الردَّ المُبِين عَلَى ابن تَيمِية ومَن تَبِعَهُ لِيَومِ الدِين _الحلقة الثانية_

في سياق الردّ على " ابن تيمية الحرّاني " بخصوص تضعيفه لــــ " حديث السفينة " ، الذي امتلأت به كُتب ومُصنّفات أهل السنّة والجماعة ، نورد في المقام أهم من أخرج هذا الحديث من أعلام أهل السنّة .

مُحَدِّثِي أهل السُنّة وكُتُبهم التي أَخرجتْ حديث السفينة :

ونحن هنا سنعتمد وننقل فقط الكُتب التي أخرجت " حديث السفينة " ، و قمنا بأنفسنا بالبحث والتحقيق فيها :

الإمام الحافظ الحاكم النيسابوري: في كاتابه المستدرك على الصحيحين . (1) الإمام أحمد بن حنبل :في كتابه فضائل الصحابة . (2) الحافظ الطبراني : في كتابه المعجم الصغير ، وفي كتابه : المعجم الكبير ، وفي كتابه المعجم الأوسط . (3) الإمام جلال الدين السيوطي : في كتابه الجامع الصغير ، وفي كتابه : إحياء الميت بفضائل أهل البيت . (4) الإمام الحافظ المحدّث والمؤرخ محب الدين الطبري: في كتابه ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى . (5) الحافظ نور الدين الهيثمي: في كتابه :  مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، و في كتابه كشف الأستار . (6) الإمام الفقيه المحقّق أحمد بن محمد الهيثمي الشافعي :في كتابه المنح المكية في شرح الهمزية ، وكذلك في كتابه الصواعق المحرقة . (7) الإمام الحافظ الخطيب البغدادي : في كتابه:  تاريخ مدينة السلام - المعروف بتاريخ بغداد . (8) الخطيب التبريزي محمد الحسين الفراء البغوي:في كتابه مشكاة المصابيح . (9) الحافظ أبي نعيم الأصفهاني : في كتابه حلية الأولياء وطبقات الأصفياء .(10) الإمام أبي عبد الله محمد الفاكهي المكي : في كتابه : أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه . (11) الإمام علي بن محمد المالكي المكّي" ابن الصبّاغ: " في كتابه:   الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمة . (12) القاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي :في كتابه : مسند الشهاب .(13) العلامة علاء الدين علي بن حسام الدين الهندي" الحافظ الهندي: " في كتابه   :كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال . (14) الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمان السخاوِي : في كتابه : استجلاب ارتقاء الغُرَف بحب أقرباء الرسول وذوي الشرف . (15) الحافظ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي : في كتابه كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب . (16) المحدّث أحمد بن حجر الهيثمي المكّي: في كتابه :الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة . (17) المحدّث عبد الله بن محمد بن أبي شيبة : في كتابه : المصنّف . (18) الإمام الحافظ أحمد بن عمرو البزّار : في كتابه :البحر الزّخّار-المعروف بمسند البزّار. (19) المحدّث أبو محمد عبد الله بن مسلم" ابن قتيبة" : في كتابه : المعارف . (20) الحافظ محمد بن أحمد الدولابي : في كتابه الكنى والأسماء . (21) العلامة محمد المناوي : في كتابه : فيض القدير في شرح الجامع الصغير . (22) الحافظ أبي الحسن علي بن محمد الواسطي " ابن المغازلي " : في كتابه مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . (23) شيخ الإسلام المحدّث إبراهيم بن محمد الجويني الخراساني : في كاتبه فرائد السمطين . (24) الإمام العلامة منصور بن محمد التميمي المروزي الشافعي السمعاني : في تفسيره (تفسير القرآن) المعروف بـ( تفسير السمعاني) . (25) الفقيه المحدّث محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي (مشهور: بابن الأبّار) ، في كتابه المعجم في أصحاب القاضي الصدفي . (26)

رواة الحديث من الصّحابة :

لقد نقل لنا هذا الحديث من رسول الله محمد ( صلّ الله عليه وآله )  مباشرة ، جملة من الصحابة ، بحيث يجعل الحديث وعلى مبنى جملة من علماء الجرح والتعديل ، من الأحاديث المتواترة . مع العلم أنّ من سنذكرهم ممن روى حديث السفينة ، وكان معاصرا لنبي الله محمد ( صلّ الله عليه وآله ) ، هم فقط الذين نقل عنهم أصحاب المنّصفات المذكورة في الأعلى والتي حقّقنا فيها بأنفسنا  ، فمن هؤلاء :

أبو الحسن ، الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) . أبوسعيد الخدري، سعد بن مالك . أبو ذر الغفاري ، جندب بن جنادة . أبو حمزة ، أنس بن مالك . أبو طفيل، عامر بن وائلة الليثي . أبو العباس ، عبد الله بن العبّاس . أبو بكر ، عبد الله بن الزبير . أبو مسلم ، سلمة بن الأكوع .

