الإفراط في استخدام مواقع التّواصل الاجتماعي وطرق علاجها و بدائلها

تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي من أهم الطرق والوسائل والتقنيات ! الحديثة في القرن الحادي والعشرين ،التي قد تساهم وتثري في نشر المعارف والعلوم ،على مساحة كبيرة ونطاق واسع من العالم .

موضوعها: شبكات تصل الى ملايين البشر على اختلاف لغاتهم ،وامكنتهم، وعاداتهم ،وتقاليدهم ، وربطهم بالعالم وجعله كالقرية الواحدة الصغيرة !.

غايتها: لا يكاد يخفى على احد ان العلم سلاح ذو حدّين يُمكن استخدامه واستعماله في الامورالايجابية والامورالسّلبية كالتّفاز والرّاديو.. كذلك هذه المواقع حالها حال ذلك ، فغايتها عند مختريعيها لا تكاد تخفى على احد !.

ولكن احاول ان اثير بعض النقاط ، حول ايجابيات هذه المواقع وسلبياتها ، ومعالجة ذلك، فان كل ما موجود من التّقدم العلمي يلحظ فيه بعض الايجابيات وبعض السّلبيات .. وإن سلبيات هذه المواقع باتت تطغوا على واقع العالم وخصوصا العالم الثالث، لاسيما على الفرد العربي بل المسلم من خلال التّقليد للغرب ببعض العادات السيئة التي لا تمت صلة لثقافة المسلمين  (من التقليد للغرب من حيث الشكل والمنظر واللبس وغيرها من الامور التافهة والرخيصة )  فان هذه الظاهرة طارئة على المجتمع العربي لاسيما الاسلامي فانه قد قيل :( عندما لا تدفع ثمن البضاعة فأعلم انك البضاعة ) ومن منطلق ان ( الايام  تجبرك على شيء وانت لا تريده فتكيّف معه لعله ينفعك) ، حيث نظرت وشخّصت بعض سلبيات هذه المواقع وكيفية معالجتها.

ومن هذه السّلبيات مثلا ..

منها: تناقل بعض المعلومات غير الدقيقة ، ويتم نشرها على انها تأريخية ، او قضية واقعية ،او نقل فتاوى غير صحيحة ، او نقل كلام ينسب لاحد المعصومين عليهم السلام...الخ.

ومنها: نرى الطّلبة خصوصا المراهقين منهم ، قاموا بأهمال دروسهم بسببها مما ادّى ذلك الى انحطاط الوضع الدراسي للطّالب و تدني مستوى جيل باكمله.

ومنها: التّقصيرمن قبل الموظفين والاداريين عن اعمالهم الموكلة لهم ، لا سيما إذا كان يسهر ليلا ، او يترك عمله ويلتهي بها.

ومنها: تقليص واضح في العادات الاجتماعية بين افراد الاسرة والعائلة مما قد يؤدي الى عزل بعضها عن بعض وعدم اعتناء الزوج بزوجته وبالعكس ، والام بولدها ، والولد بوالديه ، بل ادّى ذلك الى شبه انقطاعها مما ادّى الى تقاطع صلة الرحم وصلة غير الرحم.!!

ومنها: الادمان على هذه المواقع ممّا يصيب الشخص بالقلق النّفسي والتّعب الجسدي والصّحي وغيرها من المشاكل الصّحية الخ ...

ومنها: استعمال اسماء وشخصيات موهومة ، والدخول بنزاعات ومناظرات لم تكن هي من اختصاصه وارتكاب الحماقات واستعمال الالفاظ القبيحة والمستهجنة والفاحشة وغير ذلك.

ومنها: التكلم بمصطلحات رخيصة وطارئة على لغة الام ، والتي نزل بها القران ! ومن العجيب !ان الذي  كان يتكلم العربية في اوربا او بمصطلحات عربية يعتبر ذو ثقافة عالية لاهتمام المسلمين آن ذاك بها .

منها: وهي الاخطر!! تغير قناعات الشباب وغيرهم بالفكرالتكفيري المتطرف لا سيما المراهقين من الجنسين والتواصل بينهم والارتباط بالمجموعات المتطرفة والارهابية من جميع الدول..

