في نيسان عام 2003 استفاق العالم على سقوط أشهر تماثيل "صدام" في ساحة الفردوس ببغداد. تبع هذا الحدث خروج الملايين من شيعة العراق في ممارسة استوقفت عندها أغلب وسائل الإعلام العالمية بذهول ودهشة حاولت بشتى الطرق اخفاءها كونها تمثل استهداف لمشروعها الصهيوني الإسرائيلي المخطط تنفيذه في العراق.
ولأن العراق كان يمر –وقتها- في مرحلة تأسيس لنظام جديد يشكل "الشيعة" فيه الغالبية؛ راح المراقبون ووسائل الإعلام يصورون للرأي العام وللشارع أن لمسيرة الأربعين المليونية هذه بعد سياسي مرتبط بتشكيل الحكم في العراق الجديد ما بعد سقوط نظامه الديكتاتوري لكنها سرعان مافشلت امام التحدي الشيعي الذي جعل الأقلام والعقول تبحث وتكتب في عظمة شخص الامام الحسين عليه السلام واسرار ذلك الحب الكبير وأسباب ديمومة ثورته رغم القرون المتعاقبة، ولعل كل هذا وأسباب أخرى كانت سبباً بأن تصف الولايات الأمريكية المتحدة زوار الإمام الحسين عليه السلام في الأربعين بـ "الثعبان الأسود" بما يحمله من صور الخطورة والمخاوف من هذه الشعيرة السنوية التي سوف يؤديها الشيعة دون أدنى شك.
- لماذا وصفت أمريكا زوار الأربعين بـ "الثعبان الأسود"!
وبالرجوع إلى الوصف الحقيقي للثعبان الأسود لا المجازي الذي استخدمته الولايات الأمريكية المتحدة بحق الشيعة؛ نجد أن الخبراء أشاروا إلى أن "الثعبان الأسود" يعد من أخطر أنواع الثعابين على الإطلاق، وبإمكانها القضاء على فريستها في دقائق قليلة بعد أن تصاب عضلات القلب بالشلل جراء مفعول السم القاتل، لذا فأن هذه التسمية التي اشتهرت على لسان وسائل الإعلام وخطباء المنبر الحسيني كانت ناتجة عن خوف وتصور خطورة زوار الأربعين والشيعة بشكل عام، رغم إنها –أي التسمية- كانت لا تخلوا من "الخبث" لاسيما واتضح بعد ذلك إن زوار الأربعين في كل عام هم الأكثر عرضة للمخاطر والقتل خصوصاً بعد انتشار التنظيمات الإرهابية التي تحمل افكاراً وفتاوى تكفر فيها الشيعة.
وفي الـ 10 من حزيران/يونيو 2014 تمكن تنظيم "داعش" الإرهابي التكفيري من السيطرة على واحدة من أهم محافظات العراق وهي "الموصل" وبررت الحكومة حينها تلك النكسة بـ "تخاذل" بعض القيادات الأمنية الكبيرة هناك، و خيانات أدت إلى انهزام الجيش العراقي من تلك المناطق ودخول تنظيم "داعش" من سوريا والسيطرة على الموصل ومناطق أخرى من شمال العراق.
- هل يرون في الحشد الشعبي ثعباناً آخر؟!
وسط هزائم متكررة كان سببها ضعف الجهاز الأمني في العراق وتراجعه أمام "داعش" جاءت فتوى المرجعية العليا في النجف الأشرف بالجهاد الكفائي والإعلان عن تشكيل "الحشد الشعبي" والذي زامن أيام ولادة الإمام المهدي، عجل الله تعالى فرجه، في النصف من شعبان، لتتعالى أصوات الشيعة في العراق مطالبة بتطهير كافة الأراضي العراقية من دنس داعش، السنية منها قبل الشيعية المنتشرة في شمال العراق، وكانت للمسيرات المليونية أيضا في ذلك الوقت الأثر الكبير في نفوس المقاتلين الذين سطروا أروع الملاحم في "جرف النصر" و "آمرلي" وبعدها مدن محافظة صلاح الدين شمال العراق.
- تأثر مقاتلي الحشد الشعبي بالقضية الحسينية
ويرى مراقبون أن هناك جملة من المؤشرات الإيجابية التي أسهمت في تعزيز ورفع الروح الجهادية لمقاتلي الحشد الشعبي منها تأثرهم بقضية الإمام الحسين عليه السلام لا سيما وأن التنظيمات التكفيرية التي حاربته تعد اليوم الامتداد الحقيقي لقتلة الإمام الحسين ورواد النهج الأموي الحافل بالدم والقتل، فكل مقاتل من مقاتلي الحشد الشعبي صار يسعى للالتحاق بموكب أصحاب الحسين عليه السلام.
وبالعودة إلى وصف "الشيعة" بـ "الثعبان الأسود" فأن شيعة العراق الذين يساندهم اليوم الملايين من مسلمي وشيعة العالم لا يمكن حصرهم في "ثعبان أسود" واحد، وإنما هناك العديد من الثعابين السوداء – على حد وصف أمريكا- تفتش في جحور المحافظات الشمالية والغربية من بقايا الصناعة الامريكية (داعش) لتخلص البلد من شرهم وتطهر الأرض من خبثهم.
حسين الخشيمي
ولاء الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق