قُربان الطف

عبد الله الرضيع على كفّي الحسين (عليه السلام)

قُربان الطف.. عبد الله الرضيع على كفّي الحسين (عليه السلام)

في يوم عاشوراء، يوم امتُحِن فيه الصبر، وتجلّى فيه الإيمان في أعلى مراتبه، وقف الإمام الحسين (عليه السلام) وقد أثخنته الجراح، وأُفني أهلُ بيته وأصحابه، حاملاً بين يديه آخر أمل من نسله الصغير، عبد الله الرضيع (عليه السلام)، المعروف أيضاً بـعلي الأصغر.

الرضيع الشهيد: هوية ومسميات

تتفق المصادر التاريخية على أن عبد الله الرضيع هو أصغر أبناء الإمام الحسين (عليه السلام)، وكان عمره حين استُشهد نحو ستة أشهر.

يُعرف عند أهل السير باسم "علي الأصغر" تمييزاً له عن "علي الأكبر"، بينما أطلق عليه الإمام السجاد (عليه السلام) اسم عبد الله، وقد جاء في مقتل أبي مخنف أن "الحسين دعا بابنه الصغير ليودّعه، وكان على صدره، فصوّبه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه من الوريد إلى الوريد".

المشهد الخالد: رفع الرضيع نحو السماء

في الصورة المرفقة، يظهر الإمام الحسين (عليه السلام) وهو يرفع عبد الله الرضيع بيديه إلى السماء، ودماء الطفل تنزف بعد أن أصابه السهم المثلث ذو الشُعب الثلاث في نحره، وهذه اللحظة قد وصفها الإمام الباقر (عليه السلام) لاحقاً قائلًا: "ما نزل على الحسين نازلة أشد من نازلة عبد الله الرضيع".

وورد في بعض الروايات كما في بحار الأنوار (ج45 ص46) عن الإمام الحسين (عليه السلام) أنه قال بعد استشهاد الرضيع: "هون ما نزل بي أنه بعين الله". 

ثم رفع الرضيع وقال: "اللهم لا يكن أهون عليك من فصيل ناقة صالح"، في إشارة إلى أن دم هذا الطفل الزكي لن يضيع، بل سيبقى شاهداً على ظلامة آل محمد.

رمزية السهم والدم

إن السهم المثلث الذي قتل به عبد الله الرضيع، كما جاء في روايات موثوقة، لم يُستخدم عادة إلا ضد فرسان الحرب، لكن هذا السهم لم يُوجه هذه المرة إلى صدر فارس، بل إلى نحر رضيع عطشان. 

هذا السهم صار رمزاً لتجرد العدو من كل قيم الإنسانية، وشهادة دامغة على وحشية ما ارتُكب في كربلاء.

أما الدم الطاهر، فقد رُوي أن الإمام الحسين (عليه السلام) عندما امتلأت كفّاه من دم الرضيع، لم يجد من يواسيه على الأرض، فتوجه به نحو السماء، ولطم به وجهه الشريف، كما ورد في بعض كتب المقاتل، منها لهوف ابن طاووس.

بُعد وجداني خالد

في تلك اللحظة، لم يكن الحسين يطلب ماءً فقط، بل كان ينادي الضمير الإنساني عبر العصور. 

لم يكن الطفل الرضيع مجرد فرد من نسل النبوة، بل صار رمزاً لكل براءة ذُبحت ظلماً، وكل صوت عطشٍ سُكِتَ بالقهر.

بقي هذا المشهد محفوراً في ذاكرة الأجيال، تخلّده المواكب الحسينية، وتُستحضره الأمّهات حين تضُم أبناءها، ويهتز له وجدان الأحرار، فيرونه وثيقة حيّة على أن مظلومية كربلاء لم تترك حتى الأطفال.

الصورة التي بين أيدينا ليست مجرد لوحة فنية، بل أيقونة خالدة تختزل أعظم التضحيات، إنها لحظةٌ جمعت بين الألم واليقين، وبين الصبر والفداء، وبين الأرض والسماء. 

فسلامٌ على عبد الله الرضيع، وسلامٌ على الكفّين اللتين رفعته قُرباناً، وسلامٌ على الدم الطاهر الذي صعد يشكو إلى رب العرش العظيم ظلم أعداء الحسين.

ملاحظة: هذا النص تم توليده عبر الذكاء الاصطناعي

تصميم : اسامة الشمري إعداد : علي رحال