الأمر الاول :
مع اقتراب موعد زيارة الاربعين التي يزحف فيها الملايين من عشاق الامام الحسين (عليه السلام) مشياً على الاقدام نحو مرقده الشريف، قاصدين بذلك التعبير عن شدة ولائهم وقوة ارتباطهم بالإمام الحسين (عليه السلام) وتجديد العهد له بمواصلة الدرب على مبادئه الشريفة وقيمه السامية ، نود ان نذّكر المؤمنين ببعض ما ينبغي لهم رعايته في هذه المناسبة :
ـ ان من اهم مقاصد هذه الزيارة الحسينية هو الحفاظ على مبادئ الاسلام واحكامه وتعاليمه المقدسة التي ضحى الامام الحسين (عليه السلام) واهل بيته واصحابه ، من اجل حمايتها من الضياع والانحراف، ويقتضي ذلك من المؤمنين مزيد التفقه في الدين والحرص على تطبيق تعاليمه بطاعة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة الاطهار عليهم السلام واداء الواجبات واجتناب المحرمات ويتصدى في هذه الزيارة ـ كما في التي قبلها ـ مجموعة من فضلاء الحوزة العلمية وطلابها لبيان الاحكام الشرعية والتعاليم الاخلاقية واقامة الصلاة جماعة على طول مسار الطريق الواصل الى كربلاء المقدسة ، فينبغي للزائرين الكرام ان يغتنموا هذه الايام ويجعلوا سفرهم الالهي هذا فرصة لمزيد من التفقه في الاحكام الشرعية والتحلي بالأخلاق الفاضلة ، والحرص على اقامة الصلاة في اول وقتها وينبغي ان لا يمنع بعضهم الاهتمام بأداء الخدمة لزوار الامام الحسين (عليه السلام) واقامة مراسم العزاء عن اداء الصلاة في اول وقتها ، فان الامام الحسين (عليه السلام) من شدة عنايته وحرصه على اداء الصلاة ، لم يمنعه يوم عاشوراء انشغاله بالحرب والقتال وهو على أشّده عن ان يؤدي واصحابه تلك الفريضة الالهية في اول وقتها ، " فالله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم ومعراج المؤمن الى ربه واحب الاعمال الى الله تعالى وقرة عين نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم " .
ـ ومن المقاصد المهمة لهذا السفر الالهي هو تثبيت المبدأ الاساس الذي انطلق منه الامام الحسين (عليه السلام) في مسيرته من المدينة المنورة الى كربلاء المقدسة واراد من شيعته ومحبيه الالتزام به في احلك الظروف واقساها ، الا وهو التضحية بالنفس والمال والولد لحماية قيم الاسلام ومبادئه والحفاظ عليها من دون تغيير وتحريف، والايثار والشجاعة والصبر والصمود والعزيمة الراسخة والارادة الصلبة في هذا السبيل، ولاشك في ان المعركة المصيرية في هذه الايام مع عصابات داعش تتجلى فيها تلك القيم بأسمى صورها ومعانيها ولاسيما من احبتّنا الابطال المقاتلين بمختلف عناوينهم، الذين يرابطون في الجبهات وقد تركوا الدنيا وما فيها وفارقوا الاهل والولد والاحبة ليجسدوا قيم الفداء والتضحية والايثار بأنفسهم من اجل الحفاظ على هذا البلد ومقدساته واعراض مواطنيه ، ولعل من اجلى مظاهر الولاء والارتباط بالإمام الحسين (عليه السلام) في هذه الايام وصدق التوجه اليه بالزيارة هو ادامة زخم المعركة ضد داعش وذلك بتعزيز روح الصمود وارادة القتال ودعم المقاتلين بالمعونات والرجال الاشداء اولى البأس والعزم لتطهير ارض العراق كلها من دنس هذه العصابات ، فان الشعب الذي استطاع ان يتحدى الارهاب وسياراته المفخخة واحزمته الناسفة طوال هذه السنوات وحقق الانتصار في الكثير من المعارك ، لقادر ان يديم زخم الانتصارات في معركته الحالية ضد عصابات داعش لبلوغ النصر النهائي ان شاء الله تعالى .