أما الرواة الذين نقلوا عن الصحابة من التابعين وتابعي التابعين إلى أصحاب المصنّفات التي أخرجت حديث السفينة ، فبلغ  مع حذف المُكَرَّرين 121 راوي .

الصيغ المختلفة للحديث :

أشرنا سابقًا أنّ حديث السفينة وصلنا من أهل السنّة والجماعة بصيغ مختلفة ، باختلاف رواة الحديث له ، وهنا نذكر جملة من الصيغ له ، تأكيدًا على التواتر المعنوي لهذا الحديث  :

إنّما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق . إنّما مثل أهل بيتي فيكم ، كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق، وإنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني اسرائيل ، من دخله غفر له . إنمّا مثلي ومثل أهل بيتي ، كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق  . إنّ مثل أهل بيتي فيكم ، مثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، وإنّ مثل أهل بيتي فيكم ، مثل باب حطّة  . إنّ أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق  . مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق  . مثل أهل بيتي مثل سفيتة نوح من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجّال . مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك . مثل أهل بيتي فيكم ، كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك ، ومثل باب حِطّة بني اسرائيل  . ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم ، مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق. ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم ، مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك . ألا مثل أهل بيتي فيكم ، مثل سفينة نوح من قومه من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق . أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها زجّ في النار وسمعت ......الخ . والله إنّ مثلنا في هذه الأمّة كمثل سفينة نوح في قوم نوح ، وإنّ مثلنا في هذه الأمّة كمثل ، باب حطّة في بني إسرائيل .

خلاصة الكلام : بعد أن أوردنا أكثر من عشرين مصنف مّمّن أخرج حديث السفينة ، وبعد أن ذكرنا ثمانية من الصحابة الذين نقلوا لنا حديث السفينة عن الرسول محمد (صلّ الله عليه وآله ) ، وبعد أن حقّقنا في صحّة طريقًا من الطرق التي أُخْرج بها حديث السفينة ، نقول :

أولا :  أنّه و بعدما ذكرنا كل تلك المصادر لا يمكن أن نفسّر كلام ابن تيمية أو من تلاه من أتباع ، إلاّ بأنّهم إمّا في  قول ما قالوا كانوا غير مطّلعين على ما ذكرناه ، وإمّا أنّهم اطّلعوا عليها أو على بعضها ، وكانوا مدّعين في كلامهم بدون حق .

لأنّه لا يُعْقل أنّ يكون أحمد ابن حنبل ، و أبو نعيم الأصفهاني ، و ابن أبي شيبة  ، و ابن المغازلي ، و ابن الصبّاغ ، و ابن قتيبة ، و الخطيب التبريزي ، و الخطيب البغدادي ، و جلال الدين السيوطي ، و الطبراني ، والمحب الطبري ، و المناوي ، و الدولابي ، و البزّار ، و السخاوي ، و الكنجي ، و الفاكهي  .............. وغيرهم ، مِمَن يروون عن حطّاب الليل ، كما يدّعي ابن تيمية الحرّاني وأتباعه المعاصرين  . وكذلك لا يمكن لأحد القول أنّ كل تلك المصنّفات التي ذكرناها ، هي من الكتب الغير معتمدة ولا المعروفة عند أهل السنّة والجماعة ، ومن يقول ذلك فهو إمّا  هو جاهل  أو مدّعي كاذب . ثانيا : أنّ لحديث السفينة دلالة واضحة في لزوم اتباع أهل بيت الرسول الأكرم (عليهم السلام ) من بعده ، وكذلك هناك دلالة واضحة في أنّ اتِّبَاعهم ( عليهم السلام) هو أمان من الغرق في بحور الضلالة والتِيه ، بل هو النجاة الحقيقية من الضياع و الشتات الذي شهدته الأمّة عبر العصور . ولأجل هذه الدلالات الواضحة ، والتي تهدّم كل ما عليه " ابن تيمية " وأتباعه ، وأيضًا كل مبانيهم ، ذهب ابن تيمية وأتباعه عنادًا وبغضًا لأهل البيت ( عليهم السلام ) نحو تضعيف هذا الحديث وغيره من الأحاديث الواضحة في لزوم اتباع أهل البيت ( عليهم السلام) من بعد الرسول الأكرم ( صلّ الله عليه وآله ) .