في الحقيقة لم نكن مجبورين على تصحيح افكار الغرب ولكننّا مضطرين على مرعاة حجم عقولهم ، فالغرب اليوم صنع هذه الامور هي للتحكم في المجتمعات الاسلامية لا سيما الشباب منهم ، ومن اهدافهم انهم يقومون بتحريك عواطف الشّباب لتغير انظمة لم تكن تابعة لهم حسب الظاهر، ولذا نجد ان روسيا تفطّنت لذلك ! فلجئت الى الوقاية من ذلك بأنشاء محرك بحث لهم على غرار محرك (كوكل) وقمر صناعي خاص بهم لبث عليه قنواتهم المرئية والمسموعة ووقاية جمهورهم من الحضارة الغربية ، فهل نحن الامة المسلمة فكرنا في ذلك ولو على الصعيد الفكري والعملي التّطبيقي !!

اقول: من صميم واقعنا ان هذه المواقع ليست الاّ حلقة من الصّراع بين الحضارة المادية بكل اشكالها والوانها وطرقها وبين القيم والمبادئ وكرامة الانسان التي جاء بها الاسلام قال تعالى :( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم ) فهي تكشف حسب النظرة  الواقعية عن مدى هذا الصّراع والنزاع الذي يقوده الغرب ضد القيم الانسانية وخير شاهد على ذلك انحطاط وانحدار العالم الاسلامي اليوم بسب فرض الغرب سابقا على بلاد المسلمين الاحتلال العسكري فاليوم يفرض عليهم الاحتلال الفكري الاعلامي عبر مواقعه وإعلامه وقنواته وقوانينه التي تُدرّس بالمدارس والجامعات بمساعدة الخونة من ساسة وحكام المسلمين المتأسلمين..

فقد اخذ الكثير من المبلغين والخطباء والمثقفين والمعلمين على ان مواقع التوصل الاجتماعي كشيء خطير"لابد من مواجهته ومقاطعته بعملية الاستأصال كالامراض الخبيثة التي لا علاج لها سوى العمليات الجراحية !!"،ولكن اكرر هذه العبارة من منطلق ("الايام  تجبرك على شيء وانت لا تريده فتكيّف معه لعله ينفعك" ) و احاول ان اسلط الضوء على بعض الحالات الايجابية فالحياة لا تتوقف والوقاية خير من العلاج .. جاء في المثل (ان مثقالا من الوقاية ، خيرمن قنطار من العلاج ) وان مواقع التواصل الاجتماعي يمكن استثمارها في الامور النافعة والمفيدة وتطوير القدرات والذات ولكي لا نكون ثمن البضاعة نحن ، وان هذه المواقع قد استثمرها واستفاد منها الكثير من السياسين بترويج دعايات انتخابهم واغراضهم ، كذلك الكثير من المؤسسات والتيارات والدوائر الحكومية ومنضمات المجمع المدني استفادوا منها بترويج اهدافهم وافكارهم واعمالهم ومثلما استخدم اعداء الدّين هذه الوسائل الاعلامية لترويج قيمهم المنحلة والافكار الضالة المتصدعة فبمقدور واستطاعة المسلمين سيما الشباب منهم استخدامها للهداية والارشاد ولتبليغ الدين الحنيف قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس . لعل من مقال،او فكرة ، او موضوع، او بيان عن الاسلام وتعريف مبادئه للعالم الذي هو بريء مما يفعله البغاة والظلمه كـ(داعش) ومن لف لفهم ولعل تغير فكرة لدى من تحامل على الاسلام والمسلمين الذين يحصرون وينظرون الاسلام بالجماعات المتطرفة فتغير افكار هؤلاء والسعي لهدايتهم  لهو اهم مّا جاء به الاسلام وتعميم ثقافة اهل البيت عليهم السلام التي هي العلاج الوحيد لرفع الاميّة والجهل مما مرّت به الامة من الويلات على مرّالعصور قال الامام ابي الحسن الرضا عليه السلام يقول: « رَحِمَ اللهُ عبداً أحيا أمرَنا »، فقلت له: كيف يُحْيي أمرَكم ؟ قال: « يتعلّمُ علومَنا ويُعلِّمُها الناس؛ فإنّ الناس لو عَلِموا محاسنَ كلامِنا لاَتّبعونا