ـ المأمول من الزائرين واصحاب المواكب ـ جزاهم الله تعالى خيراً ـ ان تكون اعمالهم وخدماتهم مرآة عاكسة لأخلاق اهل البيت عليهم السلام ، وذلك من خلال حرصهم على الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة سواء أكانت لدوائر الدولة او لعموم المواطنين وعدم مزاحمة مسارات الاليات والسيارات الناقلة للزائرين والحفاظ على نظافة مواقعهم وعدم الاسراف في الاطعام فإن هذا العمل المحمود وهو اطعام الزائرين قد ينقلب الى فعل مذموم اذا اقترن بالإسراف او التبذير ، ونؤكد ايضاً على ضرورة حسن المعاشرة بين الزائرين وعدم التزاحم والتنافس في ما لا ينبغي ، بل لابد من التعاون بين الجميع لإنجاح هذه الزيارة وخصوصاً التعاون مع القوات الامنية لتمكينهم من اداء مهامهم على افضل وجه وعدم السماح بوقوع خرق امني لا سمح الله تعالى ، ونوصي اخواتنا الزائرات بالاهتمام برعاية اعلى درجات الحشمة والعفاف ، وتجنب الاختلاط المذموم ، ونؤكد على شبابنا بالاهتمام بإظهار انفسهم بالمظهر المناسب لقداسة المناسبة ، والابتعاد عن أي تصرف يخدش ذلك في الملبس او السلوك
الأمر الثاني :
سبق ان اكدنا ان التحدي الاكبر والاخطر امام الشعب العراقي بمختلف اديانه وطوائفه وقومياته هو المعركة مع داعش وفكره الاقصائي ومنهجه الدموي ، هذا التنظيم الارهابي الذي شملت جرائمه الوحشية مختلف بقاع الارض، وكان من نماذجها الاخيرة التي لفتت انظار العالم تفجير الطائرة الروسية والتفجيران في بيروت وباريس التي ذهب ضحيتها مئات المدنيين الابرياء ، وقد قُدّر للعراقيين ان يكونوا في مقدمة من يقاتل هؤلاء الارهابيين ، ويسعى الى كسر شوكتهم ، ويساهم في القضاء عليهم ، وكانت لهم بحمد الله تعالى انتصارات مهمة في هذا الطريق، ومن المؤكد ان النصر والظفر النهائي في المعركة مع داعش سيعود بثماره ومعطياته على جميع العراقيين وليس لبعضهم دون بعض، ومن هنا لابد من توحد جميع المكونات وتوظيف كل طاقاتها وامكاناتها لمعركة هي واحدة للجميع ضد هؤلاء الارهابيين ، وعلى الجميع ان لا يسمحوا بانحراف المعركة عن مسارها الصحيح ولا يدعوا مجالا ً لزرع الفتنة والاحتراب بين صفوف ابناء الشعب العراقي ، فانه لا يستفيد من ذلك الا تلك العصابات الاجرامية ، وما حصل في طوزخورماتو مؤخراً من صدامات واعمال عنف وتخريب مؤشر خطير يدعو اصحاب العقل والحكمة من جميع الاطراف الى اتخاذ الاجراءات الكفيلة بعدم تكرر مثله والحفاظ على التعايش السلمي بين جميع المكونات على اساس سيادة القانون واحترام البعض للبعض الاخر في حقه في العيش الكريم الذي يحفظ له امنه واستقراره، والمطلوب ممن بيدهم الامور عدم السعي لاستغلال الظروف الحالية لفرض امر واقع في بعض المناطق وفق رؤاهم وتصوراتهم فانه سيؤدي الى مزيد من التعقيدات ولا مصلحة في ذلك، بل سيخسر الجميع ولا ربح الا من خلال الحرص على ادامة التعايش المشترك المبني على حفظ حقوق الجميع وفقاً للقانون .
اترك تعليق