الكذب:هو مخالفة القول للواقع، وهو من أسوء العيوب والرذائل، ومصدراً للشرور والآثام، داعية للفضيحة والسقوط، ومن مثالب الكاذب أنه ينسى أكاذيبه ويختلق ما يخالفها، وربما لفق الأكاذيب العديدة المتناقضة، دعماً لكذبةٍ افتراها، فتغدو أحاديثه لغواً فاضحاً. لذلك حرمت الكذب الشريعة الإسلامية، وذمت المتصفين به وتوعدتهم في الكتاب والسنّة:
قال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ }(غافر28)، وقال في محكم كتابه: {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}(الجاثية7)،وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه الله صديقاً، وما يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذّاباً).(الكافي1\ 62 باب اختلاف الحديث ص6)
وقال الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام): (اعتياد الكذب يورث الفقر) .(وسائل الشيعة15\347-49باب جملة مما ينبغي تركه من خصال) كما قال الإمام الباقر (عليه السلام): (إنّ الكذب هو خراب الإيمان)(الكافي 2\239باب الكذب ص338) .والكثير من الآيات والروايات التي تتحدث عن مخاطر ومساوئ الكذب والعقوبات بحق الكاذبين.
وللكذب صور تتفاوت بشاعتها باختلاف اضرارها وآثارها السيئة وهي:
اليمين الكاذبة: وهي من أبشع صور الكذب، وأشدها خطراً وإثماً، فهي جناية مزدوجة: جرأة صارخة على المولى عزّ وجل بالحلف به كذباً وبهتاناً، وجريمةً نكراء تمحق الحقوق وتهدر الكرامات ولجلّ وقعها وخطر أثرها جاءت النصوص في ذمها والتحذير منها كقول الإمام الصادق (عليه السلام): (اليمين الصُّبْر الكاذبة، تورث العقب الفقر).(الكافي7\436باب اليمين الكاذبة ص435)
- شهادة الزور: وهي كسابقتها جريمة خطيرة، وظلم سافر هدّام، تبعث على سلب الحقوق وسرقة الأموال، وإشاعة الفوضى في المجتمع، بإعانة المجرمين على جرائم التدليس والابتزاز، وقد توعدت النّصوص شهود الزّور بالعقاب الأليم، يقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله):(لا ينقضي كلام شاهد الزور من بين يدي الحاكم حتى يتبوأ مقعده من النّار، كذلك من كتم الشّهادة). (الكافي7\383باب من شهد بالزور ص383).
ونهى الكتاب الكريم عنها فقال تعالى: { وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}.
- خلف الوعد: الوفاء بالوعد من خلال الآية الكريمة التي يزدان بها العقلاء، ويتحلى بها النبلاء، وقد نوه عنها الله سبحانه وتعالى بوصفه للأنبياء بكونهم صادقين وصدّيقين، فكانت صفة الصدق مرافقة لصفة النبوّة في الكتاب الكريم.
- الكذب السّاخر: فقد يستحلي بعضهم تلفيق الأكاذيب الساخرة، للتندّر على النّاس، والسّخرية بهم،وإنه لباعث خطير، ينتج الأحقاد والآثام .
مساوئ الكذب: لقد حرمت الشريعة الإسلامية الكذب، وأنذرت عليه بالهوان والعقاب، بما ينطوي عليه من أضرار خطيرة مساوئ جمّة فهو:
أولا: باعث على سوء السمعة، وسقوط الكرامة، وانعدام الوثاقة، فلا يُصدّق الكذّاب وإن نطق يالصدق ولا تُقبل شهادته، ولا يوثق بمواعيده وعهوده.
ثانيا: إنه يضعف ثقة النّاس بعضهم ببعض، ويشيع فيهم أحاسيس التنافر والتوجس.
ثالثا: هو باعث على تضييع الوقت والجهد الثمينين، لتمييز الواقع من المزيف، والصادق من الكاذب.
رابعا: له فوق ذلك آثار روحية سيئة، ومغبة خطيرة أشارت لها النصوص السابقة.
دواعي الكذب:
دواعي الكذب كثيرة، ولعل أقواها الطمع، فهو دافع قوي للتزوير والكذب، تحقيقاً لأطماع الكذّاب وإشباعاً لنهمه، ومن أسبابه أيضاً العداء والحسد، فكثيراً ماعانى الصلحاء والنبلاء الذين يترفعون عن الخوض في الباطل، ومقابلة الإساءة بمثلها، كثيراً من مآسي التهم والافتراءات والأراجيف.
علاج الكذب:
جدير بالعاقل أن يعالج نفسه من هذا المرض الأخلاقي الخطير، والخلق الذميم، مستهدياً بالنصائح التالية:
1- أن يتفكر بما ذكرنا من مساوئ الكذب، وسوء آثاره المادية والأدبية على الإنسان.
2- أن يستعرض فضائل الصدق ومآثره الجميلة التي تكلمنا عنها في الكلام عن الصدق.
3- أن يرتاض على التزام الصدق، ومجانبة الكذب، والدأب المتواصل على ممارسة هذه الرّياضة النّفسية حتى يبرأ من هذا الخلق الماحق الذّميم.
الكاتبة: نسرين الحاج
اترك تعليق