 و بعض البدائل لهذه الظاهره وترشيدها بصورة ايجابية ورصينة ومن هذه الحلول :

أولا:ظرورة تنظيم الوقت لكل شخص فانه احدعوامل النّجاح. ثانيا: فتح مواقع تواصل تهتم بنشر الثقافة الاسلامية سيما ثقافة اهل البيت عليهم السلام بطرق واساليب فنية وعصرية جذابه. ثالثا: تثقيف الشباب من الجنسين وتدريبهم واستغلال اوقاتهم لاستفاده منها بنشر المبادئ والاخلاق والقيم على الصعيد العالمي وبكل لغات العالم الحيّة. رابعا: اغناء ونشر مواضيع جديدة وبرامج مفيدة كتبية كانت او مسموعة او مرئية (تبتني على قصة واقعية فيها عبرة ولتكن 20 دقيقة أواقل). خامسا: فتح مواقع تهتم بنشر الثقافة القرانية واعداد مسابقات قرانية او مسابقات اختراع للجامعيين او مسابقات تأليف كتاب كل على اختصاصه وامثال ذلك فهي ممكنه وغير مكلفه . سادسا: استيعاب مشاكل الشباب من الجنسين في برامج تنمية بشرية وتطوير القدرات الذاتية وفتح مواقع بهذا الصعيد تتبنى التعبير عن قضاياهم وعن مشاعرهم وجذبهم اليها الخ.. سابعا: استثمار هؤلاء الشباب كل حسب هوايته وتطويرها كفن الرسم والزخارف الاسلامية والخط العربي او تدريبهم على استعمال الحاسوب بكافة برامجه المفيدة كالمونتاج والفوتوشوب والوورد و فتح فرق رياضية مفيدة غير عبثية كما جاء بها الاسلام كالسباحة والسباقة والرماية لتكون بديل عن المقاهي والعادات السيئة والتافهة وغيرها. ثامنا: رصد اموال من قبل المهتمين ومن المؤسسات الحكومية كوزارة الشباب ومؤسسات المجتمع المدني لذلك. تاسعا: فتح معامل في مختلف الاصعدة كمعامل النجارة والميكانيك والاهتمام بشريحة غير المتعلمين واستغلال اوقاتهم بها . عاشرا: العمل على توفير وسائل مادية للزواج وقبل ذلك تثقيف الشباب على الزواج فان المشكلة القائمة هي اعراض الشّباب عن ذلك الآن ، وكثرة الفراغ عندهم مما سبب لجوئهم حول المقاهي وملئ فراغهم بهذه المواقع . احدى عشر: فتح كروبات مفيدة كبيان الاحكام الشرعية والتبليغ الالكتروني مما يرجع فائدتهما للمجتمع.. اثنا عشر: قبل كل ذلك المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الاب والام في البيت التزامهم بالاداب والاخلاق الاسلامية ليكونوا قدوتا ونموذجا صالحا لاولادهم وعدم فتح النّت على مصراعيه مما يؤدي الى انحراف سلوكه والنتيجة ضياع اسرة بأكملها .

فلو ان الناس اهتموا بأوقاتهم وقاموا بتنظيمها وادارة شؤون معايشهم والصبر على ذلك لاصبحوا من الشعوب الصاعدة على الصعيد العلمي والعملي، فعلى المجتمع ان يعمل على تنظيم اوقاته فللعلم وقت وللعمل وقت وللعبادة وقت وصلة الرحم وقت ولهذه المواقع وقت  وهكذا سائر مقوّمات الحياة كلها لها اوقاتا فينبغي تنظيمها والكلام موجه لكافة فئات المجتمع كالسائق والمعلم والبقال والطّبيب!.

الكاتب / السيد رعد عبد زيد العلوي

المرفقات