براءة الذمّة!

1/ في النُظم الديمقراطيّة عادةً ما يُدعى المسؤول الكبير من قبل البرلمان أو (مجلس الشعب) لتجري مسائلته امام ممثلي الشعب في مخالفات او تقصيرات يُؤاخذ عليها، وله حق الدفاع عن نفسه وعن ممارساته.

2/ أما ان يَطلب أعلى راس في الدولة أان تتم مسائلتُه على رؤوس الأشهاد، أو الاقتصاص منه علنا، عمّا إذا كان قصّر في حق، أو مسّ أحداً بسوء أو أذى، فهذا ما لم نشهده الا على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).

3/في (أمالي الصدوق) أنه لما مرض (صلى الله عليه واله وسلم) وعنده اصحابُه، قال: (إن ربي حكم وأقسم أن لا يجوزه ظلمُ ظالم، فناشتدكم بالله، أي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة الا قام فاقتصّ مني، فالقصاص في دار الدنيا أحبّ اليّ من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والأنبياء)) !!

4/ أما قصّة (سوادة بن قيس) الذي سمع مقالة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) مع القضيب الممشوق فمشهورة، خلاصتها أن النبي رفع القضيب يريد راحلته فاصاب سواد ببطنه ( خطأً لا عمدا)، فطالبه بالقصاص في موضع القصاص، فدعا (صلى الله عليه واله وسلم) بنفس القضيب الممشوق ليقتصّ به سوادة فاهوى هذا على بطن النبي(صلى الله عليه واله وسلم) يقبلها!وسأله ان كان عفا عنه، فقال بلى، فدعا النبي(صلى الله عليه واله وسلم) الله تعالى أن يعفو عنه.

4/ الرواية تقول أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أرسل بلالا ليأتيه بالقضيب الممشوق من بيت فاطمة(عليها السلام)، فخرج بلال ينادي: يا معشرَ الناس من ذا الذي يعطي القصاصَ من نفسه قبل يوم القيامة ؟!

5/ ماذا اراد معلّمُ الأمّة ونبيُها وأبوها، وهاديها، وأعدلُ من عدل فيها، النبي (صلى الله عليه واله وسلم)أن يقول في آخر مشهدٍ للعدالة التي لا نظيرَ لها؟

- الاعتذار للأمة، من حق الأمة على قادتها، بما فيهم الأنبياء المعصومون الذين هم أعدل الناس على وجه الأرض، والذين هم أولى الناس بانفسهم!

-إذا كانت دقّة العدل في القضاء تصل الى (أرش الخدش) أي الدية على الخدشة البسيطة في الجلد حتى ولو لم يخرج الدم ! فما بالك بما فوقها؟!

-(القصاص في دار الدنيا أحبّ اليّ من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والأنبياء!). بالترجمة الحرفيّة: صفّها هنا قبل ان تُحاسَب عليها هناك !!

-لا أحد فوق أو أعلى من القانون، سرايتُه على الجميع بدون استثناء، حتى على القضاة العدول انفسهم ، ولا تظنّن بنفسك الأعدل حتى ولو راعيتَ العدل !

- (براءة الذمّة) ليست شيئاً مستحبّا .. هي ( تصفية حساب) قبل ( يوم الحساب) !

: عادل القاضي