إنّ التركيز على البدء بالسملة في مفتتح كل سورة منهج ربّاني أدَب الله سبحانه وتعالى به عباده لكي يبدأوا أمورهم كلها باسم الله سبحانه. ومن شأن هذا الحضور اللفظي لله سبحانه أمام كل أمر أن ينتهي الى الحضور الذهني والحضور العملي له تعالى في حياة الانسان .
ولكي نلقي الضوء على هذه الحقيقة نقول : إن لكل شيء وجودات أربعة : 1- الوجود الخارجي :وهو وجود الشيء في متن الأعيان بحيث تترتب عليه آثاره الخارجية المترقبة منه . 2- الوجود الذهني : وهو وجود الشيء في صفحات الأذهان بحيث لا تترتب عليه آثاره الخارجية المترقبة منه . فالنار بوجودها الخارجي تعطي الدفء والضوء والحرارة بينما لا تترب عليها هذه الآثار بوجودها الذهني 3- الوجود اللفظي : وهو عبارة عن الرموز اللفظية التي تم تواضع العرف عليها للإشارة إلى حقيقة من الحقائق الخارجية أو الذهنية 4- الوجود الكتبي : وهو عبارة عن الرموز الكتبية التي وضعت للإشارة إلى حقيقة من تلك الحقائق .
وهذه الوجودات مترابطة فحالات بعضها تؤثر في حالات البعض الآخر ووجود بعضها من شأنه أن يستتبع وجود الآخر .فالوجود اللفظي لحقيقة من الحقائق يترابط عادة من الحضور الذهني لتلك الحقيقة ..والحضور الذهني لها كثيرا ما ينتهي الى الحضور العملي لتلك الحقيقة في حياة الانسان ,وهذا ما يؤكده علماء الأخلاق حين يقولون : إن التلقين مؤثر في توجيه السلوك الإنساني.. فالذي يقول لنفسه كل صباح (إنني شجاع)..قد يصبح شجاعا.
وعلى أساس ذلك نقول : إن الحضور الإلهي اللفظي أمام كل عمل يقوم به الإنسان.. من طبيعته أن يؤدي إلى الحضور الإلهي المستمر في ذهن الإنسان والحضور الذهني لله تعالى – للحقيقة الإلهية – في الذهن كثيرا ما ينتهي إلى الحضور العملي لله تعالى في سلوك الإنسان .. فلا يخطو خطوة إلّا ويرى الله قبلها ..ويحاول أن يكيف سلوكه الخارجي وفق ما يريده الله سبحانه..
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : لما ناجى الله عزَ وجلَ موسى بن عمران عليه السلام قال موسى : يا رب أبعيد أنت مني فأناديك أم قريب فأناجيك ؟ فأوحى الله عزَ وجلَ إليه : يا موسى أنا جليس من ذكرني .فقال موسى عليه السلام : يا رب إنني أكون في حال أجلك أن أذكرك فيها .قال : يا موسى اذكرني على كل حال ومن هنا نجد التركيز الكبير على الذكر اللفظي لله سبحانه وتعالى والتأكيد عليه في مختلف حالات الإنسان ...فهناك ذكر معين عند اليقظة من المنام وآخر عند الوضوء وثالث عند الصلاة ورابع عند البدء بالطعام وخامس عند الإنتهاء من الطعام والسادس عند الخروج من الدار ...وغيرها كثير .
المصدر / منتديات مدرسة الأمام الحسين(ع).
اترك تعليق