روى فرات بن إبراهيم معنعناً عن ابن عباس قال : سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول : دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم على فاطمة وهي حزينة، فقال لها : ما حزنك يا بنية؟ قالت : يا أبت ذكرت المحشر ووقوف الناس عراة يوم القيامة.
قال : يا بنية إنه ليوم عظيم، ولكن قد أخبرني جبرئيل عن الله عز وجل أنه قال : أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا، ثم أبي إبراهيم، ثم بعلك علي بن أبي طالب، ثم يبعث الله إليك جبرئيل في سبعين ألف ملك، فيضرب على قبرك سبع قباب من نور، ثم يأتيك إسرافيل بثلاث حلل من نور، فيقف عند رأسك فيناديك : يا فاطمة بنت محمد، قومي إلى محشرك، فتقومين آمنة روعتك، مستورة عورتك، فيناولك إسرافيل الحلل فتلبسينها، ويأتيك زوفائيل بنجيبة من نور، زمامها من لؤلؤ رطب، عليها محفة من ذهب فتركبينها، ويقود زوفائيل بزمامها، وبين يديك سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التسبيح.
فإذا جد بك السير استقبلتك سبعون ألف حوراء يستبشرون بالنظر إليك، بيد كل واحد منهن مجمرة من نور يسطع منها ريح العود من غير نار، وعليهن أكاليل الجوهر مرصع بالزبرجد الأخضر، فيسرن عن يمينك.
فإذا سرت مثل الذي سرت من قبرك إلى أن لقيتك الحور استقبلتك مريم بنت عمران في مثل معك من الحور، فتسلم عليك، وتسير هي ومن معها عن يسارك، ثم تستقبلك أمك خديجة بنت خويلد، أول المؤمنات بالله ورسوله ومعها سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التكبير فإذا قربت من الجمع استقبلتك حواء في سبعين ألف حوراء، ومعها آسية بنت مزاحم، فتسير هي ومن معها.
فإذا توسطت الجمع وذلك أن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد، فتستوي بهم الأقدام، ثم ينادي مناد من تحت العرش يسمع الخلائق : غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة الصديقة بنت محمد ومن معها، فلا ينظر إليك يومئذ إلا إبراهيم خليل الرحمن وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ويطلب آدم حواء فيراها مع أمك خديجة أمامك، ثم ينصب لك منبر من النور في سبع مراق، بين المرقاة إلى المرقاة صفوف الملائكة بأيديهم ألوية النور، وتصطف الحور العين عن يمين المنبر وعن يساره، وأقرب النساء معك عن يسارك حواء وآسية.
فإذا صرت في أعلى المنبر أتاك جبرئيل، فيقول لك : يا فاطمة، سلي حاجتك، فتقولين : يا رب، أرني الحسن والحسين، فيأتيانك وأوداج الحسن تشخب دماً، وهو يقول : يا رب، خذ لي اليوم حقي ممن ظلمني، فيغضب عند ذلك الجليل ويغضب لغضبه جهنم والملائكة أجمعون، فتزفر جهنم عند ذلك زفرة، ثم يخرج فوج من النار وتلتقط قتلة الحسين (عليه السلام) وأبناءهم وأبناء أبنائهم، ويقولون : يا رب، إنا لم نحضر الحسين (عليه السلام) ؟ يقول الله لزبانية جهنم : خذوهم وأبناء أبنائهم، ويقولون : يا رب، إنا لم نحضر الحسين (عليه السلام) ؟ فيقول الله لزبانية جهنم : خذوهم بسيماهم بزرقة الأعين، وسواد الوجوه، خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الأسفل من النار، فإنهم كانوا أشد على أولياء الحسين من آبائهم الذين حاربوا الحسين (عليه السلام) فقتلوه، ثم يقول جبرئيل : يا فاطمة، سلي حاجتك؟ فتقولين : يا رب، شيعة ولدي، فيقول الله : قد غفرت لهم، فتقولين : يا رب شيعة شيعتي؟ فيقول الله : انطلقي، فمن اعتصم بك فهو معك في الجنة، فعند ذلك يود الخلائق أنهم كانوا فاطميين، فتسيرين ومعك شيعتك وشيعة ولدك وشيعة أمير المؤمنين آمنة روعاتهم، مستورة عوراتهم، قد ذهبت عنهم الشدائد، وسهلت لهم الموارد، يخاف الناس وهم لا يخافون، ويظمأ الناس وهم لا يظمأون.
فإذا بلغت باب الجنة تلقتك اثنتا عشر ألف حوراء لم يتلقين أحداً قبلك ولا يتلقين أحداً كان بعدك، بأيديهم حراب من نور على نجائب من نور رحائلها من الذهب الأذفر والياقوت، أزمتها من لؤلؤ رطب، على كل نجيب نمرقة من سندس منضود.
فإذا دخلت الجنة تباشر بك أهلها، ووضع لشيعتك موائد من جوهر على أعمدة من نور، فيأكلون منها والناس في الحساب، وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون، وإذا استقر أولياء الله في الجنة زارك آدم ومن دونه من النبيين، وإن في بطنان الفردوس لؤلؤتين من عرق واحد لؤلؤة بيضاء ولؤلؤة صفراء، فيهما قصور ودور، في كل واحد سبعون ألف دار، فالبيضاء منازل لنا ولشيعتنا، والصفراء منازل لإبراهيم وآل إبراهيم -صلوات الله عليهم أجمعين - قالت : يا أبت، فما كنت أحب أن أرى يومك ولا أبقى بعدك، قال : يا ابنتي، لقد أخبرني جبرئيل عن الله أنك أول من يلحقني من أهل بيتي، فالويل كله لمن ظلمك، والفوز العظيم لمن نصرك.
قال عطاء : كان ابن عباس إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية :(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ )[الطور: 21].
من كتاب : (جلاء العيون ) للمؤلف : السيد عبد الله شبر.
اترك تعليق