لقد ظلم الكريم من آل طه ... بتهم ثم سم ثم هدمِ

لم يعطي التاريخ حق الامام الحسن عليه السلام، بل جعل الامام شخصية ضعيفة لا تصلح لقيادة امة، ومع كل هذا الظلم وظهور الاشاعات بان الامام مزواج ومطلاق وانه لا يريد القتال بل يبحث عن الراحة والرفاه وغير ذلك من الاشاعات التي لا صحة لها واعطى اعداء الدين كل الحق بتصرفاتهم الوحشية والتي بسببها تعاني الامة الاسلامية هذه المعاناة، ولولا الامام الحسن المجتبى عليه السلام وصحله مع معاوية لقرأنا على الاسلام السلام لكنه تحمل المرارة وتجرع الغصص وفداء بنفسة من اجل احياء الاسلام وحفاظه من الضياع.

نبذه مختصرة عن الامام الحسن عليه السلام:

هو الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام وأمه فاطمة الزهراء بنت محمّد صلى الله عليه وآله ولد في المدينة المنوّرة يوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان في السنة 3 من الهجرة، وقد كانت كنيته: أبو محمد كناه بها رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن ألقابه: التقي، الزكيّ، السبط، والمشهور بالمجتبى، وقد بويع للخلافة في 21من شهر رمضان سنة 40 للهجرة، وبعد عام من البيعة تم الصلح مع معاوية في النصف من جمادي الأولى سنة41 للهجرة، وقضى شهيدا بالسم الذي دسه اليه معاوية بن أبي سفيان عبر زوجته جعدة بنت الاشعث وذلك في يوم الخميس 7 من شهر صفر سنة 50 للهجرة، حيث كان يبلغ 47سنة، قام بتجهيزه أخوه الامام الحسين عليه السلام وواراه في البقيع في المدينة المنورة، حيث مضجعه الان وقد هدم روضته الوهابيون في الثامن من شوال سنة 1344 هـ.

مظلومية الامام الحسن عليه السلام في حياته:

لا اعلم من اين ابدأ فالتاريخ لم ينصف الامام الحسن عليه السلام في طفولته، فعاش الإمام الحسن عليه السلام شطراً من طفولته مع جده الرسول صلى الله عليه وآله، ولكن لم تطل فرصة الأنس بوجود المصطفى صلى الله عليه وآله، حتى استشهد رسول الله صلى الله عليه وآله مظلوما، ومن ثمّ لم تمر فترة زمنية تنسيه شدة قساوة فقدان النبي صلى الله عليه وآله، حتى جاءت شهادة السيدة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام لتضيف إليه ابتلاء اخر، ومــأســاة جديـدة، ولوعة حديثة إلى صفحات طفولته لقد مضى الرسول صلى الله عليه وآله والزهراء عليها السلام، وكان عمر الإمام الحسن 7 سنوات، عاش فيها معاناة جده وتجرؤ القوم على  ابيه وامه الزهراء عليهما السلام، ورأى فيها تنكر الأمة لنبيها صلى الله عليه وآله وشاهد الأحداث الخطيرة التي مرّت بالأمة، قبل وفاة جده النبي صلى الله عليه وآله، من امتناع القوم من الإلتحاق بسرية أسامة وتمرّدهم عليه وعدم استجابتهم للنبي صلى الله عليه وآله، بشأن الدواة والكتف، بدأت معاناة الامام عليه السلام من اللحظة التي عهد بها الإمام علي عليه السلام إليه قبل شهادته بأيام قائلا: يا بني! إنه أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن أوصي إليك وأدفع إليك كتبي وسلاحي، كما أوصى إليّ ودفع إليَّ كتبه وسلاحه وأمرني أن امرك إذا حضرك الموت أن توصي بها إلى أخيك الحسين عليه السلام، وبعد استشهاد ابيه عليه السلام ضج الناس بالبكاء والعويل فخرج إليهم الإمام الحسن عليه السلام، وحمد اللـه وأثنى عليه وقال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل ، ولم يدركه الآخرون بعمل ، لقد كان يجاهد مع رسول اللـه صلى الله عليه وآله فيقيه بنفسه ثم خنقته العبرة ، فبعث بأنفاسه زفرات يهز الصخر لها لوعةً وأسى ، وارتفع من الناس حسرات تبعتها آهات وآهات ، ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وأنا ابن النبي، وأنا ابن الوصي ، وأنا ابن البشير النذير، وبعد ذلك قام ابن عباس ودعا الناس إلى بيعته فاستجابوا وبايعوه قائلين ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة، حيث كان عدد المبايعين له أكثر من أربعين ألفا شخصا، الا ان بني امية لم يتركوا الامام ابدا فقد بعثوا بالجراح بن سنان الأسدي الى قتل الامام عليه السلام، فضربه بخنجرا مسموم على فخذه حتى بلغ عظمه، وهذا كله لإطفاء نور الحق الا انهم فشلوا في ذلك لان الله متم نوره كما جاء في قوله تعالى {يريدون ان يطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون} وكل هذه الظروف التي مر بها الامام الحسن عليه السلام جعلته يذق المرارة من قبل اهل زمانه لفهمهم الخاطئ لسياسته المباركة وصلحه مع معاوية هذا من جانب ومن جانب اخر ما يصدر من اتهامات التي لا تليق به كإمام معصوم مفترض الطاعة كتعدد الزوجات والمطلاق وغير ذلك التي لو نظرنا بتمعن لوجدنا بصمات الاموين من ورائها.

