الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 14/صفر الخير/1437هـ الموافق 27/تشرين الثاني/2015م

اعرض على مسامعكم الكريمة أمرين :

الأمر الاول :

في الظروف العصيبة التي يعيشها بلدنا العراق والمنطقة برمتها ، وهي تواجه الارهاب الداعشي ، تمس الحاجة اكثر مما مضى الى مزيد من التكاتف والتنسيق بين جميع الاطراف المساهمة في محاربة الارهابين والقضاء عليهم .

ان التوتر والاصطدام بين هذه الاطراف ، مما لا يستفيد منه الا الارهابيون الذين يتربصون بالجميع ، ولن يفرقوا بين طرف واخر في ظلمهم واجرامهم ، فالقوى السياسية العراقية مطالبة بأن توحد خطابها ومواقفها في هذه القضية المصيرية وتترك جانباً خلافاتها في قضايا اخرى .

ان تكريس الجهود والامكانات كلها لدحر الارهاب الداعشي وتخليص البلد منه ، هو الهدف الاهم الذي لابد ان يسعى الجميع الى تحقيقه في اقرب وقت ، ولكنه بحاجة الى توفير المزيد من الدعم للقوات المقاتلة بشتى صنوفها وتشكيلاتها ، والى وضع خطة تُحظى بمساندة الاهالي في المناطق التي لا تزال ترزح تحت ظلم وجور الارهابيين ، ليكون لهم دور اكبر في تخليص مناطقهم ، ومن ثم اعادة اعمارها ، والعيش فيها بكرامة وطمأنينة متساويين مع بقية العراقيين في الحقوق والواجبات .

الامر الثاني :

في هذه الايام العظيمة حيث يشارك الملايين من محبي الامام الحسين (عليه السلام) من مختلف انحاء العالم ، في الزيارة الاربعينية لمرقده الطاهر ، نود ان نوضح الامور التالية :

أ .  على الاخوة المقاتلين الذين يقفون عند السواتر الامامية ويخوضون حرباً ضروساً مع الارهابيين والذين يرابطون في الاراضي المحررة ويحمون ثغور البلد ، ان لا يتركوا مواقعهم للتوجه للزيارة ، فانهم ببقائهم فيها سيحظون بثواب اكبر هو ثواب الدفاع عن الارض والعرض والمقدسات ، بالإضافة الى ان عشرات الالاف من الزائرين والزائرات سيشركونهم في مثوبة زياراتهم فتجتمع لهم مثوبة القتال في سبيل الله ومثوبة زيارة الامام الحسين (عليه السلام) ويا له من حظ عظيم .

ب‌.  على الاخوة الزائرين والاخوات الزائرات ، ان يولوا هذه المناسبة الدينية اهمية خاصة ، ويحاولوا استثمارها بأفضل وجه في تكميل نفوسهم وزيادة ايمانهم فإن المشروع الاصلاحي الذي خطّه الامام الحسين (عليه السلام) واحيا به دين جده المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتم التأكيد عليه في روايات الائمة الاطهار عليهم السلام ، وقد شاء الله تعالى له الاستمرار والديمومة ، انما يهدف بالدرجة الاساس الى اصلاح الانسان فلابد لمن يسير في طريق الحسين (عليه السلام ) ان يهتم بحصوله على زيادة من المعارف الدينية الحقّة ، والتحلي بمزيد من الفضائل الاخلاقية ، وحضور الاخوة من فضلاء وطلاب الحوزة العلمية في أماكن معلّمة ومشخصّة في الطرق الى كربلاء المقدسة ، فرصة مناسبة للاستفادة منهم في هذا المجال .

جـ. ان من الامور المهمة التي ينبغي ان تلتفت اليه انظار السائرين في طريق الامام الحسين (عليه السلام ) هو ضرورة الاجتناب عمّا يثير الفرقة والاختلاف في صفوف المؤمنين ، وعدم استغلال هذه المناسبة الحزينة للترويج للجهات التي ينتمون اليها دينية كانت او سياسية او غيرهما ، والاهم من ذلك الابتعاد عن بعض الممارسات المستحدثة التي لا تنسجم مع قدسية هذه المناسبة الحسينية ، والاقتصار فيها على الشعائر التي توارثها المؤمنون خلفاً عن سلف في اقامة عزاء سيد شباب اهل الجنة ، والحزن والجزع عليه ، واحياء امره وامر الائمة من ولده عليهم الصلاة والسلام .

د .  لمّا كان من دأب الارهابيين السعي في ازهاق اكبر عدد ممكن من الارواح البريئة باستهداف التجمعات البشرية الواسعة فالمطلوب من العاملين في الاجهزة الامنية المكلّفة بحماية الزوار ان يبذلوا قصارى جهدهم في سبيل الحفاظ على الزائرين الكرام وتوفير الاجواء الامنة لهم لأداء مراسيم الزيارة مع تحقيق انسيابية وصولهم الى مقاصدهم ذهاباً وإياباً .

وفق الله الجميع ، لصالح الاعمال وتقبلها منهم بلطفه وكرمه ، ومنّ الله تعالى على بلدنا وبلاد المسلمين بالأمن والامان ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، وتقبل منهم صالح الاعمال ، والحمد لله رب العالمين .

المرفقات