الامامة مصدر من الفعل(أمَّ) تقول:(أمَّهم وأمَّ بهم: تقدمهم،هي الإمامة، والإمام: كل ما ائتم به من رئيس أو غيره)
ويقول ابن منظور: (الإمام كل من ائتم به قوم كانوا على الصراط المستقيم أو كانوا ضالين.. والجمع: أئمة، وإمام كل شيء قيَّمه والمصلح له).
وقال صاحب (تاج العروس): (والإمام: الطريق الواسع، وبه فُسِّر قوله تعالى: وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ [سورة الحجر: 79] أي: بطريق يُؤم، أي: يقصد فيتميز).
الى غير ذالك من المعاني المتقاربة.
اما الامامة اصطلاحا فهي وان اختلفت في الالفاظ الا انها متقاربة جدا من حيث المعنى وسنذكر بعض التعريفات للامامة بحسب اراء العلماء
عرفها المارودي بقوله(الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به)
وعرفها النسفي في عقائده(نيابة عن الرسول عليه السلام في إقامة الدين بحيث يجب على كافة الأمم الاتباع)
ويقول صاحب (المواقف)(هي خلافة الرسول - صلى الله عليه واله وسلم - في إقامة الدين بحيث يجب اتباعه على كافة الأمة).
أما ابن خلدون فيقول ( فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا)
وفي شرح الباب الحادي عشر للمحقق الحلي (ره) في فصل الإمامة قال :رئاسة عامة في امور الدين و الدنيا لشخص من الأشخاص نيابة (خلافة) عن النبي.
ذكرت الامامة في العديد من الايات منها:
{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } -البقرة-
وتبين الاية الكريمة ما يلي:
اولا: إن إبراهيم عليه السلام كان نبياً قبل ولادة أبنائه(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ)و حكا سبحانه عن زوجة إبراهيم: (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى ءَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ).
ثانيا: إن ابراهيم صار اماما بعد ان صارت لديه ذريه ودليل ذلك أنه طلب الإمامة لذريته.
وهنا يثبت ان الإمامة عهد من الله سبحانه و منصب إلهي لمن يشاء من عباده وليست من تنصيب البشر ولا من الشورى.
والامامة لا ينالها الظالمين وهي محصورة في ذرية{ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }.
{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} -السجدة-
وتبين الاية الكريمه ما يلي
اولا: الامامة منصب إلهي وذلك أنها جعل من الله سبحانه فليس لأحد من البشر دخالة في تعيين الإمام فلا هي شورى ولا هي تعيين بشري.
ثانيا: أن وظيفة الإمام هي الهداية بأمر الله سبحانه.
ثالثا: أن من صفات الإمام التي أهلته لهذا المنصب الإلهي هو الصبر واليقين.
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لا تعلمون).
وتبين الاية ما يلي :
أوّلاً: أنّ هذا الخليفة أرضي، وهو موجود في كلّ زمان، والدال على ذلك قوله: (جَاعِلٌ) لأنّ الجملة الاسميّة، وكون الخبر على صيغة (فاعل) التي هي بمنزلة الفعل المضارع، تفيد الدوام والاستمرار.
ثانياً: إنّ هذا الخليفة ليس هو مطلق الإنسان فيكون من قبيل قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ)وإنّما المقصود به إنسان بخصوصه، وذلك بقرينة الآيات اللاحقة التي أثبتت أنّ هذا الموجود الأرضي إنّما استحقّ الخلافة الإلهيّة لأنّه(وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا)، ثمّ صار واسطة بينه تعالى وبين ملائكته (يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ) ومن الواضح أنّه لا يمكن أن يراد به كلّ إنسان حتّى أولئك الذين عبّر عنهم القرآن الكريم(أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ).
الكتبة / نور الهدى المياحي
اترك تعليق