جعل الله سبحانه البشر خطائين فقد قَدَّر لهم أن يقعوا في الذنوب والمعاصي لا محالة الا المعصومين من ال بيت النبوة عليهم السلام الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، كل ذلك اتى لحكمة بالغة منه عز وجل ، ليتخذوا في محو هذه الذنوب والمعاصي العديد من الأسباب لمغفرتها ليزدادوا صلةً بالله عز وجل وتقربًا منه ، فعند وقوع المسلم في الخطيئة ويهم مبادراً بالأخذ بالأسباب لتكفيرها، فذلك إبراز تحقيق لجوانب العبودية لله عز وجل .
ومن رحمة الله بنا أن هيأ لنا أسباباً كثيرة وكثيرة جداً للمغفرة ، ما أخذ بها مسلم إلا عمّه الله تعالى بمغفرته ورحمته ، إلا أنه سبحانه قد اشترط الإيمان والبراءة من الشرك حتى تترتب الآثار على هذه الأسباب ، لأن الكفر والشرك مانعان من الغفران ، فقد قال عز من قائل بما تيسر من سورة النساء "116" (( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً )) ، وقد ورد في القران الكريم ذكر للكثير من الامور التي هيأها الله سبحانه وجعلها اسبابا وعناوين للمغفرة ومحو للذنوب والسيئات والتقرب من الله تعالى وطرق باب رحمته ، ففضلا عن الصوم والصلاة والخلق الحسن وصلة الارحام وغيرها من الاعمال التي اكد عليها سبحانه في اياته البينات التي توجب المغفرة فهناك الكثير من العناوين والايات في هذا الصدد ، نورد منها -
اولا – التوبة ..
قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) التحريم 8
ثانيا - اجتناب الكبائر من الذنوب ..
قال الله تعالى (( إِنْ تَجْتَنِبُوْا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيْمًا )) النساء 31
ثالثا –الايمان والعمل الصالح ..
قال الله تعالى (( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ )) محمد 2
رابعا – تقوى الله ..
ونرى مصداقها في قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )) الانفال 29
خامسا – الهجرة والجهاد والشهادة ..
كما في قوله تعالى ((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ )) ال عمران 195
سادساً – الاقراض ..
كما في قوله تعالى (( إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ )) التغابن 17
سابعا - الصدقة بالسر ..
قال الله سبحانه ((إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )) البقرة 271
في هذه الايات المباركات جزء من اسباب الولوج الى فيض الرحمة والمغفرة الالهية للخلاص الذي وعد الله به عباده لمن يلج اي واحدة منها او جميعها فابواب الرحمة والغفران الالهي مفتوحة وبوسع كل منا عباد الله طرق هذه الابواب والولوج اليها .. جعلنا الله واياكم ممن تنالهم رحمة الله وغفرانه .
سامر قحطان القيسي
اترك تعليق