــــــامِ تـنـشـرُ كــوثـــــــرا

إلـى الـحـشـرِ تـرويـكَ الـحـكـايـــــــاتُ قـلـــعـةً   ***   تـلـوذُ بـهـا كـل الـمـــــــــــدائـنِ والـقُــــــــــــرى

يـقـولُ شـيــــــــــوخُ الـمــــوجِ: جـاءَ وحــــولَـه   ***   مـن الـوَهَـجِ الـقـدســــــــــيِّ مـا لـمْ يـكنْ يُــــرى

أتـى واضـطـرابُ الأرضِ يـحـكـي هـــــــدوءه   ***   فـقـد سـكـنـتْ مُـذْ جــــــــــازَها حـافـرُ الـــــذُرى

كـأنَّ سـمـاءً أقـبـلـتْ فـي صـفـائِـــــــــــــــــــهـا   ***   وكـلُ نـخـيـلِ اللهِ قـامَ وكـبَّــــــــــــــــــــــــــــــرا

وصـلَّـتْ لـرؤيـاهُ الـضـفـافُ فـطالـمــــــــــــــــا   ***   دعـتْ أن تـرى من نـورِ لـقـيـــــــــــاهُ مـنـظـــرا

أتـاهـا ومـلءُ الـسـمـعِ أطـفــــــــــــالُ روحـــــهِ   ***   بـنـتْ لارتـيـادِ الـمـاءِ كـفَّـيـهِ مَـعـبــــــــــــــــــرا

شـفَـى وجـعُ الـشـطــــــــآنِ عـنـدَ وصـولــــــــهِ   ***   ومـسَّ ضـريـرَ الـمـوجِ فارتـدَّ مُـبـصــــــــــــــرا

أعـادَ بـنـاءَ الـمـاءِ حـسـبَ اشـتـهــــــــــائــــــــهِ   ***   يُـراقـبُـه الـتـاريـخُ إذ ذاكَ مُـقـفــــــــــــــــــــــــرا

فـنـسَّـقَ مـعـنـى الـمـدِّ والـجـزرِ  ظـــــــــــامـئـاً   ***   وعـدَّل شـكـلَ الـقـطـرِ حـتـى تـكـــــــــــــــــــوَّرا

يـراودُه وجـهُ الـحـسـيـنِ فـيـرتــــــــــــــــــــوي   ***   فـقـد صِـيـغَ عـشـقــــــــاً قـبـل أن يُـخـلـقَ الـوَرى

وآنـسَ عـنـدَ الـنـهـرِ خُـلـداً.. كـأنَّــــــــــــــــــمـا   ***   لـه مـنـذُ أن كان الـــــــــــــــــــــوجـودُ تـحـضَّـرا

مـشتى نـحـوَه والــمــــــــــــــوتُ يـنـثـرُ عـتـمـةً   ***   وكـفَّـاهُ قـنـديـلانِ فـي الـطـــــــــــــــــــفِّ أزهـرا

تَـشـمُّ خُـطـاهُ الـكــــــــــــــــــــــائـنـاتُ فـأيـنـمــا   ***   يـمُـرُّ.. تـفـوحُ الأرضُ مِـســــــــــــــكـاً وعـنـبـرا

وغـادرَ كـالـعـطـرِ الـشـهـيــــــــــــــدِ سـنـيـنَــــه   ***   ليُـصـبـحَ فـي كـل الـحـدائـقِ مُـزهِــــــــــــــــــــرا

تـعـانـقُـه الآيـاتُ جُـرحـاً مـقـدَّســـــــــــــــــــــــاً   ***   وتـتـلـوهُ أصـواتُ الـمـريـديـنَ مـنــــــــــــــــــحَـرَا

وقـيـلَ: بـأنَّ الـمـاءَ أحـرمَ حـولـــــــــــــــــــــــه   ***   وطـافَ بـه فـي مـوسـمِ الـدمـعِ مـشـعـــــــــــــــــرا

وأنَّ اسـمـرارَ الـطـيـنِ مـن بـوحِ خــــــــــــــــدِّهِ   ***   وأنَّ اكـتـحـالَ الأفـقِ مَّـما تـصـــــــــــــــــــــــــوَّرا

وأنَّ بـهـاءَ الـشـمـسِ مـن جـــــــــــــودِ وجـهـــهِ   ***   وأنَّ جـلالَ الـحـزنِ مـنـه تـحــــــــــــــــــــــــــــدَّرا

وأنَّ قـلـوبَ الـمـذنـبـيـنَ تـجـمَّـعــــــــــــــــــــــتْ   ***   عـلى فـيـضِ ذاكَ الـجـودِ كـي تـتــــطـهَّـــــــــــــرا

وأنَّ ضـريـحـاً ضـمَّـه ضَـمَّ عــــــــــــــــــاشــقٍ   ***   يـحـقُّ لـه لو شـاءَ.. أن يـتـكـبَّـــــــــــــــــــــــــــــرا

أبـا الـفـضـلِ يـا مـعـراجَ نـزفٍ ودمــــــــــــــعـةٍ   ***   ويـا سَـكـنَ الـمـلـهـوفِ لـو مـا تَـوتَّــــــــــــــــــــــرا

إلـيـكَ يـهـبُّ الـمُـتـعـبـــــــــــــــونَ عـيـونُـهـــــم   ***   تـبـثُّ ارتـبـاكـاتِ الـدروبِ تـعـثُّــــــــــــــــــــــــــرا

فـلـمْ يـدرِ مـا طـعـمُ الـثـبــــــــــــاتِ وقـوفُـهُـــم   ***   وإنَّـكَ يـا مـلـحَ الـشـهـــــــــــــــــــــــــــادةِ مـن دَرى 

 

مـسـار ريـاض عـلـي 

: مسار رياض علي