مظلومية الامام الحسن عليه السلام قبل وبعد استشهاده:

لقد ظلم الامام صلوات الله عليه ظلما تجاوز الحد المعقول من قبل اهل زمانه وزماننا وظلما من قبل اهل التاريخ فلولا جهوده المباركة وقرارته الصائبة لأصبحنا نسير بعيدا كل البعد عن الكتاب والسنة، لقد مرة الايام وهي تثخن الجراح به من فاجعة الى فاجعة، ومن فتنتة الى اخرى، حتى سم على يد اقرب الناس اليه وهي زوجته جعدة بنت الاشعث التي اعطته السم من غير رحمه، فقال الامام عليه السلام: انا لله وانا إليه راجعون، والحمد الله على لقاء محمد سيد المرسلين وأبي سيد الوصيين وامي سيدة نساء العالمين، ودخل عليه الامام الحسين عليه السلام فقال: كيف تجد نفسك ؟ قال: أنا في آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة على كره مني لفراقك وفراق إخوتي ثم أوصى إليه، وسلم إليه الاسم الاعظم، ومواريث الانبياء عليهم السلام  التي كان أمير المؤمنين عليه السلام سلمها إليه، ثم قال: يا أخي إذا أنا مت فغسلني وحنطني و كفني واحملني إلى جدي رسول الله صلى الله عليه وآله حتى تلحدني إلى جانبه فان أبت عليك الامرأة فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عزوجل منك والرحم الماسة من رسول الله صلى الله عليه واله أن تهريق في محجمة من دم، حتى نلقى رسول الله صلى الله عليه واله فنختصم إليه ونخبره بما كان من الناس إلينا بعده، ثم قبض عليه السلام وقام بتجهيزه الامام الحسين وحمله الى بيت جده وأمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان، ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان وقالوا: يدفن أمير المؤمنين الشهيد القتيل ظلما بالبقيع بشر مكان، ويدفن الحسن مع رسول الله ؟ لا يكون ذلك أبدا حتى تكسر السيوف بيننا، وتنقصف الرماح وينفد النبل، فقال الحسين عليه السلام: أما والله الذي حرم مكة، للحسن بن علي وابن فاطمة أحق برسول الله صلى الله عليه واله وببيته ممن ادخل بيته بغير إذنه وهو والله أحق به من حمال الخطايا مسير أبي ذر رحمه الله، الفاعل بعمار ما فعل، وبعبد الله ما صنع، الحامي الحمى، المؤوي لطريد رسول الله صلى الله عليه واله لكنكم صرتم بعده الامراء، وتابعكم على ذلك الأعداء، وأبناء الأعداء حتى رموا بالنبال جنازته، حتى سل منها سبعون نبلاً هكذا ظلم الامام عليه السلام، وبعد هذا كله دفن في البقيع الا ان بني امية تبقى سلالتهم الى زماننا فقام ابناءهم في تفجير روضته في الثامن من شوال سنة 1344 هـ وما زال مرقده الشريف مساويا للأرض ولا تجد من يطالب بإعادة بناءه ولم تجد من يتكلم عن مظلوميته حتى في اوساط محبيه ومواليه ولا نعرف سوى شيئا سطحيا عنه، الا نحتاج في يومنا هذا شخصا يسير على خطى الامام الحسن عليه السلام؟! وينهج منهجه الصحيح، علينا ومهما امكننا ان ننصر الامام الحسن عليه السلام كل فرد حسب طاقاته وامكانياته، وجعل احياء ذكره ليس فقط حين ولادته وشهادته بل في كل الايام كعقد المهرجانات باسمه صلوات الله عليه، الا يحتاج العالم  في هذا اليوم -الذي لا يعرف سوى الظلم والقتل والاعتداء على حقوق الاخرين ونكرانها- الى شخصية كشخصية الامام الحسن عليه السلام .

الكاتب / احمد عبد زيد الكربلائي

المرفقات