على مر عقود ليست بالقليلة كان طريق زيارة الأربعين محفوف بالمخاطر التي تجلت واضحة في قمع سلطة النظام السابق للزائرين، الذي كان يحشد كل وسائل القوة والقمع ويضعها كعقبة في طريق السائرين على الأقدام إلى كربلاء.
ولم يك من الزائرين في حينها إلا إظهار التحدي والولاء في أبهى صوره عبر قصص مأساوية موجعة كانت تلم بكل من سار على نهج السبط الشهيد، فرغم الملاحقات المستمرة من قبل رجال حزب البعث والشرطة والجيش لهم؛ إلا أنهم كانوا يصرون على إكمال مسيرتهم نحو قبر الإمام الحسين عليه السلام، وهم على أتم الاستعداد للقبول بأي نهاية مأساوية كانت، او فيها النجاة والعبور إلى سفينة الحسين.
- طرق "متفننة" في الإجرام لقتل الزائرين
وتشير الأحداث ومجرياتها على مدى العقود التي حكم فيها النظام البعثي الصدامي إلى أن ثمة خطر متخفٍ وراء هذا الإصرار الكبير من قبل الشيعة في العراق على إحياء مناسبة زيارة الأربعين يهدد دوام السلطة، الأمر الذي دفع بصدام وأزلامه إلى تكثيف بطشهم واستخدام طرق جديدة للقتل وترهيب الزائرين في محاولة يائسة للحد من ظاهرة إحياء تلك الشعيرة، حيث ينقل أحدهم أن قوات النظام الصدامي أقدمت على دفن سيارة باص بمن فيها وهم أحياء على أحد الطرق المؤدية إلى كربلاء المقدسة!
- محاكمات وهمية!
وتشير أيضاً إلى استشهاد المئات من الزائرين بعد احتجازهم في السجون وتعرضهم للتعذيب، ثم يأتي النظام ليعلن أن الجميع عرضوا على محكمة عادلة، وأن كل من هؤلاء المجرمين – على حد وصفهم – نال الجزاء العادل، في حين أن عضوين بارزين من حزب البعث المقبور كشفا فيما بعد أن جميع التهم التي نسبت إلى الكثير من الشيعة كانت "ملفقة" وإن النظام كان يستهدف الزائرين بواسطة اجهزة الاستخبارات والرفاق والجيش الشعبي وكذلك الشرطة، وكل احكام الإعدام التي وقعت آنذاك لم تكن قانونية بل كانت توقع على الجثث! أي بعد أن يموت الجميع من شدة وقساوة التعذيب.
- المؤسسة الأمنية.. من مطية للقمعٍ إلى وسيلة للإجلال!
ثمة مفارقة غريبة حدثت بعد سقوط نظام صدام، وإن كانت ليست بالغريبة حقاً.. كونها تتوافق مع سنن الله الثابتة التي تؤكد انتصار الحق دوماً، إلا أنها حملت شيئاً من الدهشة والذهول للكثيرين، فالمسيرة الحسينية الصادقة تنتصر على مسيرة القمع والدم التي حملت في يوم ما غطاءً إسلامياً، خصوصاً وأن صدام أطلق في منتصف التسعينيات ما يسمى بـ "الحملة الإيمانية" والتي تعد أيضاً محاولة لبث روح التطرف إزاء انفتاح العراقيين على الثقافة الحسينية وإصرارهم على زيارة الأربعين.
رحل صدام وجلاوزته وسط خيبة وذل لا حدود لهما، فيما يخرج الملايين من الشيعة في العراق بعد سقوطه مباشرة لأداء مراسيم زيارة الأربعين التي كانت الأولى بعد رحيله، لتتحول هذه المناسبة الدينية إلى مارثون جماهيري واسع لا تهاب القمع والتهديد والتخويف ، بل أن القوات الأمنية راحت تجتهد هي الأخرى في إحياء مراسيم هذه الزيارة عبر إقامة مواكب رسمية خاصة بها، فضلاً عن مشاركتها الأساسية في تأمين حياة الزائرين وإجلالهم وتعظيمهم.
- آمرية موقع "ذي قار" تقيم موكباً خدمياً للزائرين
في محافظة "ذي قار" جنوب العراق، تابع الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة عن قرب حركة القوات الأمنية ومدى مساهمتهم في إحياء زيارة الأربعين عبر تأمين الطرق تارة، و خدمة الزائرين تارة أخرى، ومنها آمرية موقع ذي قار التي أسهمت ومنذ (5) اعوام في إقامة موكب خدمي على طريق الزائرين.
ويقول الرائد في الجيش العراقي فراس الوائلي في حديثه لمراسل الموقع، إن "آمرية موقع ذي قار ساهم بالعمل بموكب خدمي يعمل على مدى (12) ساعة يومياً لتقديم الخدمات واستقبال زوار الامام الحسين عليه السلام المتوجهين سيراً على الاقدام صوب قبلة الاحرار."
ويضيف الوائلي، "إن موكب موقع آمرية ذي قار يعمل للسنة الخامسة على التوالي ويسعى لتقديم افضل الخدمات للزائرين القادمين من محافظة البصرة والزوار الاجانب مروراً بالناصرية على طريق يا حسين."
واختتم حديثه بالقول، إن "الموكب يحتوي أيضاً على عجلات الإسعاف لتقديم الخدمات الطبية وتدارك الحالات الصحية الطارئة للزائرين."
حسين الخشيمي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق