إن توحيد الله تعالى هو الأصل والأساس الذي تقوم عليه جميع باقي العقائد والأحكام، ولأهميته هذه علينا التعرف على مراتبه، لأنه من الواجب على كل مسلم مكلف توحيد الله من جميع الجهات (أي في جميع المراتب) . قال الشيخ المظفر في كتابه عقائد الإمامية : (ونعتقد بأنّه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات.. )، وكذلك ذكرها الشيخ جعفر السبحاني في كتابه العقيدة الإسلامية . أولا : التوحيد الذاتي . وهو الإعتقاد بأن الله تعالى واحد أحد، لا صاحبة له ولا ولد، ولا مثيل له في الخلق ولا نظير و لا شبيه. قال الله تعالى : {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. وقال تعالى : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى/11] . ثانياً : التوحيد في الصفات . الإعتقاد بأن الله تعالى موصوف بكل صفات الكمال والجمال، وأن صفاته تعالى هي عين ذاته ليست زائدة عليها، فهي مختلفة في معانيها متحدة في وجودها لأنها عين ذات الله، فإن الله هو القادر العالم الحي السميع البصير المتكلم المريد المدرك الرازق الخالق .. ، قال الله تعالى : {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف/180] ثالثاً : التوحيد في الخالقية . الإعتقاد بأن الله تعالى هو خالق هذا الكون، لم يشاركه في خَلقه أحد، فلا خالق سواه . قال الله تعالى : {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }[الرعد/16]. رابعاً : التوحيد في الربوبية . وهو الإعتقاد بأن الله تعالى هو مدبر هذا الكون وحده، ولا يشاركه أحد في تدبيره (أي لم يشاركه في تنظيمه أجزائه وتنسيقها أحد ). فقبل البعثة النبوية كان المشركون يعتقدون بأن هناك أرباباً متعددون، وكلاً منهم يدبر جزءاً من هذا الكون، كإله الشمس وإله القمر وإله الرياح . قال تعالى : {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف/39]، وقال أيضاً : {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}[الرعد/2] . خامساً : التوحيد في العبادة . هو الإعتقاد بإن الله تعالى هو المستحق للعبادة فقط، ولا تجوز عبادة غيره.قال الله تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ }[الإسراء/23]، بل إن الهدف من البعثة هو عبادة الله وترك عبادة ما دونه، قال تعالى :{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل/36] .
اترك تعليق