الاِمام الثاني : الحسن بن علي المجتبى - عليه السلام -

الاِمام الثاني : الحسن بن علي المجتبى - عليه السلام - (3 ـ 50 هـ) وهذا مختصر من سيرته عليه السلام هو الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد القرشي الهاشمي، المدني، ثاني أئمّة أهل البيت الطاهر، وأول سبطي رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وأحد ريحانتيه من الدنيا، وأحد سيدي شباب أهل الجنّة، وأحد الخمسة أصحاب الكساء المطهرين، أمه فاطمة الزهراء بنت محمد سيدة نساء العالمين . ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وجاءت به أمه فاطمة الزهراء (عليها السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يوم السابع من مولده في خرقة من حرير الجنة كان جبرئيل (عليه السلام) نزل بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فسماه حسنا وعق عنه كبشا. وكان الامام الحسن عليه السلام أشبه الناس برسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم خلقاً وهدياً وسؤدداً [1]. مكانته عند جده المصطفى صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كانت للإمام الحسن المجتبى عليه السلام عند جده المصطفى صلّى اللّه عليه وآله وسلّم منزلة عظيمة ومحبة خاص تتمتع بها مع أخيه الإمام الحسين عليهما السلام : 1 ـ وقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فيهما عليهما السلام ـ: «هما ريحانتاي من الدنيا» [2] . 3 ـ وقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة» [3] . 4 ـ وقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا» [ 4] . 5 ـ وقال رسول الله في الحسنين : «اللهمّ إنّك تعلم أنّي أُحبُّهما فأحبَّهما»[5] . 6- وقال أيضاً «الحسن والحسين ابناي، من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه الله، ومن أحبّه الله أدخله الجنّة، ومن أبغضهما أبغضني ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار»[6] . وكان الامام الحسن عليه السلام يجلس في مجلس رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - يحدّث فيه، ويجتمع الناس حوله، وكان إذا تكلّم أخذ بمجامع قلوب سامعيه، وودّوا أن لا يسكت، وكان معاوية يقول لمن يريد أن يخاصم الحسن - عليه السّلام- : لا تفعل فإنّهم قوم ألهموا الكلام [7] مكانته عند أبيه عليه السلام وكان عليه السلام معتَمداً عند أبيه - عليه السّلام- ، حائزاً على محبّته وثقته، متفانياً في سبيل قضيته، وكان أمير الموَمنين - عليه السّلام- يحيل إليه بعض المسائل التي ترد عليه، ويبتدره هو بالاَسئلة أحياناً، ليُظهرَ فضله وعلمه وعلوَّ مقامه، وكان يُرسله في المهام الجليلة، فينجزها على أحسن وجه، فقد بعثه مراراً إلى عثمان بن عفان لما اشتكى الناس إلى عليّ - عليه السّلام- أمره، وبعثه إلى الكوفة، وبعث معه عمار بن ياسر، فعزل أبا موسى الاَشعري الذي كان يثبّط الناس عن أمير المؤمنين في قتال أصحاب الجمل، واستنفر الناس للجهاد، فنفروا، وجاء إلى أبيه بعشرة آلاف مقاتل. خلقه وشجاعته وكان عليه السلام شجاعاً، مقداماً، خاض مع أبيه حروب الجمل وصفين والنهروان، واقتحم بنفسه الاَخطار، حتى قال أمير الموَمنين - عليه السّلام- ـ وقد رآه يتسرّع إلى الحرب في بعض أيام صفين ـ: أملكوا عني هذا الغلام لا يهدّني، فإني أنفس بهذين ـ يعني الحسن والحسين «عليهما السلام» ـ على الموت، لئلاّ ينقطع نسل رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - . وكان - عليه السّلام- من أوسع الناس صدراً وأسجحهم خلقاً، زاهداً، عابداً، عظيم الخشوع، وكان أحد الاَجواد المشهورين، حجّ خمساً وعشرين حجة ماشياً، والنجائب تُقاد معه، وخرج من ماله مرتين، وقاسم اللّه تعالى مالَه ثلاث مرات، وكان إذا توضأ ارتعدت فرائصه، واصفرّ لونه. الإمامة والخلافة ولما توفى أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، استلم الإمام الحسن عليه السلام السلطة والقيادة بعد أبيه، وكان له من العمر سبع وثلاثون سنة. فقام بأفضل ما يمكن القيام به في ذلك الجوّ المشحون بالفتن والمؤامرات، فأمّر الولاة على أعمالهم وأوصاهم بالعدل والإحسان ومحاربة البغي والعدوان، ومضى على نهج أبيه (عليه السلام) الذي كان امتداداً لسيرة جدّه المصطفى(صلى الله عليه وآله) [8]. الصلح لقد واجه الإمام في بداية حكمه عدة مشاكل وخيانات من قبل بعض قادة جيشه، كخيانة عبيد الله بن العباس، وكذلك بدأ الناس بالتذمر من الحروب والقتال مع بقية المسلمين، حتى اعتقدوا بأن هذه الحروب كانت لإجل الخلافة والسلطة لا غير، فساهمت هذه الأحداث وغيرها في اختيار الإمام للصلح، خصوصاً بعد أن تخاذل عامة جيشه وأكثر قادته، ولم يبقَ معه إلاّ فئة قليلة من أهل بيته والمخلصين من أصحابه، فتغاضى عن السلطة دفعاً للأفسد بالفاسد في ذلك الجوّ المحموم، فكان اختياره للصلح في منتهى الحكمة والحنكة السياسية الرشيدة تحقيقاً لمصالح الإسلام العليا وأهدافه المُثلى [9]. استشهاده عليه السلام ولما تم الصلح أقام الإمام الحسن عليه السّلام ، بالكوفة أياماً، ثم خرج إلى المدينة، فأقام بها إلى أن استشهد مسموماً سنة خمسين للهجرة، وذلك حين دُسّ السم له من قبل زوجته جعدة بنت الاَشعث بن قيس، بأمر من معاوية، وذلك ليتخلص من الإمام الحسن عليه السلام وتبعيات الصلح، ويهيأ لإبنه اللعين يزيد البيعة والحكم . وقد شهدت جنازته عليه السلام بعض الأحداث المأساوية عندما أرادوا دفنه عند قبر جده محمد صلوات الله عليه ودفن بالبقيع. قال ثعلبة بن أبي مالك: شهدنا حسن بن علي يوم مات ودفناه بالبقيع، فلقد رأيت البقيع لو طرحت إبرة ما وقعت إلاّ على إنسان [9]. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1]- الإرشاد – للشيخ المفيد / ص 234 . [2] صحيح البخاري / ج 2 / 188 . [3] سنن ابن ماجة / ج1 / 56 . [4] المناقب لابن شهر آشوب / 3 / 163 . [5] خصائص النسائي / 26 . [6] مستدرك الحاكم / ج3 / 166 . [7]- وفيات الاَعيان/ ج2/ 68. [8]- أعلام الهداية / ج4 / ص 20 . [9]- ينظر : أعلام الهداية / ج4 / ص 144 . [10]- تهذيب الكمال / ج6 /256.

المرفقات