عقيدتنا في الجنة والنار

عقيدتنا في الجنة والنار عقيدتنا في الجنة : تعتقد الشيعة الإمامية في الجنة أنها دار البقاء ودار النعيم ودار السلامة . لا موت فيها، ولا هرم، ولا سقم ولا مرض، ولا آفة، ولا زوال، ولا زمانة، ولا غم، ولا هم، ولا حاجة، ولا فقر. وأنها دار الغنى، والسعادة، ودار المقامة والكرامة، ولا يمس أهلها فيها نصب، ولا يمسهم فيها لغوب لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون. وجعلها الله سبحانه دارا لمن عرفه وعبده، [ونعيمها دائم] لا انقطاع له، والساكنون فيها على أضرب : 1- فمنهم : من أخلص لله تعالى، فذلك الذي يدخلها على أمان من عذاب الله تعالى. 2- ومنهم : من خلط عمله الأصلح بأعماله السيئة كأن يسوف منها التوبة، فاخترمته المنية قبل ذلك، فلحقه خوف من العقاب في عاجله وآجله، أو في عاجله دون آجله، ثم سكن الجنة بعد عفو الله أو عقابه . 3- ومنهم : من يتفضل عليه بغير عمل سلف منه في الدنيا، وهم الولدان المخلدون الذين جعل الله تعالى تصرفهم لحوائج أهل الجنة ثوابا للعاملين ، وليس في تصرفهم مشاق عليهم ولا كلفة، لأنهم مطبوعون إذ ذاك على المسار بتصرفهم في حوائج المؤمنين. وثواب أهل الجنة الالتذاذ بالمآكل والمشارب والمناظر والمناكح وما تدركه حواسهم مما يطبعون على الميل إليه، ويدركون مرادهم بالظفر به وليس في الجنة من البشر من يلتذ بغير مأكل ومشرب وما تدركه الحواس من الملذوذات ...[1] . قال تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا} [الرعد/35] ، وقال تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [محمد/15] .. وعقيدتنا في النار : أنها دار الهوان، ودار الانتقام من أهل الكفر والعصيان، ولا يخلد فيها إلا أهل الكفر والشرك. وأما المذنبون من أهل التوحيد، فإنهم يخرجون منها بالرحمة التي تدركهم، والشفاعة التي تنالهم. وروي أنه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألم في النار إذا دخلوها، وإنما تصيبهم الآلام عند الخروج منها، فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم، وما الله بظلام للعبيد. وأهل النار هم المساكين حقا، {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر/36] {ولَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} [النبأ/24] وإن استطعموا أطعموا من الزقوم، {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف/29]. {يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت/44] ، {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا} [فاطر/37] ، {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون/107] فيمسك الجواب عنهم أحيانا، ثم قيل لهم: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون/108] {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف/77] . وروي: "أنه يأمر الله تعالى برجال إلى النار، فيقول لمالك: قل للنار لا تحرقي لهم أقداما، فقد كانوا يمشون بها إلى المساجد. ولا تحرقي لهم أيديا، فقد كانوا يرفعونها إلي بالدعاء. ولا تحرقي لهم ألسنة، فقد كانوا يكثرون تلاوة القرآن. ولا تحرقي لهم وجوها، فقد كانوا يسبغون الوضوء. فيقول مالك: يا أشقياء، فما كان حالكم؟ فيقولون: كنا نعمل لغير الله، فقيل لهم: خذوا ثوابكم ممن عملتم له [2]. عقيدتنا في كون الجنة والنار مخلوقتين الآن . ونعتقد أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، كما ثبت في كتاب الله العزيز : {وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم/13-15] ، وعلى هذا الإعتقاد أجمع أهل الشرع والآثار وبه جاءت الأخبار . [3] روي عن الإمام الصادق عليه السلام : ليس من شيعتنا من أنكر أربعة أشياء المعراج والمساءلة في القبر وخلق الجنة و النار والشفاعة . وكذلك روي عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام من أقر بتوحيد الله و نفي التشبيه عنه ... وشهد أن محمدا رسول الله وأن عليا والأئمة بعده حجج الله ... وآمن بالمعراج والمساءلة في القبر والحوض والشفاعة وخلق الجنة والنار والصراط والميزان والبعث والنشور والجزاء والحساب فهو مؤمن حقا وهو من شيعتنا أهل البيت [4] . وهو ما صرح به الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتاب الاعتقادات بقوله : "أنهما مخلوقتان، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد دخل الجنة، ورأى النار حين عرج به. واعتقادنا أنه لا يخرج أحد من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة أو من النار، وأن المؤمن لا يخرج من الدنيا حتى ترفع له الدنيا كأحسن ما رآها ويرى، مكانه في الآخرة، ثم يخير فيختار الآخرة، فحينئذ تقبض روحه ... وما من أحد يدخل الجنة حتى يعرض عليه مكانه من النار، فيقال له: هذا مكانك الذي لو عصيت الله لكنت فيه. وما من أحد يدخل النار حتى يعرض عليه مكانه من الجنة، فيقال له: هذا مكانك الذي لو أطعت الله لكنت فيه. فيورث هؤلاء مكان هؤلاء، وهؤلاء مكان هؤلاء وذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون/10، 11] وأقل المؤمنين منزلة في الجنة من له مثل ملك الدنيا عشر مرات . واعتقادنا أنه لا يخرج أحد من الدنيا حتى يرى ويعلم ويتيقن أي المنزلتين يصير إليهما، إلى الجنة أم إلى النار، أعدو الله أم ولي الله. فإن كان وليا لله، فتحت له أبواب الجنة، وشرعت له طرقها، وكشف الله عن بصره عند خروج روحه من جسده ما أعد الله له فيها، قد فرغ من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل. وإن كان عدوا لله، فتحت له أبواب النار، وشرعت طرقها، وكشف الله عز وجل عن بصره ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه، وترك كل سرور. وكل هذا يكون عند الموت، وعندكم يكون بيقين وتصديق هذا في كتاب الله عز وجل على لسان نبينا صلى الله عليه وآله وسلم {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل/32]. ويقول {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [النحل/28، 29][5] . ____________ [1] ينظر : الاعتقادات – للشيخ الصدوق / ص ، وتصحيح اعتقادات الإمامية - للشيخ المفيد / ص 116-117. [2] الاعتقادات – للشيخ الصدوق / ص 77. [3] ينظر : أوائل المقالات – للشيخ المفيد ص141 . [4] صفات الشيعة – للشيخ الصدوق / ص 49 - 50 / ح 68 و 69 . [5] الاعتقادات – للشيخ الصدوق / ص 79 - 80.

المرفقات