اضغاث الأحلام او الرؤيا المهولة
ربما تتشوش ذاكرة الإنسان فتأخذ من كل صورة ضغثا و تخلط بينها على وجه لا ينتزع منها شئ محصل و هذا هو المسمى بأضغاث الأحلام ، و يكثر هذا النوع من الأحلام غالباً في الفترة الأولى للنوم و لا سيما عند امتلاء المعدة ، لذا فقد روي أن اكذب الرؤيا ما كان أول الليل و اصدقها ما كان آخره .
فعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ( عليه السَّلام ) الرؤيا الصادقة و الكاذبة مخرجهما من موضع واحد .
قال : " صدقت أما الكاذبة المختلفة فان الرجل يراها في أول ليله في سلطان المردة و الفسقة و إنما هو شئ يخيل إلى الرجل و هي كاذبة مخالفة لا خير فيها و أما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة و ذلك قبل السحر فهي صادقة لا تختلف إنشاء الله إلا أن يكون جنبا أو يكون على غير طهور ... "(1) .
و عن محمد بن سليمان الكوفي خرج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) إلى أصحابه ثم قال : أيها الناس إن الرؤيا على ثلاثة فالرؤيا الصادقة بشرى من الله تعالى و الأحلام من حديث النفس و الأضغاث من الشيطان(2) .
كيف نتجنب مشاهدة الاحلام المزعجة
لكي نجنِّب أنفسنا مشاهدة الأحلام المزعجة و المهولة و نستريح منها لا بُدَّ و إن نأخذ بعين الاعتبار الآداب و السنن الشرعية التي الكفيلة ببيان السلوك الفكري و العملي للإنسان المسلم ، و هذه الآداب و السنن كما أنها تؤثر على حياة الإنسان خلال فترة اليقظة فإنها تؤثر أيضا على حياته خلال رحلة النوم ، فسلوك الإنسان و أخلاقه و معاشرته للناس و الأسرة ، و مسكنه و طعامه و التزامه الديني أو عدمه كلها من الأمور المؤثرة على سلامة النوم و ارتياح الإنسان خلال هذه الرحلة الغامضة ، و هناك تعاليم صحية ينصح بها الأطباء و أخرى نفسية و صحية ينصح بها علماء النفس ، لكن نعرض عنها و نكتفي هنا بأهم النصائح الدينية في هذا المجال و هي :
1. أن يتوضأ الإنسان ثم يأوي إلى فراشه .
2. أن يسبِّح الإنسان قبل نومه تسبيح السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) ، و كيفية تسبيحها ( عليها السَّلام ) هو التكبير(3) أربعا و ثلاثون مرة ، ثم التحميد(4) ثلاثاً و ثلاثون مرة ، ثم التسبيح(5) ثلاثاً و ثلاثون مرة .
كيف نأمن عواقب الاحلام المكروهة ؟
كثيراً ما يتفق للإنسان أن يرى في منامه أحلاماً مزعجة و مرعبة يشاهد فيها أموراً يكرهها ، فيستيقظ على إثرها ذعراً و يبقى من نتيجتها قلقاً متخوفاً لا يدري إلى ما يؤول أمره و ما سيحدث له ، و لربما ينتهي أمره إلى العلاج النفسي ، فهل هناك وسيلة يمكن استخدامها لتجنُّب رؤية هذا النوع من الأحلام المزعجة و المروعة ؟
نعم هناك العديد من الآداب و السنن الإسلامية التي لو راعاها الإنسان حالت دونه مشاهدة تلك الأحلام ، و منعت عنه أي مكروه احتمالي ، و في ما يلي نشير إلى بعضٍ منها :
عن العلامة المجلسي نقلاً عن عدة الداعي : لدفع عاقبة الرؤيا المكروهة : تسجد عقيب ما تستيقظ منها بلا فصل و تثني على الله بما تيسر لك من الثناء ، ثم تصلي على محمد و آله ، و تتضرع إلى الله و تسأله كفايتها ، و سلامة عاقبتها ، فانك لا ترى لها أثرا بفضل الله و رحمته(6) .
و كان رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) إذا راعه شئ في منامه قال : " هو الله لا شريك له "(7) .
و عن أبي سعيد الخدري عنه ( صلَّى الله عليه و آله ) قال : " إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها و ليحدِّث بها ، و إذا رأى غيره مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله من شرها و لا يذكرها لأحد فإنها لا تضره "(8).
و لا بُدَّ من التنبيه في ختام هذا البحث إلى أن على الإنسان المسلم أن لا يستسلم للرؤيا و الأحلام كما هو حال بعض الفاشلين الذين يُعوِّلون في كل مجالات حياتهم على الرؤى و الأحلام ، و يترك العمل و الإجتهاد و التخطيط و السعي لبناء الحياة و حلِّ مشاكلها ، فإن الدنيا دار عمل و جد و إجتهاد ، و النجاح لمن خطط و عمل و جدَّ و أجتهد ، لا من عوَّل على الأحلام و الرؤى ، و إن كانت بعض الرؤى الصادقة تُعطي دفعة و تنير الدرب و تفتح نافذة من الأمل في وجه العاملين الجادِّين .
الهوامش:-----
(1) التحفة السنية : 319 .
(2) الكافي : 8 / 336 .
(3) بحار الأنوار : 62 / 60 .
(4) الفصول المهمة في أصول الأئمة : 1 / 690 .
(5) مناقب أمير المؤمنين : 2 / 280 .
(6) بحار الانوار : 73 / 220 .
(7) بحار الأنوار : 73 / 203 .
(8) بحار الأنوار : 58 / 192 .
اترك تعليق