والحمد لله رب العالمين

الكاتب / السيد حبيب مقدم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) : المستدرك على الصحيحين ، ج 2 ص 373 ر 3312 ، و ج 3 ص 163 ر 4720

(2):  فضائل الصحابة ، ج 2 ص 785 ر1402 ، باب فضائل الحسن والحسين

(3): المعجم الصغير ، ج 1 ص 240 ، ر قم الحديث 391 ، و  : ج 2 ص 84-85 ، رقم الحديث 825 ، وأيضا : المعجم الكبير : ج 3 ص 37 ر 2636 ، وأيضا ؛ ج 3 ص 37-38 ر2637 ، و ج 3 ص 38 ر 2638 ، وأيضًا : المعجم الأوسط : ج 5 ص 305-306 باب روايات محمد بن أحمد ، وأيضا ج 5 ص 354-355 مرويات محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، و : ج 6 ص 85 مرويات محمد بن عبد العزيز

(4): الجامع الصغير : ج 1 ص 373 ر 2442 باب حرف الهمزة ، وأيضا ج 2 ص 533 ر 8162 باب حرف الميم ، و أيضا : إحياء الميت بفضائل أهل البيت : ص 24 ح ر 24 ، 25 ، 26 ، 27 .

(5) : ذخائر العقبى : ص 53 الباب الخامس في فضل أهل البيت ، وص 54 .

(6):  مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ج 9 ص 168 با فضل أهل البيت ، وأيضًا : كتاب كشف الأستار : ج 3 ص 222 ، رقم  2614 – 2615- 2613 ، باب مناقب أهل البيت (عليه السلام) .

(7):المنح المكية في شرح الهمزية : ص 535 ، شرح بيت رقم 343 .

(8): تاريخ بغداد : ج 13 ص 569 رقم الحديث 6460 .

(9):  مشكاة المصابيح : ج 3 ص 1742 ، رقم الحديث 6174 ، كتاب المناقب ، باب مناقب أهل البيت (عليه السلام) .

(10): حلية الأولياء : ج 4 ص 306 ، ترجمة سعيد بن جبير .

(11) : أخبار مكّة : ج 3 ص 134 ر،ح 1904 ، باب ذكر خطبة أبي ذر ......بمكة .

(12) : الفصول المهمة : ص 25 ، باب ذكر شيء ممّا جاء في فضلهم وفضل محبتهم .

(13):  مسند الشهاب : مجلد 2 جزء 10 صفحة 273 رقم الحديث 1342 .

(14):  كنز العمّال : ج 2 ص 434-435 رقم الحديث 4429 ، وأيضا ج 12 ص95 رقم الحديث 34151 و أيضًا : ج 12 ص 98 رقم الحديث 34169 ، وأيضا ج 12 ص 98 رقم الحديث 34170 ، و : ج 12 ص 94 رقم الحديث 34144 .

(15): استجلاب ارتقاء الغرف : ج 2 ص 479 ر 213 ، وأيضا ج 2 ص 480 ر 214 ، وأيضا ج 2 ص 481 ر 217 ، و: ج 2 ص 482-483 رقم الحديث 218 ، و : ج 2 ص 483 رقم الحديث 319 ، و: ج 2 ص 483 رقم الحديث 220 .

(16): كفاية الطالب : ص 378 الباب المئة في تطهيرهم عليهم السلام من الأنجاس ، و : ص 378-379 ، الباب المئة في تطهيرهم عليهم السلام من الأنجاس .

(17): الصواعق المحرقة : ص 186 باب 11 في فضائل أهل البيت (عليه السلام) ، الفصل الثاني الحديث الثاني ، وأيضا ص 236 في التتمة في مناقب آل البيت باب الأمان ببقائهم .

(18): المصنف : ج 11 ص 150 ، رقم الحديث 32651 ، باب فضائل علي بن أبي طالب .

(19): مسند البزّار : ج 9 ص 343 رقم الحديق 3900 ، باب : عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر ، و : ج 11 ص 329 رقم الحديق 5142 ، باب حديث المكيين عن ابن عبّاس .

(20): كتاب المعارف : ص 252 ، في ترجمة أبو ذر الغفاري .

(21): الكنى والأسماء : ج 1 ص 137 ، رقم الحديث 481 ، ترجمة أبو طفيل عامر بن وائلة ، رقم الترجمة 241 .

(22): فيض القدير : ج 5 ص 517 .

(23): مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ص 187-188 رقم الحديث 173 ، وأيضًا : ص 189 رقم الحديث 176، و :  ص 188-189 رقم الحديث 175 ، وأيضا ص 190 رقم الحديث 177 ، و : ص 188 رقم الحديث 174 .

(24): فرائد السمطين : ج 2 رقم الحديث 519 ، باب رقم 48 .

(25): تفسير القرآن للسمعاني : ج 3 ص 472 ، تفسير سورة المؤمنون الآية رقم 28 .

(26): المعجم في أصحاب القاضي الصدفي : ص 93 ، حرف الخاء ، ترجمة الخضر بن عبد الرحمان - ابن القزّاز .