تشتهر بين عامة المسلمين قدسية أرض كربلاء لأنها شهدت أبشع فاجعة عرفتها البشرية، قتل فيها ريحانة النبي الخاتم، صلى الله عليه وآله، الإمام الحسين عليه السلام، في حادثة يشهد لها كل من قرأ أو سمع عنها بأنها "جريمة" بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
كما يرى أغلبهم، أن سر تفضيل هذه التربة على مثيلاتها، يعود لاحتوائها جسد الإمام الحسين، وأخيه العباس، وولده وصحبه عليهم السلام.
لكن هناك جملة من الروايات الشريفة تشير إلى أن أفضلية كربلاء لا تقتصر عند حدود لحظة وقوع الفاجعة التي حدثت سنة 61 للهجرة، بل أن هناك سبق في التعظيم والتقديس لهذه البقعة التي اختارها الله.
لولا كربلاء ما فضلتكِ!
من الروايات ما يشير إلى حوارية جرت بين أرضيّ كربلاء والكعبة وأيهما أعظم منزلة عند الله، وهو ما يقوي الرأي القائل بأن جسد الإمام الحسين عليه السلام طهّر هذه الأرض بدمائه الزاكية، خصوصاً وإننا نقرأ في زيارته عليه السلام في الأول من رجب والنصف من شعبان " وَطَهُرَت اَرضٌ اَنتَ بِها وَطَهُرَ حَرَمُكَ".
وبحسب رواية وردت عن الإمام الصادق عليه السلام، فإن أرض الكعبة "تباهت" بما وضع الله عليها من "بيت" يقصده الملايين من المسلمين من كل فجّ عميق.
وتقول الرواية، التي أوردها كتاب "وسائل الشيعة" في الجزء الـ 10، ص 403 "إن أرض الكعبة قالت: من مثلي وقد بُنيَ بيت الله على ظهري، يأتيني الناس من كل فج عميق؟ وجعلت حرم الله وأمنه؟...".
وتمضي الرواية بسرد تفاصيل الحوارية القصيرة، "فأوحى الله إليها كفي وقري، ما فَضْلُ ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلاء إلا بمنزلة الابرة غمست في البحر، فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا من ضمنته كربلاء لما خلقتك....".
قبل أربعة وعشرين ألف عام... أنا أرض الله المقدسة
غير أن رواية أخرى تتحدث عن نيل أرض كربلاء درجة العظمة والقداسة قبل ذلك، فقد ورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام، " اتّخذ الله أرض كربلاء حَرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وأنّه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيّرها رفعتْ كما هي بتربتها نورانيّة صافية، فجعلت في أفضل رَوضة مِن رياض الجنَّة، وأفضل مسكنٍ في الجنَّة، لا يسكنها إلاّ النّبيّون والمرسلون".
وفي رواية أخرى مشابهة، أنها -أي كربلاء- لتزهر من رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري من بين الكواكب لأهل الأرض يغشى نورها نور أبصار أهل الجنة جميعاً، وهي تنادي أنا أرض الله المقدسة، والطينة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء وشباب أهل الجنة".
صفوة القول، إن هذا المزيج الرائع من الروايات التي تتحدث عن مسوغات "القداسة" لأرض كربلاء يضعنا جميعاً أمام مسؤولية الالتزام الديني والأخلاقي تجاه هذه المدينة، سواء كنا زائرين أو مقيمين، وهذا ما تحمله رسائل الله لنا.
حسين الخشيمي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق