أسماء القرآن الكريم و عناصر إعجازه

 القرآن الكريم: هو كلام الله المنزل على نبيه الاكرم محمد صلى الله عليه واله عن طريق الوحي والذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه, والمنقول عنه بالتواتر. وهو المعجزة التي جاء بها نبينا الاكرم (صلى الله عليه واله) وتحدى المشركين في أن يأتوا بمثله, ومازال التحدي قائما الى يومنا هذا.

أسماؤه:   

الكتاب: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) البقرة2 وهوإشارة الى مابين مضامينه من ترابط ووحدة من حيث الهدف والموضوع بما يجعل منه كتابا.

القرآن: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ    تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) يونس 37. وهذه التسمية متأتية من القراءة حيث أنه النص الذي يقرأ من قبل المسلمين ويحفظ في صدورهم .

الفرقان : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ .مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) ال عمران 3,4.  

الذكر: (وهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ) الانبياء 50 . ويدل على الشرف والرفعة .

وهناك عدة ألفاظ وُصِف بها القران الكريم ولم تكن إسما له مثل:

المجيد : (بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ) 21 البروج

العزيز : (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ) فصلت 41

التنزيل : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴾ النساء 174

الموعظة :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ سورة يونس 57

عناصر إعجاز القرآن:

أولا :  البلاغة والفصاحة:

حيث لايمكن لاي عارف بالعربية وفنونها أن ينكر ماعليه النص القرآني من رقي بالغ في فصاحته وأسلوبه المتفرد, بل إنه لايمكنه إلا الاعتراف بعجز أي أنسان عن مسايرة النص القرآني, حتى أن مشركي قريش الذين جاهدوا بشتى الطرق في محاربة الاسلام وتكذيب نبيه الكريم (صلى الله عليه واله) لم يقدروا على أنكار ماعليه القرآن من جنبة بلاغية تحيّر العقول والالباب, فهذا الوليد بن المغيرة المخزومي الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي (صلى الله عليه واله) فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال: يا عم إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالاً! قال: لم؟ قال: ليعطوكه فإنك أتيت محمداً تتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له أو أنك كاره له، قال: وماذا أقول؟! فو الله ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن مني، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، والله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه! قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر (يؤثر يأثره عن غيره)، فنزلت: ذرني ومن خلقت وحيداً.

ثانيا:عدم إمكانية أن يكون النبي (صلى الله عليه واله) هو الكاتب:

حيث أن النبي (صلى الله عليه واله) كما هو ثابت تاريخيا, رجل جلّ حياته في مكة بجزيرة العرب التي كانت تعيش بؤسا شديدا على الصعيد الفكري والعلمي, حتى ليكاد الذي يعرف مجرد القراءة والكتابة أن يكون ذا شأن ومنزلة, والنبي (صلى الله عليه واله) لم يغادر مكة إلا لماما للتجارة. وهذا مايحتم أن يكون القرآن الملئ في طياته بحقائق العلم والابداع المتناهي في الفكر.. أن يكون من مصدر غير شخصه الكريم (صلى الله عليه واله) .

إن نظرة سريعة لتاريخ التاليف البشري تجعلنا إزاء حقيقة ثابتة, وهي أنه طالما كان المؤلِف وبالتالي المؤلَف في حدود بيئة الكاتب ومحيطه ويعالج المشاكل التي تمسه, فمثلا سقراط الذي قسم الفكر البشري الى ماقبل سقراط ومابعده لم يتجاوز منجزه الفكري الذي قدمه على معالجة مشكلة ضياع الثوابت التي تعتمد للتفكير الصحيح, فقام بتحديد الماهيات ليكون هذا التحديد اساسا للاستدلال المنطقي, ولايمكن لسقراط أن يتجاوز بيئته وظرفه التاريخي ليتحدث عن الجاذبية التي تحدث عنها نيوتن, وأما في القرآن فنجد أن هذا الكتاب, الذي جاء به رجل عاش في صحراء الجزيرة بجدبها الثقافي وفي بداية القرن السادس الميلادي, يشير الى أطوار الجنين في بطن أمه وعن العقل والتعلم ومكارم الاخلاق وعن يوم القيامة, وعن تاريخ الامم والديانات والرسل بطريقة لايمكن ان تكون مستمدة من اصحاب هذه الديانات حيث ان ماجاء به القرآن ذو حقائق مغايرة وتتجاوز الخلل المنطقي فيها فالصورة المنحرفة التي ترسمها الكتب السابقة على القران والتي تجعل للانبياء بما يليق بساحتهم كمصلحين للبشرية كأبرار فضلهم الله واصطفاهم فهم عليهم السلام في تلك الكتب يرتكبون الفواحش والاثام, بينما يعرض القران لهم صورة منزهة تليق بساحتهم الشريفة.

ثالثا : التناسق في القران وعدم الاختلاف:

إن القارئ للقرآن والمتدبر لآياته لن يجد أي تضاد أو تناقض في معطياته وحقائقه, ولم يظهر للعيان على الصعيد العلمي والتاريخي أي تكذيب أو تفنيد لما جاء به القرآن الكريم. بل ربما جاءت الشواهد الكثيرة مرة تلو مرة لتصب في تأكيد معطيات القرآن الكريم. ثم إننا لو عدنا الى تاريخ التأليف البشري, سنجد ثمة قاعدة وهي أن الكاتب الانسان في تطور وتغير دائمين على صعيد افكاره واكتشافاته أو حتى مواقفه النفسية تجاه الاشياء, فكم تراجع مفكر او عالم عن اشياء قال بها, أو غيّر من كتاباته تبعا لموقف نفسي معين. بينما نجد القرآن الذي تنزل خلال ثلاثة وعشرين عاما لم يعتره من التغير والتبديل شيئا وكان ثابتا في رؤاه ومقرراته وكان الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله) في هذه الفترة يتقلب طوال هذه الفترة في دواعي السرور والحزن والانتصار والشدة وموقفه مع المحيطين به, فهو في ذروة حربه مع مشركي قريش ظل الخطاب القراني يصف آلهة قريش بالاحجار التي لاتضر ولاتنفع, وفي خضم صلحه مع اليهود في المدينة ظل في منهجه ينفي عن ساحة الله سبحانه ما يشوبها مما في الديانة اليهودية.

شبهة ورد:

ثمة من يطالعنا اليوم بشبهة مفادها أن القرآن متغاير في مستواه البلاغي ولو أنه من الله المطلق لجعله على مستوى واحد .. ثم أن هناك الكثير من العبارات في القرآن من السهولة ان نأتي بأبلغ منها فكم من عبارة في أدب جبران خليل جبران أروع من قوله (فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).

الرد:

إن التغاير في الخطاب تبع للتغاير في الموضوع. فطبيعة اللغة تحتم هذا التباين حيث أن اللفظ ينبي عن طبيعة المعنى, فلايمكن أن نستعمل كلمة جيفة بحث تثير في نفس المتلقي شعورا كالذي تثيره كلمة وردة, ولايمكن أن نتحدث عن تجربة كيميائية بنفس الاسلوب الذي نتحدث فيه في وصف طبيعة ساحره. وهنا يكون جبران قادرا على الاتيان بعبارة أجمل من عبارة فاغسلوا وجوهكم ...... وهو يتحدث عن الحب او الجمال ولكن لايمكن له ولا لأي من الإنس والجن أن يصف عملية الوضوء بعبارة افضل مما جاء في القرآن. 

الشيخ صلاح الخاقاني